الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية البحث العلمي... تنافي الضمان

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2022 / 12 / 25
دراسات وابحاث قانونية


اصدرت محكمة بداءة الكرخ حكما نوعياً بموجب قرارها المرقم ( ٢٩١٢ / ب/ 2022 ) في ٩ /١٠ / ٢٠٢٢ اعتبرت فيه الاراء والانتقادات العلمية الصادرة من الباحثين والمفكرين حقا مشروعا لا يعد خطأ يمثل احد أركان المسؤولية التقصيرية ، وبالتالي غير موجبه للتعويض لمن كان النقد أو الرأي العلمي موجها له ، في دعوى تتلخص وقائعها بأن احد الباحثين في معهد العلمين للدراسات العليا قد انتقد في رسالته العلمية الموسومة ( الإسلام السياسي في العراق بعد عام ٢٠٠٣ _الحزب الاسلامي انموذجا ) حيث انتقد الباحث الامين العام للحزب المذكور مما دفع الاخير لاقامة دعوى ضد الباحث مطالبا اياه بالتعويض معتبرا هذا الانتقاد بمثابة اتهام له بالعمالة الخارجية طالبا الزام الباحث بالتعويض عن الضرر المعنوي الذي أصابه من جراء هذا الاتهام مما شكل اساءة وتهديد له ولعائلته ، وبعد اطلاع المحكمة على الرسالة المذكورة لاحظت ان الباحث تناول تجربه الحزب الاسلامي ودوره السياسي طيلة مرحلة الدولة العراقية الحالية وبين الباحث رؤيته في كيفية ادارة الدولة وفيما اذا كانت إدارته مؤهله لادارة الدولة مع الاحزاب السياسية الاخرى ، كما بين الباحث موقفه من الدولة الدينية والدولة المدنية والمسؤوليات التي تسلمها الحزب لادارة الدولة العراقية بعد عام ٢٠٠٣ ، وقامت المحكمة باحالة البحث لثلاث خبراء الذين قدروا مبلغ التعويض في تقريرهم بمبلغ خمسه ملايين دينار باعتباره ( تطييب خواطر المدعي ) نتيجه مادونه الباحث بحق المدعي ( امين عام الحزب ) وتم ذكر اسمه في أكثر من موضع في البحث واتهامة بالانشقاق عن قائمة حيدر العبادي التي فاز بها بمقعد نيابي والانضمام لقائمة فتح وقطع خطوط تواصله مع القوى السنية العراقية واعتبار ذلك رصاصة الرحمه في جسد الحزب الاسلامي العراقي ، إلا أن المحكمة لم تاخذ بتقرير الخبراء الثلاث وردت دعوى طلب التعويض معتبرة اراء الباحث لاتشكل خطأ وبالتالي تنتفي احد أركان المسؤولية التقصيرية الموجبة للتعويض حيث جاء في حيثيات قرارها ( ... وتجد المحكمة ان المدعي قد تناول في بحثه تجربه الحزب الاسلامي العراقي بعد عام ٢٠٠٣ ، وبالتالي فهو تناول حال الحزب وتجربته الحالية وما يترتب على ذلك من معظم قيادات ومفكريه لازالوا أحياء، وان ذلك لاينبغي ان يكون محملا على كف الباحث عن ذكر أسمائهم كلما تطلب الامر ذلك ، ولاسيما ان الباحث امام حزب عقائدي يكون لمفكريه الدور المهم والابرز في توجيهه والتنظير له ، ومن جهة اخرى فأن الباحث قد اعتمد اصول البحث العلمي التأصيلي اذ انه عرض الكثير من الاراء التي قيلت في تجربه الحزب الاسلامي العراقي وانه تبنى في بحثه البعض منها ، كما أنه بين بعد ذلك مذهبه ورؤيته في تجربه الحزب وتلك هي غاية ومآل البحث ، وعلى فرض ان المدعى عليه لم يكن موفقا في ارائه التي طرحها في البحث الا انها تبقى اراء خاصة به تناولها في بحث علمي ، وبالتالي لايسأل عن خطأ موجب للتعويض عن تلك الاراء طالما بقيت في نطاق البحث العلمي وانه اسسسها على مقدمات تناولها من مصادرها المختلفه ، وان القول بخلاف ذلك سيكون مدعاة لنكوص الباحثين عن تقديم ارائهم ومذاهبهم في المواضيع التي يتناولوها في بحوثهم ، وبالتالي تفرغ البحوث من محتواها وتكون عديمه الفائدة، وأما مسألة تطييب الخواطر التي اشار إليها تقرير الخبراء الثلاث فانها تجد لها محلا في الافراد العاديين الا انها ليست كذلك في الاشخاص الذين قبلوا ان تلقى على عاتقهم مسؤولية ادارة أحزاب سياسية ، فأنه من البديهي ان يكونوا عرضه للنقد من قبل الباحثين والمفكرين وحتى الاشخاص العاديين من ذوي الاهتمام بالمجال السياسي ،......وتأسيسا على ما تقدم تجد المحكمة ان تقرير الخبراء الثلاث وان أوضح بشكل جلي المآخذ على اراء الباحث ، الا ان النتيجه التي توصل إليها من نسبه الخطأ إليه ليس لها سند من القانون،....وعلى وفق التفصيل اعلاه لا يتحقق الخطأ بجانبه وبالتالي انتفاء احد أركان المسؤولية الموجبه للتعويض وتكون الدعوى حريه بالرد من هذه الجهة ، عليه قررت المحكمة رد الدعوى ......) ، ونلاحظ ان قرار المحكمة وان كان صحيحا من حيث النتيجه التي توصل إليها الان السند القانوني لرد الدعوى لم يكن موفقا ،حيث نجد ان قيام الباحث بإبداء الاراء والنقود العلمية هو بذلك يمارس حرية الرأي والتعبير وحريه البحث العلمي التي كفلها دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ المادة (٣٨) منه وبالتالي فأن ممارسه هذا الحق ضمن محدداته الدستورية يعد جوازا شرعيا ينافي الضمان ، وهذا ما نصت عليه المادة (٦) من القانون المدني العراقي النافذ التي نصت على ان ( من استعمل حقا استعمالا جائزا لم يضمن ما ينشأ عن ذلك من ضرر) لذا ندعو القضاء المدني الى اللجوء للمبادئ الدستورية في تسبيب احكامهم ومزواجتها مع احكام القوانين وان لا يتهيبوا من الاشارة إليها طبقا لمبدأ المشروعية وتدرج القواعد القانونية ...ومن الله التوفيق
د.احمد طلال عبد الحميد البدري
بغداد ٤ /١٢ / ٢٠٢٢








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أربك الشرطة بقنابل وهمية.. اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية ب


.. ما الذي يحول دون العضوية الكاملة لدولة فلسطينية في الأمم الم




.. طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة يتظاهرون بأسلوبهم لدعم غزة


.. إعلام فرنسي: اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية في باريس




.. إعلام فرنسي: اعتقال الرجل المتحصن داخل القنصلية الإيرانية في