الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أسطورة عروبة إمازيغن الى أسطورة الأصل الأمازوني

كوسلا ابشن

2022 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


(حتى ولو طارت فهي معزة), هذا مثل موركي للدلالة على التعصب الأعمى و الجمود الفكري. الشوفين "العرب" يسري عليهم هذا المثل, فالتعصب للمسلمات أعمتهم عن رؤية الحقيقة, و لا يقبلون التصديق بالأبحاث و الإكتشافات العلمية المتناقضة مع الرويات و القصص الخرافية المزروعة في دماغهم.
المونديال الأخير أعاد النقاش حول الهوية القومية لبلاد الأمازيغ بين الأحرار الأمازيغ و قوى التضليل الإيديولوجي الإستعماري. الأمازيغ الى اليوم لا يملكون وسائل الدفاع عن بلادهم و هويتهم الثقافية و اللغوية إلا الإعلام و الإحتجاجات و الإنتفاضات السلمية, بأسلوب الكتابة و الكلمة يتصدى الأمازيغ للترسانة الحربية الإستعمارية المقسمة بين إذاء الجسد و هول التضليل الإيديولوجي.
المونديال "العربي" كما يحلوا لهم تسميته, رفع الغشاوة على عيون العرب و أدركوا أن الأمازيغ ما زالوا لا يقرون بأمر الواقع الذي خلقه الإجتماع الكولونيالي بمورأكوش سنة 1989, بتسمية بلاد الأمازيغ ب"المغرب العربي", خصص الكولونياليون أرض الأمازيع للعرق "العربي" اللاوجودي. الإستيقاض المرعب, دفع المتحمسين للعروبة الى إعادة قصص الإخباريين الخرافية, عن أصول الأمازيغ. يقول البروفسور غابرييل كامبس عن الجدل الخرافي في البحث عن أصول الأمازيغ: " ينذر أن تجد أقواما قد جرى البحث في أصولها من الإجتهاد والتلفيق بقدر ما حدث مع البربر. فقد كانت الروايات تتداول مع أقدم العصور في أوساط العلماء ولدى رواة الأساطير عن أصول سكان شمال افريقيا" (البربر ذاكرة وهوية, ص.53) ترجمة عبد الحليم حزل. ويضيف كامبس " نفي المؤلفون المعاصرون من الأوروبيين في انقسام شديد لوقت طويل حول البربر, ومهما اصطنع هؤلاء المؤلفون من "الحجج" العلمية في دعم ما جاءوا به من فرضيات فإنهم لبثوا على قدر سابقيهم في العصور القديمة و القرون الوسطى ركونا الى الخيال, وربما فاقوهم جموحا فيه" نفس المصدر(ص. 63).
كامبس المتخصص في تاريخ بلاد الأمازيغ فند و رفض كل الأطروحات الخيالية حول الأصل الخارجي للأمازيغ, و إستهزاءا من الفرضيات الميتافيزيقية لأقلام المدرسة الكولونيالية, يقول: "عن أصول البربر, قد نسبوهم الى المشرق بمعناه الواسع (الميديين والفرس), و سوريا وبلاد كنعان, والهند , وشبه الجزيرة العربية و طراقيا, وبحر إيجة, و آسيا الصغرى, كما نسبوهم الى شمال أوروبا, وشبه الجزيرة الأيبرية, وجزر الكناري, وأشباه الجزر الاطاليا... و الأصعب من ذلك كله, ان الأصل المشرقي و الأصل الأوروبي عنصران لا يمكن الإعداد بهما هما الإثنان, وقد سبق لنا أن تعرفنا عليهما في الروايات الأسطورية للعصور القديمة, وفي الشروح الإرتجالية التي ظهرت في الزمن الحديث, و مما يؤسف له أن الأطروحتين تعانيان من عيوب و نواقص تجعل من الصعب القبول بهما", نفس المصدر (ص. 74).
الصراع "النظري" بين المدرستين الإستعماريتين لإيجاد الموطن الخيالي للشعب الأمازيغي خارج جغرافيته الأصلية و التاريخية, يكمن في هدف واحد و هو البحث عن الشرعنة الأخلاقية لإحتلال بلاد الأمازيغ. أما حقيقة الإثبات أصول الأمازيغ, فقد تحدث عنه أبو التاريخ هيرودوت ( القرن الخامس ق.م.), في كتابه التواريخ, وعن ما قاله عن الأمازيغ نستشهد بكتاب " أحاديث هيرودوت عن الليبيين (الامازيغ)", ترجمة وتعليق و شرح د. مصطفى اعشي, يقول:" فقرة 197: هؤلاء هم الليبيون الذين تمكنا من معرفة أسمائهم, أغلبهم لا يبالي ولا يهتم بملك الميديين. ففي هذه الأرض بقي لي أن أقول, وحسب معرفتنا, انها مؤهولة بأربعة شعوب لا أكثر: شعبان أصيلان وشعبان أجنبيان, الأصيلان هم الليبيون والاثيوبيون, يستوطن أحدهما شمال ليبيا والآخر جنوبها. الأجنبيان هما الفينيقيون والإغريق".
أبو التاريخ هيرودوت يأكد محلية الشعب الليبي(الامازيغ), بأنه أصيل, و يتحدث عن الفينيقيين و الإغريق بأنهم أجانب في شمال افريقيا. أبو التاريخ يتحدث عن آصالة و محلية الليبيون (الأمازيغ) و ذكر جيرانهم الأثيوبيون (السود). كما يذكر الأجنبيين بالتحديد و بالإسم و هما الفينيقيون و الإغريق. و عن الحقيقة العلمية لمحلية الشعب الأمازيغي, التي لا تسردها الروايات الشعرية المتخيلة, فقد كشفت المعرفة اليقينية المتجلية في الإكتشافات الآثرية, و في علوم الأنتروبولوجية و علم الجينات عن الخبر اليقين الذي صعق المدارس الإستعمارية, هو الإكتشاف الآثري العظيم. أن أب (الجمعي) الأمازيغ و أب البشرية, أكتشف بجبل إيغود (جبال الأطلس), وقد عمر هذه الأرض قبل 300 ألف سنة, ومن هذه الأرض المباركة أنطلقت جماعات من الإيغوديين لتعمير العالم الواسع. هذا الإكتشاف العظيم يبرهن أزلية الشعب الأمازيغي (أحفاد الإيغوديين) في بلاده تامازغا (شمال افريقيا), كما برهنت إكتشافات مغارة الحمام في تافوغالت و إفري نعمر قرب أيت ناظور و إكتشافات آخرى عن إستمرارية نسل إيغود في تامازغا (شمال افريقيا). الأمازيغ شعب محلي تامازغوي, لم يهاجر لا من الشرق و لا من الغرب. كما أن علم الجينات فند الرويات و الأساطير العروبية, و جعل العروبيون في حالة لا يحسدون عليها. و لصحة معلومات علم الجينات, أصبح هذا العلم من المحرمات الآلهية. و لوضع حد لخرافة الأصلي العربي للأمازيغ, فعلم الجينات يؤكد أن الامازيغ حاملين للوصفة الوراثية: أ1 ب 1ب1ب. اما الوصفة الوراثية للعرب فهي: ج1, فلا تقارب بينهما.
تاريخ المغلوب يكتبه الغالب, و نحن تحت نير الإستعمار وتحت الحكم الأجنبي الظالم العنصري المستبد, فلا نستبعد من تلاميذة المدرسة الكولونيالية, في السير في درب معلميهم بالبحث في أساطير أصول الأمازيغ التي أوصلت التلاميذ الى بحيرة قزوين و الأصل الأمازوني (الأمازونيات). جهل بعض التلاميذ أو القراءة الخاطئة للنصوص الإغريقية حول الأمازونيات, أوهم رواة القصص الى الإدعاء أن "قبيلة الأمازون" هاجرت الى شمال افريقيا وهم أنفسهم الأمازيغ. الخطأ أن الإغريق و غيرهم تحدثوا عن أسطورة الأمازونيات و هن نساء محاربات منعزلين عن الرجال, و ليس أن الأمازونيات هم أمازيغ هاجروا من قزوين. والأمازونيات إرتبطن بمناطق متعددة كآسيا وشمال أفريقيا و حتى أمريكا الجنوبية كما ذكر فرانسيسكو دي أوريلانا, بأنه قابل نساء محاربات (الأمازونيات) على ضفاف النهر الذي مساه بالأمازون نسبة الى الأمازونيات. أما الأسم الأمازونيات فالإغريق أرجعوه الى اللغة اليونانية, إلا أن الكثير من المفسرين أرجعوه الى الأصل الأمازيغي, لتقارب الإسمين و كذا أميسية المجتمع الأمازيغي الذي عرف القيادة النسوية. خرصة القول أن الأمزونيات, النساء المحاربات وجدن في أكثر من بلاد ولم تهاجرن الى شمال افريقيا, و أن بلاد الأمازيغ كان له أمازونياته الخاصة, أمثال تيهيا العظيمة.
إنغلاق النسق التخميني للمدرسة الكولونيالية العروبية, أصاب معتنقي ايديولوجية العروبة بمرض الشوفينية, قسموا الكرة الأرضية الى عالم خاص (العالم العربي), و صنعوا عالم الشعوب و هو عالم المؤمرات و الفساد و الشر. الإنغلاق البنيوي حافظ على جمودية البنية من الهزات الخارجية, وخصوص بعد بروز حركات التحرر المفككة للبنية التخيلية و تحطيم الطوطيم المصنوع (العالم العربي). كان المونديال الحدث و لحظة إنفجار الحقد العرقي ضد الأمازيغ خاصة, لأن الأمازيغ أصابوا البنية المنغلقة في جوهرها بتفكيك فكرة ورقية "المغرب العربي" و بالتالي سقطت عروبة أسود الأطلس, و كان لصوت الأمازيغ, إننا لسنا عرب و بلادنا ليست بلاد العرب و الأسود ليسوا عربا, صدى في العالم إننا إمازيغن و أرضنا بلاد الأمازيغ منذ الأزل و الى الأبد. كان رد مرضى التعصب العرقي العروبي سيل من الشتم و السب و الهلوسات و الإختلاقات و الأكاذيب و خصوصا إفتراءات أهل فلسطة, التي ربطت شعبنا بالصهيونية أكثر من اليهود, و إتهمت شعبنا بالعمالة للإمبريالية و الخيانة للإجماع العروبي. للمعلومة أن دماء الأمازيغ تجري في عروق بعض أهل فلسطة. السذج الأمازيغ قاتلوا مع الأيوبيين في ما يسمى الحروب الصليبية, وعرفانا لبسالتهم في الدفاع عن المسجد الأقصى, بنى لهم صالح الدين الأيوبي, حارة بجانب المسجد تسمى حارة المغاربة. كنا في ثمانينات من القرن الماضي, كما أتذكر نملأ الشوارع دفاعا عن قضية أهل فلسطة في حملات البيع النضالي أو لجمع التبرعات أو في حلقات النقاش لإيصال الى شبابنا قضية فلسطة. و للحقيقة مازال الكثير من شبابنا اليوم ضحية مرض السيندروم ستوكهولم, ما دام الآخر لا يعترف بنا و يحاربنا بأساليبه اللاأخلاقية, و شبابنا يدافعون عن هؤلاء الآخرين, و في الوقت الذي يعاني فيه شعبنا من الإضطهاد القومي و الإجتماعي الممارس ضدهم من طرف زمرة العروبة, عملاء النظام الإمبريالي.
نحن إمازيغن و بلادنا أرض أمازيغية, و زمن تحريرها من العروبة الإستعمارية يقترب ولو بخطوات السلحفاء.
المجد و الخلود لشهداء القضية الأمازيغية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم