الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصرار على المنهج المغلوط مقتل العملية السياسية

صادق الازرقي

2022 / 12 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يظهر أن الطبقة المتنفذة الحاكمة في العراق لم تتعلم من أخطائها التي تسببت في تراكم العثرات والمشكلات في شتى مناحي الحياة العراقية؛ وهي تصر على التصرف بالنهج ذاته الذي أنتج الكم الهائل من المعضلات المتفاقمة، التي لم يجدوا حلا لها حتى الآن لتحقيق الاستقرار المطلوب وفتح طريق المستقبل مثلما يصرح سياسيوهم.
يصرون على الأسلوب ذاته، الذي أوصل البلد إلى الخراب وعطل إمكانيات التطور والرقي؛ لنلحق في الاقل بدول مجاورة وإقليمية.
فبعد المشكلات الكبيرة التي تولدت عن الانتخابات العامة الأخيرة في تشرين الأول 2021، وتأخر تشكيل الحكومة لأكثر من عام، يعاودون الآن تكرار الأخطاء ذاتها والتشبث بحلول عقيمة ثبت فشلها، وربما ينتج عن ذلك امور اقسى مما شهدناه حتى الآن؛ وهذه المرة يتعلق الأمر بمجالس المحافظات، واختيار المحافظين.
فقد تحدثت اللجنة القانونية النيابية على لسان عضو فيها يوم الخميس 22 كانون الاول 2022، عن تواجد مقترحين الأول، أن تجرى الانتخابات وفق الآلية الأخيرة التي أجريت فيها الانتخابات البرلمانية، وهناك مقترح آخر بأن تجرى الانتخابات على وفق الدائرة الواحدة، على حد قوله؛ ونرى هنا أنهم ما يزالون يدورون حول الحلقة المفرغة ذاتها التي أنتجت الاخفاق، لاسيما فيما يتعلق بإدارة شؤون المحافظات وتوفير الخدمات والحياة اللائقة بأبنائها.
لم يحاولوا حتى التفكير بحل آخر مغاير ينقذ الأوضاع من كبوتها، فيصرون على إنتاج مؤسسات إدارية بلدية وخدمية على الأسلوب ذاته المبني على التنافس السياسي، وما يتبعه من عرقلة عجلة الاعمار والبناء؛ وهو ما لمسناه طيلة عقدين منذ التغيير عام 2003، بالتشبث بطريقة المحاصصة وتوزيع المناصب بين الأحزاب المتنافسة "والمتشاركة" في آن واحد، حتى تلك التي تخسر في الانتخابات، مثلما أصروا على ذلك بقدر تعلق الامر بالانتخابات العامة.
المفارقة الخاطئة أنهم يربطون الأمر بإقرار الموازنة، وكأن العملية السياسية لن تستقيم الا بالأموال التي يجري تقاسمها، إذ تقول اللجنة القانونية أن "الانتخابات تنتظر الانتهاء من الإجراءات الفنية ومن ثم الموازنة".
في حين أن المنطق يحتم أن يجري تجاوز قضية الموازنة والأمور الفنية بالتباحث بشأن تنفيذ النظام الانتخابي الأمثل في تبوء مسؤولية ادارة المحافظات؛ الذي ينسجم مع حالة البلد واوضاعه وإقراره قبل إقرار الموازنة، فليست ثمة علاقة مباشرة بين الأمرين، كما ان الانتقادات والاتهامات لطالما كانت توجه بشأن تعاظم الكلف المالية غير الضرورية المتعلقة بتنفيذ عمليات الاقتراع.
وقد يقول قائل ترى ما هو البديل الامثل؟
برأيي أن الانتخاب المباشر للمحافظين وحتى مدراء البلديات، وغيرها من المناصب المحلية، هو الافضل لأوضاع العراق، وبدورهم فإن هؤلاء المسؤولين المنتخبين يختارون نوابهم ومسؤولي الخدمات والمرافق الحياتية في المحافظة والاقضية والنواح، ليتحملوا المسؤولية عن النجاح او الاخفاق، وذلك عرف معمول به في معظم البلدان الديمقراطية في أوروبا وامريكا إذا لم تكن جميعها.
وان معرفة الناس بالأفراد المرشحين لتلك المناصب واختيارهم بصورة مباشرة، يحمل الجماهير بدورها مسؤولية نتائج ذلك الاختيار، وكي لا يرمي المسؤول فشله بتحقيق اهدافه على الآخرين مثلما درجنا عليه في المدة الماضية.
ان المطلوب من المسؤولين المحليين في المحافظات هو ترقية حياة الناس، وتنفيذ البرامج الخدمية التي ترفع من مستوى معيشتهم، وتهيء لهم متطلبات الحياة المستقرة المرفهة، وليس الانشغال بالصراعات السياسية التي يجب ان تقف عند حد الفوز في الانتخابات العامة؛ واذا تطلب الامر اجراء انتخابات محلية فلا ضير من ذلك، ولكن اختيار مسؤولي المحافظات والبلديات برأيي يجب ان يجري بصورة مباشرة على اساس الترشح الفردي والكفاءة، فذلك هو السبيل الواقعي لتنفيذ البرامج الخدمية والارتقاء بحياة السكان.
لقد لاحظنا في المدة الماضية ان المسؤول حين يخطئ وينتج عن خطأه نتائج كارثية تعوق حياة السكان، وتتسبب في تدهور احوالهم واوضاع مناطقهم، عادة ما يرمي بمسؤولية الفشل على قوى اخرى تشترك معه في ادارة المناصب المحلية، بل ان مسؤولين ونواب احزاب اتهموا حتى قوى خارجية بمنعهم من تحقيق مطالب الناس، وذلك أسلوب ذرائعي غير فاعل وغير منتج، اذ ان على المسؤول الاداري ان ينفذ في جميع الاحوال برامجه وخططه الخاصة بمحافظته ومنطقته، واذ لم يفلح في ذلك فلا داعي للبقاء في المنصب.
ذلك هو السياق السليم لإدارة شؤون السكان، اذ نرى انها لن تتطور نحو الاحسن الا باختيار الكفاءات التي يعرفها الناس في مناطقهم بخلاف الانتخابات العامة التي درجنا على تنفيذها كل اربع سنوات في النظام الانتخابي المعمول به، الذي لم يفلح في الارتقاء بالبلاد؛ وكثيرا ما وجهت الانتقادات له وطالب متخصصون والرأي العام بتغييره بما يتلاءم مع اوضاع ابناء الشعب ليحقق اهدافهم في الحياة الحرة الكريمة.
ان اسلوب ادارة المحافظات والاقضية والنواحي وشتى المجمعات السكانية بطريقة تقسيم المناصب بين الاحزاب المتواجدة، بغض النظر عن كونها فائزة ام خاسرة في الانتخابات، انتج وضعا بائسا، اذ المقياس في نجاح اي عملية سياسية هو نجاحها في توفير مطالب الناس والارتقاء بأوضاعهم المادية والمعيشية بتأمين الخدمات الراقية التي تنسجم والاوضاع المعاصرة؛ وتفعيل المشاريع والاستثمارات الصناعية والزراعية، وتشغيل الايدي العاطلة، وتوفير الضمان الاجتماعي والصحي للسكان، وغيرها من الاحتياجات، وقد لمس الناس بالتجربة ان طريقة توزيع مسؤولية المحافظات المحلية على الاحزاب السياسية غير فاعلة، ولم ولن تحقق ما يتطلع اليه الناس، وان البحث عن البديل يتسم بأهمية قصوى، وان البديل العملي الذي طرح من قبل والمطروح الآن هو انتخاب المحافظين بصورة مباشرة بغض النظر عن نتائج الانتخابات العامة، كما ان علينا ان نكتشف البدائل الامثل مع كل تجربة خاسرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو بنك الأهداف الإيرانية التي قد تستهدفها إسرائيل في ردها


.. السيول تجتاح مطار دبي الدولي




.. قائد القوات البرية الإيرانية: نحن في ذروة الاستعداد وقد فرضن


.. قبل قضية حبيبة الشماع.. تفاصيل تعرض إعلامية مصرية للاختطاف ع




.. -العربية- ترصد شهادات عائلات تحاول التأقلم في ظل النزوح القس