الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية العبقرية / المعجزة - إشكالية مبحث يقود الى نظرية جامعة / من مقدمات مؤلفي ( نظرية التغير الكلية )

أمين أحمد ثابت

2022 / 12 / 6
التربية والتعليم والبحث العلمي


مشكلة البحث تتمثل بأن التطور العاصف والمتسارع في المجالات المختلفة من العلوم التطبيقية التجريبية والتقنية المصاحبة لها ، رغم أنها تنمو في اطراد نحو المعارف المجالية الدقيقة الضيقة ، إلا أنها في متواليات مسارها ذلك تبتعد أكثر فأكثر عن التساؤلات الأساسية التي طرحها الإنسان عبر التاريخ – وهي التي قادت كضرورة تاريخية لنشوء مفهوم العلم ليتخذ مساراً تطورياً نوعياً سريعاً ومغايراً عن كامل التاريخ السابق لبدء العلوم – هذا كمسار حتى الراهن والمستقبلي لتطور العلوم التجريبية والتقنية ، تم استبدال مضمونه المحرك كنوع من البحث عن الحقيقة (وفق ما قامت عليه نظرية المعرفة) ، والتي هي مبنية على تساؤلات جوهرية عبر التاريخ الإنساني ، وكلما وصلت معرفة الإنسان الأصلية من تلك التساؤلات ، فإن
ذلك يحقق معه كامل المنافع الراجعة على الإنسان عموماً ، إلا أن المضمون الإحلالي المستبدل – المتمثل بالمنفعة بمعناها الضيق (الكسب أو الربح) كشرط أساسي لتوظيف رأس المال بما يحقق التطور للعلوم والتقنية لتحقيق عائداته كنوع من الاستثمار ، وهذا ما فرض تحولاً تاريخياً لمفهوم قيمة المعرفة ، فعلوم تلاحق البحث عن الحقيقة لا قيمة لها لكي يوظف لها رأس المال اللازم ، لكونها لا تحقق عائد الأرباح للرأس المال الموظف ، بقدر اهتمامها البحث عن الحقيقة (حول الإنسان ، المجتمع ، الطبيعة ، الكون ... ألخ ).

من هذا المدخل (السابق) الذي يمثل مشكلة بذاتها يلزم بحثها – هو ما قادنا الى اختيار مبحثنا الراهن ، والمعنونة بــ (العبقرية) ، والتي أوصلتنا في اطروحتنا هذه – وفق ما نعتقده الى نظرية جديدة حول نظريتنا أو معرفتنا بالإنسان بصورة مغايرة ، وهو ما سيعيد مسار تطور العلوم الى مضمونه الأزلي ، منذ بدأ الإنسان يعي ما حوله – بوعي غائي - كباحث عن الحقيقة أولاً والمنفعة لاحقاً مع الوصول الى الحقائق محط الاهتمام – وهذا ما فرض علينا عدم التقيد بنمطية الأسلوب العلمي (التقليدي) المتبع في دراسة أية ظاهره – أكان في العلوم التجريبية ، أو حتى في العلوم الإنسانية – حيث وأنها لن توصلنا – (وفق معرفتنا وخبرتنا العلمية - الاكاديمية الدقيقة) الى ما نصبوا إليه فيما تقوم إليه فكرة هذه الدراسة وأبعادها ، والأهمية التي تقود إليه من تصحيح المعارف العلمية ، ومسار تطور العلوم .

إن كان مبحث المشكلة هنا محدداً بـ (العبقرية) ، فإن المتجه الرئيسي للدراسة متصل مباشرة بعلم تجريبي معاصر (Neuro-physiology) أي علم فسيولوجية الأعصاب ، وتحديداً منها ما يتعلق بدماغ الإنسان ، والموصول
بآخر التطورات التقنية (أجهزة وأدوات وطرق) في دراسة المجال ، ولانعدام توفر أبسط تلك التقنيات بأيدينا ، لم يكن لنا سوى الحاجة النظرية في ظل ما وصل إليه العلماء في هذا المجال ، ومن جهة ثانية ، وفق ما نراه وما توصلنا إليه بأن الأساس الذي ينطلق منه العلماء في دراسة (العبقرية) من حيث كونها مظهراً من مظاهر الذكاء (العالي)، الذي يشذ كنمط شحيح الندرة عن أفراد مقارنة بغيرهم من الأذكياء أو العامة (وفق الاعتقاد الافتراضي عند عموم العلماء في المجالات الدقيقة المختلفة ، المتعلقة بدراسة الإنسان – نمط الحالات الخاصة – من جانب دراسة الدماغ أو الطباع أو السلوك والتكيف الاجتماعي أو العطاء الإبداعي ) – وهذا الأساس في اعتقادنا جانب أصل المعرفة الصحيحة أو السليمة لبحث المعجزة كحقيقة بذاتها والتي نراها – أي المعجزة – هي ظاهره منفردة قائمة بذاتها وليست مظهراً بشرياً خاصاً من الناس الأذكياء متعلق بالقدرات الدماغية المقاسة بالأجهزة أو الأدوات أو
الطرق (الراهنة) وفق مقياس درجة الذكاء المفرقة بين الأفراد – هذا التجريف النظرية عند العلماء بالنظر لمسألة ’’ المعجزة ‘‘ من حيث كونها نمطاً أو مظهراً من مظاهر استثنائية فاعلية الدماغ بين الأفراد (بدلاً من حقيقة كونها ’’ظاهرة ‘‘ استثنائية بذاتها) سحب نفسه على اتجاه التطور التكنولوجي المصاحب للمجالات المعرفية النظرية المختلفة ، أنها عاجزة عن أيصال العلماء – بأي شكل كان – إلى معرفة ’’ المعجزة‘‘ في حقيقتها الكلية ، بقدر ما توصل بتقطعات غير متماسكة أو غير ملتحمة لجوانب أو أوجه (محدودة) من تفرد الشخص العبقري – عن سواه من الأذكياء جداً أو الاعتياديين من الناس أكان على الصعيد التكويني النسيجي للمخ (أي شدة التعقد) ، أو كان على صعيد البنائية الوظيفية لعمل الدماغ (أي أشد نشاطاً وفاعلية) ، أو على صعيد فاعلية المخ بما ينتجه من أبداع ذهني أو خبراتي عملي ، أو على صعيد ما ينعكس على الشخص سلوكياً أو نمطياً عليه بسمات أو طباع تشذ عن المألوف من الناس اجتماعياً أو نفسياً .. ونادراً أخلاقياً – هذا العجز التقني المصاحب بتصور اعتقادي خاطئ لا يؤهلان إلا لبحث الفوارق بين الأفراد قياساً – تحديداً أدقها علم الفسيولوجية العصبية لدماغ الإنسان فمن ينفرد منها بنظامية عصبية – دماغية أعقد على الصعيدين البنيوي النسيجي والوظيفي ، أطلق عليه تعليماً ’’ بالمعجزة ‘‘ – وهو ما يجعلنا نجزم بأن الوظيفة التقنية القائمة غير قادرة على دراسة ظاهرة العبقرية – وأن افتراض العلماء الذي يستنطقون فيه استثنائية البنائية الدماغية لذلك الفرد المطلق عليه مسمى العبقرية – وتتخذ لاحقاً كحقيقة معرفية ينطلق منها العلماء اللاحقين لاستكشافات علمية لاحقة في بنائية وعمل الدماغ – والتي قد تكون – بل مؤكداً أساساً معرفياً زائفاً لحقيقة العبقرية (في ذاتها) ، فشدة التعقيد الدماغي يكشف ذلك المستوى (الاستثنائي) الذي يعتمد فيه مثل ذلك الفرد على نشاطه الذهني العالي الموظف من قبله بشكل منفرد مقارنة بغيره ،

لكن ذلك لا يطرحنا على يقين تمييزي بأن ذات الشخص هو عبقري أم لا ، بمعنى هل هو عبقري أم أنه مفرط الذكاء .. فقط ، وهنا فكل ما هو مطروح في العلوم التجريبية والتطبيقية وتكنولوجية القياس والاستقراء العلمي تخدعنا وتزيف معارفنا العلمية حين تدرس العبقرية كتفوق ذهني أو دماغي – بينما هي لا تدرس سوى الفوارق بين الأفراد من حيث فارق الذكاء أو بنائية الدماغ – من زاوية التعقيد النسيجي والوظيفي – أو منعكس ذلك على النفس شخصية ، كتفوق شخصي لفرد عن بقية أفراد النوع الموسومين بشدة الذكاء ، وهو ما يجعل كل الدراسات القائمة على مسمى العبقرية ليست سوى تخمينات – أي ليست معرفية علمية حقيقية – تسقط نواتج القياس الاستقرائي

لفارق التفوق الفردي ، كتأكيد جازم التصفيف لذلك الفرد بالعبقري – بينما لا علاقة لتلك الأحكام القياسية – الاستقرائية بمفهوم العبقرية (كما نعتقد في اطروحتنا) ، بقدر ما هي تتعلق بدراسة الفوارق بين الأفراد ، بينما ما نؤكد عليه هنا ، بأن العبقرية ينبغي بناء الدراسة (التجريبية أو التطبيقية) عليها باعتمادها ظاهره قائمة في ذاتها ، أما منتج الفارق النوعي للقياس الاستقرائي لا يمثل إلاّ وجهاً من أوجهها .. وليس وجهها الكلي كما يعتقده العلماء جهلاً ، كما وأن المعجزة – كظاهره بحد ذاتها – ينسحب أثر نوعها الدماغي على كلية بنائية الدماغ ونشاطه وفاعليته على شذوذ غير مقروء حتى الآن – ولا مستقبلاً في ظل المسار الراهن المتبع لتطور العلوم والتقنية المصاحبة – شذوذ تركيبي ووظيفي فسيولوجي ، ينعكس شذوذاً مغايراً عن المألوف على الشخصية – نفسياً ، سلوكياً ، تكيفياً ، اعتقادياً ... ألخ – لا يصل ذلك الحال إلى الأفراد المعرفين بشدة أو فرط الذكاء ، الذين بالتأكيد يحملون سمة الشذوذ عن من هم اقل منهم الناس ، ولكنه يظل – عند الدراسة وفق قاعدتنا النظرية هنا (عند أعلى الناس ذكاءً أو مهارةً أو أبداعاً) محدودة القياس مقارنة بالشخصية (العبقرية) ، وهو ما سيتكشف خلال اطروحتنا في هذه الدراسة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح