الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عظماء واحلام مزعجة

عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)

2022 / 12 / 21
الادب والفن


لا ادري لماذا لا يتم التخلي عن الماضي بكل ما فيه من كنوز ورموز، لصالح الحاضر. ولماذا نقول انه كان لؤما من ملكة سبأ ان تتخلى عن الماضي وتتطلع الى الامل المشرق بمستقبل اكثر سعادة بلمح البصر وهي تتخلى عن انبهارها بحكمة سليمان وكنوزه وعجائبه، ولكن تخليها كان لصالح سليمان دون ان تعرف فخدعت نفسها وارتاحت لفكرة السعادة العابرة او القادمة وهي تراهن على حكمتها وقوتها دون تقدير منها بحكمة من هو خصمها.
ان برتراند راسل في كتابه عظماء واحلام مزعجة يجيب على كثير من الاسئلة التي ما تزال تؤرق العظماء الذين كان همهم الاوحد وما يزال هو السيطرة على كل الثروات، وتقليل عدد البشر على هذه البسيطة. الاجابة على السؤال جعلت الشعوب تمتلك قوى استقرائية على كيفية ربط الوقائع والاحداث بطريقة سلسلة للوصول للنظام الذي يحركها، بيدا انها تبقى اقوال لا افعال. الاحلام التي يتعرض لها راسل في كتابة (عظماء واحلام مزعجة) تستهدف قادة وعظماء جميعهم كان يرقد في الجحيم نتيجة لخطاياهم غير المبررة التي وقعوا بها او خوفا من الوقوع فيها. فما بين سياسة بسمارك التي تقوم على التلاعب بالجميع ضد الجميع بهدف واحد وهو استدامة النظام القائم والحفاظ على مصالحه، نجد بسمارك قد نجح في ان يترك وراءه دولة ذات اقتصاد قوي وجيش متقدم، لكنه فشل بإيجاد النخب الكفؤ لإدارة تلك الدولة.
اما سياسة مكارثي وحلم امريكا الذي ما يزال يؤرقها وهو تخليص بلادهم من العناصر غير المخلصة حتى يتمكنوا من العيش بسلام. فأن رضاهم المشروط على تقسيم العالم بين القوتين العظمتين قد اقلق امريكا ومنعها عن حلمها في سيادة العالم والسيطرة على كل الثروات والتحكم فيها، لذلك بدلا من ان نتوجه بالعرفان الى القائدين العظيمين اللذين حققا السلام للعالم لفترة طويلة من الزمن وهما مكارثي ومالينكوف كما جاء بالكتاب فأننا نأسف لان هناك افرادا غير حكماء عملوا على اشعال ما كان مسكوت عنه بالقضاء على كل الانجازات التي حققها الفرقاء معا. لكن ماذا عن اوروبا وهي تكرر فقدان منزلتها في سيطرتها على العالم حضاريا وسياسيا لصالح تبعيتها لأمريكا وماذا الشعوب التي تتهالك بتهالك استقرارها وامنها. لابد ان نذكر بما تنبأ به برتراند راسل: لا امل في النصر وان الحرب الى الابد، وما ينتظر الشعوب عقب الحرب لن يكون الا المجاعات والاضرابات.
الحقيقة ان كتاب عظماء واحلام مزعجة رؤية استشرافية لقضايا المستقبل والذي هو امتداد للماضي بكل ما فيه من حروب ونزاعات كانت واستمرت دون ان يكون هناك دافع لتغيير مسار الحياة لما هو مبهج وسعيد، واللقاءات التي كانت تجمع القادة لصلاح الحياة اصبحت مجرد مهرجانات فنية لا فن فيها ولا رسالة. في نهاية المقالة اقول بأنني استمتعت بالقراءة. شكر للمترجم (نصار عبدالله)، وقد ابدع بهذا النص الادبي الجميل. وان هناك دوما شيئا جديدا تحت الشمس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد