الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انفرط عقد الوُدّ بين جماعة العدل والإحسان ، وبين حزب النهج الديمقراطي ( العمالي ) .. مسيرة الرباط .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2022 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


عندما تم تأسيس " الجبهة الاجتماعية المغربية " في 9 نونبر 2019 ، تشكلت الجبهة من مجموعة أحزاب من بينها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ، وحزب المؤتمر الوطني ، والحزب الاشتراكي الموحد ، الذين فشلوا في تحقيق الوحدة ، ضمن اطار ما كان يطلق عليه ب " فدرالية اليسار الديمقراطي ، الذي انفرط عقدها عندما تخلى عنها الحزب الاشتراكي الموحد الذي دخل بالنائبة نبيلة منيب الى برلمان السلطان ، كما دخل حزب المؤتمر الوطني بنائبة واحدة الى نفس البرلمان . إضافة الى هذه المكونات ، ضمت الجبهة فعاليات غير معروفة في الساحة ، ومنها مَنْ أعضائه تحسب على رؤوس الأصابع ، أي لا يتعدى عشرة اشخاص ، ولا أثر ولا تأثير لها في المجتمع مثل :
-- الجمعية المغربية لحقوق التلميذ . ( ؟ ) .
-- منظمة حريات الاعلام والتعبير . ( ؟ ) .
-- التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد . ( ؟ ) .
-- الجامعة الوطنية للتعليم . ( ؟ ) .
-- قطاع الجامعيين الديمقراطيين . ( ؟ ) .
-- تيار الأساتذة الباحثين التقدميين . ( ؟ ) .
-- جمعية مواهب للتربية الاجتماعية . ( ؟ ) .
-- جمعية التنمية للطفولة والشباب . ( ؟ ) .
-- الجمعية المغربية لحقوق التلميذ . ( ؟ ) .... الخ .
وحتى يتم تضخيم عدد الهيئات المكونة " للجبهة الاجتماعية المغربية " ، لإعطائها وزناً أمام أعين السلطة العارفة بحقيقة مكونات " الجبهة " ، ستتم الإشارة الى عضوية بعض التنظيمات ، وفي نفس الوقت الإشارة الى عضوية فروعها التي هي جزء منها ، فتم تقديمها وكأنها هيئات مستقلة عنها ، ولا علاقة لها بها مِثْل مثلا :
-- الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ، النقابة الوطنية للتعليم الكنفدرالية الديمقراطية للشغل .
-- شبيبة فدرالية اليسار ، حزب الطليعة ، الحزب الاشتراكي الموحد ، وحزب المؤتمر الوطني ، مع العلم ان هذه الشبيبة هي نفسها هذه الأحزاب التي لم تعد كما كانت بعد هجرتها من قبل الاشتراكي الموحد .
-- شبيبة حزب الطليعة ، والحزب نفسه تنتمي اليه شبيبته .
-- منظمات نساء حزب المؤتمر ، وهو نفسه الحزب يتكرر اسمه ثانية بلائحة الهيئات أعضاء الجبهة .
-- القطاع النسائي لحزب الطليعة ، وكأن هذا القطاع إن وُجد لا علاقة له بالحزب المذكور .
-- القطاع النسائي لحزب الاشتراكي الموحد ، وكأن لا علاقة لهذا القطاع إنْ وُجد بالحزب المذكور كذلك ..
-- شبيبة حزب النهج ، وكأن الشبيبة ليست الحزب .... الخ .
واضح اذن من هذا التكرار ، هو التضخيم في أعين السلطة ، وفي نفس الوقت إخفاء الضعف البيّن . فإذا كانت وضعية الأطراف الرئيسية في الجبهة ، حزب الطليعة ، الحزب الاشتراكي الموحد ، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي من الضعف بمكان ، وهو ضعف ما بعده ضعف ، ويكفي ان يدخل الاشتراكي الموحدة بنائبة واحدة الى البرلمان هي نبيلة منيب ، ويدخل المؤتمر الوطني بنائبة واحدة ، في حين فشل حزب الطليعة مرتين من دخول البرلمان ولو بنائب واحد ... ، فكيف يتصور ضعف الهيئات الاخريات للجبهة ، وهي هيئات غير معروفة على الاطلاق مثلا : هيئة قطاع الجامعيين الديمقراطيين ، تيار الأساتذة الباحثين التقدميين ، الجمعية المغربية لحقوق التلميذ ، منظمة حرية الاعلام والتعبير ، جمعية مواهب للتربية الاجتماعية ، جمعية التنمية للطفولة والشباب ، الجمعية المغربية لحقوق التلميذ ...... الخ .
فهل حقا هذه الهيئات هي من يقف وراء المسيرة التي تم تنظيمها بالرباط ضد الغلاء الفاحش ، وضد القمع ، والجبر ، والقهر ، وضد تغول البوليس السياسي ، والجهاز السلطوي الطقوسي القروسطوي ، أم أن الفقر المدقع ، والفاقة ، وظلامية المشهد ، وطمس أي تطلع للمستقبل بإغلاق الأبواب في وجه الفقراء ، هو من دفع بجموع المشاركين في المسيرة الى النزول الى الشارع ضد الغلاء وضد تغول الدولة البوليسية ..
وهنا . لماذا غابت " جماعة العدل والإحسان " التي كانت وحدها تزلزل المسيرات بعدد أعضائها ، وبتنظيمها المليشياوي المُحكم ، وشعاراتها الرنانة .. هل تغيبت الجماعة لأنها ليست معنية بشعارات الجبهة التي هي ليست عضوا فيها ، أم انها تغيبت لعدم اقتناعها بتلك المسيرات الخبزية وليس السياسية ، أو أنّ ما يهم الجماعة ، ليس التنافس مع كيانات اكثر ضعيفة ، تتحرك باسم جبهة تضم كائنات بأسماء سموها فقط ، ولا علاقة لها بالقانون الطبيعي المتحكم في الساحة ، أم أنّ الجماعة تترقب الفرصة السانحة لتوجيه ضربتها المُصوّبة ، باستعمال الجماهير التي تكون مشحونة بشعارات الوضع الخطير للصراع على الحكم ، وليس على طرف خبز Un morceau de pain ، سيما وأنّ الوضعية الحالية تفرّخ لاستراتيجية البديل ، وتتناقض مع شعارات أصحابها مخزنيون وسلطانيون ، اكثر من المخزن ، واكثر من السلطان الذي يشاركون في استحقاقاته السياسية لتنزيل برنامج السلطان ، لا برنامج هذه الكائنات الغير موجود في ظل اختلال ميزان القوة في المجتمع ..
فهل سبب عدم مشاركة جماعة العدل والإحسان في مسيرة الرباط ، هو اعتبار الجماعة انّ المسيرة تخدم الوضع القائم ، نظرا لان الداعين اليها ، هم جزء من الدولة السلطانية التي يحكمها وحده السلطان ، دون غيره من التوابع التي يجيز لها أحيانا بطريق غير مباشرالتصرف باسمه ، وهنا تكون الجماعة ترفض التناقض بين رفع شعارات خبزية ، وفي نفس الوقت الانخراط في مشروع السلطان الاستحقاقي السياسي المسؤول عن التفقير الذي يوجد فيه المجتمع ..
ولنا ان نتساءل . لماذا لم تنضم جماعة العدل والإحسان الى " الجبهة الاجتماعية المغربية " ، التي عنوانها أكبر منها . هل اعترض على انضمامها البعض من الذين يكُونُون وراء الدعوة الى بناء جبهة من لا شيء ، كالبناء بدون أساس ، وهم أعداء الجماعة وعلى رأسهم حزب الطليعة ، والحرب الاشتراكي الموحد الذين رفضوا التنسيق مع الجماعة غداة حركة 20 فبراير ، وهم متخوفون من قوتها ، ومن تنظيمها ، ويرفضون شعاراتها التي تتمحور وتدور حول نظام الخلافة . وهنا ما العمل بالسنة لحزب النهج الديمقراطي العمالي ، الذي بعد انْ عاد ( عداوة ) الجماعة سابقا ، عاد لينسق معها في اوج حركة عشرين فبراير ، ووصل التنسيق الى بلورت نفس الشعارات ، او طرح شعارات مشتركة ، كعدم الالتزام بسقف معين في طرح المطالب ، ومنها طرح كنقيض حل الجمهورية اذا رغب الفبراريون وليس الشعب الغائب في ذلك ، مع عدم استبعاد حل الملكية البرلمانية على الطريقة الاوربية ، وهنا يلتقيان معاً مع أطروحة هشام بن عبدالله العلوي ، الذي يدعو الى دمقرطة النظام للحفاظ عليه .. وهنا أليست مواقف جماعة العدل والإحسان ، وحزب النهج الديمقراطي المرخص له بقرار لوزير الداخلية ، هي نفسها مواقف هشام العلوي التي هي دمقرطة الدولة للحفاظ عليها ، فتكون بذلك مطالب الجمهورية مجرد مزايدة رخيصة فرضها الظرف وواقع الحال . وهنا وفي اطار برنامج الحفاظ على الدولة ، فمع منْ ستتم تلك المحافظة ؟ . هل مع السلطان محمد السادس الذي يعرف طاقمه استحالة الخروج من نظام السلطنة ، الى نظام الملكية البرلمانية ذات الخصوصية المغربية ، وليس الملكية البرلمانية الاوربية والكونية ، والنظام السلطاني يعتبر حتى هذا المطلب في حدوده الضيقة ، لأنه يشتغل على ديمومة دولة السلطان ، من خلال الاحتفاظ له بالسلطة الدينية التي تُؤلّهه ، وتجعله فوق الجميع ، بمثابة مزايدات سياسوية ، لا تقل شأنا عن المزايدات المطالبة بالجمهورية ..
فحزب النهج الديمقراطي العمالي ( أين العمال الذين فشل ماركس في العثور عليهم ليتحدوا ) ، دخل في عمل مشترك مع جماعة العدل والإحسان إبّان حركة 20 فبراير ، ونتج عن هذا التعاون ، تبادل الزيارات القيادية في مناسبات مختلفة .
ان هذا الدخول الذي ميز موقف النهج عن موقف الطليعة ، وموقف الاشتراكي الموحد ، و الرافض أيّ تعامل مع " جماعة العدل والإحسان " ، يجعل من حزب النهج في مواقف صعبة ، حلها يتطلب الجرأة والشجاعة في تحديد منِ الأخ ، وتحديد منِ الصديق ، وتحديد منِ الرفيق .. فمشاركة حزب النهج في مسيرة الرباط التي تخلّفت عنها جماعة العدل والإحسان التي كانت مشاركتها في المسيرات تحدث التمييز والاستثناء ، جعلت منه يحدد موقعه الذي هو التعاون وليس التحالف مع حزب الاشتراكي الموحد بالأساس ، ومع حزب الطليعة في القضايا المشتركة او التي قد تكون مشتركة ، ويبقى مستعدا لنفس السياسة مع حزب المؤتمر الوطني .. وبذلك ومن خلال تصريحات بعض أطر حزب النهج الذين اعتبروا انّ مسيرة الرباط هي مسيرة ( اليسار ) ، وليست مسيرة الإسلام السياسي ، يكون حزب النهج قد اختار خندقه وحلفاءه ، وطبعا هم أحزاب اليسار السلطاني الذي يؤثث كل استحقاقات السلطان السياسية ، وهم طبعا الأحزاب المرخص لها بالنشاط السياسي بقرار لوزير الداخلية . أما برنامج جماعة العدل والإحسان ، ومشروعها العقائدي ، فمن جهة يتناقض مع مشروع السلطان ، خاصة في مجال الإمامة ، والرعية ، والدولة السلطانية ، وهم حين يرفضون منحه الشرعية الدينية ، فهم يطعنون ليس فقط في شخص السلطان ، بل يطعنون في شرعية الدولة السلطانية من أساسها التي يعتبرونها جبرية ومارقة ، ويبشرون بحتمية سقوطها ، وبقرب هذا السقوط ، إضافة الى هذه الأرضية والمصالح المتضاربة ، فالجماعة وبخلاف أحزاب ( اليسار ) حزب الطليعة ، والاشتراكي الموحد ، والمؤتمر الوطني الاتحادي ، والنهج ، فهي لم تحصل على ترخيص النشاط السياسي ، ويكون وضعها بالنسبة لهاته الأحزاب التي تتحرك ضمن قوانين الدولة ، بمثابة الوضع الشاد عن القاعدة التي تحكم العمل السياسي لكل المكونات السياسية في الساحة .
وبما انّ حزب النهج الديمقراطي ( العمالي ) المرخص له ، يدعو الى الدولة الديمقراطية ، مرة في شكلها الملكي الديمقراطي ، ومرة في شكل نظام جمهوري دكتاتوري يخضع لسلطة الطبقة العاملة الغير موجودة ، فان كل شطحات الحزب تبقى شطحات مزايدة ، لا تقل عن مزايدة جماعة العدل والإحسان حين تدعي اشتغالها على نظام الخلافة الذي لن يكون ابدا ..
وهنا . اذا كان البرنامج العملي لكل حزب ، من المفروض ان يكون مستوحى من المشروع العام الذي نظر له ، فكيف لحزب النهج انْ يواكب ويقارب بين شعارات الدولة الديمقراطية ، خاصة في نموذجها الجمهوري الدكتاتوري ، وبين الوسائل والآليات المعتمدة للوصول الى الدولة التي تقودها الطبقة العاملة الغير موجودة بالمفهوم الماركسي للبروليتارية ... فهل وزن حزب النهج وبشكل منعزل ، قادر على الوصول الى نظام الجمهورية العمالية الغير موجودة في العالم .. وهنا هل كوريا الشمالية والصين الشعبية هي أنظمة عمالية ؟
ولو لم تكن مطالب حزب النهج مطالب مزايدة ، كان له على الأقل عوض ترديد قيادة الطبقة ( العاملة ) للجمهورية الشعبية ، ان يدعو الى نظام الجمهورية البرلمانية كالجمهورية الإيطالية .. بل وفي حالة الدولة السلطانية التي تثبّت مشروعية حكمها على التقاليد المرعية والطقوس المتوارثة ، والحنين الى المجتمع القروسطوي الذي يؤثثه الرعايا في الدولة الرعوية ، تكون الدعوة الى الملكية البرلمانية ذات الخصوصيات المغربية ، رغم انها ضمان استمرار دولة السلطنة ، مزايدة مرفوضة ، فأحرى ان يكون موضوع الطلب السياسي ، الملكية البرلمانية الاوربية ، او ان يكون موضوع الطلب الجمهورية البرلمانية ، فأحرى الجمهورية الدكتاتورية بقيادة دكتاتورية العمال ..
فهل كانت مسيرة الرباط ، قد حسمت الفرز السياسي بين معارضة الإسلام السياسي الغير مرخص له ، ويسيطر على الساحة ، وبين معارضة رخوية باسم اليسار الذي مات مع قرارات المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 ، واصبح وجوده بعد الفشل الذريع ، وبعد ارتماء أكثرية أعضائه في حضن الدولة يخدمونها ، بعد ان نظروا لقلبها طيلة الستينات والسبعينات .. وهنا أليس المواجهة التي يعبر عنها بأشكال مختلفة ، هي بين الإسلام السياسي ، وبين الدولة السلطانية الغارقة في الطقوس السلطوية ، وفي التقاليد المرعية ، وهو ما يجعل الصراع في اصله عقائدي لبلوغ المشروع السياسي ، سواء مشروع الإسلام السياسي المعارض والرافض للدولة السلطانية ، او مشروع الدولة السلطانية المطبق على الأرض .. وهنا فان الأحزاب الضعيفة التي تتحرك باسم اليسار ، والمرخص لها بالنشاط السياسي من طرف وزارة الداخلية ، وهي بهذا الترخيص ، تكون قد اعترفت بالدولة السلطانية في شكلها التقليدي ، ستجد نفسها صفا صفاً ، والى جانب صف السلطان ، في مواجهة الخطر الداهم الذي هو مشروع الخلافة الأكثر بشاعة وقبحا من نظام الدولة السلطانية .. وقد يكون هذا نوع من التحالف الغير معلن عنه ، لكنه يجري على الأرض ، بين الدولة السلطانية وبين أحزاب ( اليسار ) لمواجهة منظمات الإسلام السياسي ، وهو ما قد يبرر غياب جماعة العدل والإحسان عن المشاركة في مسيرة الرباط ضد الغلاء وضد القهرة ، وضد القمع والقهر ، وضد تغول البوليس السياسي الخارج عن القانون ..
من حيث المبدأ العام سنجد شعارات تطبعها المزايدات تصدر عن أحزاب ( اليسار ) الضعيف ، وهي شعارات قد تنشد الدولة ، كما نجد مزايدات تعكسها شعارات الإسلام السياسي الذي يشتغل على مشروع الخلافة ، ومنهم من يشتغل على مشروع الجمهورية الإسلامية .. لكن السؤال .. هل في ظل التفرقة ، وفي ظل الفرز إسلامي / يساري ، وفي ظل التباعد وحتى التطاحن ، والنفور من بعضهم البعض ، يمكن تصور نجاح مشروع معارض لمشروع الدولة السلطانية المخزنية البوليسية ، ينتهي إمّا بالدولة الديمقراطية في شكلها الملكي البرلماني الذي يؤيده هشام بن عبدالله العلوي كرمز مستقبلي للوحدة ، هذا اذا كان المنتهى الملكية البرلمانية الكونية ، او في شلكها الجمهوري ، ونظرا لغلبة الإسلام السياسي ، فستكون جمهورية إسلامية الأقل ضررا من نظام الخلافة الفاشي ..
الآن بهذا التباعد ، وبهذا النفور ، والفرز التنظيمي المستمد من اصل المشروع ، تكون الساحة السياسية ليست ضعيفة ، بل هي ساحة فارغة ، ومن يملئها مستغلا هذا النفور والتطاحن والتباعد ، النظام السلطاني المخزني ، وبوليسه السياسي الفاشي الخارج عن القانون ..
ان هذا الوضع يعني الفشل التام الذي أصاب جميع المشروعات العامة في الوصول الى تنزيل المشروع .. ويبقى المشروع المسيطر لوحده وبالوسائل الأيديولوجية ، هو المشروع السلطاني الذي ينفر من التغيير ومن الإصلاح ..
ان مسيرة مدينة الرباط ضد الغلاء وضد القهر ، وضد القمع والخنق ، وضد تغول واعتداءات البوليس السياسي ، رغم انّ هذا العنوان هو اكبر من اصحابه ، اعتبرتها جماعة العدل والإحسان مسيرة خبزية ، وليست مسيرة سياسية ، واعتبرتها مسيرة داعمة للنظام السلطاني وليست ضده ، لان الداعين لها سلطانيون ومخزنيون اكثر من السلطان واكثر من المخزن ، ويكفي انهم يشتغلون ضمن قوانين الدولة السلطانية لا خارجها ، ويؤثثون جميع استحقاقاته السياسية . فهي بذلك اعتبرت شعاراتها تدعو الى تحسين شروط العبودية ، ولا تدعو الى القضاء عليها .. والسؤال . لماذا رفع المشاركون في المسيرة شعار " أخنوش ارحل " ، مع العلم ان أخنوش موظف سامي بإدارة السلطان مكلف بتنزيل برنامج السلطان الذي افقر الشعب ، ولم يرفعوا شعار " ارحل " لبرنامج السلطان المسؤول وحده دون غيره على الوضع المُزْري الذي يوجد فيه وعليه المغرب ؟ . وهنا هل أحزاب ( اليسار ) التي تشارك في استحقاقات السلطان السياسية ، قادرة على شق عصى الطاعة على السلطان ، والوقوف ضد برنامجه وليس ضد شخصه ، وأجهزة السلطان السلطوية هي منْ رخصت بالاشتغال السياسي لأحزاب يسار السلطان ، كما تفعل جماعة العدل والإحسان ولو بشكل محتشم بسبب القمع المسلط ، وبسبب انّ هذا الصراع هو ثانوي مقارنة مع الصراع العام الذي يهدف المجتمع ويهدف الدولة ..
لكن اذا كانت جماعة العدل والإحسان تعتبر نظام الدولة السلطانية المخزنية ، نظام عبودية ، وتعتبر شعارات مسيرة الرباط دعوات لتحسين شروط العبودية خاصة في جانبها الخبزي ، وفي جانب الحد من تغول البوليس السياسي ، فكيف سيعتبر معارضوها من أحزاب ( اليسار ) السلطاني ، دعوتها لبناء نظام الخلافة الأكثر عبودية وتخلفا من أي نظام في الدولة السلطانية ، ولو كان نظام هشام بن عبدالله العلوي .. ؟ لان القضية تصبح قضية عائلات تتولى الحكم ، وليست قضية رعايا يطمحون الارتقاء الى مصاف شعب ، ليكونوا حقا مصدر السلطة التي تحكم دولة الجمهورية الإسلامية التي ستصبح الدولة الجديدة ..
