الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكم قراقوش المتسلط !!

حسن مدبولى

2023 / 1 / 2
كتابات ساخرة


اشتهر المملوك المصرى الشهير " بقراقوش " خلال سنوات سيطرته على حكم البلاد فى عصر الأيوبيين ، إشتهر بشخصية تتصف بالجور والفساد والفجر فى الخصومة والمكر والخديعة واللؤم والكراهية وعبادة الذات والسادية المفرطة ، كما تميز بعشقه وتلذذه بالتنكيل بالبسطاء والمقهورين والضعفاء ، وكل من يعترض على فرماناته العجيبة ، مع محاباته ودعمه للفاسدين واللصوص وناهبى الحقوق وفاقدى الأخلاق ، ومع ذلك كان يدعى دوما قربه من الله ورعبه الشديد من غضبه !!
وعلى المستوى الشخصى كان قراقوش يتسم بالغباء والحماقة ، وكان يمتلك عقلا شديد السطحية والضحالة ، فأساء إلى مقام العدالة بقراراته وفرماناته الهزلية ، وأصاب وجدان الأمة بالهم العظيم واليأس والغمة،
كما كان لا يقتدي بعالم، ولا يعرف المظلوم من الظالم، والنصرة عنده لمن سبق لا لمن صدق، وكانت الخلق تهابه من فحش غبنه وفظاعة نقمته ،حيث كان يشتط اشتطاط الشيطان، ويحكم احكاما ما أنزل الله بها من سلطان ،
وقد ساد فى عهده الفساد ،وانتشرت الجرائم فى عموم البلاد ،وكثرت المظالم بين العباد،كما جف الزرع والضرع وعانى الناس من وقف الحال ،وارتعبوا من سوء المآل ،

وقد حاول البعض الايحاء بأن شخصية قراقوش تلك شخصية غير حقيقية ،وانها محض خيال أدبى تاريخى من فرط ما يثار حولها من مبالغات غير معقولة وتتناقض مع تاريخ الحقبة الأيوبية ، لكن البعض الآخر يؤكدون بأنه كان أحد وزراء صلاح الدين الأيوبى في مصر ، بل كان ركنا من أركان توطيد حكمه،
عاش قراقوش في بداية حياته كمجرد غلامً مملوكي من أصل أجنبى غير معلوم الهوية أو الأصل ، لكن مع وضاعة منشأه إستطاع أن يتدرج بلؤمه ومكره ويصل لأعلى الدرجات حتى صار قائدًا عسكريًا في بلاد الشام، ومن ثم في مصر التي وصلها مع بزوغ فجر الأيوبيين وحكم صلاح الدين.
ووفقا لبعض الكتابات التاريخية فإن "أبو سعيد قراقوش بن عبد الله الأسدي" الملقب بـ"بهاء الدين قراقوش"،عاش في القرن السادس الهجري وقضى قرابة الثلاثين عاما في خدمة "صلاح الدين الأيوبي" ونجليه، وقيل إن "صلاح الدين" عينه نائبا عنه في مصر وفوض إليه أمورها واعتمد عليه في تدبير أحوالها ومن هنا حصل توليه لمقاليد السلطة والحكم فى عموم مصر ،،،
و توفى فى عام 595 هجرية والذى يوافق عام 1201 ميلادية ،

وهناك العديد من المواقف والوقائع الغير منطقية المنسوبة إلى قراقوش،والتى قد يكون بها بعض المبالغات الساذجة أو التحريف المتعمد بقصد التهويل والإساءة له من خصومه وكارهى حكمه وحكم الأيوبيين ، لكن تلك الوقائع فى مجملها تشير بإختصار إلى أن الشعب المصرى فى تلك الحقبة كان واقعا تحت ضغط كبير خاصة فيما يتعلق بعلاقته بشخصية قراقوش ، وتثبت أيضا صحة مقولة المتنبى عن إنه وجد بمصر الكثير من المضحكات لكنه كان ضحك كالبكاء كما قال :

الواقعة الأولى
السابق الى الشكوى هو صاحب الحق ! !

