الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب ناعمة في زمن الحرب الخشنة

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2022 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بمنطق سيميو- سوسيولوجي صرف، لعبة كرة القدم كانت و ستظل بمثابة حرب ناعمة the soft war تدور رحاها بين الدول، و كل دولة تسعى إلى تحصين سيادتها/مرماها، مع تسجيل الأهداف في مرمى الدولة-الخصم.
لعبة كرة القدم-الحرب الناعمة، منذ ظهورها و انتشارها، تجسدت كبديل للحرب الخشنة، تقوم بوظيفتها على مستوى ممارسة التطهير catharsis في علاقة باللاشعور الجمعي، باعتماد معجم الحرب لكن دون إشعال نيران أو إزهاق أرواح !
منذ ظهورها و انتشارها كلعبة جماهيرية، تجسدت لعبة كرة القدم كطقس حربي ناعم يستعير معجمه من قاموس الحرب ( الخطة، الدفاع، الهجوم، التسديد، المناورة...) و على مستوى الشكل، لا يختلف فريق كرة القدم عن الفرقة العسكرية، أحد عشر لاعبا بزي موحد يمثلون دولة أو جهة أو مدينة... اللاعبون/المحاربون يدخلون الملعب الشبيه بساحة المعركة مجردين من السلاح، لكنهم مستعدون لمواجهة الخصم و إلحاق الهزيمة به، عبر خطة يضعها مدرب الفريق تجمع بين الهجوم على مرمى الفريق الخصم و بين الدفاع، و في كلا الوضعيتين تحضر المناورة كسلاح المباراة/ المعركة.
لقد كانت المباريات التي تجمع بين الدول المتصارعة دائما صورة مصغرة ناعمة عن الحرب (كوريا الشمالية - كوريا الجنوبية/ إيران- السعودية/ روسيا- أمريكا).. بل إن المباريات التي تجمع بين فرق تمثل جهات/قوميات متصارعة داخل الدولة الواحدة، لا تختلف عن سابقاتها ! ( البارصا/كاطلونيا الجمهورية- الريال/مدريد الملكية).
تظاهرة كأس العالم، المنظمة هذه الدورة في قطر، تزامنت مع الحرب الخشنة الجارية على الأراضي الأوكرانية، و التي تهدد بالتحول إلى حرب عالمية عابرة للقارات، في أي حين، و هذا يجعل هذه التظاهرة مختلفة عن سابقاتها من التظاهرات، و يحملها مسؤولية كبيرة في تطهير اللاشعور الجمعي العالمي، من خلال خوض حروب ناعمة على أٍرضية الميدان تعوض الحرب الخشنة المدمرة أو على، على الأقل، تخفف من وطأتها.
الحرب العالمية الناعمة جارية، الآن، في الصحراء العربية الممتدة، فهل يتخلص العالم من شحناته النفسية و يتجنب حربا نووية خشنة لن تبقي حيا على وجه البسيطة ؟
في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب) تنبأت المستشرقة الألمانية "زيغريد هونكه" بأن العالم كلما اختنق سيظل في حاجة إلى العرب ليطلقوا نسمة هواء صحراوية منعشة ! تقول "زيغريد هونكه": لعل مصيرنا سيتعلق بمصير العالم العربي، الذي سبق له أن غير، يوما ما، صورة عالمنا بشكل جذري . (ص: 13).
اليوم، بين كثبان الرمال العربية المتحركة، دول/شعوب العالم تتحارب، رمزيا، بوسائل ناعمة لتتطهر، نفسيا، فلعلها فرصة للتنفيس، على أرضية ملعب أخضر معشوشب بوجود حكم و جمهور !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة