الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تملك الزوجة سلطة منع الرجل من زواج بزوجة أخرى؟ قراءة فقهية في ضوء اجتهاد القضاء الدستوري

سالم روضان الموسوي

2022 / 12 / 3
دراسات وابحاث قانونية


هل تملك الزوجة سلطة منع الرجل من زواج بزوجة أخرى؟
قراءة فقهية في ضوء اجتهاد القضاء الدستوري
اعرض القراءة الفقهية المختصرة لما جاء في قرار القضاء الدستوري المتعلق بالحكم بعدم دستورية المادة (18) من القانون رقم 15 لسنة 2008 الصادر عن برلمان إقليم كردستان وعلى وفق الاتي:
1. المحكمة الاتحادية في العراق تمثل القضاء الدستوري بحكم اختصاصها الحصري بالنظر في عدم دستورية القوانين وعلى وفق أحكام المادة (93/أولاً) من دستور عام 2005 ، وجاء قرارها العدد 230/اتحادية/2022 في 30/11/2022 الحكم بعدم دستورية نص المادة (18) من القانون رقم 15 لسنة 2008 قانون تعديل تطبيق قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل في إقليم كوردستان – العراق، التي جاء فيها الاتي (يوقف العمل بالفقرة (5) من المادة الأربعين من القانون ويحل محلها ما يلي: 5- اذا تزوج الزوج بزوجة ثانية يحق للزوجة الأولى طلب التفريق)، ويذكر ان نص المادة (40/5) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل منحت الزوجة حق طلب التفريق اذا تزوج زوجها بامرأة ثانية دون إذن المحكمة وعلى وفق النص الاتي (لكل من الزوجين طلب التفريق عند توافر احد الأسباب الآتية :5- اذا تزوج الزوج بزوجة ثانية بدون إذن من المحكمة وفي هذه الحالة لا يحق للزوجة تحريك الدعوى الجزائية بموجب الفقرة 1 من البند ا من مادة 3 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 بدلالة الفقرة 6 من مادة 3 من هذا القانون)،
2. جاء في أسباب الحكم بعدم الدستورية وبعد الإفاضة والإسهاب في شرح المبادئ الشرعية للزواج بان هذا النص يمنع الزواج بأمرة أخرى ويعد قيداً مانعاً و يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، وعلى وفق ما ورد في الصفحة (9) من قرار المحكمة أعلاه والذي جاء فيه الاتي (ان النص المذكور جعل من من الزواج بزوجة أخرى سبباً كافياً لإلزام القاضي بإيقاع التفريق بين الزوجين بناء على طلب الزوجة، وحيث ان ذلك يمثل منع لجواز شرعي من قبل الله سبحانه وتعالى للعباد، مما يجعل النص المذكور آنفاً مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية)، وبذلك فان علة الحكم بعدم الدستورية يتمثل في "طلب الزوجة بالتفريق يشكل مانعاً من إتمام عقد الزواج بامرأة أخرى".
3. ان موانع الزواج بموجب القانون تتمثل في الحرمة المؤبدة او المؤقتة التي أشارت لها المواد (12- 18) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، وليس من بينها طلب الزوجة بالتفريق لأي سبب كان حتى وان كان بسبب زواج الزوج من امرأة أخرى، وهي ذاتها الموانع في الشريعة الإسلامية والتي حددتها الآية 23 من سورة النساء (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمً)
4. جاء في سبب الحكم بعدم الدستورية للنص الطعين انه طالما الحكم بالتفريق اصبح وجوبي ويلزم القاضي، فيعد مانعاً من موانع الزواج وعلى وفق ما ورد في الصفحة (9) من قرار الحكم، فاذا كانت هذه علة عدم دستورية النص فان في قانون الأحوال الشخصية النافذ وفي المادة (40) بالذات أسباب أخرى تلزم القاضي بالتفريق، حيث جاء في الفقرة (3) اذا تم عقد الزواج قبل إكمال احد الزوجين الثامنة عشر من العمر، فيلزم القاضي بالتفريق ويكون وجوبي ولا خيار للقاضي في ذلك، فهل تنصرف علة عدم الدستورية اليه، مع العلم بان الشريعة الإسلامية تزوج الصغير بمجرد البلوغ وبعض المذاهب تعتبر سن البلوغ تسع سنوات وأخرى سبع سنوات، وهو محل إجماع ، ومع ذلك لم يعتبر مخالف لثوابت أحكام الإسلام.
5. ان المحكمة الاتحادية العليا سبق وان قررت بان نصوص المادة (40) من قانون الأحوال الشخصية وجدت لأمور تنظيمية ولا تشكل مخالفة لثوابت أحكام الشريعة الإسلامية، بما فيها نص الفقرة (5) سواء في صيغتها المطبقة في الإقليم بموجب القانون رقم 15 لسنة 2008 أو في القانون النافذ في العراق، وعلى وفق ما ورد في قرارها العدد 52/اتحادية/2016 في 101/10/2016.
6. ان المشرع له الولاية العامة في اختيار الأحكام التي تنظم أمور الشعب والبلاد بموجب فقه القانون والدستور، كما يعتبر من صلاحيات ولي الأمر القائم، لان فقهاء الشريعة الإسلامية منحوه الحق في تدبير كثير من الأمور الاجتهادية وفق اجتهاده الذي يتوصل إليه بعد النظر السليم، والبحث الدقيق، والتحري المستفيض، واستشارة أهل العلم المختصين الأمناء، وأهل الخبرة المتقنين العدول، فيتصرف بما يراه محقق للمصلحة في توجيه بعض الأمور نحو التقييد بالمنع، أو الإلزام، بضوابط وشروط معين، وهو محل إجماع المسلمين، وفي سابقة للقضاء الدستوري المصري قد اعتبر سلطة ولي الأمر باختيار ما يشاء من الأحكام التشريعية لتسيير شؤون العباد والمشرع هو ولي الأمر في الدولة الحديثة، وعلى وفق ما جاء في قرار المحكمة الدستورية العليا رقم 201 لسنة 2002 في 15/2/2002.
7. كما ورد سلفاً بان الحكم بعدم الدستورية أساسه اعتقاد المحكمة بان النص الطعين يمثل مانعاً من إتمام عقد الزواج بامرأة أخرى، ومن مبادئ الفقه والقانون المسلم بها، بان المانع يجب ان يكون قبل وقوع الفعل او التصرف، فاذا تم الفعل أو التصرف مع وجود المانع، فان ذلك التصرف يحكم عليه بالبطلان، وقد يكون المانع مؤقت فيعود الممنوع بزوال المانع وعلى وفق القاعدة الفقهية والقانونية (اذا زال المانع عاد الممنوع)، أما سبب طلب التفريق هو ليس سابق للزواج بامرأة أخرى حتى يكون مانعا ومخالفته تلزم بالحكم بالبطلان وعند ذاك من الممكن ان يكون مخالفاً لثوابت الأحكام الإسلامية، وإنما هو اثر من أثار الزواج بامرأة أخرى، اي بعد تمام الزواج بامرأة أخرى، ولا يمكن للزوجة الأولى ممارسته قبل الزواج الآخر، فكيف يكون مانعاً.
الخلاصة:
ومما تقدم أرى ان طلب الزوجة التفريق بسبب زواج الرجل من زوجة أخرى الوارد في الفقرة (5) من المادة (40) من قانون الأحوال الشخصية النافذ في إقليم كردستان، لا يشكل مخالفة لثوابت الإسلام وإنما هو إجراء تنظيمي، كما لا يعد مانعاً من موانع الزواج بامرأة أخرى.
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د


.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي




.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا


.. بينهم نتنياهو.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل بسبب حر




.. اعتقال مصور قناة -فوكس 7- الأميركية أثناء تغطيته مظاهرات مؤي