الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذوو الهِمَم … أبناءُ الحياة

فاطمة ناعوت

2022 / 12 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أُهدي هذه القصةَ الجميلةَ لأبنائنا الرائعين الذين احتفلَ العالمُ بهم أول أمس 3 ديسمبر في "اليوم العالمي لذوي الهمم"، وأهديه لابني المتوحّد الجميل "عمر" الذي استجاب اللهُ تعالى أخيرًا لدموعي وأخرجه من شرنقة العُزلة التي سجن نفسَه فيها سنواتٍ طوالا. وفي الأساس أهدي القصةَ للأمهات والآباء الرائعين الذين أهدتهم الحياةُ طفلًا جميلا أو طفلةً جميلة من ذوي الهمم. كما أُهديها لكل مَن يظنُّ أنه الأقلُّ حظًّا في الحياة أو أن القدر قد ضنَّ عليه بما أنعم به على غيره. وهذا غير صحيح لأن هدايا الله لنا ومعجزاتِه في خلقنا تفوقُ مُنتهى قدرتنا على التصوّر: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون".
يقصُّ علينا أحدُهم هذه الواقعة: "كنا في حفل لجمع تبرعات لصالح مدرسة أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في أمريكا. نهض والدُ أحد التلاميذ وطرح سؤالا: "لا شكَّ في أن كلَّ ما في الطبيعة يسيرُ وفقَ نظامٍ كامل الإتقان. لكن ابني غيرُ قادر على العيش مثل الأطفال الآخرين. فأين نظامُ الكون المتقنُ فيما يتعلق بابني؟!" بهت الحاضرون وساد الصمتُ، إلا همهماتِ الاستياء من البعض. واستطرد الأبُ: "حين يأتي إلى الدنيا طفلٌ يعاني عجزًا في قدراته الجسمانية أو العقلية، يتجلَّى الاتقانُ في الطبيعة. كيف؟ في أسلوب تعامل الآخرين مع ذلك الطفل." ثم قص علينا قصته.
"في يوم ما كنتُ أتجوّل مع ابني. مررنا بملعب حيث كان أولاد يلعبون كُرة البيسبول. وسألني ابني: "هل تظنهم يسمحون لي باللعب معهم؟" وكنت أعلم أن لا أحد يرغب في اللعب مع معوّق. ولكني كأبٍ تمنيتُ أن يسمحوا، لأن ذلك سيعزز شعوره بالانتماء، ويمنحه بعضَ ثقة في أن الناس يقبلوه رغم إعاقته. واقتربتُ مترددًا من أحد الأولاد وسألتُه. دار الولد ببصره، وقال: "نحن خاسرون في ستِّ جولات، والمباراة في دورتها الثامنة. دعنا نُدخله في التاسعة." تهادى ابني بمشيته العرجاء إلى دكّة الفريق، وارتدى الفانلة بفرح. كنتُ أرقبه بدمعة تُخاتلُ عينيّ، ودفء يغمرُ قلبي. وتحسن وضع فريق ابني خلال الجولة الثامنة، ولكن ظلَّ الخصمُ متفوقًا بجولات ثلاث. وفي الجولة التاسعة سلّموا ابني قُفازًا وبدأ اللعب. ورغم أن الكرة لم تأته، إلا أن حماسه كان واضحًا لمجرد وجوده بالماتش. اتسعت ابتسامتُه وأنا ألوّح له وسط المشجعين. وأحرز فريقُ ابني نقاطًا إضافية، فتقلّص الفارقُ بين الفريقين إلى نقطتين، ما جعل الفوزَ ممكنًا. وجاء الدورُ على ابني ليمسك بالمضرب. فهل تتوقعون أن يعطوه المضربَ فتضيع فرصتُهم في الفوز؟! ولدهشتي، فعلوا! رغم علمهم استحالة أن يحرز نقاطًا، إذْ لا يمكنه حتى الإمساك بالمضرب على نحو سليم. وأدرك لاعبُ الخصم أن فريقَ ابني يُضحّي بالفوز من أجل هدف أسمى: هو إبهاج صبيٍّ حزين، وإثرائه بلحظة فرح لا تتكرر. تقدم الخصمُ وألقى الكرةَ برفق حتى يتمكن صغيري من لمسها بمضربه. وحاول ابني ضرب الكرةَ ولكنه أخفق. وأعاد الخصمُ الكرةَ لابني برفقٍ بالغ، فضربها بوَهنٍ، وردّها لخصمه الذي تلقفها بيسر. وما كان أسهلَ أن يمررها لزميله، وكان ذلك سيُخرج ابني من المباراة. ولكن، بدلاً من ذلك، رمى المُدافعُ الكرةَ بعيدًا فوق رأس زميله. وبدأ الكلُّ يصيح. مشجعو ولاعبو الفريقين، راحوا يهتفون باسم ابني يشجعونه على المُضيّ إلى النقطة الأولى. واستطاع بصعوبة أن يصل، مترنحًا ومرتبكًا. واستمر الهتافُ في الملعب ليمضي إلى النقطة الثانية، ووصل ابني بالفعل، لأن لاعب الخصم بدلاً من أن يسد عليه الطريق عدّل اتجاهَه ليتيح له التقدم. أشرقَ وجهُ صغيري بالأمل في الوصول ليحقق لفريقه النقطة الكبرى. وحين اقترب من النقطة الثالثة، كانت الكرة مع أحد لاعبي الخصم، وهو أصغرُ لاعب في الفريق، ولديه الآن في مواجهة ابني فرصة أكيدة ليغدو بطل فريقه. ولكنه أدرك خُطّة الجميع، فألقى الكرة عاليًا بحيث تخطّت زميلَه المدافع عن النقطة الثالثة. وجرى ابني مترنّحًا نحو النقطة الثالثة وأحاطه الآخرون راسمين له الطريق إلى نقطة الفوز. وبعدما تخطي الثالثة، ووقف المتفرجون حماسًا يهتفون مطالبينه بالركض للنقطة الأخيرة التي بدأ منها! وجرى ابني حتى النقطة الرابعة وداس على الموقع المحدد. وانفجر الحضور بالهتاف للبطل الذي أحرز النقطة الكبرى وفاز لفريقه." أكمل الأب ودموعُه تنهمر: "أولئك الأولاد كانوا هم (النظامَ المتقنَ في الطبيعة). ولم ير ابني الصيفَ التالي، حيث وافاه الأجلُ في ذلك الشتاء، ولكنه لم ينس لآخر لحظة في حياته، أنه كان يومًا ما، بطلا رياضيًّا."
شكرًا للرئيس السيسي الذي يولي اهتمامَه ودعمَه لأبطال الهِمم، حتى يتأكدو أن العالمَ يحتاجُ إليهم.
 
 
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #


.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع




.. #shorts yyyuiiooo


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. يهود #بريطانيا يعتصمون أمام البرلمان في العاصمة #لندن للمطال