الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسباب الازدحام في بغداد وحلوله

سعد السعيدي

2022 / 12 / 22
الفساد الإداري والمالي


بعد المقالة التي نشرناها حول المجمعات السكنية واخرى سابقة قبلها بفترة حول ضخ السيارات بلا تخطيط الى الطرق ارتأينا كتابة هذه المقالة حول مشاكل الازدحام المروري في بغداد. وهي مشاكل يمكن حلها لو توفرت الارادة لها وحسن الادارة على عكس ما نراه حاليا من إهمال وتخبط ومحاولات لإلهاء الناس او تحقيق مصالح سياسية خاصة على حسابها وحساب مصالح البلد. وكل هذا هو ليس إلا الفساد بعينه. اننا هنا في هذه المقالة سنضع اسباب الازدحام كلها وحلوله بدلا من طرحها واحدة واحدة بشكل متباعد مما قد لا يؤدي الى توضيح المشكلة.

إن اسباب الازدحام في طرق وشوارع العاصمة هي كثرة السيارات في الشوارع علاوة على انعدام وفساد التخطيط. فقد فتحت حكومات 2003 ابواب استيراد السيارات تحت عنوان الاقتصاد المفتوح. ولم تقم بالتهيئة للامر من خلال تهيئة طرق وشوارع جديدة لتحقيق الانسيابية في المرور حيث جرى اهمال الامر تماما. ففي احدث احصائية لاعداد ما استورده العراق من سيارات تعود للعام الماضي قد وجدنا الرقم 85.4 ألف سيارة، وهو رقم كبير. النتيجة هو ما نراه من تكدس السيارات في الشوارع وتسببها بالازدحام وتعطيل مصالح الناس. من ضمن هذا الاستيراد العشوائي مما تسبب به الفساد وانعدام التخطيط تحت العنوان الآنف هو السماح باستيراد السيارات المعطوبة، وذلك كما يقال لرخص ثمنها بعد تصليحها. وهو امر غير مفهوم حيث يجري عندنا تجميع سيارات مشابهة. فاين المنطق في فتح باب استيراد السيارات مع وجود هذه المصانع ؟ وهو سؤال كنا قد طرحناه سابقا دون تلقي الجواب.

بالترابط مع مشكلة ادخال السيارات حدث بنفس الوقت اهمال واضح من كونه متعمد للنقل العام. إذ تقلصت او جرى تقليص واهمال خدمة النقل العام بالحافلات. ويبدو لنا ان الحكومة او الحكومات المتعاقبة تريد افادة تجار استيراد وتجميع السيارات من قواعدها الانتخابية على حساب المصلحة العامة. وإلا فليس لنا من تفسير آخر لهذا التصرف غير المنطقي والعديم الحكمة. فالنقل العام كان سيسحب اليه الكثير من الناس من اصحاب السيارات الخاصة مما سيؤدي الى تقليل اعداد السيارات في الشوارع وبالتالي حل جزء كبير من مشكلة الازدحام. فاضطرار الناس لاقتناء السيارات هو بسبب غياب النقل العام. وثمة اعتقاد بان اغلاق الطرق بالكتل الخرسانية كان سببا آخر لتعقيد مشلكة الازدحام في شوارع العاصمة.

من الاسباب الاخرى غير المباشرة التي تسببت بزيادة اعداد السيارات في الطرق هي مشكلة النازحين الى بغداد. فاستقرار هؤلاء من سكنة التجاوز والعشوائيات في العاصمة قد تسبب بالضغط على الطرق والبنى التحتية كما اسلفنا في مقالتنا السابقة. إذ تتبوأ بغداد المركز الرابع عالميا في المدن الاكثر اكتظاظا بالسكان مع احتوائها على 1300 عشوائية. وهي النسبة الاكبر في كل العراق. ايضا قد تركت الحكومات مدينة بغداد بلا طرق حلقية او حولية لامتصاص زخم المرور نحو الاطراف ولسحب سيارات المحافظات التي تجتاز المدينة نحو هذه الطرق. فحاليا لا يوجد إلا سريع محمد القاسم الذي تستخدمه هذه السيارات والذي يمر في وسط بغداد حيث يستخدمه سكان العاصمة ايضا. هذا كله يتسبب بالازدحام الذي يتفاقم مع كل حادث مروري يحصل. وهذا لا يمكن وضعه إلا بخانة الفساد حاله كحال اهمال النقل العام.

ويتردد في الاعلام هذه الايام امر اللجوء الى بناء قطار الانفاق في بغداد او المترو الذي يدعو اليه الكثيرون هو والقطار المعلق. نقول للجميع بان هذين المشروعين ليسا بديلان عن النقل العام على الطرق ولن يحلا مشلكة الازدحام بالتالي. وفي كل مكان في العالم ادخلا فيه كحلول الى الخدمة لم يجر هذا إلا بعد استنفاذ وسائل النقل الاخرى. بهذا فهما لن يحلا مشكلة استمرار الفساد وانعدام التخطيط في ضخ السيارات المستوردة ولا تلك المجمعة محليا الى الشوارع ولا مشكلة تقليص سيارات النقل العام حد الاختفاء. فغير امر التكاليف الباهظة لمثل هذه المشاريع فانهما سيحتاجان الى الكهرباء لتحريكهما. فكيف سيجري توفير هذه لهما بينما العراقي نفسه لا يحصل عليها إلا لسويعات في اليوم ؟ من الواضح انه يجري طرح الامر لالهاء الناس بالضبط مثلما كان يقوم به الكاظمي. كذلك فإن عمر حكومته هو عام واحد كما حددها هو بنفسه. فكيف سينفذ مثل هذه المشاريع التي تحتاج الى سنوات لانجازها في عام واحد فقط ؟ لذلك لن يقوم السوداني بتنفيذ هذين المشروعين او حتى احدهما كونهما يحتاجان الى اموال طائلة وهو لا يريد إلا إلهاء الناس لكسب الوقت.

ان الحل لهذه المشاكل هو بغلق باب الاستيراد بشكل تام او فرض ضريبة كبيرة على ادخال اية سيارة يصل الى نصف قيمتها والاعتماد فقط على المنتج المحلي. فمن غير الممكن الاعتماد على كليهما في وقت واحد ولا بد من اختيار احدهما. كذلك فثمة اخبارا جيدة مما وجدناه من خلال البحث وهو ان خط انتاج السيارات الايرانية قد توقف تماما في العراق بسبب العقوبات الامريكية المفروضة على منتجيها منذ العام 2015. وهو ما شمل حتى قطع غيارها. وكانت الانتقادات لهذه السيارات والنفور منها قد ارتفع في العراق بسبب تدني نوعيتها الشديد وسرعة تلفها مع سرعة استهلاكها لاجزاء غيارها. ويكفي البحث عن هذا الامر في الكوكل لمن يريد التأكد. لذلك فلا بد من منع استخدامها في العراق وإلغاء عقد تجميعها بالكامل وعدم الاعتماد على تقلبات السياسة. بموازاة هذا لا بد من سحب هذا النوع من السيارات من شوارع البلد واية اخرى مشابهة لتقليل اعداد السيارات وضغطها على الطرق مع ضرورة اعادة العمل بالنقل العام وهو ما يجب ايلائه الاولوية. وهذا طبعا بانتظار حل مشاكل الاكتظاظ السكاني.

ان اسباب ظهور هذه المشاكل وتراكمها هو ما ذكرناه في بداية المقالة. وهو الاقتصاد المفتوح الذي عملت حكومات 2003 بموجبه كعنوان لفتح ابواب استيراد السيارات. وهذا العنوان يعني توفير الارباح لصالح حفنة من اصدقاء هذه الحكومات من تجار الاستيراد مثل المدعو غدير العطار. وهو ايضا نفس المستثمر في خطوط التجميع في الشركة العامة للسيارات. وهذا الشخص له علاقة بخبير تزوير الشهادات الدراسية المدعو ابراهيم البغدادي من خلال مجلس الاقتصاد العراقي الذي يديره. وهو ما كشفناه في مقالة سابقة حول مشاريع المستشفيات المتلكئة بمعية الشركات الوهمية ونوري المالكي. وهذا البغدادي كانت له علاقة بحيدر العبادي سابقا وهيثم الجبوري لاحقا بطل السرقات المعروف والقابع حاليا خلف القضبان. هكذا نرى كيف ان الامر يتعلق بتطمين مصالح الفاسدين على حساب المصلحة العامة مما تجيده حكومات 2003.

لا تغيب الحلول لمشاكل العاصمة المذكورة هنا. لكنها لن ترى الضوء طالما فضّل الناس النوم والتملص من الضغط على المسؤولين للعمل بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة