الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية - زمن العودة إلى واحة الأسياد للكاتب عبدو حقي

عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)

2022 / 12 / 16
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


حين قرر عبدو حقي العودة لزمن واحة الأسياد ، عبر المتن الروائي ،لم يجد الطريق معبدا بالكامل ،كما كان يعتقد ، بل حاصرته العديد من الشعاب والأجراف والمهاوي . وانبثقت تعريشات السؤال في مهاوي عميقة الأغوار . وهو الذي لم يراكم من التمرس والدربة السردية سوى القليل. ومع كل ذلك لقد ركب التحدي ،وصمم بكل جرأة على الاقتحام والمغامرة . " كم يلزمني من الوقت كي أعبر هذا الزقاق من جديد، إن مسافته أمامي لا تتعدى بضع عشرات من الأمتار ، ومع ذلك، أخاله عميقا بمسافة نهر لا تنتهي ..بل حين أرقبه من كوة الجدار المرتجلة في الأعلى ، يبدو هو الزمن كله " ص9

في تقديم للرواية الصادرة عام 2010 بقلم المؤلف نقرأ "أن يقتحم قاص مغربي مغامرة الكتابة الروائية ،وهو لم يراكم من التمرس والدربة السردية سوى مجموعة قصصية يتيمة، قد يبدو لبعض الأدباء والنقاد الإحترافيين المتتبعين لحركية النشر بالمغرب ضربا من المغامرة " فثمة اعتقاد راسخ لدى المؤلف "أن الإستثمار برأسمال رمزي ضئيل في مشروع إبداعي أدبي ضخم. قد يبدو للبعض ضربا من المغامرة والإبحار بزورق نهري للصيد في أعالي البحار. بينما قد يعتبر آخرون أن القصة القصيرة هي ذلك الملعب الخلفي الخاص بالإحماء لدخول أشواط الرواية"

لكن مؤسس ومنسق المجلة الإلكترونية( كتاب الأنترنيت المغاربة) له رأي شخصي وقناعة راسخة هي أن " الرواية عموما في الوطن العربي وفي الأدب العالمي ،جزيرة حكي مشاع وشاسعة لا تشترط لمرتاديها جوازات سفر أو ترخيص خاص بالدخول" ما يفيد أن المتن الروائي في نظر الكاتب شساعات يسيح فوقها القصاصون والشعراء والأطباء والمهندسون والفلاسفة والسياسيون ،بل حتى من لامهنة أو وظيفة لهم...."مازلت أذكرذلك الصباح،أيقظني الوالد باكرا قبل آذان الفجر ..، ولم يكن أمر إيقاظي يوم الجمعة غريبا عنا ، كنا نعلم في المساء أن أجسادنا ستخوض معركة ساخنة في موقعة الحمام ضد الأدران التي تعلق بنا طيلة الأسبوع يده الرحبة ستقشرنا واحدا واحدا مثل البصل" ص12

وبرأي صاحب "حروف الفقدان " إن جميع هؤلاء يلتقون في مدارة واحدة هي التأريخ لتجربة إنسانية بمنطلقات واقعية ،قد يطعمها الخيال بأبعاد حكائية ،ترتقي بالمتن الروائي إلى ذروة الدهشة وتحقيق أفق الإنتظار عند المتلقي. وقد تكون بمنطلقات خيالية متحايلة على واقع إفتراضي قد لا يتحقق إلا في الزمن السردي .""وضع العماري الصينية في المراح قرب ميزب الماء العادم الذي يصرف إلى الخارج ،ويشكل مستنقعا أسود أمام الباب ، تمدد على الحصير المشغول من ألياف الدوم ،وساه نظره في تخاريم السقف القصبي الذي نخرت بعض دعاماته أرضات السوس ،وقطنت تجويفاته رتيلات بوصيحة " ص104


ويعترف مؤلف "النص في الأدب الرقمي أنه " حين شرع في كتابة هذه الرواية البكر ،وجد نفسه مغلولا بحالة إدمان على التكثيف والتركيب والترميز القصصي، وبارتهانه الجمالي بالنص البلوري المتعدد المداخل ،والمفتوح على العديد من الأجناس الإبداعية ،والعديد من مستويات التأويل يقول "إلى أن يضيف مستطردا "وقد كانت دهشتي أعظم حين تكشف لي أن كتابة فصل روائي ،أهون وأيسر عندي من تشكيل جملة قصصية مركزة مركبة ومكثفة تختزل في بنياتها الدالة جماليات العديد من الإبداعية المحايثة من شعر وتشكيل وموسيقى ونحت" رد العماري ساخرا "لست منا ولسنا منك فمن تكون من تكون الآن أيها التعلب ؟ لست أرى أمامي سوى وحش كان ولا زال إسمه حماد" ص114.

و يزيد مؤلف "انطولوجيا القصة القصيرة بالمغرب " قائلا" إفتتاني المفرط بباروكية اللغة ودسامة الصورة واستغراقي العميق في آليات الترميز والتكثيف السردي ما كان سببا في إتلاف كل مفاتيح المداخل النقدية المفترضة في مجموعتي القصصية البكر حروف الفقدان)." كانت الناقلة تنآى عنا ، ثم في لحظة ابتلعها الغبار . قال لي عبد الله " إنها ستصل غدا في مثل هذا الوقت إلى " لهديم" والكل يعرف أن بلقايد يفضل الأسفار الليلية ، حتى يتلافى صهد النهار وسهام شمسه اللاهبة ص142

رواية "زمن العودة إلى واحة الأسياد" للكاتب القاص المترجم والإعلامي عبدو حقي في جوهرها منجز أدبي في شكل سيرة ذاتية للكاتب ،" من هنا بدأت ذات زمن ، ومن هنا قررت أن تكون البداية الآن" ص9 . وأستطيع الجزم أنه كرس هذا العمل الأدبي لتوثيق تجربة الحنين إلى العاصمة الإسماعيلية مكناس ، حيث شكلت الوظيفة وظروف العمل عاملا حاسما للقطيعة مع مرحلة هامة من طفولته وعنفوانه ،إنها فجوة استحضار في قالب سردي ولذيذ للغاية .و سيرة ذاتية كاملة الدسم . لكن عبدو حقي مع ذلك يكتب عن نفسه، وبالتالي عن واقع اجتماعي محدد عاشه ، صاغها على شكل خطاب روائي في حلة سيرذاتية . إنها وقائع وأحداث سردية تحيل بشكل واضح ،وأحيانا مباشر على وقائع وتفاصيل في حياة المؤلف في علاقته بالمحيط السوسيوثقافي ، وقائع وأحداث مرت به ،عاشها وتأثر بها، ولازمته حتى مراحل متقدمة من حياته . لكن الممتع في كل ذلك . هو طريقة استثمار هذه المعطيات السيرذاتية داخل النص الروائي للكاتب ، حيث تمكن من نقلها من مستوى التاريخ الماضي " الطفولة والشباب" إلى مستوى الإبداع الروائي الأدبي "العالم " إن صح التعبير . إن"زمن العودة إلى واحة الأسياد " باقتضاب شديد هي ذلك الطفل الذي كانه المؤلف ،والرجل الذي أصبحه ذلك الطفل"في قالب سردي ممتع ومؤانس .

الرواية أيضا باكورة إبداعه الروائي ،بحيث لم تكتف بطرح الأسئلة ،بل حاولت وتمكنت من الإجابة بلغة سلسة أحيانا ،رامزة محيلة ومشيرة عن الكثير من الأسئلة إن على المستوى السردي أو الجمالي في المغرب والوطن العربي. إنها لحظات منفلتة تحقق لقارئها "أويقات جميلة من الإمتاع والمؤانسة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر