الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بحث عن شكل التعليم في ألمانيا بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية 1945

إسلام موسى

2022 / 12 / 11
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


توافق الحلفاء على احداث تغيير شامل في المنظومة التعليمية التي أسسها النازيون واستبدالها بمنظمة أخرى قائمة على الحرية والديمقراطية، ومن أجل ذلك اتبعت كل دولة من دول الحلفاء سياسة ميزتها عن نظيرتها الأخرى، فقد ركز الأمريكان على تشجيع النظام اللامركزي في التعليم ومنح الولايات الألمانية حق وضع السياسات والتشريعات الخاصة بالتعليم في كل ولاية على حدى، كما شجعوا على نشر قيم الديمقراطية وحرية ابداء الرأي داخل المدارس، أما البريطانيون والفرنسيون فقد رأوا أن الألمان هم المسئولون وحدهم عن إحداث تغيير حقيقي داخل المنظومة التعليمية ويقع على عاتقهم إصلاح التعليم ووضع سياسته بما يتناسب مع أهدافهم المستقبلية، أما الروس فقد ركزوا على إقامة نظام تعليمي مركزي داخل المناطق التي يسيطرون عليها يخدم الأفكار والمبادئ الاشتراكية للاتحاد السوفيتي، وتحجيم دور الدين في العملية التعليمية.

اتفق الحلفاء خلال مؤتمر يالتا على ضرورة إشرافهم الكامل على منظومة التعليم الألمانية، بهدف القضاء على العناصر النازية داخل المدارس والجامعات وتنقية المناهج الألمانية من الأفكار العنصرية واستبدالها بالمبادئ والأفكار الديمقراطية( )، كما توافق الحلفاء الأربع بموجب القرار رقم "54" الذي أصدره مجلس قيادة الحلفاء على ضرورة قيام المدارس الألمانية بتشجيع ونشر مبادئ الديمقراطية والحقوق المدنية بين طلابها وإلزام معلمين تلك المدارس حضور دورات داخل عدد من الجامعات الألمانية تدور محاضراتها ومواضيعها عن تلك المبادئ والأفكار( ).
ودخل أول قانون يتعلق بالعملية التعليمية في ألمانيا حيز التنفيذ في الأول من يونيو عام 1948م داخل مدينة "برلين"، فقد حمل هذا القانون عدد من الإصلاحات داخل القسم الأمريكي من المدينة، والتي من بينها توفير الكتب والأدوات المدرسية لجميع الطلاب بشكل مجاني وحصول المعلمين على دورات متقدمة تتعلق بطرق وأساليب التدريس وإنشاء مدارس عامة مختلطة بين الذكور والإناث.

وبذلت السلطات الأمريكية في منطقة الاحتلال الأمريكية بألمانيا مساعيها لوضع قواعد داخل المدارس تسمح للطلاب في المشاركة في إدارة مدارسهم من خلال اتحادات الطلاب، فقد رأت السلطات الأمريكية أن مِثل هذه الإجراءات ستساعد على نشر قيم الديمقراطية والحوار داخل المدارس، مما سينعكس بالتبعية على المجتمع، وهدفت السلطة الأمريكية في الأساس إلى إضعاف ثقافة التبعية والولاء التي تربى عليها المجتمع الألماني خلال الحقبة النازية( )، وعلى عكس ما قام به الأمريكان، لم يأخذ البريطانيون والفرنسيون على عاتقهم اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بإصلاح المنظومة التعليمية داخل منطقتهم، فقد اعتبر البريطانيون والفرنسيون أن الألمان هم القوة الدافعة والمسئولين الأساسيين لوضع السياسات المستقبلية للتعليم الألماني.

ولاحقاً عمل الحلفاء الغربيون على إعطاء المجالس المحلية للولايات الألمانية الحق في تشريع القوانين المنظمة لشكل العملية التعليمية داخل كل ولاية على حدى، وهدف الحلفاء الغربيون من هذا الإجراء على إضعاف سلطة الحكومة المركزية في العاصمة على الإشراف والتوجيه الكامل للتعليم في جميع الولايات الخاضعة لها، وذلك على غرار ما كان مُتَبعاً أثناء الحقبة النازية عندما خَضع التعليم للإشراف المركزي الكامل الموجه من قِبل النازيين. ويستمد هذا التنظيم الإداري اللامركزي في التعليم الذي اتبعه الحلفاء الغربيين نفس الأسس والعادات الفيدرالية التي كانت سائدة منذ توحيد بسمارك ألمانيا في عام 1871م وصولاً إلى عام 1934م، وجاء دستور ألمانيا الغربية ليؤكد على هذا التنظيم الإداري، حيث لم يحتوي على أي تنظيم إداري شامل للنظام التعليمي، وإنما ترك الاختصاص في تلك المسألة لكل ولاية على حدى واكتفى بوضع مبادئ عامة إرشادية مُنَظِمة لعملية التعليم في غرب ألمانيا ككل، كضمان حرية الفن والعلم والبحث والتعليم والرقابة العامة للدولة على المدارس وضمان إنشاء المدارس الخاصة وتدريس الدين كمادة عامة في المدارس.

ويُعد الإبقاء على تدريس الدين في المدارس داخل غرب ألمانيا في فترة ما بعد الحرب نتيجة لطلب الكنيسة الكاثوليكية الرومانية من الحلفاء الغربيين بالحفاظ على المادة رقم (21) من "الاتفاقية البابوية" التي عُقِدت بين الفاتيكان وألمانيا النازية عام 1933م، والتي تضمنت الحفاظ على التعليم الديني الكاثوليكي وبقائه في ألمانيا، وبالفعل لم يقم الحلفاء الغربيون بإلغاء تلك الاتفاقية، وإنما قرروا بقاء المبادئ التي تنص على ضمان واستمرارية التعليم الديني. وبإلقاء نظرة على أهم النصوص المعنية بشئون التعليم في دستور ألمانيا الغربية، سنجد أن الفقرة الأولى من المادة السابعة المتعلقة بالشئون المدرسية تنص على إخضاع كافة الشئون المدرسية إلى إشراف الدولة، كما نصت الفقرة الثالثة على أن التعليم الديني يُشكل جزءاً من المنهج الدراسي العادي في المدارس الحكومية، باستثناء المدارس التي لها توجه علماني وأنه لا يجوز إرغام أي مدرس على تقديم تعليم ديني ضد إرادته، ونصت الفقرة الرابعة من نفس المادة على كفالة الدولة حق إنشاء المدارس الخاصة ووضعت عِدة شروط لحصول المدرسة الخاصة على رخصة مزاولة العمل، من بينها أن لا يكون مستوى الأهداف التعليمية للمدرسة الخاصة ومرافقها والتأهيل العلمي لمدرسيها أقل منه في مثيلاتها من المدارس الحكومية، ولم يُجر تصنيف التلاميذ في تلك المدارس وفقاً للمستوى المادي لأولياء أمورهم وتُحجب الموافقة إذا ثَبُت أن الوضع الاقتصادي والقانوني لأعضاء هيئة التدريس غير مؤمن بشكل كاف.

وكان سن التعليم للأطفال في ألمانيا الغربية يبدأ من سن 6 سنوات ويمتد حتى السن الإجباري للتعليم وهو 15 سنة، وبعد أن ينتهي الطالب من تعليمه الابتدائي في سن العاشرة يُتاح له ثلاث أنواع من المدارس لاستكمال تعليمه بها، النوع الأول وهو "الثانوية العامة" والنوع الثاني " الثانوية المتوسطة" أما الثالث فهو "الثانوية المتقدمة" وتنقسم الدراسة الثانوية إلى مستويين المستوى الأول من سن 10 سنوات حتى 15 سنة وهو السن الإلزامي، أما المستوى الثاني فيبدأ من سن 16 سنة حتى 18 سنة وفي بعض الولايات إلى 19 سنة وهو غير إلزامي لكنه يؤهل الطالب تأهيلاً متقدماً، فالنوع الأول كان يقوم بتأهيل الطلاب ليصبحوا حرفيين وعمال بالمصانع، أما النوع الثاني فيؤهلهم ليكونوا موظفين في الدرجات الأدنى والوسطى في الجهاز الإداري للدولة أو يؤهلهم ليصيروا مهندسين، أما النوع الثالث فيؤهل الطلاب الملتحقين به لتولي المناصب العليا والرفيعة في الدولة أو امتهان المهن المرموقة اجتماعيا في المجتمع الألماني، كالطب والمحاماة أو تأهيلهم ليصبحوا أكاديميين في الجامعات فيما بعد.

أما في شرق ألمانيا، فقد أسس السوفييت إدارة التعليم الألمانية تحت قيادة "باول واندل"( ) القيادي بالحزب الشيوعي الألماني، وكان أعضاء الحزب الشيوعي الألماني يضعون أمالاً كبيرة على "واندل" لإجراء إصلاح ديمقراطي داخل قطاع التعليم الألماني وذلك بعد أكثر من عَقد كامل كان قطاع التعليم يخضع فيه للقواعد العسكرية النازية التي تميزت بالطاعة العمياء والتلقين والأسلوب غير الديمقراطي في الإدارة( )، وسعى كلاً من الحزب الشيوعي الألماني والحزب الاشتراكي الديمقراطي داخل المنطقة السوفييتية في أكتوبر عام 1945م إلى إعادة تأسيس النظام التعليمي داخل المنطقة، من خلال إنشاء نظام تعليمي موحد وشامل لكل المناطق الشرقية، ويتضمن هذا النظام الجديد فصل الكنيسة عن المدرسة ومنع تدريس أي مواد دينية داخل المدارس، فقد رأى الحزبان أن المدارس يجب أن تكون محايدة مذهبياً وأن تعليم العلوم الدينية للطلاب ليس جزءاً من وظيفة المدرسة، وإنما هو شأن تختص به الأسر المتدينة والكنائس والجماعات الدينية، كما رأى الحزبان أن المناهج التعليمية والكتب المدرسية والدورات التدريبية للمعلمين يجب أن تتلاقى مع التوجه الاشتراكي الديمقراطي وأن تخلوا من أي أفكار قومية نازية.

واختلف الحزب المسيحي الديمقراطي في شرق ألمانيا مع الحزب الشيوعي الألماني والحزب الاشتراكي الديمقراطي حول بقاء الدين كمادة تُدرس بشكل رسمي داخل المدارس الألمانية، فقد أصر الحزب المسيحي الديمقراطي على بقاءها واستمر الخلاف حول هذه القضية منذ منتصف عام 1945م حتى منتصف عام 1946م، وذلك عندما توصلت الأحزاب المتنازعة إلى تسوية تقتضي السماح للكنيسة بتدريس الدين للطلاب داخل المدارس، على أن لا يكون الدين جزءاً من المنهج الدراسي الرسمي وألا يتم تدريس الدين من خلال معلمين المدارس. وفي يونيو عام 1946م تم اعتماد مشروع الإصلاح الديمقراطي لقطاع التعليم من قِبل الأحزاب السياسية في شرق ألمانيا ومن قِبل الإدارة العسكرية السوفييتية والمجالس المحلية الألمانية، وأهم ما تم التوافق عليه في مشروع الإصلاح الديمقراطي هو أن تتكون المرحلة التعليمية من اثنى عشر سنة، منهم ثمان سنوات للمرحلة الابتدائية والإعدادية وأربع سنوات للمرحلة الثانوية، كما توافقت جميع الأحزاب على أن تدار المدارس في مناخ من الحرية والعلمانية( )، وتوافقت رؤية الإدارة العسكرية السوفييتية ورؤية الشيوعيين الألمان بخصوص ضرورة إصلاح التعليم في شرق ألمانيا في مرحلة ما بعد الحرب، ولكن عدد من المعوقات واجهت هذه العملية منها على سبيل المثال هو أن ما يقرب من 85% من المعلمين في شرق ألمانيا كانوا أعضاء في الحزب النازي، وكان من الصعوبة بمكان فصل هذا العدد الكبير من الخدمة، كما كانت هناك مشكلة تمثلت في نقص الكتب التعليمية عند بداية العام الدراسي في نهاية عام 1945م، كما احتاجت تلك الكتب إلى تنقيح محتواها لحذف الأجزاء التي تدعوا إلى العنصرية والكراهية.

وظهرت مشكلة أخرى تعلقت بنقص أعداد المعلمين داخل المنطقة السوفييتية نسبةً إلى أعداد الطلاب، وكان السبب الرئيسي وراء هذه المشكلة يتمثل في ارتفاع نسبة المواليد قبل اندلاع الحرب الذين وصلوا إلى سن التعليم عقب انتهاء الحرب مباشرةً، كما أدى نزوح ملايين الألمان بأطفالهم من دول أوروبا الشرقية، بالإضافة إلى المناطق الألمانية التي استولى عليها الاتحاد السوفييتي وبولندا إلى تفاقم تلك المشكلة، وللتغلب عليها، قامت السلطات السوفييتية بالتعاون مع الشيوعيين الألمان بتنظيم دورات تدريبية في مجال التعليم خلال شهر أغسطس وسبتمبر عام 1945م لعدد كبير من العمال والفلاحين وكوادر الأحزاب السياسية الواعدين لتجهيزهم ليكونوا معلمين خلال العام الدراسي 1945/1946م، بهدف سد الفجوة الموجودة في أعداد المعلمين. وتشير الإحصائيات أن نسبة 3% من المعلمين الجدد في العام الدراسي 1945/1946م قد جاءوا من قطاع الفلاحين، بينما 55% منهم قد جاءوا من قطاع العمال، أما النسبة الباقية قد جاءت من مصادر مختلفة، ككوادر الأحزاب السياسية وقطاع الموظفين، فقد بلغ عدد المتدربين الإجمالي ما يقرب من 15.000 معلم جديد، كان أغلبهم من النساء، تلقوا تدريباً لمدة ثلاثة أسابيع فقط، مما أثر على كفاءتهم التدريسية عند بداية العام الدراسي الجديد في الأول من أكتوبر عام 1945م، ولكن خلال العاميين الدراسيين التاليين 1946/1947م و1947/1948م، بدأ المستوى التدريسي لهؤلاء المعلمين الجدد يتحسن خصوصاً بعد زيادة مدة الدورات التدريبية المخصصة لهم إلى ثمانية أشهر خلال فترات الإجازات الدراسية وتشير الإحصائيات أن نسبة 3% من المعلمين الجدد في العام الدراسي 1945/1946م قد جاءوا من قطاع الفلاحين، بينما 55% منهم قد جاءوا من قطاع العمال، أما النسبة الباقية قد جاءت من مصادر مختلفة، ككوادر الأحزاب السياسية وقطاع الموظفين، فقد بلغ عدد المتدربين الإجمالي ما يقرب من 15.000 معلم جديد، كان أغلبهم من النساء، تلقوا تدريباً لمدة ثلاثة أسابيع فقط، مما أثر على كفاءتهم التدريسية عند بداية العام الدراسي الجديد في الأول من أكتوبر عام 1945م، ولكن خلال العاميين الدراسيين التاليين 1946/1947م و1947/1948م، بدأ المستوى التدريسي لهؤلاء المعلمين الجدد يتحسن خصوصاً بعد زيادة مدة الدورات التدريبية المخصصة لهم إلى ثمانية أشهر خلال فترات الإجازات الدراسية.

كما واجه الروس والألمان على حداً سواء مشاكل إضافية تتعلق بالعملية التعليمية تخطت مشكلة إصلاح قطاع التعليم، حيث تَمثلت أبرز تلك المشاكل في تهالك معظم المدارس والأبنية التعليمية نتيجة للدمار الذي حَل بها خلال سنوات الحرب، بالإضافة إلى نقص الفحم اللازم للتدفئة خلال شهور الشتاء، مما أجبر هذه المدارس على أن تُغلق أبوابها خلال هذا التوقيت من العام، كما عانت تلك المدارس من نقص حاد في أدوات التدريس والمقاعد والأقلام، كما عانى الطلاب من سوء كبير في التغذية وعدم توافر الملابس الدراسية لهم، واستمرت تلك الأوضاع السيئة خلال الأعوام الدراسية 1946/1947م و1947/1948م، ولم تبدأ هذه الأحوال في التحسن التدريجي إلا في نهاية شهر أكتوبر عام 1949م عندما تم الإعلان بشكل رسمي عن تأسيس جمهورية ألمانيا الديمقراطية على أراضي منطقة الاحتلال السوفييتية. وصدرت مجموعة من الإرشادات التوجيهية للعملية التعليمية داخل المناطق الشرقية من ألمانيا من قِبل الحزب الاشتراكي الموحد بدايةً من الرابع والعشرين من أغسطس عام 1949م، أكدت على أهمية دور المدارس في إقامة المجتمع الاشتراكي من خلال التبني الواضح للأيديولوجية الماركسية – اللينينية، وحرصت سياسة الحزب الاشتراكي الموحد على تأسيس نظام تعليمي شامل موحد داخل المناطق الشرقية مع الحرص الشديد على انتقاء معلمين موثوق في أفكارهم السياسية وانتمائهم الفكرية، كما أُلغيت جميع النظم والأنماط التعليمية المختلفة التي كانت موجودة من قبل، كما أُلغيت جميع المدارس الخاصة التابعة للكنيسة ولم يَعُد مصرح لها بمزاولة نشاطها، كما أوقفت السلطات العمل بالنظام اللامركزي في العملية التعليمية الذي كان مُتبع من قبل والذي كان يسمح لكل ولاية بتوجيه وإدارة العملية التعليمية بشكل مُنفرد سواء من خلال القوانين المنظمة لتلك العملية أو من خلال كتابة وإصدار المناهج التعليمية، فتم تركيز سلطة الإدارة والتوجيه بشكل مركزي وموحد في كل الولايات الشرقية الألمانية.

أما بالنسبة للتعليم الجامعي في شرق ألمانيا، فقد كانت كليات العلوم والطب هي أولى الكليات التي تم إعادة بناءها مرة أخرى داخل منطقة الاحتلال السوفييتية، ثم تبعتهما كليات التاريخ وعلم النفس اللتان تم افتتاحهما في أواخر عام 1946م، بالإضافة إلى ذلك، أولت الإدارة السوفييتية عناية خاصة ببناء كليات جديدة لتدريس علوم التربية، بهدف إعداد كوادر من المعلمين القادرين على تنفيذ البرنامج الإصلاحي للتعليم الذي وضعه الروس، كما استحدثت الإدارة السوفييتية كليات جديدة لتدريس العلوم الاجتماعية لإعداد كوادر مستقبلية للعمل داخل الجهاز الإداري الألماني أو لتدريس العلوم الاجتماعية داخل المدارس للصفوف العليا من الطلاب، وكان الهدف من ذلك تعريف هؤلاء الطلاب بالأفكار والمبادئ الماركسية – اللينينية الاشتراكية. وأراد الروس زيادة أعداد أبناء وبنات العمال والفلاحين داخل الجامعات الألمانية في شرق البلاد، فقد رأت السلطات السوفييتية أن النسبة الأكبر من الطلاب الجامعيين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة، مما أشار إلى الحرمان الشديد الذي عانى منه أبناء الطبقات الأقل دخلاً وهم الأغلبية داخل المجتمع، وانخفضت أعداد الطلاب الجامعيين في شرق ألمانيا من 25.420 طالب في عام 1928م لتصل إلى 8.500 طالب في عام 1946م، ولكن مع بدأ تنفيذ سياسة الاتحاد السوفييتي المتمثلة في زيادة أعداد أبناء وبنات العمال والفلاحين داخل الجامعات الألمانية، عادت النسبة لترتفع مرة أخرى في بداية يناير عام 1949م لتصل إلى 25.300 طالب جامعي، حيث شكل أبناء العمال حوالي 7.268 طالب، بينما شكل أبناء الفلاحين 1.138 طالب، وشكلت أعداد أبناء العمال والفلاحين معاً نسبة 33.2% من العدد الكلي للطلاب الجامعيين حينذاك( )، وبشكل عام قام المربون والمصلحون التعليميون في المنطقة السوفييتية بألمانيا بتأسيس نظام تعليمي قائم على عدد من المبادئ والأسس التي ميزته عن أي منطقة أخرى، من أبرزها توحيد المناهج ومركزية الإدارة التعليمية وحق جميع المواطنين في التمتع بالتعليم بشكل مجاني، بالإضافة إلى علمانية التعليم واختلاط الذكور والإناث داخل المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى,

وبالنظر إلى شكل التعليم في ألمانيا بعد انتهاء الحرب، سنجد أن الحلفاء اتفقوا في مؤتمر يالتا على ضرورة إصلاح النظام التعليمي الألماني وتنقيته من الأفكار النازية، وعملت السلطات الأمريكية على توفير الكتب والأدوات وتدريب المعلمين داخل منطقة ادارتها ونشر قيم الحرية والديمقراطية وتشجيع الطلاب على ممارستها، أما البريطانيون والفرنسيون فقد شجعوا صناع القرار الألمان على المبادرة بإصلاح المنظومة التعليمية والإشراف عليها بأنفسهم ووضع السياسات التعليمية التي تخدم التوجهات والأهداف الألمانية، وبشكل عام فقد أسس الحلفاء الغربيون نظام لامركزي للتعليم في المناطق التي يسيطرون عليها، وعند تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية كان سن التعليم للأطفال يبدأ من سن 7 سنوات ويمتد حتى السن الإجباري 15 سنة، وانقسم التعليم الثانوي في الجمهورية الجديدة إلى ثلاث أنواع "الثانوية العامة" و"الثانوية المتوسطة" و"الثانوية المتقدمة"، أما داخل منطقة الاحتلال السوفيتية، فقد برزت عدة مشكلات واجهت عملية اصلاح المنظومة التعليمية في شرق ألمانيا تمثلت في أن أغلبية المعلمين كانوا أعضاء في الحزب النازي، بالإضافة إلى نقص أعداد المعلمين مقارنةً بنسب توزيعهم على أعداد الطلاب، ونقص الأدوات المدرسية والكتب، وتضرر الأبنية التعليمية والمدارس نتيجة الحرب وتهالك بعضها، وعمل الروس بالتعاون مع الألمان الشيوعيين إعادة العملية التعليمية وتحسينها مرة أخرى من خلال قبول أعداد جديدة من المعلمين وتدريبهم، وإعادة بناء المدارس والكليات مرة أخرى، وشكلت سنوات الدراسة للمرحلة قبل الجامعية اثنى عشر سنة، منهم ثمان سنوات للمرحلة الابتدائية والاعدادية وأربع سنوات للمرحلة الثانوية، وبشكل عام فقد عمل الروس مع حلفائهم الألمان الشيوعيين على تأسيس نظام تعليم مركزي يطبق على جميع المناطق الشرقية ويتلاءم مع التوجهات الاشتراكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024