الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سحب العمل ...لايعد فسخا للعقد الاداري ....

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2022 / 12 / 26
دراسات وابحاث قانونية


تتمتع الادارة عند ابرامها للعقود الادارية، او ما يطلق عليه في التشريع العراقي بـمصطلح ( العقود الحكومية ) بامتيازات في مواجهة المتعاقد معها سواء كان كان شخصاً معنوياً خاصاً او شخص طبيعي ، ومن هذه الامتيازات هو امكانية فرض الجزاءات على المتعاقد معها بقرار منفرد من جانبها دون الحاجة لاذن قضائي ، ومن انوع هذه الجزاءات ما يعرف بالجزاءات الضاغطة او الجزاءات الارغامية كونها تهدف الى ارغام المتعاقد مع الادارة على تنفيذ التزاماته التعاقدية ، لذا فهي ذات طبيعة مؤقته ليس من شأنها انهاء العقد ، وانما من شأنها تجريد المتعاقد مع الادارة من امكانية الاستمرار في تنفيذ العقد والحلول محله لهذا الغرض او احلال طرف اخر محله للتنفيذ على حسابه ، ويكون ذلك عادة في حال وجود اخلال جسيم من جانب المتعاقد في تنفيذ التزاماته التعاقدية ، وهذا الجزاء غير معروف على مستوى العقود المدنية ويشكل خرقاً لقاعدة (العقد شريعة المتعاقدين) ، التي تستند الى مبدأ تساوي الارادات بين المتعاقدين ، في حين ان حلول الادارة محل المتعاقد او حلال طرف ثالث لانجاز التزاماته وعلى حسابه ومسؤوليته يشكل نوعا من تجميد واستبعاد ارادة المتعاقد مع الادارة وهي حالة غير معهودة في القانون الخاص ، ومثل هذا النوع من الجزاء يجب ان ينظم بشكل دقيق من جانب المشرع ، وبالرجوع للمادة (65) من الشروط العامة لمقاولات اعمال الهندسة المدنية بقسميها الاول والثاني لسنة 1987 المعدلة نلاحظ انها حددت حالات سحب العمل والجهة المخولة بذلك وهو (رب العمل ) اي الرئيس الاداري من خلال ممثله (المهندس) وهو عادة مايكون التشكيل الهندسي في الدوائر والمؤسسات الحكومية و(المهندس المقيم) وهو المشرف على العمل الذي يعينه المهندس هم المسؤولين عن ذلك ، اذ لرب العمل بعد اعطاء المقاول اشعاراً تحريرياً لمدة (14) يوماً ان يضع اليد على الموقع والاعمال ويخرج المقاول منها دون الرجوع الى المحكمة في الحالات المحددة في هذه المادة ولامجال لذكرها ، الا ان ابرز هذه الحالات عجز المقاول وتوقفه عن العمل بدون معذرة مشروعه تزيد عن (30) يوما ، وحالة الاهمال وعدم المبالاة في تنفيذ التزامه او التنازل عن المقاولة من الباطن وغيرها من الحالات ، وايضا نصت المادة (10/ثانياً/ج) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (2) لسنة 2014 المعدلة على حق الادارة في سحب العمل من المقاول عند اخلاله ببنود العقد وتنفيذ الاعمال المخل بها على حسابه عن طرق مقاول اخر وباتباع احد اساليب التعاقد المنصوص عليها في هذه التعليمات ، وتعتبر عقوبه سحب العمل من العقوبات الرادعة للمتعاقدين مع الادارة يترتب عليها اثار اهمها وضع اليد على موقع العمل بما في ذلك الاليات والمواد المطروحة في موقع العمل واحتساب قيمة الاعمال المنفذه من قبل المقاول بتاريخ سحب العمل ومصادرة التأمينات النهائية الخاصة بحسن التنفيذ مع تحميل المقاول المخل التحميلات الادارية البالغة (20%) من كلفة الاعمال المخل بها في عقود المقاولات ، وعلى جهة الادارة تحديد هذه النسبة ابتداً في شروط المناقصة او العقد ، اما على المستوى التعاقدي فأن الاثر المهم المترتب على سحب العمل هو بقاء العقد سارياً ولايعد مفسوخاً ، اذ لايعد سحب العمل فسخاً للمقاولة او اعفاء للمقاول من اي مسؤوليات او التزامات بموجب العقد ، كما ان سحب العمل لايمس اي حقوق او يخل بسلطات (رب العمل ) وهو في العادة الرئيس الاداري المخول بالتعاقد بموجب القانون او مايطلق عليه ( جهة التعاقد) ، اذ للاخير اكمال العمل بنفسه او استخدام مقاول اخر لاكماله وله الحق في استخدام معدات ومواد المقاول المسحوب العمل منها كما له بيع المعدات والمواد الفائضه لاستيفاء اي مبالغ مستحقه له ، اما الاثر المالي لسحب العمل وهو تأجيل التسوية الحسابية لمستحقات المقاول لما بعد انتهاء العمل ومدة الصيانة وحسم اي مستحقات مالية لرب العمل بما في ذلك الغرامات التأخيرية او ما تبقى من السلفه التشغيلية الاولية ان وجدت وغيرها من المصروفات والنفقات الادارية ، وهذا ما ذهبت اليه محكمة التمييز الاتحادية في قرارها المرقم (2991/ الهيئة الاستئنافية /2016) في 9/11/2016 حيث جاء فيه ( ....ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للقانون ، ذلك ان الثابت من وقائع الدعوى ومستنداتها وجود نسبة اخلال منسوبه الى المميز / اضافة لوظيفته مما دفع المميز عليه / اضافة لوظيفته الى سحب العمل منه استناداً للمادة (65) من الشروط العامة لمقاولات اعمال الهندسة المدنية ، وحيث ان سحب العمل يعد تنفيذاً عينياً للعقد لا يعفي المقاول من التزاماته ، وله المطالبة بمستحقاته بعد انتهاء اعمال المقاولة وتسليم العمل نهائياً لذا قرر تصديقه ورد الطعن التمييزي .....) ، كما ذهبت محكمة التمييز الاتحادية في قرارها المرقم (1069/الهيئة الاستئنافية /منقول/ 2018 ) في 9/4/2018 الى ان ( ... وحيث من الثابت من خلال التحقيقيات التي اجرتها المحكمة ان المدعي لم ينفذ التزامه التعاقدي ضمن المدة المتفق عليها ، وقد قامت دائرة المدعى عليه بسحب العمل منه وشكلت لجنة اسراع نفذت جزء من الاعمال المتبقية ، وبالتالي لايحق للمدعي طلب انهاء العقد لعدم تحقق سبب للانهاء ، اما مسألة صرف مستحقاته فأن ذلك يحصل بعد انتهاء لجنة الاسراع من اعمالها واجراء ميزان حسابي ، وعلى ضوء ذلك يتحدد فيما اذا كان للمدعي مستحقات من عدمه ....) ، كما ذهبت في قرارها المرقم (1971/الهيئة الاستئنافية / منقول /2020) في 8/12/2020 الى ذات المبدأ حيث جاء في حيثيات قرارها (......وتأييد لها من خلال التحقيقات الجارية ان المدعي / المميز هو الطرف المخل في تنفيذ التزامه التعاقدي وتم سحب العمل منه بموجب الامر الوزاري الذي اصدره المدعى عليه / المميز عليه بالعدد 905 في 17/9/2014 ثم الغي قرار سحب العمل بناء على طلبه اي المدعي ومنح مدداً اضافية ، الا انه بقي مخلا في تنفيذ التزامه ، مما دفع المدعى عليه الى سحب العمل منه مرة اخرى بتاريخ 20/12/2014 ، وبالتالي لايحق للمدعي المطالبه بانهاء المقاولة وصرف مستحقاته لعدم توفر شروط المادة (67) من الشروط العامة لمقاولات اعمال الهندسة المدنية في دعواه ، ومعه تكون دعوى المدعي فاقدة لسندها القانوني ويكون قرار ردها متفقاً وحكم القانون ، لذا قرر تصديق الحكم المميز ورد الطعن التمييزي ....) ، مما تقدم ندعو وزارة التخطيط لوضع ضوابط دقيقه لاجراءات ومراحل سحب العمل بما في ذلك الزام جهات التعاقد باقامة دعاوى الكشف المستعجل لتثبيت واقع الحال لضمان حقوق الطرفين ، ولاسيما ان الغالب في الجانب العملي اختفاء المقاول قبل او بعد سحب العمل وتعذر تبليغه على عناوينه المثبت لدى جهة التعاقد لغرض الحضور مع لجان الجرد الادارية بعد سحب العمل ، لذا تكون دعوى الكشف المستعجل طريقه ناجعة لضمان حقوق الطرفين من جهة محايدة وهي القضاء لتلافي الفوضى الحاصل في جهات التعاقد الناجمه عن سحب العمل وعدم الامكانية من تنفيذ المقاولات المسحوب العمل منها بسبب عدم اكتمال الجرودات الادارية لاسباب بيروقراطية و عدم توفر السيولة المالية لادامة زخم هذه المشاريع والاعلان عن تنفيذها على حساب المقاول المخل بالتزاماته، ويقائها معطلة وتعقد الاشكالات القانونية فيما يتعلق بالعقد والتنفيذ والجوانب المالية التي تنعكس على التشكيلات التعاقدية في جهات التعاقد ...ومن الله التوفيق .
د.احمد طلال عبد الحميد البدري
بغداد 8/12/2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يُفهم الفيتو الأمريكي على مشروع قرار يطالب بعضوية كاملة


.. كلمة مندوب فلسطين في الأمم المتحدة عقب الفيتو الأميركي




.. -فيتو- أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة


.. عاجل.. مجلس الأمن الدولي يفشل في منح العضوية الكاملة لفلسطين




.. رياض أطفال بمبادرات شخصية بمدينة رفح تسعى لإنقاذ صغار النازح