الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس على عتبات سنة 2023

الطاهر المعز

2022 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ظروف انتخابات تونس 17 كانون الأول/ديسمبر 2022
كانت مُشاركة المواطنين ضعيفة في انتخابات 161 نائبًا بالبرلمان الجديد، يوم 17 كانون الأول/ديسمبر 2022، ولم تتجاوز 8,8% من المُسجّلين، وفق الهيئة المُشرفة على الإنتخابات، بعد أن أعلن الرئيس قيس سعَيّد حل البرلمان السّابق، يوم 25 تموز/يوليو 2021، وتُشير نِسْبَةُ المُشارَكة الضعيفة إلى غياب الرّهان أو إلى عدم الإيمان بجدوى الإنتخابات، وفق قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل، وليس استجابة لنداء المُقاطعة الذي أصدره الإئتلاف الحاكم قبل 25/07/2021، أو بعض التيارات الأخرى التي تُعارض شكل الحُكْم الحالي. أما بالنسبة للسلطة فإن الإنتخابات تُمثّل أحد شُرُوط الدّائنين، لإضفاء شرعية على السّلطة ومؤسّساتها، قبل الإفراج على القسط الأول من قَرض أقَرّه صندوق النقد الدّولي يوم 15 تشرين الأول/اكتوبر 2022، بقيمة 1,9 مليار دولار...
تُشكّل البطالة والفقر وارتفاع الأسعار أهم مشاغل أغلبية المواطنين، فقد قاربت نسبة التضخم الرّسمية المُعْلَنة 10% واختفت بعض السّلع الغذائية الأساسية من السّوق كالحليب والسّكّر والطّحين (الدّقيق) والأرز، وقد يتفاقم الوضع إثْرَ التطبيق الصّارم لشُرُوط الدّائنين، وفي مقدّمتهم صندوق النقد الدّولي الذي فَرَضَ "توسيع القاعدة الضريبية" أي تحصيل المزيد من الضّرائب المباشرة ( منها فرض ضرائب على القطاع الموازي) والضرائب غير المباشرة على الخدمات واستهلاك السِّلَع، بدَل زيادة ضريبة الممتلكات والعقارات وأرباح المصارف والشّركات وأصحاب المِهَن المُسمّاة "حُرّة".
يقدر مكتب العمل الدولي أن القطاع الرسمي يستوعب أكثر من نصف العمال التونسيين، ويُمثّلُ نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وأظْهَرتْ تجربة الدول الأفريقية أن فرض الضريبة على هذا القطاع غير فعال، ولا يولد سوى عائدات ضريبية قليلة للدولة، ومن الأفضل فرض ضرائب على الميراث والممتلكات المادية، وإلزام الشركات والمحامين والمحاسبين وأطباء الأسنان والتجار أو الشركات الخاصة الأخرى بتسجيل جميع إيراداتها وموظفيها لدى الضمان الاجتماعي.
يُعَدُّ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مؤشرًا على توجه البرنامج الاقتصادي في عهد قيس سعيدن إذْ يتماشى مضمون الاتفاقية مع الاتفاقات السابقة التي أبرمها صندوق النقد الدولي مع حكومات تونس والبلدان المُماثلة، والتي تتضمّن تخفيض حجم رواتب القطاع العام (أي خفض عدد الموظفين) وخفض أو إلغاء الدعم للسلع والخدمات الضرورية والأساسية وتخفيض الضرائب والرُّسوم الجمركية وغيرها من "الهدايا" "المُسمّاة "حوافز" للشركات والأثرياء... باختصار، لا تعني "الإصلاحات "التي يفرضها صندوق النقد الدولي للمواطن سوى زيادة في تكلفة المعيشة وخفض الإنفاق الحكومي في مجالات الصحة والتعليم والخدمات العامة وخصخصة القطاع العام جزئيًا أو كليًا...
أعلنت وزارة الاقتصاد التونسية، إن ميزانية البلاد سترتفع %14,5 سنة 2023 إلى 69,6 مليار دينار (22,3 مليار دولار )، وتستوجب تغطية العجز قُرُوضًا خارجية بقيمة 4,53 مليار دولارًا، ويُتَوَقَّعُ أن تسجل خدمة الدين العمومي زيادة بنسبة 44,4% مقارنة بالعام 2022 باعتبار ارتفاع نفقات تسديد أصل وفائدة الدين، بحسب وكالة تونس إفريقيا للأنباء بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 2022...
إن إلقاء نظرة سريعة على ما تم تسريبه بشأن ميزانية العام 2023 (التي لم تنشُرها بَعْدُ وزارة المالية، إلى غاية يوم 23 كانون الأول/ديسمبر 2022) تُؤَكّد ما ينتظر المواطنين من تدهور الدّخل، مقارنة بارتفاع الأسعار، وإن العام 2023 سيكون أكثر صعوبة، وفق وثائق الحكومة التونسية التي أقَرّت أن نسبة النمو لن تتجاوز 1,6% سنة 2023، وأن الوضع لن يختلف عن العام الحالي (2022) بل قد يكون أَسْوَأَ، بعد رفْع قيمة الضريبة غير المباشرة (ضريبة الإستهلاك أو "القيمة المضافة") ورفع الدّعم عن المواد الأساسية، وارتفاع أسعار المحروقات التي زادت خمس مرات، بين شَهْرَيْ شباط/فبراير وتشرين الثاني/نوفمبر 2022، كما ورد في وثيقة مشروع الميزان الاقتصادي: "إن سنة 2023 هي السنة الأولى لتطبيق الإصلاحات الإقتصادية للمخطط التنموي 2023/2025..." الذي يتوقع ارتفاع المخاطر والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية وتباطؤ النشاط في قطاعات الفلاحة والصناعات الموجهة للتصدير، وتراجع إنتاج قطاع المحروقات، كما أكدت وثيقة المشروع على حاجة الحكومة لمبلغ لا يقل عن 1,675 مليار دولارا من أجل "تحسين مناخ الأعمال والمبادرة الفردية بما يسمح بتوفير بيئة استثمارية جاذبة وملائمة لاستقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية"، أي مزيدًا من "الهدايا" المَجانية لرأس المال المحلِّي والأجنبي، من خفض الضّرائب والرسوم الجمركية والمِنَح في شكل عقارات مجانية وتهيئة عمرانية وبُنْيَة تحتية تُنفذها الدّولة من ضرائب المواطنين، لتستفيد منها الشركات المحلّيّة والأجنبية، بينما تتواصل معاناة المواطن من ارتفاع الأسعار، منها أسعار الكهرباء وماء الشُّرْب، ومن شحّ الوظائف...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا