الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آراءٌ بسيطٌة غير مُلزمٍة لأحد.. (17)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2022 / 12 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أحسب أحياناً بأن هذا الواقع المادي والمعيش الذي نحيا فيه، لنْ يُصلح نفسه تلقائياً ، دون تدخل ما ، من قبل احدى فاعليات العقل العلمي أو منجزاته الصارمة.
نعم انا اعتقد بأن الطبيعة - عادةً- ما تُصلح نفسها بنفسها ، ولكن على نحو أعمى، ببطء و على المدى البعيد جداً،
و هي تفعل ذلك بمنتهى القسوة والصلف،
ولحسن الحظ ، بعيداً عن كلّ تخرصاتنا الغيبية، و يقينياتنا الأخلاقية الرثّة.
نعم ، للأسف ، لقد حسم التافهون المعركة إلى صالحهم
هذه الايام، كما يبدو ،
لكن يتبقى الآن على الأفهام الرشيدة ، لعب دور النقيض بحق، والإختيار بين طريقين:
أما الإنكفاء السلبي للفرجة، والتراجع أكثر فأكثر، إلى حواف الإضمحلال، والاختباء وراء هوامش التلاشي .
أو النهوض سريعاً لإمتلاك عزيمة المبادرة الإيجابية،
و العمل على إنعاش العقل بالأسئلة الجوهرية ،غير آبهة بخاطر قدس أو وهم ماضٍ.
والمحاولة بصدق إلى فهم حقيقة الحال الجديد ،
و التأمل فيه جيداً ، والنظر في كيفية خلق الفرص المناسبة لاستثمار مجاري التفاهة السائدة تلك ،
و تحويل مجرى انحدار البشرية الشديد معها، بسرعة ودهاء ورفق. .
نحو الهدف المأمول ، وهو القبض على بقية الإنسان فينا،
قبل أن تُمحى. .. أو تصبح أثراً بعد عين.

نحن نشهد عصراً ، تنتشر فيه التفاهة، بحماسة منقطعة النظير ، إلى درجة تخال أنها باتت طاقةً كونية مبثوثةً - بفعل فاعل - في ثنايا الفهم الإنساني كافة، أو أضحتْ لوناً ضرورياً ، لكلّ ساعٍ إلى شكلٍ لوجود ما ، أو باحث عن ثوبٍ لمعنى مختلف .
الأنكى بالنسبة لي ، حين أرى جموعها ، تسعى بدأبٍ غريبٍ ، لأنْ تكون في الناس، نبراساً للحلم والمعرفة ، و موضعاً للإطراء في كل مكان ..

و الحق أنّنا نعيش في عصر غريب ، تنقلب فيه المفاهيم أيّما انقلاب ،
وتنعكس معاني الاشياء عند الناس أيّما انعكاس .
طغى اللغو على الحكمة ، و علا الضجيج بدلاً من الموسيقى ،
و شاعت أغلال المتعة بدلاً من مشاعر الفرح والغبطة،
ولوث صدأ الجماد منابع الروح ، وطغى قبح الحراك المنفلش، على كل منافع العمل الجاد، وصَلتْ سياط الحماقة على أجساد العواطف النبيلة..
لكن مع ذلك، يتوجّب علينا في هذه الغمرة من التدهور العقلي الملحوظ ، واختلال المفاهيم، وتشويه القيم ،
أن نقرأ أكثر ، ونكتب أكثر ، ونحاول أنْ نقول أيّ شيء ، يرطب هذا اليباس.
لعل وعسى ، تكون جهودنا ، في لحظة ما، من مسير هذا الأزل ،
بذرةً حيّة ريّة ، تهوي على أرض فهمٍ خصيبٍ، فيؤرق للإنسانية، نبتاً طيباً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف