الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سمك، لبن، تمر هندي

صوت الانتفاضة

2023 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


في عام 1988 اطل علينا مخرج الفانتازيا المصري رأفت الميهي "1940-2015" بواحد من أجمل غرائبيات أفلامه، كوميديا الخيال "سمك، لبن، تمر هندي"، فيلم حقق الكثير من ردود الفعل، فقد أحدث ضجة خصوصا بين النقاد والمختصين، وبالطبع فهذا ما دأب عليه رأفت الميهي في الكثير من أفلامه.

يتحدث الفيلم عن الظلم الذي يتعرض له الفقراء، فهم الشريحة الأكبر في المجتمع، الذين يعيشون بلا سند، والذين تدوس عليهم السلطة وبقية القوى المتنفذة.

احمد "محمود عبد العزيز" يعمل طبيب بيطري، لا يستطع الزواج من خطيبته قدارة "معالي زايد"، بسبب تكاليف الزواج، يأتيه خبر وفاة والده، الذي يعمل بالخارج لإعالة اسرته؛ السلطات لا تسلم جثمان والد احمد، يقولون انهم يشكون بأنه كان يعمل مع جماعات إرهابية، ومن هنا تبدأ احداث الفيلم الغريبة.

عنوان الفيلم مقتبس من مثل شعبي مصري، يدل على عدم التناسق والعشوائية، وفي الشعبي العراقي يقال "هوسه" او "شي ما يشبه شي".

الإسلاميون حكموا العراق منذ ان جاءت بهم الدبابة الامريكية 2003، أي قبل عشرين عاما من الآن، عشنا معهم احداثا غريبة جدا، بل كان العبث هو سمة الاحداث الرئيسية.

رأينا كيف ان "لطاما" أصبح وزيرا؟ وكيف ان "مختلا عقليا" أصبح رئيسا للوزراء؟ رأينا كيف تشكل مجلس الحكم من مجموعة "عگل وعمائم وافندية"، بسخرية لا تجدها في كل مكان؛ شاهدناهم كيف سرقوا ونهبوا ثروات البلد؛ سمعنا حكاياتهم وقصصهم السخيفة والمضحكة.

شاهدناهم وهم يحرقون دور السينما ومخازن بيع المشروبات الكحولية، ثم شاهدناهم كيف يبنون "البارات والنوادي الليلية" ويتقاتلون عليها؛ شاهدناهم وهم يقتلون النساء بحجة "التبرج والشرف"، ثم شاهدناهم وهم يرأسون مافيات وعصابات الاتجار بالنساء؛ سمعناهم وهم يتحدثون عن الفضيلة والعدل والنزاهة والوطنية؛ لكنا رأينا افعالهم الذيلية والتبعية، ولم نعرف أحد منهم نظيف ويده خالية من السرقة والنهب. خرجت الجماهير بمظاهرات تطالب بإسقاطهم، خرجوا مع الناس يطالبون ب "الإصلاح"؛ شاهدنا كيف ان قائد ميليشيا يطالب "الدولة" بضرب الميليشيات الأخرى؛ شاهدنا استعراضات الميليشيات في الشوارع وهي تطالب بحفظ "هيبة الدولة"؛ شاهدنا السفير الإيراني وهو يوبخ السفير التركيي لإنتهاك "سيادة العراق". وشاهدنا الميليشيات وهم يقصفون منزل رئيس الوزراء ويهددون بقطع اذنيه، وكل ذلك للحفاظ على "هيبة الدولة".

شاهدنا الحرب المستعرة بين اميركا وإيران على ارض العراق، وسمعنا أحاديثهم عن "السيادة"، وسمعنا حديث "لبوة المذهب" ودفاعها في الجامعة العربية عن القصف الإيراني لأربيل؛ سمعنا خطب رجال الدين عن "الفقر في الدنيا لا يهم"، وقرأنا وشاهدنا تقارير عن ثرواتهم المهولة في الداخل والخارج.

شاهدنا "انتخاباتهم الديموقراطية"، ورأينا كيف يتم الانتقال "السلمي" للسلطة؛ شاهدناهم وهم يدفعون الناس لممارسة الطقوس الدينية، وبعدها شاهدناهم وهم يتمتعون في دول أوروبا؛ رأينا كيف كانوا "ابطالا" في الحرب الاهلية، ثم شاهدنا مواثيقهم وعهودهم على حماية الدم العراقي؛ شاهدنا قادة القاعدة وداعش والميليشيات، وسمعنا أحاديثهم عن "وحدة الوطن"؛ شاهدنا صعود الدولار ونزوله والسرقات المهولة، ثم سمعناهم يتحدثون عن "مؤامرة أمريكية"؛ شاهدنا الصراع الدموي المحتدم بينهم على السلطة؛ رأينا كيف يصفون الامريكان بالقوى المحتلة، وكنا سابقا قد رأينا كيف أتت بهم الدبابة الامريكية.

لقد اجاد محمود عبد العزيز ومعالي زايد في فيلم "سمك، لبن، تمر هندي"، وعرضوا لنا المأساة بصورة كوميدية رائعة؛ الإسلاميون السفلة أيضا اجادوا التمثيل في الأدوار المسندة إليهم من قبل مخرجيهم، ووقعت الناس ضحية هذه الغرائبية والعبثية.
كل الاماني بسنة سعيدة على الجميع، وأكثر الاماني للقلب هو الخلاص من حكم الإسلام السياسي والقومي العفن، ورؤية نهاية حكم العمامة والملالي، فعشرين عاما من حكمهم في هذا العمر ليست قليلة؛ وكل عام والجميع بألف خير.
#طارق_فتحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را