الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولادة المسيح بين الأنجيل والقرآن .. وأنقلاب النصوص

يوسف يوسف

2022 / 12 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ولادة المسيح بين الأنجيل والقرآن .. وأنقلاب النصوص
مقدمة :
أن مولد السيد المسيح ، تعتبر ولادة حداثوية لفجر البشرية - في الخلاص والتضحية والغفران والأخاء ، ولفلسفة الحياة أيضا ، ويمكن القول ، هناك فاصل تاريخي لكل الأحداث والوقائع .. التي سبقت الولادة والتي أعقبت الولادة . وسوف لن أناقش ما جاء بالأناجيل / حول الولادة ألا أذا أقتضى الأمر ، ولكني سأبحث بأمر الولادة في القرآن ، وما تأسس عليها . الموضوع :
أولا - سأنقل بأختصار ما جاء في أنجيل لوقا حول ولادة يسوع المسيح ، } البشارة بميلاد يسوع ( لوقا 1: 26 – 38 ) أرسَلَ اللهُ المَلاكَ جِبرائيلَ إلى بَلدَةٍ في الجَليلِ إِسمُها النـّاصِرَةُ ، إلى عذراءَ إِسمُها مَريَمُ ، كانَت مَخطوبَةً لِرَجُلٍ مِنْ بَيتِ داودَ إِسمُهُ يوسُفُ . فدخَلَ إليها المَلاكُ وقالَ لها : ( السَّلامُ علَيكِ ، يا مَنْ أنعمَ اللهُ علَيها . الرَّبُّ مَعكِ ) . فاضطرَبَت مَريَمُ لِكلامِ المَلاكِ وقالَت في نَفسِها : ( ما مَعنى هذِهِ التَّحيَّةِ ؟ ) فقالَ لها المَلاكُ : ( لا تَخافي يا مَريَمُ ، نِلتِ حُظْوةً عِندَ اللهِ : فسَتَحبَلينَ وتَلِدينَ اَبنًا تُسَمِّينَهُ يَسوعَ . فيكونُ عظيمًا واَبنَ اللهِ العَليِّ يُدعى ، ويُعطيهِ الرَّبُّ الإلهُ عرشَ أبـيهِ داودَ ، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ إلى الأبدِ ، ولا يكونُ لمُلْكِهِ نِهايةٌ ! ) فقالَت مَريَمُ لِلملاكِ : ( كيفَ يكونُ هذا وأنا عَذراءُ لا أعرِفُ رَجُلاً؟ ) فأجابَها المَلاكُ : ( الرُّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ ، وقُدرَةُ العليِّ تُظَلِّـلُكِ ، لذلِكَ فالقدُّوسُ الّذي يولَدُ مِنكِ يُدعى اَبنَ اللهِ . ها قَريبَـتُكِ أليصاباتُ حُبلى باَبنٍ في شَيْخوخَتِها ، وهذا هوَ شَهرُها السّادِسُ ، وهيَ الّتي دَعاها النّـاسُ عاقِرًا . فما مِنْ شيءٍ غَيرَ مُمكنٍ عِندَ اللهِ ) . فقالَت مَريَمُ : ( أنا خادِمَةُ الرَّبِّ : فَلْيكُنْ لي كَما تَقولُ ) . ومَضى مِنْ عِندِها المَلاكُ ..

ثانيا - ومن سورة مريم ، سوف أنقل بعض الآيات ، التي خصها القرآن حول ولادة السيد المسيح ( �﴾ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا �﴾ فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا �﴾ قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا �﴾ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا �﴾ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا �﴾ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا �﴾ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ �﴾ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ �﴾ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ �﴾ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ) . والآية التالية ، تشير الى أن المسيح " كلمة الله و روح منه " ( أنما الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ.. / 171 سورة النساء ) .
القراءة الأولية / ظاهرية النص :
السرد النصي الظاهري لولادة المسيح في القرآن ، كان آية ، بالرغم من أنه لا يتفق مع النص الأنجيلي . فالسرد به أعجاز ولادي للمسيح ، ووصف بأسمى الآيات منها ( وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا / 50 سورة مريم ) ، وهنا تأكيد على أن المسيح حي ! ، وكذلك على أنه ( رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ / 171 سورة النساء ) ، وهنا أعتراف على أن المسيح كلمة الله وروحه ، و " كلمة الله " أتفاق بشكل أو بأخر مع العقيدة المسيحية ، ( " في الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ." / أنجيل يوحنا 1.1) ، كذلك بالنسبة للعذراء مريم ، التي خصها القرآن بسورة منفردة كاملة تماما ، ووصفت العذراء مريم بأسمى الأوصاف ( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ / 45 سورة مريم ) .. وغير ذلك من الصفات للمسيح ولأمه العذراء .
القراءة الثانية / الرأي الشخصي للكاتب :
1 . تساؤل الأولي ، لم أسهب القرآن تفصيلا في ولادة المسيح ، ولماذا أضفى عليه الكثير من الأوصاف المقدسة / كلمة الله وروح منه وسلام علي .. ، وبذات الوقت على أمه العذراء ، التي خصص لها سورة كاملة لها أستثناءا من دون نساء آل محمد ! ، ولكنه وقع في ألتباس بنسبها ، " المصادر المسيحية تقول : مريم العذراء بنت يواكيم وأمها تدعى حَنّة ، أما مريم بنت عمران / أخت هارون وموسى - وفق وصف القرآن ، هي غير مريم أم المسيح ـ فبينهما مئات السنين - وهذا ليس موضوعنا ! . " . ولكن الأشكال الأهم : لما كان القرآن من عند الله ( فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ / 22 سورة البروج ) ، فكيف تخطأ المعرفة الألهية في قضية الأنساب ! ؟ ، ومنها نسب مريم العذراء والدة المسيح .

2 . في ذات الأمر لم لم يركز القرآن على ولادة محمد / رسول الأسلام ، وركز على ولادة المسيح بأسهاب ! - فالمصادر الأسلامي تعزي ذلك ، الى أن ولادة محمد " كانت طبيعية " ، فقد جاء في موقع / صيد الفوائد ، التالي ( وإن دارس القرآن يدرك أن القرآن لم يذكر قصة مولد النبي ، لأنه كان مولداً طبيعياً .. ) ، ولكن بالرغم من ترقيع المفسرين حول سبب عدم ذكر ولادة محمد في القرآن / لأنها كانت ولادة طبيعية ، ولكني أرى أن ذكر ولادة المسيح بهذه الهالة ، لم يكن ذكرا عاديا .

3 . يضم الموروث الأسلامي أشارات على أن المسيح " طاهر " ، ولم يوصف بها محمد ذاته ، ويمكن أن أرجع ذلك الى أن المسيح ، لم يرفع سيفا ولم تتلطخ يداه بدم أي أحد ! ، فقد جاء في موقع أسلام ويب / تفسير الطبري ، التالي ( وأصل " المسيح " ، " الممسوح " ، صرف من"مفعول" إلى"فعيل" . وسماه " الله " ، بذلك لتطهيره إياه من الذنوب . وقيل : مسح من " الذنوب والأدناس " التي تكون في الآدميين ، كما يمسح الشيء من الأذى الذي يكون فيه ، فيطهر منه . ولذلك قال مجاهد ومن قال مثل قوله : " المسيح " الصديق ) . وأرى أن توصيف المسيح / تحديدا ، بانه ممسوحا من " الذنوب والأدناس " ، مقولة تعني أن غيره كان غير ممسوحا ! .
القراءة الثالثة / الأنقلاب :
أ . مما سبق يؤشر لنا مكانة مميزة للمسيح ولأمه ، ولقومه وتابعيه ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ / 55 سورة آل عمران ) ، ولكن من جانب أخر ، حدث أنقلابا في الموروث الأسلامي عامة ، حيث جاءت آيات وأحاديث تنهي عن كل دين عدا الأسلام / بما فيها المسيحية ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ / 19 سورة آل عمران ) ، و الانكى من كل ذلك الحديث التالي ( عَن ابن عُمَر : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ مُتفقٌ عليه . ) . هنا رسول الأسلام أنهى كل شك في ( أسلمة أتباع الأديان الأخرى ) قتالا وبقوة السيف .. أذن ما هو وضع نصوص القرآن السابقة ! .

ب . تساؤل .. أين مقام المسيح وقومه وأتباعه من كل ذلك ! ، ولم القرآن يعزز علو مكانة المسيح وقومه بنصوص ، ومن ثم ، يحدث أنقلابا بالموروث الأسلامي / نصوصا وأحاديث ، بكل مما ذكر ، وذلك بألغاء المسيحية كدين ، وحتى أسلمة المسيح ذاته ، فقد جاء في موقع الألوكة ، الحديث التالي ( " ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً " ، عَن أبي هُرَيْرَةَ قال : قَالَ رَسُولُ اللّهِ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَماً مُقْسِطاً ، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ". . ووفق تفسير الطبري " وقيل : لا يقبل من أحد الجزية ، وإنما القتل أو الإسلام " ) . وهنا نشهد أنقلابا أخرا ، فالمسيح بنفسه يفرض الجزية على من لم يسلم وألا يقتل - وحتى لو الفرد كان من أتباعه !! ، وهنا يبتعد المنطق والعقلانية في مقارنة النصوص السابقة بالنصوص اللاحقة .
أضاءة :
من كل مما أسلفت ، يتبين لنا أن مدونوا القرآن اللاحقون ، لم يطلعوا على ما دون الأولون من نصوص ! ، وذلك لتعدد المدونون وتباين مرجعياتهم وخلفياتهم العقدية - وهذه أشكالية لا يمكن ترقيعها ! . أو أن مدونوا القرآن اللاحقون أدركوا بأن النصوص اللاحقة ، لا بد أن تركز على الدعوة المحمدية ، وعلى الدين الجديد - وما ذكر سابقا قد ذكر ، ومن ثم ترك الباب على مصراعيه ، للمفسرين والفقهاء ليرقعوا الأمر للنصوص السابقة وفق أجتهادهم ! . أحتمالية أخرى أن المدونون الأولون كانوا ذو أنتماء نصراني ، فدونوا نصوصا وفق عقيدتهم ! / لذا كان هناك تمجيدا للمسيح وأمه العذراء مريم ، هذا أيضا ، يمكن أن يعتبر أمرا واردا ! . لأجله كانت النصوص الأخروية تمثل أنقلابا على ما دون به الأولون من نصوص ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #