الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلاميذ بن عسقلة

عمار أسامة جبر
كاتب

(Ammar Jabr)

2022 / 12 / 21
المجتمع المدني


يحكى أنه وعلى فراش الموت أوصى -أحد كبار اللصوص في العهد العباسي- أدهم بن عسقلة، أتباعه وصية خلدها التاريخ*، وتوالت أجيال الشطار والعيار واللصوص الى أن وصلنا ﻷتباعه ومريديه في القرن ٢١، الذين ضربوا بعرض الحائط وصية كبيرهم بن عسقلة فانقلبت الآية، ليصبح العيارون والشطار هم علية القوم وأصحاب الحل والعقد، فلم يكن العهد بين العيارين والشطار إلا عهد شرف بينهم للأخذ من الغني المكتنز الذي اعتقدوا في تلك الفترة أنه يجوز الأخذ منه ﻷمتناعه عن أداء فرض الزكاة، وشرعوا في تنفيذ ما تعاهدوا عليه من نهب وسلب مع الحفاظ على الوصية الخالدة لبن عسقلة.

لكننا لو نظرنا إلى العساقلة الجدد، لوجدنا الحال غير الحال، فمن مريدين عرايا لا تسترهم إلى الخرق البالية، الى أثمن ما حاكته أيدي المهرة ولوجدناهم يخونون العهود وينقلبون على بعضهم، وتحولوا من تنظيم يعمل تحت مواثيق وعهود، الى جماعات وأفراد أغاروا وتغولوا على المال والعرض والشرف، وخانوا الأمانة والميثاق، وأحلوا الدماء في سبيل الدينار والدرهم وكل ما يلمع في نظرهم ذهب فهم غربان تُغير على كل شيء، ولا تجد في وجوههم حياء يذكر.

ويظن ظان أننا كدول عالم ثالث، نغرق في الديون التي لو عمل كل كهل وطفل وشاب وامراة لن نستطيع سدادها بأي طريقة، ولكننا لم ننظر إلى كروش العساقلة، كيف تنتفخ يوماً بعد يوم، ولا نجد على أبوابهم الى زبانيتهم وجلاديهم ومن يدورون في فلك العسقلة، لم يرضوا بالفتات والتقشف بل سرقوا أوطاناً بأكملها، وأمعنوا في الإفساد والتخريب، لم يبنوا ﻷوطانهم حجراً إلا وكان لهم فيه حسنة، والحسنة تضاعف بعشر أمثالها، وهي عند العساقلة بمليون حسنة.

ضاعت الأوطان وتشتت الخلق، وتغيرت الألسن التي تنطق ضاداً، حتى ما عدنا نميز ابن عمنا من غريمنا، مات بن عسقلة وماتت أخلاق وشرف العيارين والشطار -الذين لا أقر أبداً بصحة ما عملوه- لكن لص يسرق نصف ما يملك الرجل، ولص يحفظ أحاديث مروية عن كبار الأئمة ولص يسأل تاجراً عن مسائل في الزكاة ، ولص يحفظ أحوال اللصوص منذ النبوة الى عهد العباسيين، وبل الأعجب ما فعله أبو الهيثم الطرار الذي جلد ثمانية عشرة ألف جلدة ولم يعترف، حتى قيل أنه لو ادعى أحد العيارين النبوة لكانت معجزته تحمل وجع السياط، الذي أمسك بثوب إمام السنة بن حنبل، ويقول له تحملتها في سبيل الدنيا وغواية الشيطان فاصبر يا إمام على ما ابتليت طاعة للرحمن، ليدعو بن حنبل له بعدها، وإذا نظرنا عن يميننا أو شمالنا فهل نجد بين عيارين جلدتنا بن عسقلة أو أبو الهيثم أو عثمان الخياط وغيرهم من الذين الف فيهم الجاحظ كتاب أخلاق الشطار، ونقم عليه أبو منصور البغدادي وقال فيه "علم بها الفسقة وجوه السرقة".

أما لاتباع بن عسقلة القدامى من عودة!!

*وصية أدهم بن عسقلة: " أيها الأحبة لا تسرقوا امرأة ولا نبيلاً ولا جاراً، وإذا سرقتم بيت أحدهم فاسرقوا نصفه واتركوا له النصف الآخر ليعتاش عليه مع أهله، ولا تكونوا أنذالاً ولا ظلمة أو قتلة، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جوزيب بوريل يدعو إلى منح الفلسطينيين حقوقهم وفقا لقرارات الأ


.. تونس.. ناشطون يدعون إلى محاكمة المعتقلين السياسيين وهم طلقاء




.. كلمة مندوب دولة الإمارات في الأمم المتحدة |#عاجل


.. فيتو أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة




.. الجزيرة تحصل على شهادات لأسيرات تعرضن لتعذيب الاحتلال.. ما ا