الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق بين حوالتي الدين والحق وشراء الدين في القانون العراقي

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2022 / 12 / 15
دراسات وابحاث قانونية


شراء الدين أو ما يسمى تجاريا عقد الفاكتورنغ الذي هو عبارة عن (إذ تقوم فكرة الـعقد على التزام الدائن (العميل) بأن يقدم لمؤسسة (الفاكتورينغ) كافة ديونه وفواتيره التجارية المترتبة بذمة مدينيه، فتقوم هذه المؤسسة بانتفاء الفواتير والديون التى ترى إمكانية في تحصيلها أو عدم تعرضها كليّا ًلمخاطر عدم تسديد المدين (تبعا ًلأسباب متعددة منها: عدم مصداقيته، أو لضعف وضعه المالي أو التجاري، أو عجزه كلياً أو جزئيا ًعن تسديد الدين بتاريخ استحقاقه)، ويعمل على إشباع حاجة المؤسسات والمشاريع التجارية من خلال التمويل النقدي (السيولة النقدية)، هذا النوع من العقود محصور في تطبيقاته في المجال التجاري فقط ووفقا لمبدأ الأستثمار في تحصيل الديون المتعرقلة بمقابل نقدي يحسب مخاطر عدة، منها الفشل في التحصيل أو أمتداد مدة التسويات القانونية والتحصيل، فضلا عن أم ليس كل دين تجاري ممكن بيعه أو التعامل به وفق هذه الطريقة التجارية.
من الناحية القانونية يمكن تشبه عملية شراء الدين المعروق بالـ (الفاكتورينغ) هنا بمفهوم حوالة الدين المذكور احكامها في القانون المدني حصرا، لكن ليس بالشكل الذي تم تقنينه وتسطيره في القانون المذكور، فحوالة الدين بالقانون المدني جاءت وفقا مفهوم (توافق إرادة المدين الأصلي مع مدين قادم على التسديد بشرط موافقة الدائن أولا حقيقيا أو أفتراضيا وفقا للأحوال التي نظمها القانون المدني، النفطة الأخرى هنا حوالة الدين تجري بين مدين وشخص أخر يتحمل علء التسديد والوفاء، أما في عمليات شراء الدين فتتم بين دائن وشخص يشتري الدين أو ما يعرف بمتلقي الحق هنا ولا يشترط موافقة المدين، لأن المدين ملزم بالسداد للدائن أو خلفه أو نائبه أو حتى دائنه وفقا للحالات القانونية التي نظمها القانون المدني، هنا المدين ليس حرا في قبول أو عدم قبول الشراء إلا أنه ملزم بالوفاء والتسديد كامل الدين الذي من خصائصه أن يكون ممكنا ومعلوما وقابل للتحصيل القانوني ومصدره سليم قانونيا.
وأيضا من الناحية القانونية عمليات شراء الدين بين الدائن الأصلي والمشتري الذي يبحث عن أستثمار متدارك قد لا يثمر عن نتيجة يشبه ويختلف عن حوالة الحق التي ترد كثيرا في متون القانون المدني والتجاري معا، فهو قانونا وحسب التعريف المبسط والشائع (اتفاق أو عقد بين الدائن وشخص أجنبي غريب عن العقد من البداية عن رابطة الالتزام على أن يحول له الدائن حقه الذي في ذمة المدين، فيحل الأجنبي محل الدائن في هذا الحق بجميع خصائصه، فيكون الدائن محيلًا والشخص الجديد محال له، والمدين المحال إليه)، أو هي علاقة ثنائية محورها طرفان هما "المحيل والمحال له" وتتعلق بحق الدائن في مواجهة شخص ثالث دخيل على العقد وهو المدين، كما يتشابهان أيضا في أن المدين لا علاقة له بالعقد الجديد ما لم يكن هناك نص مانع أو شرط مسبق بمنع التنازل أو الحوالة لدائن أخر، هذا التشابه أما الفرق فإن المدين الجديد المحال له يشتري الدين أو يقبله بقيمته كاملا لا على شرط أساسي أن تنقص القيمة أو يخفض مبلغ السداد المقابل، فهو حالة قانونية عالجت مشاكل وأوضاع تجارية شرعت لها القاعدة، ولم يكن من بينها الأستثمار والمخاطرة المتوقعة نتيجة الفرق بين الدين الحقيقي والدين المشترى,
خارج نطاق القانون التجاري والعمليات التجارية لا نجد تطبيقات حقيقية لقاعدة شراء الدين، ولا توحد قواعد ناظمة تتعلق بالدين الأعتيادية أو تلك الديون التي ترتبط بحقوق والتزامات الأفراد العاديين، لاسيما وأن مبدأ المقاصة تجاري ومبدأ تحويل الديون للسداد على مقابل قانوني محصورة جدا في نطاق ضيق لا يمكن معه بناء نظرية خاصة في القانون العراقي وإن كانت الكثير من الأنظمة القانونية في الدول الأخرى منفتحة ولديها تجارب عملية وسوابق فقهية وقانونية وقضائية، خاصة وأن القانون المدني العراقي ما زال أسير ماديته التقليدية وجموده الفقهي الذي مضى عليه أكثر من ثمانين عاما، كما أنه بحاجة إلى مراجعة شاملة تكون وفق فلسفة تشريعية واحدة، وذات أبعاد علمية وعملية تأخذ التطورات المالية وما يجري في عالم الواقع من إحداثيات عملية مأخذ الجد والدراسة.
إن تحديث النظريات والمفاهيم القانونية وبناء منهج تشريعي وفقهي يسهل من حركة الناس وتعاملاتهم اليومية بسلاسة، من دون اللجوء إلى التفسيرات والتأويلات المغلقة بالشكلية وضرورة التقيد بالنصوص مع وجود الحاجة لتدابير ومعالجات ضرورية، هذا التطوير والفهم الواقعي لا بد أن يتبعه اوسع في صلاحية القضاء في تطبيق مفهوم الخلق التشريعي ضمن منظومة الوحدة الفقهية العملية، فما زال قضائنا شديد الحذر في بناء سوابق قضائية يمكن تتبعها وتطويرها لتكون مفاهيم عملية ضمن المنظومة التي يرجع إليها القضاء في فض المنازعات وحل الإشكالات التي تثور بين الناس نتيجة المعاملات والتعامل المالي سواء أكان تجاريا أو على مستوى الأفراد العاديين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا


.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي




.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس


.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني




.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من خطر حدوث مجاعة شاملة في غزة