الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين المهاجر واللاجئ

مارتن كورش تمرس لولو
(Martin Lulu)

2022 / 12 / 9
حقوق الانسان


إلتقيت بشخص يكبرني بآلاف السنين!!!!!! وجدته جالسًا في مقهى يرتاده كبار السن من العراقيين (أَشُّوري، عربي، كردي، تركماني، أزيدي، وصابئي) في بلد المهجر. جذبتني علامات وجهه التي وجدت فيها ما لم أجده في كل سنوات الهجرة في وجوه كل المهاجرين. اقتربت منه وقلت له باللهجة العراقية:
• من علامات وجهك عرفت إنك...
أجابني باكيًّا:
• لماذا لا ترجعون إلى الوطن؟
بكيت أنا الآخر وقلت له:
• أريد أن أرجع اليوم قبل غد.
وقف على قدميه إذا به نخلة جبل شامخ! إذا بيَّ أصرخ:
• إنك العراق يا عراق يا وطني.
فتح ذراعي نهريه وقالَ لي:
• تعال يا رجل دعني أحتضنكَ وإلى صدر تربتي أضمكَ.
تقدمت منه وقلت:
يا عراق يا وطني
مَنْ إليك يُرجعني؟
مَنْ إلى تربتك يضمني
وإن ابتعدتُ عنكَ بهجرتي
لكنك لم تنكرني
ها إنك تحتضنني
حزين أبكيك في غربتي
هيا بتربتك امسح دمعتي
أنت مَن يسعدني
إلى تربتك أرجعني
لم يصدق الذي قال عنك: ‘بلد الوفاق والشقاق.‘
يا عراق
يا بلد الوفاق
حبك في الأحداق
قال لي:
لا تنس البلد الذي عالج زوجتك... أنقل له شكري وتقديري. هيا احكِ عن معنى الهجرة واللجوء.
أصبحت كلمتي "الهجرة" أو "اللجوء" من الكلمات الشائعة بين جيل الشباب ومعظم العوائل في بلدان الشرق الأوسط. تحديدًا البلدان العربية. لذلك كثيرًا ما نسأل أنفسنا: (لماذا أصبحنا نفضل الهجرة عن الوطن على الإلتصاق بتربته؟) إنها نتائج الحروب التي مرت بها البلاد العربية ما عدا دول الخليج العربي، ها هو وطننا العراق قد فضل معظم مواطنوه الهجرة مخاطرين بحياتهم، سالكين طرق الهروب غير الشرعية من أجل الوصول إلى بلد لا يعرفون عن شعبه وعاداته وتقاليده، ولا يعرفون لغته، وليس لهم فيه شخص قريب حتى وإن كان لهم ذلك لكنه سيبخل عليهم بساعة من وقته في الشهر لكي يلتقي بهم. ما دمنا قد عرفنا معنى كلمتي الهجرة واللجوء دعونا نغور في أعماقهما لعلنا نجد فارقًا فيما بينهما أو قاسمًا مشتركًا يجمعهما. ظهرت معالم الهجرة التي في بداية سنوات السبعينيات من القرن الماضي. حيث كانت العديد من العوائل تحصل على سمة السفر"Visa" من أية سفارة أجنبية في العاصمة بغداد، تحمل حقائب سفرها ومقتنياتها وتسافر. يوجد فرق بسيط بين الهجرة من البلد الأصلي وبين الهجرة بطرق غير شرعية التي وفقها يهرب المهاجر بنفسه أو بعائلته من ظرف قاسٍ أو قوة قاهرة كالحرب أو استيلاء مجموعة مسلحة مثل داعش على مدينتهم، لأنه يخشى منها على عائلته، فيقرر ترك كل شيء والهروب سالكًا الطرق الخطرة للوصول بنفسه أو بعائلته إلى بر الأمان في دولة تحتضن وتحترم الإنسان لأنه إنسان. لكن المهاجر من بلده وفق سمة السفر وهو لم يتعرض لظرف خطر كما تعرض قبله غيره، لكنه يتحاشى التعرض للمخاطر التي تعرض لها غيره، فيسبق الأمور ويقرر تقديم طلب اللجوء أو التوطين لإحدى سفارات الدول الأوربية أو الولايات المتحدة الأميركية أو كندا وهو جالس في بيته أو يهاجر إلى دولة إقليمية جارة ومنها يقدم طلبًا للجوء الإنساني سواء إلى سفارة دولة أجنبية أو إلى مكتب الأمم المتحدة، بعد أن يبيع داره السكنية ومعها أثاث البيت وغيرها.
شيء واحد يجمع كلا المهاجريِّن، ألا وهو مغادرة الوطن إلى الأبد دون رجعة، بحيث تنقطع أخبارهما عن من تركاه خلفهما في الوطن. أتمنى من الوطن أن لا يتعامل مع المهاجرين كما يتعاملون معه لأنه لن يفرط بأبنائه حتى وإن أفرط المواطن به. هل تفرط الأم بفلذات كبدها؟ ليس لي إلا أن أقول: أيها المواطن الذي قررت الهجرة، لك القرار لكن لا تنس الوطن. لأنكَ لن تقدر أن تنساه.
المحامي والقاص








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط