الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شارع الرويعي و محمد سيف

محمد حسين يونس

2022 / 12 / 5
الادب والفن


((مارة المواكب ع الطريق.. والخلق هى الخلق..ان مات محمد يتولد محمود.. نفس الملامح والشبه والعود.. نفس السكوت المنطوى الجبروت ..على قوله اقوى من دراع الموت )).
بعد عودتنا من الأسر .. قررت القوات المسلحة أن تختطفنا من همومنا ..و تخطط لبرنامج سياحي نزور فيه أماكن هامة .. لترد لنا الثقة في جمال و قدرات بلدنا.
من ضمن هذه الجولة السياحية كانت زيارة لأسوان ..و كان فندق الإقامة كتراكت القديم .. الذى كان لا يزال يحمل روائح فخامة زمن إسماعيل باشا ..
حجرات واسعة بأسقف عالية مزينة برسوم زيتية لازالت طازجة .. و سراير نحاس ضخمة تحيطها ناموسية بيضاء نظيفة .. و دورة مياة باريسية الطابع من زمن لويس الرابع عشر ..
و بلكون سورها حديد مزخرف بطريقة ( أرت نوفو ).. و مطعم واسع يخدم فيه سفرجية نوبيين شديدى الرقي يعتزون بوظيفتهم .بزيهم التقليدى واضح النظافة . و السرفيس فاخر أطباق(سيفر ) مطبوع عليها أسم الفندق تقدم ساخنة حتي لا تمتص حرارة الطعام.
في هذا الجو الساحر ..تعرفت علي ضابط شاب ( ملازم أول ) من المدرعات كان زميل لنا في الأسر و لم الحظه هناك ..
كان مثقفا لدرجة كبيرة تلفت النظر .. و شاعر .. كتب قصائد عدة أثناء أسرنا .
بعد غروب الشمس كنا نجلس في بلكونة حجرتي المطلة علي النيل .. نرقب إنعكاس أضواء البدر التي يتلالأ بها سطح النيل .. و نسمع خرير المياة .. و قصائد عبد الرحمن محسن المتقنة الجميلة .. و كلما إنتهت واحدة طلبت المزيد .. حتي منتصف الليل .
هذه السهرة لا أنساها أبدا .. كل شيء كان جميلا و مضادا لزمن الأسر الشاق
.. بعد ذلك أصبح عبد الرحمن صديقي المفضل خصوصا أن سكنه بالصدفة كان مجاورا لسكني .
في زيارة لمنزله و جدت لدية صف ضابط شاب من رجال كتيبته..و كانا يتعاملان كصديقين مع رفع التكلف التى بين ضابط و صف ضابط .. لقد كان الضيف معتزا بنفسه لدرجة أدهشتني ..
تلي عبد الرحمن قصيدة جديدة ..قابلها الضيف بتحية مفتعلة..ثم بدأ في تلاوة قصيدة له ..
خلال إلقاؤة الأكثر من متميز .. بدأت أعجب به .. ثم أفهم أسباب علاقته بعبد الرحمن .. لقد كان شاعرا رائعا .. يتقن كتابة القصيدة ..و يحسن إلقاؤها .. بشجاعة و قوة .. و تواضع ..
و كان يعرف أنه شديد التميز .. يمتلك الموهبة .. و الحساسية .. و الإبتكار .. و صياغة المعني .. فتمنحه ثقة ..و قوة ..
بعد الإنتهاء من قصيدته .. فهم أنه قد إمتلك قلبينا .. فرد بخجل الواثق علي مدحي .. بإبتسامة .. جعلت بيننا صداقة .. طويلة المدى .. لم تنفصم إلا بعد أن سافر لفرنسا لعلاج إبنة .. و إستوطن لفترة هناك ..
محمد سيف الذى عرفت أمس أنه في القاهرة .. و ليس لدية باسبورت .. بمعني مقيم لفترة طويلة .. كان من الشعراء الذين يشار لهم في السبعينيات و لكن للاسف لم يعد معروفا لابناء اليوم ..لذلك ساقدمه لكم من خلال قصيدة أحببتها عنوانها (( شارع الرويعي )) التي كان يبدأ بتلاوتها في اول الشارع فلا ينتهي منها إلا أمام باب منزلهم .

(على البيبان سكون ..على العيون دبل .. ياهلترى ده الموت بنفسه .. ولا دروخة الحبل)
متلكعة الخطوة..
وكازة فوق تلول العمر
متلكعة النظرة بترمق في كسل
آهين على الحلم اللي كان بيشد ضلع الضهر
آهين على الضحكه اللي كات طعم العسل
طويل يا شارع الرويعي
طويل وتاريخك طويل
راقده عليه العناكب رقدة المساطيل
لاطالتها ايد كناس في مرة.... ولا حسام فارس
طويل يا شارع الرويعي
متلكعة الخطوة وكازة فوق تلول العمر
متسكعة النظره بترمق فى كسل
ماشى انا فى دروبك
ماشى فى سكه ليلك الراتع
فى عتبة الجامع
قاعدين فلول الشحاتين
بيرتلوا القران وبيكشفوا الطالع
فى مدة الشارع
لفافات ورق مرمية
متكومة فى اكوام
اكوام ما تقدر حتى على بخة نسيم وعفية
وعلى الطريق المرمى
مرمية اجسام العرايا م السكن
متحولة لودان
ودان بترقب دبة اقدام الدرك
كل اما تعلا دبة الاقدام
بتختفى الاجسام
يفضل مكانها ع الطريق علامات عرق
ماشى انا فى دروبك الشمس هلت ؟
والله ما هلت
وانا لسه ماشى فى سكك بحواشى
بارقب طراوة الفجر فى ابوابك
بارقب فلول العابرين بجوارى
المطر وشين من فتحة احناك الحوارى
البنايين والبياعين والخبازين
بارقب مواكب مواكب
كلماتها طالعه ضنينه
بتكز لكن فى مناها تواكب
يارويعى يا جمال
مارة الحواديت فى الخيال
مارة المواكب ع الطريق
والخلق هى الخلق
ان مات محمد يتولد محمود
نفس الملامح والشبه والعود
نفس السكوت المنطوى الجبروت
على قوله اقوى من دراع الموت
آه يارويعى آه
آه لو بتنطق مره جدرانك
تحصر عديد الأمهات
على الزمان العظيم
اللى فى سخونة القضا
يتخيلوه زمان مضى
يتخيلوه معدوم فى حلقات الساحات
يارويعى
يا خليل الزمان القاعد
اللى فات
هذه القصيدة .. مثل كاتراكت القديم فاخرة أصيلة .. و لازالت طازجة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة


.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد




.. الفنانة السودانية هند الطاهر في ضيافة برنامج كافيه شو