الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغطية الصحية للمحامين بالمغرب

امغار محمد
محام باحت في العلوم السياسية

(Amrhar Mohamed)

2022 / 12 / 21
دراسات وابحاث قانونية


تحديات التغطية الصحية للمحامين
بين اكراهات الواقع وتطلعات المستقبل

د محمد امغار
دكتور في العلوم السياسية
كاتب مجلس هيئة المحامين بالدارالبيضاء

تحظى نظم الحماية الاجتماعية بمكانة خاصة في المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان ولها مكانة بارزة خاصة بين اهداف الامم المتحدةت للتنمية المستدامة، حيث دعت الامم المتحدة مختلف الدول الى استحداث نظم وتدابير حماية اجتماعية ملائمة على الصعيد الوطني للجميع ووضع حدود دنيا لها، وتحقيق تغطية صحية واسعة للفقراء والضعفاء بحلول2030.
واظن ان المغرب سار الى حد ما في هذا الاتجاه خاصة في السنوات العشر الاخيرة ويتجلى ذلك في المبادئ الدستورية التي جاءت مع دستور 2011 والتي ذهبت المادة 31 منه الى ان: تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تهيئة كل الوسائل المتحة لتيسير اسباب استفاذة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في العلاج والعناية الصحية،الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي او المنظم من لدن الدولة .
واذا كان هذا هو الاطار الحقوقي المنظم والمكرس للحق في التغطية الصحية فان التغطية الصحية للمحامين عرفت مراحل مختلفة ارتبطت بالدرجة الاولى بالمكانة الاقتصادية والاجتماعية للمحاماة بالمغرب.
الاطار القانوني المحدد للتغطية الصحية للمحامين:
اسندت كل القوانين المنظمة للمحاماة بالمغرب منذ دخول هذه المهنة مع الحماية الفرنسية مهمة تدبير المشاريع الاجتماعية لمجالس الهيات او النقابات بحسب النص القانوني ظهير 10 يناير 1924 كاول قانون منظم لهيئة المحامين ومزاولة المحاماة بالمغرب ذهب في الفصل 17 منه والمعدل بظهير 18/2/1952 الى تكون لمجالس الهيئة الاختصاصات الاتية:
4) ادارة اموال الهيئة وعند الاقتضاء ادارة صندوق التامين المنصوص عليه في الفصل 30، وادارة واستخدام موارد الهيئة لضمان الاعانات المخصصة باعضاء الهيئة او باراملهم او بابنائهم سواء كان ذلك بدفع تعويض مباشر او بتاسيس صندوق للتقاعد.
6) تفرض حصص على اعضاء الهيئة، بعد استشارة الجمع العام اللهم الا اذا تعذر عقده، يخصص المتحصل منها لتامين الهيئة او المشاريع الاحتياطية او الاسعافية المؤسسة لفائدة اعضاء هذه الهيئة.
كما ذهبت المادة 19 من ظهير 18/5/1959 بشان تنظيم المحامين ومزاولة مهنة المحاماة الى نفس التوجه بحيث نصت على " ادارة اموال الهيئة وعند الاقتضاء ادارة صندوق التامين المنصوص عليه في الفصل 72 وادارة واستخدام موارد الهيئة لضمان الاعانات والمنح اوغيرها من المنافع المخصصة باعضاء الهيئة الحاليين واعضاءه السابقين او بازواجهم الباقين على قيد الحياة او ابناءهم سواء كان ذلك بدفع تعويض مباشر او بتاسيس صندوق للتقاعد او بالانخراط في صندوق للتقاعد مقبول قانونيا.
اما المرسوم الملكي لـ 19 دجنبر1968 فان الفصل 19 منه لم يتغير عن مضمونه للقانون السابق.
اما ظهير 8 نونبر 1975 والمتعلق بقانون رقم 79-19 المنظم لمهنة المحاماة فقد ذهب الى نفس التوجه ونصت المادة 115 منه في فقرتها 6 ان المجلس يختص بادارة اموال الهيئة وتحضير الميزانية وتحديد مبلغ الاشتراكات وادارة صندوق التامين عن الاقتضاء وانشاء وادارة مشاريع اجتماعية لفائدة اعضاء الهيئة وادارة واستعمال موارد الهيئة لضمان الاعانات والمنح وغيرها من المنافع المخصصة لاعضائها او لقدمائهم او لازواجهم الباقين على قيد الحياة او لاولادهم كان ذلك ببذل مساعدة مالية مباشرة او بتاسيس صندوق للتقاعد او بالانخراط في صندوق للتقاعد مقبول.
وذهبت المادة 85 من ظهير 10 شتنبر 1993 الى تاكيد ذلك حيث نصت في الفقرة السادسة على انشاء وادارة مشاريع اجتماعية لفائدة اعضاء الهيئة وتوفير الموارد الضرورية لضمان الاعانات والمعاشات لهم او للمتقاعدين منهم او لاراملهم او لاولادهم سواء في شكل مساعادات مباشرة او عن طريق تاسيس صندوق للتقاعد او الانخراط في صندوق مقبول للتقاعد.
كما اكدت مقتضيات المادة 91 من قانون 08-28 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة والمطبق حاليا على نفس المقتضيات السابقة.
وهذه المقتضيات التي ترسخت في القوانين المنظمة لمهنة المحاماة بالمغرب تستمد شرعيتها من المبادئ الحقوقية المنظمة لرسالة المحاماة على المستوى الكوني، بحيث ذهبت الفقرة 24 من المبادئ الاساسية بشان دور المحامين والتي اعتمدها مؤتمر الامم المتحدة الثامن لمنع الجريمة الى ان للمحامين الحق في ان يشكلوا وينضموا الى رابطات مهنية ذاتية الادارة تمثل مصالحهم وتشجيع مواصلة تعليمهم وتدريبهم وحماية نزاهتم المهنية ، وتنتخب الهيئات التنفيذية لهذه الرابطات من جانب اعضائها وتمارس مهامها دون تدخل خارجي.
وهذا هو ما يعرف في الادبيات المهنية استقلال مهنة المحاماة.
التجربة التاريخية لمجالس الهيئات بخصوص التغطية الصحية:
طرح اشكال التغطية الصحية بالنسبة للمحامين بالمغرب مع اثار سياسة برنامج التقويم الهيكلي الذي عرفه المغرب مع بداية سنة 1982 وتأثيراتها على التوظيف والقطاعات الاجتماعية وتراجع مكانة المحاماة اقتصاديا بالنظر الى الكم الهائل من خرجي الجامعة الذين التحقوا بالمهنة وتراجع مداخيل اصحاب البذلة السوداء خاصة مع التغيرات التي عرفتها الترسنة القانونية ظهير 1984 المتعلق بالتعويض عن حوادث السير نموذجا.
هذا اذا الى طرح اولويات الاهتمام بالملف الاجتماعي، وفي هذا الاطار يمكن استحضار انه خلال اجتماع عقده مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب بتاريخ 8 فراير 1986 بالرباط قدمت هيئة المحامين بالدارالبيضاء في شخص نقيبها السابق الاستاذ عبدالعزيز بن زاكور تقرير مقتضبا حول مشروع التقاعد المهني الذي تمكنت هذه الهيئة من ادخاله حيز التنفيذ.
كما انه ابرمت نفس الهيئة اي هيئة المحامين بالدارالبيضاء اتفاقية في نهاية غشت 1985 بين صندوق الايداع والتدبير من جهة والهيئة وجمعية الاداءات والخدمات التي تم تحويلها الى حساب الصندوق التعاضدي للتقاعد للهيئة .
كما تمكنت نفس الهيئة في اواخر سنة 1985 من ابرام عقدة مع احدى شركات التامين لتغطية وفاة الزملاء والامراض التي قد يتعرضون اليها وازواجهم.
سنة 1986 اتصلت رئاسة الجمعية بالشركة المذكورة وبالضبط بشهر يونيو 1986 وعبرت الشركة عن استعدادها لابرام عقدة مماثلة مع كل هيئة اخرى ترغب في ذلك شريطة انخراط نسبة معينة من اعضاء كل هيئة حسب اهمية عدد الزملاء المنتمين اليها هذه التجربة عرفت الى حد ما الفشل بالنظر ا لان المنخرطين اي الزملاء الذين ادوا واجب الانخراط كان محدود جدا الشيء الذي ادى الى التفكير في البديل.
البديـــــــــــــــل:
كان البديل هو خلق نموذج للتغطية الصحية بشكل تضامني ياخذ بعين الاعتبار الفئة النشيطة بفرض الدمغة على الملفات يخصص ريعها للتامين على الصحة والوفاة وهي التجربة التي سلكتها جل الهيئات منذ أواخر التامينات إلى سنة 2008.
استمرت تجربة التغطية الصحية بجل هيئات المحامين بالمغرب لدى شركات التامين المختلفة وشملت التامين على الحياة والتامين الصحي بشروط تكاد تكون واحدة بأغلب الهيئات، لكن هذه التجربة طرحت بشكل كبير معضلة التوازن المالي ما بين التغطية والأقساط الواجب أداؤها، بحيث ان جل شركات التامين كانت تطلب بمراجعة بنود العقد بحثا عن الربح، وأكثر من هذا فان ازدياد الوافدون على الهيئات من الزملاء الجدد كان يؤدي الى صعوبات حقيقية لاداء اقساط التامين ، الصحي،وعالبا ما يتم التغلب على هذا المعطى باستغلال واجبات التقييد في لوائح التمرين المفروضة على المرشحين من المتمرنين لتغطية العجز المرتبط بالتامين الصحي، او الرفع من قيمة الدمغة الخاصة وبطبيعة الحال فان طبيعة التغطية الصحية تختلف باختلاف الأقساط المؤداة من كل هيئة عن كل زميل بخصوص سقف التعويض وطبيعة الامراض المشمولة بالضمان.
وأكثر من هذا فان استبدال التعاقد مع شركات التامين لتامين التغطية الصحية غالبا ما يطرح اشكالية الزملاء المرضى عند التصريح بالانخراط.
ولإعطاء فكرة عن صعوبة الاستمرار مع شركات التامين التجاري بخصوص التغطية الصحية نقدم فكرة عن الديون المترتبة عن هيئات المحامين عند انهاء عقد التامين مع شركات التامين في شهر ابريل 2012 والتحاقها بالتعاضدية العامة لهيئة المحامين بالمغرب.
المبالغ المستحقة المبالغ المستحقة المبالغ المؤداة بعد الاتفاق على الفسخ وتخفيض الدين المبالغ المستحقة لفائدة المحامين وذوي الحقوق
شركة التامين 16000.000,00 5477908,30 4110740,17
شركة التامين 4320000,00 4320000,00 6162523,94
المجموع 20350000,00 9797908,00 10273264,40

اقساط التامين سنة 2011
الاقساط عن كل منخرط:
3800,00 درهم عن التامين عن المرض والتامين التكميلي.
600,00 درهم عن التامين عن الوفاة.
4400,00 درهم مجموع الاقساط من كل منخرط.
1950,00درهم عن كل زوج
1400,00 درهم عن كل طفل.
وبطبيعة الحال كان من الصعب جدا الاستمرار مع شركة التامين في إطار التغطية الصحية خاصة مع تزايد عدد المحامين والمحاميات واستقرار مداخيل الدمغة ان لم نقل تراجعها بالنظر للتعديلات التي مست النسق القانوني المغربي والذي ادى الى تراجع عدد الملفات والمساطير القانونية التي تؤدى عليها واجبات الدمغة الشيء الذي ادى الى تنزيل فكرة التامين التعاضدي.
التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب كبديل للتغطية الصحية لدى شركات التامين التجاري.

كان للدور التنسيقي لجمعية هيئات المحامين بالمغرب بين الهيئات وتزايد عن المحامين المسجلين بجداول هيئات المحامين بالمغرب الدور المحوري والمركزي المؤدي الى التفكير في الحد من النزيف المالي وعدم القدرة على مسايرة طلبات شركات التامين والتفكير في انشاء تامين صحي تعاضدي في اطار ظهير 187-57-1 المؤرخ في 12 نوفمبر 1963 والمتعلق بسن نظام اساسي للتعاون المتبادل والذي نصت المادة الاولى منه على ان جمعيات التعاون المتبادل هي هيئات لا تهدف الى اكتساب الربح وانما تعتزم بواسطة واجبات انخراط اعضائها للقيام لفائدة هولاء الاعضاء او عائلاتهم بعمل من اعمال الاسعاف والتضامن والتعاون مداره الضمان من الاخطار اللاحقة بالانسان.
وعلى مدار 14 سنة عرفت التعاضدية تطورات في خدماتها كما عرفت هزات بخصوص التوازن المالي الشيء الذي تطلب الرفع من الاقساط لتحسين الخدمات.
واظن ان نقط قوة التعاضدية انها تاسست في اطار ظهير 187-57-1 هذا في الوقت الذي اسندت التسيير الى القطاع الخاص المتمثل في سيكما تامين التي تولت الجانب التقني وبذلك تكون المحاماة قد اعتمدت على التضامن المهني لانجاح مشروع اجتماعي استفاذ منه بالدرجة الاولى المحامون ذوي الدخل المحدود او المرضى الغير قادرون على العمل اوارمل وايتام الزملاء المتوفون.
ومن نقط قوة التعاضدية كذلك على مستوى التغطية الصحيىة
امكانية توسيعها الى الوقاية من المخاطر الاجتماعية وجبر الضرر الذي قد يترتب عنها.
لم تحدد سقفا معينا للتعويض.
تغطي المنخرطين من المحامين وازواجهم مدى الحياة.
قبول المحامين واسرهم بالامراض السابقة.
امكانية التحكم في التوازن المالي من طرف الاجهزة المنتخبة للتعاضدية.
التغطية الصحية للمحامين واسرهم الان بين التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب والقانون رقم 15-98 المتعلق بالتامين الاجباري الاساسي عن المرض:

جاء القانون 15-98 المتعلق بالتامين الاجباري عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والاشخاص غير الاجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا كتنزيل لمدونة التغطية الصحية، التي تم تفعليها على الاجراء بالقطاعين العام والخاص وقد طرح القانون نقاش كبير خاص مع المحامين الذين اعتبروا ان القانون الجديد سيقضي على مكسب اجتماعي تم تاسيسه من طرف المحامين اعتمادا على مفاهيم التضامن المهني ويتعلق الامر بالتعاضدية العامة لهيئة المحامين بالمغرب وبعيدا عن الاسباب المؤدية الى تنزيل القانون بهدف ضمان التغطية الصحية الاجبارية للجميع فان تطبيق القانون على المحاماة سيؤدي الى العكس ذلك ان التطبيق سوف يضرب في العمق مبادئ التضامن المهني للمحاماة والتي ادت الى انجاح مشروع التعاضدية.
وسوف يقلص من الخدمات المرتبطة بالتغطية الصحية كما سوف تتضرر منه فئات كبيرة من مرتدي البدلة السوداء وارامل وايتام المحامون.
هذا بالاضافة الى المس بمبدأ الاستقلال الذي تقوم عليه مهنة المحاماة.

خلاصة:
التغطية الصحية للمحامين بالمغرب كرست في اطار قوانين المهنة التي اعطت الصلاحية لمجالس الهيئات لضمان هذه التغطية للمحامين.
مجالس الهيئات وبعد تجربة مريرة مرتبطة بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية تمكنت من احداث تامين تعاضدي وعملت على تطويره هذا التامين التعاضدي يعيش بدوره صعوبات مرتبطة بالعدد الكبير من الملتحقين بالمهنة وتراجع كبير في السوق المهني بالنظر للمنافسة المشروعة والغير المشروعة ويطرح تحدي كبير لضمان توازنه المالي هذا في الوقت الذي تتمسك فيه الدولة بضرورة تطبيق القانون الجديد 15-95 على كل المهن الحرة بما فيها المحاماة وتطبيق القانون معناه القضاء على مفهوم مبادئ التضامن المهني واستقلال المحاماة وتحولها الى مجرد حرفة قانونية تقنية مرتبطة بالسوق اكثر من ارتبطها بالعدالة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط