الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفحة لمن هم فوق السبعين

محمد حسين يونس

2022 / 12 / 11
المجتمع المدني


بالأمس كنت أستمع إلي برنامج غنائي قديم .. بعنوان ((عوف الأصيل )).. كارم محمود .. وعباس البليدى يغنيان ..بألحان أحمد صدقي ..ما ارجعني لسبعين سنة عندما كنت صبيا .. أحفظ أغاني و حوار هذه البرامج .. و أمتص منها الكثير من الفضائل و الأخلاق. https://youtu.be/E-54MK6lEvM
الأعمال الفنية الغنائية المماثلة لم تعد تنتج في يومنا هذا..و لم يعد لها مستمعين .. إلا القليل من الأجيال التي عاصرت تلك الفترة .. لقد أصبحنا كمسنين .. مختلفين عن الأجيال التي توالت بعدنا .
هناك هوه واسعة بيني و بين أحفادى ..المواضيع التي تهمني لا يهتمون بها .. كما أن مواضيعهم المفضلة أعتبرها غثاء أحوى .. لا أستثيغ موسيقاهم و لا أغانيهم و لا رقصهم .. و لا هزارهم .. و لا العاب موبايلاتهم .. ولا إسلوب تشجيعهم لكرة القدم ..و لا حتي أشكالهم .. كأنهم قادمون من كوكب أخر .. خصوصا حكاية التاتو اللي مغطي كل جسمهم..
فعلا مقدرتش أتوافق أبدا مع كتابات الأجيال فيما بعد صنع الله إبراهيم .. ولا غناء ما بعد عبد الحليم و وردة و فيروز ...ولا مسرحيات ما بعد الستينيات.. أو الأراء السياسية لما بعد الميثاق الوطني .
لذلك أفكر في أن اقصر تدوين هذه الصفحة علي مواضيع تخاطب الأصدقاء المسنين (( فوق السبعين )) فمن كانوا في مثل عمرى هم الذين سيفهمون لغتي .
نجلس علي جنب في حديقة نادى الحوار المتمدن نتذكر أيامنا الماضية .. الملك فاروق و مصطفي النحاس و أحمد حسين .. و فتحي رضوان ..و الوفد و الشيوعيين و الأخوان .. و مصر الفتاة .. و أحلام ما بعد الإستقلال .. و أباء التنوير سلامة موسي و شبل شميل .. و خالد محمد خالد .. و مقاومة الإنجليز وحرق معسكراتهم .. و هجر العمالة للأورنوس .. و المظاهرات المضادة للملك التي كان يطاردها الهجانا بالكرابيج و هم علي جمالهم ... و حريق القاهرة .. ومأساة نهب البنوك و الشركات .
قصر السكاكيني او البارون إمبان والشوارع النظيفة غير المزدحمة في القاهرة الخديوية و مصر الجديدة و جاردن سيتي و الزمالك ..و أشجار الزينة و الزهور حول المنازل تشم روائحها المنعشة من علي بعد أمتار ..و التروماى الأبيض بتعريفة ..(خمسة مليم ) ..
و دار الأوبرا إللي حرقوها و بنوا مكانها جراج قبيح ملوث للبيئة .. و إلتقاء الأحباء في حدائق الأندلس أو الأسماك أو جنينة الشاى في حديقة الحيوان .. و نظافة سينما مترو أو راديو و إنتظامها ....و الكاساتا في جروبي ..و(التروا بتي كوشون ) في الأمريكيين بقروش قليلة عندما كان المليم له قيمة .. و القرش يصنع المعجزات .
جمال الأسكندرية الجريكو رومان في الشتاء .. و فندق وينتر بالاس في الأقصر .. و كتاركت في أسوان .. و البدل الإسموكنج و الفراك الأبيض في الحفلات .
و البرلمان اللي كله باشاوات و بهوات و بتدور فيه مناقشات حقيقية تهز وزارات .. و عربيات الملك الحمراء و الأميرات الجميلات ..و مدرسة فاروق الأول الواسعة متعددة الأنشطة .. و أحمد بك زكي ناظر المدرسة .. و العلم الأخضر .. و إنشودة الفن لعبد الوهاب و الكرنك و الجندول .. و أغاني أم كلثوم سهران و جددت حبك ليه .. و الأمل.. و جرائد مستقلة و مجلات يمكن قرائتها من الجلدة للجلدة .
بفكر أطلب من الذين تحت السبعين يسيبونا في حالنا .. نعمل جيتو ..نتذكر ماضي جميل..إستمتعنا بكل لحظة فيه. .لانني لم أعد أقبل حاضرهم هذا .. و لا أريد مناقشة البلوى اللي هم فيها ..و لا أعبر الهوة التي إنحدر فيها الناس إلي الدرك الأسفل من السلوك و الأخلاق و الفهم .. و لا أشجع فريق كرة المملكة المغربية .. و أحلم إنه ياخد كاس العالم .. كتعويض لنقص وعجز إدارة الفريق المصرى الفاشل .
فعلا .. لقد حدث إنفصام .. بين الأجيال ..
الشباب لا يثقون فيمن هم أكبر منهم .. و المسنون شايفين أن الشباب تافهين .. تم تدجينهم و ترويضهم .. و إشاعة الجهل بينهم . .. بقضايا هايفة مثل فضايح الممثلين ..أو مغامرات الزبال اللي طرده بتاع الكشرى .. أو بتداول المخدرات المبتكرة بتاعة منه شلبي ..و وسائل تغييب الذهن .
فلنبدأ حوار المسنين .. بتذكر برامج الإذاعة .. زمان ..
في أيام صبايا.. قد تذكرون أن الراديو كان وسيلة الترفية الأساسية لدى عائلاتنا .. كان في صالة المنزل موضوع فوق رف عال بحيث لا تصل إلية أيدى الأطفال .. و كان بين حين و أخر يذيع برامج غنائية أو أوبرتيت ..( أوبريت صغير ) لمدة نصف ساعة .. كنا نسمعها بشغف و نحفظ الألحان و بعض العبارات منها .
(السلطانية .. يا ترى إنت فين يا مرزوق ) في القسمة كدة ..( مالك وشك إصفر يا عكر ) في عوف الأصيل ..( علي بابا بعد الضنا لابس حرير في حرير ) في علي بابا.. ( عواد باع أرضة يا ولاد .. شوفوا طوله و عرضه يا ولاد ) في عواد .. غير أدهم الشرقاوى .. و عذراء الربيع .... و معروف الإسكافي .. و( دوق دوق ..دوق الدندورمة‏...‏ مصنوعة بذوق بإيدين توفيق الدندورمة).. و برامج كثيرة لا أتذكرها .. فكروني بيها !!
برامج زمان كان يؤلفها .. ناس محترمين عندهم قيم و أخلاق و رسالة و لا رقابة عليهم و لا توجيه من الأمن أو أصحاب السلطة ..و يلحنها كبار الملحنين ( محمود الشريف ،كمال الطويل ، أحمد صدقى ، عبد الحليم علي ) و يغني فيها ناس صوتهم حلو و مدربين ( شريفة فاضل ، كارم محمود ، عائشة حسن ، سعاد مكاوى ، و أحلام ) ..و يقوم بالأدوار كبار الممثلين ( الطوخي ، السبع ، الزرقاني ، زوزو نبيل ، عبد الغني قمر ).. فأحببناها و لا زلت أتذكرها رغم بعد الزمن
الغريب أنك في كل مرة تستمع لهذه الإبداعات تخرج بإنطباعات مختلفة ..فعندما كنت أستمع لاوبريت علي بابا و الأربعين حرامي (إنتاج 8 نوفمبر 1948 ) كانت تجذبني الحدوته .. و المغامرة .. و فكرة المغارة السحرية التي تفتح بكلمة ( سمسم ) .. ولم يلفت نظرى .. ما أسمعة فيها اليوم من موسيقي غربية لها (فورم )..عالية الجوده .. لعبد الحليم علي ..
في النصف الأول من القرن الماضي كان في مصر مؤلف موسيقي عالمي التوجه و الدراسة يستخدم الهارموني و الكونتربوينت .. و أوركسترا سيمفوني رائع ..و مغنين مذهلين مثل كارم محمود ..و فايدة كامل
الأوبرا ..الأوبريت .. مسرحيات سيد درويش و الأخوان رحباني .. البرامج الغنائية .. أفلام فريد الأطرش و عبد الحليم حافظ وليلي مراد و شادية .. و حتي برامج الأطفال بابا شارو و ( جحا و ظريفة الحمارة اللطيفة ) ..كانت تبعث البهجة .. و مع ذلك إختفت من حياتنا .. فبعد مسرحية ريا و سكينة الغنائية لم يبق لدينا علي المسرح يغني غير شعبان عبد الرحيم بيقول إييييه ...لسمير غانم .. و يستهبل علي المسرح
نعم إختلفت الموسيقي و الغناء.. و وسائل التسلية و حتي القيم و الأخلاق .. و إختفت الأوبريتات و البرامج الغنائية .. إلا ما يذاع باللغة المصرية القديمة في المناسبات إياها و ينساها الناس في اليوم التالي .
الشبان النهاردة غير قادرين علي تذوق فن زماننا حتي أغاني أم كلثوم و عبد الوهاب الحديثة .. و في الغالب يسمعون عن طه حسين أو توفيق الحكيم أو يوسف إدريس .. علي أساس أنها أسماء محاور و كبارى جديدة من بتوع الإنجازات .. لكنني لا زلت أحن ل ((ولعي الشمعدان يا مرجانة .. حاضر يا سيدى .. مرجانه .. غني لي غنوة الحانهاحلوة ..... ))..... ولام كلثوم و هي تنشد برضاك يا خالقي https://www.youtube.com/watch?v=p-CK-ATDFfo..نستكمل حديثنا في مقال تال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هو
عدلي جندي ( 2022 / 12 / 11 - 17:53 )
حدثت فجوة ثقافية إجتماعية عقائدية فنية وتغير المجتمع او لنقل إنقلبت الأوضاع وتفسخت الهوية ما بين طبيعة مصر كبلد كوزموبوليتي يحوى كل الثقافات وتذوب داخله الأجناس والشعوب إلي بلد غريب (شعوري عندما أزوره بعد مرور بضعة سنوات) مرهون الوعي الجمعي لدى دجاجلة الدين يتمكن منه قليل المنطق والفكر كثير اللؤم والخداع وتتبقى مساحة فقط لمن يمتهن الفن الرخيص بشرط ألا يقترب من كل ما هو نفيس كالحرية والمساواة والعدل
في أي مجال تكتب نجد صدق ومجهود وفكر
تحياتي


2 - الأستاذ عدلي جندى
محمد حسين يونس ( 2022 / 12 / 12 - 04:29 )
أشكر مرور حضرتك و إضافتك الهامة .. و كلماتك الطيبة .. نعم لقد تسبب الكهنة و العسكر في كمون تطور هذا المجتمع .. و تأخرة .. حتي لو كانوا حيعملوا وكالة فضاء و مفاعل نووى لتوليد الكهرباء .. فالفكر مغلق .. و الأجيال المتتالية تأتي أسوأ من سابقتها .. لا حل إلا التعليم المعاصر .. و الثقافة المغايرة للوعظ الديني و التخلص من الخوف المستوطن .. تحياتي ..


3 - نوستالجيا
عامر سليم ( 2022 / 12 / 12 - 06:35 )
كلما يتقدم بنا العمر تهرب بنا الذاكرة الى البدايات حيث الراحة والسكينة والأحتماء .
ففي هذا العمريتعب الانسان من مواكبة الحاضر الصاخب المتسارع , هذه المواكبه تحتاج على الأقل الى شئ من المشاركة مهما كان بسيطاً لفرض الحضور مهما كان باهتاً , وكل هذا صعب المنال بجسد متعب وعقل منهك مستنزف .
الذين يُبتلون بفقدان الذاكرة عادة تكون البداية بصعوبة تذّكر الأحداث والذكريات القريبة ( عكس ما نتوقعه عن عمل الدماغ!) وتبقى الأحداث والذكريات البعيدة أكثر صموداً وأكثر حدة في التذّكر وتصل للتفاصيل الصغيره! , من هنا أعتقد ان النوستالجيا هي جزء من صراع (أو حيلة الدماغ) الانسان من أجل البقاء , البقاء من خلال استمرار المشاركة والحضور بأقل جهد (فالعمر لايسمح بذلك) ولذا نعود الى الماضي الهادئ الجاهز الذي لايحتاج الى جهد او مشاركة فعليه سوى السرد والوصف الجميل وتنسى الذاكرة كل ماهو مؤلم وحزين وبائسٍ فيه.
وجدت صعوبة في التواصل وفهم جدّي , ويجد حفيدي ذات الصعوبة معي.
ومع ذلك كلنا نقول مع الماغوط ...
( ترك لنا اجدادنا :
الورده البيضاء
يا زهرة في خيالي
يا وردة الحب الصافي
أدي الربيع
يا ورد مين يشتريك
ونحن نترك


4 - الأستاذ عامر سليم
محمد حسين يونس ( 2022 / 12 / 12 - 09:11 )
.. أشكر مرور حضرتك و توضيحك .. الذى أتفق معه .. أعجبتني مقولة الماغوط .. و إستعرتها علي صفحتي في الفيس بوك .. مع تعليق بأن ما سنتركه للأحفاد كم هائل من الديون عليهم تسديد
فوائدها .. بألإضافه لاصل الدين .. و بعض الكبارى التي لا لزوم لها .. تحياتي ..


5 - إنه صراع الأجيال
ليندا كبرييل ( 2022 / 12 / 13 - 12:26 )
صديقنا العزيز الأستاذ محمد حسين يونس
محبة وسلاما

أعتقد أنها مشكلة عالمية تعود جذورها إلى بدء الحياة البشرية يعاني منها كل الآباء والأمهات في كل مكان من العالم

تحدثتَ عن الهوة الواسعة بينك وبين أحفادك الذين يعيشون معك على نفس الأرض وذات المجتمع والثقافة ويتحدثون بنفس لغتك ويمارسون نفس عاداتك وتقاليدك
طيب ماذا يقول منْ ارتحل إلى مجتمع أجنبي وضرب أوتاده في أرض غريبة؟
غربته غربتان
غربته الشخصية والصدمة الحضارية التي سيتلقاها مع كل خطوة،فيبدأ صراع نفسي وذهني بين ما عاشه وما سيعيشه ويتأقلم معه شاء أم أبى

ثم تأتي الغربة الثانية عندما يتفاجأ أن قواعد تربيته لا تمت بصلة للقواعد المتعارف عليها في المجتمع الجديد، فيدوخ السع دوخات مع أبنائه:
بين نمط الحياة والتربية التي لا يعرف غيرها وبين التحديات الثقافية والاجتماعية الجديدة
بين قبول تطوير أولاده هويتهم الخاصة بهم وما يتناسب مع المجتمع الجديد الذي أصبح وطنهم الحقيقي، وبين إرغامهم على قبول مفاهيمه(المعتّة)التي حملها من مجتمع يُعدّ في ذيل المجتمعات البشرية لتخلفه الحضاري والإنساني

صراع على كل المستويات سيبقى قائما لكن المستقبل للأبناء

احترامي


6 - الأستاذة ليندا كبرييل
محمد حسين يونس ( 2022 / 12 / 13 - 16:45 )
اشكر مرور حضرتك و إضافتك .. نعم حالة غربة المهاجر الحضارية خصوصا أن الأبناء يعيشون حياة وطنهم الجديد.. إلا إذا تم قصرهم علي إتباع أفكار الأجداد .. و هو أمر شائعبين مهاجرى أوروبا و أمريكا و إستراليا .. حيث يعيش المهاجرون في جيتو منفصل عن مجتمعهم المستجد .. في نفس الوقت الأبتاء في بلدنا يربون الأحفاد بحيث ينفصلون تماما عن أجدادهم .. سواء في التعليم أو الملابس أو السلوك خصوصا بعد التليفونات الذكية .. تحياتي


7 - الغربه وابعادها
على سالم ( 2022 / 12 / 13 - 18:57 )
الاستاذ محمد انا اتفق تماما مع الاستاذه ليندا كبرييل عن الجانب السلبى للهجره خارج الوطن الذى نشأ عليه الطفل وتأسس على تربيه من نوع ما ربما تكون صالحه او نافعه , حينما يذهب هذا الشخص الى دوله اجنبيه وتختلف فى كل شئ عن دولته الام ويهدف الى حياه افضل , تكون هنا المعاناه مضاعفه , وهذا يعنى ان الحياه فى دوله اجنبيه ليست كما يتصور الكثير انها اموال ونعيم وحياه رغده , عندما تعيش هناك وترى اساليب الحياه فى كل شئ مختلفه يحدث للشخص رجه نفسيه وشعور بالغربه وعدم تأقلم وشعور بالضياع والتشتت , هذا فعلا يثبت ان هذه الحياه يلعب فيها الحظ دور محورى منذ الطفوله الى الممات , بالتأكيد استطيع ان اقول ان المصريين منحوسين ومعذبين سواء فى بلدهم او خارجها , الدول العربيه ليست افضل حالا من الاجنبيه يكفى ان تذهب الى المحروسه السعوديه ويتحكم فيك الكفيل السعودى ويعاملك مثل العبد ناهيك عن صوره مصر هناك وهى ان المصرى جائع وذليل ووطنه يسحقه ويذله ويرخصه ويمتهن كرامته وتكون نظره السعودى الى المصرى احتقار وتكبر واذلال واذا تذمر المصرى من هذه المعامله يكون نصيبه الطرد من الجنه الموعوده

اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تدعو بريطانيا لمراجعة قرار ترحيل المهاجرين إلى


.. هل واشنطن جادة بشأن حل الدولتين بعد رفضها عضوية فلسطين بالأم




.. وزير الخارجية الأيرلندي: 100% من الفلسطينيين بغزة يواجهون شب


.. ثورات في الجامعات الأمريكية.. اعتقالات وإغلاقات وسط تصاعد ال




.. French authorities must respect and protect the right to fre