ان دعوات المطالبة بالحكم ، وليس المشاركة في حكومة السلطان كموظفين سامين ، تكون جوفاء وخاوية الوفاض ، إذا لم تحصل ضمن كتلة تاريخية ، وليس ضمن جبهة ك " الجبهة الاجتماعية المغربية " . والسؤال . من هي التشكيلات السياسية ، والمنظمات الجماهيرية المتغلغلة في الساحة ، والمؤهلة وحدها لتأسيس كتلة تاريخية تقدمية تجمع اليسار الحقيقي ، ومنظمات الإسلام السياسي .
يمكن العثور عن ابرأه وسط التبن او في القشّ ، ومن السهولة ايجادها ، من إيجاد أحزاب ومنظمات من نفس وعي وقوة أحزاب الستينات والسبعينات ..
لكن اذا حصلت هزة اجتماعية عنيفة فجأة ، ونزل الشعب الى الساحات في كل المغرب ، يمكن انتظار خلق لجان محلية ، وجهوية ووطنية ، للأخذ بزمام المبادرة .. في اطار بلورت كتلة تاريخية ، او في ظل نظام جبهوي ستكون فيه السيطرة والغلبة للإسلام السياسي لا لغيره ..
أيْ الخروج من نظام دولة سلطانية قامعة ، الى نظام يحكم باسم الإسلام اكثر رجعية وفاشية وخرافة ، خاصة اذا كان يؤمن بالرؤية وبالأحلام في بلوغ نظام الخلافة ، او نظام الجمهورية الإسلامية التي تعيشها ايامها العصيبة هذه الأيام في ايران ..
فمن دون الشعب ، ومن دون الكتلة التاريخية التي تكونها الأحزاب ذات المصداقية لارتباطها بالدفاع عن الشعب ، فان اية مسيرة ، وكيفما كانت شعاراتها ستكون للتنفيس ، ولوضع العصا في عجلة التغيير التي شروطها متوافرة اليوم وبكثرة .
النظام الذي كان يفكر مليا في هذه المرحة ، اشتغل عليها ليل نهار منذ ان ألمّ المرض الخطير بالسلطان الراحل الحسن الثاني L’emphysème ، وأصبحت نهاية أيامه حتمية .. فالاشتغال بدأ بتمييع المجتمع وافراغه من مضامينه الاسرية ، وفي بث ثقافة التضبيع بتعبير الدكتور محمد جسوس ، وبشراء ذمم الأحزاب والنقابات ، وبجولات الانصاف والمصالحة ، وفتح ثغور الدولة لليساريين الذين تابوا بعد ان فتحوا لهم صنابير Les robinets من ضرائب الشعب ، فتم افراغ الساحة التي بقي وحده فيها النظام الذي نجح في جعل الجميع يسبّح بحمده ، ويتطلع لفتاته ، وينتظر بكل صبر ان يناديه النظام ليلعب دورا من الأدوار ، في حين ان النظام وبعد ان تمكن ، أهان Pedro Sanchez ، وفخخ هاتف Emanuel Macron ، وتحدى الجزائر حين استقدم على حدودها دولة إسرائيل التي اخرج تطبيعه معها الى العلن ، بعد ان تحدى كل معارضي التطبيع وعلى رأسهم الجزائر ..
فإذا كان النظام قد تحدى فرنسا ، واسبانيا ، والجزائر ، وألمانيا ، ولم يكترث لقرارات مجلس الامن ، ولا قرارات الجمعية العامة ، ولا اعترف بقرارات محكمة العدل الاوربية ... الخ ، فما بالك بكائنات بعد ان أرجعها مجرد صدفيات ، بدأ يتلاعب بها كيف أراد وشاء طولا وعرضا ...
فمن يملك الجرأة على دعوة الشعب / الرعايا للنزول الى الشارع ؟
لا أحد .. وحتى إنْ وُجد افتراضا ، هل ستلقى دعوة النزول الى الشارع الاستجابة المطلوبة ، وأمامنا ترقص في الحلبة على سمفونية النظام ، ثلاث أجيال من الضباع كما عبر ذات يوم جميل عالم علم الاجتماع الدكتور محمد جسوس ..
النظام ربح الحرب ، وقبلها ربح جميع المعارك التي دارت بين فرق الصراع بطرق مختلفة .. الساحة فارغة " كتْصفّرْ " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