يحكي ان شابا تعرض للضرب والاعتداء من أحد البلاطجة المعتادين على التسلط على خلق الله وذلك بعد أن حاول الشاب الدفاع عن اهل بيته وعن ماله ، ونما الى علم البلطجى أن الشاب سيذهب الى الحاكم للشكوى وطلب القصاص، فسارع البلطجى المعتدى بالذهاب الى دار القضاء ووقف بجانب قراقوش وعرفه بنفسه وبقدره وبنفوذه وخدماته للسلطان ، ثم ادعى انه مظلوم وأن شخصا ما يفترى عليه كذبا ،،،
وعندما اقبل الشاب الضحية وعليه علامات الاعتداء من كسور و جروح ،سارع البلطجى بالقول هذا هو الذي ضربنى وحاول قتلى ونهب أموالى والاعتداء على أهل بيتى ، فأقبل قراقوش على الشاب المظلوم المصاب وانهال عليه بالسوط بلا رحمه، وأمر حاشيته فبطحوه وكسروا عظامه حتى اشرف على الموت بينما الشاب يصرخ انا مظلوم، انا مظلوم أنا جئت شاكيا أطلب العدالة ، فرد عليه قراقوش قائلا: إن المظلوم الذى يريد العدالة هو الذى يسبق الجميع ويأتى الينا أولا رافعا شكواه !!

الواقعة الثانية
قراقوش والضرائب

يحكي ان جماعة من الفلاحين جاءوا الى قراقوش، وشكوا اليه ضخامة قيمة الخراج( الضريبة ) المفروضة على محصول القطن، وقالوا له: يا مولانا السلطان إن البرد الشديد أتلف القطن هذه السنة، واننا نرجو منك أن تسامحنا فى بعض المال المفروض علينا ،،
فكان جوابه لهم بعد سكوت طويل ،لأي شيء اسامح في بعض المال؟ لماذا لما رأيتم البرد إشتد لم تزرعوا مع القطن صوفا لاجل أن يدفئه، أنتم أغبياء استهنتم بعملكم وزراعتكم وتغافلتم عن واجباتكم وتريدون الفرار بفعلتكم وخداع الحكومة وأكل مال البلاد ،ثم أمر بجلدهم جميعا وحبس من يمتنع عن السداد ،،

الواقعة الثالثة
حصانة العسكر !!

روى ان جنديا من جنوده نزل في مركب، وكان به فلاح وزوجته، وكانت الزوجة حاملا في سبعة أشهر، فتحرش بها الجندى فنهرته فضربها فأجهضها وأفقدها وليدها وكاد يقتل زوجها ، فذهب الفلاح المكلوم الى الأمير بهاء الدين قراقوش، وشكا اليه الجندي، فتعمق قراقوش فى الامر وفكر طويلا ثم قال للجندي: خذ زوجة الفلاح عندك،فى دارك واطعمها واسقها حتى تصير حاملا في سبعة أشهر ثم أعدها الى زوجها. فقال الفلاح: يا مولانا لقد سحبت شكواى وتركت أجري على الله، ثم قام فقبل اقدام الجندى وطلب منه العفو والسماح ، و أخذ زوجته وخرج فارا طلبا النجاة له ولزوجته ،،

الواقعة الرابعة
العنصرية والتحيز

كان "قراقوش عنصريا " يميل إلى البيض ويكره السود وينحاز الى بنى جلدته من الأجانب غير العرب او المصريين ، وذات يوم إحتكمت إليه امرأة حجازية سمراء وجاريتها الرومية الشقراء ، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يحكم فيها؛ فقالت الحجازية لـ"قراقوش": "إن هذه جاريتي قد أساءت الأدب على".. فنظر قراقوش إلى بياض الجارية الرومية وسواد الحجازية، وقال للحجازية: "ويلك هل الله سيخلق رومية بيضاء مليحة الملامح ويجعلها أمة و جارية لحجازية سوداء ؟
أنا لست أحمق أو مغفل".
ثم أمر جنوده باحتجاز الحجازية، لتقضي في السجن شهرا، فلما خرجت من السجن اعادوا عرضها عليه للبت فى أمرها فقالت لهم الحجازية اننى أعتقت الجارية وسحبت شكواى لكن قراقوش باغتها قائلا بل "إنها هي (أي الجارية الرومية ) التي تعتقك فأنت جاريتها وأن ارادت أن تبيعك فأنها تبيعك، وأمر باعادة السيدة الى السجن لحين حضور الجارية الرومية لتبت فى أمرها ،،

الواقعة الخامسة
عبقرية العدالة

- شكا رجل إلى قراقوش أن تاجرًا من التجار أكل عليه أمواله، فاستدعى قراقوش التاجر وسأله عن السبب فقال التاجر: "ماذا أفعل له أيها الأمير؟ كلما وفرت له الأموال لأسدد له دينه بحثت عنه فلم أجد له عنوان أذهب إليه فيه ، وفكّر قراقوش كعادته ثم حكم بأن يسجن الرجل الشاكى صاحب الدين الى أجل غير مسمى، وذلك حتى يعرف التاجر المدين مكانه عندما تتوفر معه الأموال ويأتى لتسديد الدين له ، فتنازل الرجل عن الدين قائلا: "أجري على الله".فوضت أمرى الى الله ،،

الواقعة السادسة
ذاكرة قراقوش وحكمته !

جاءت امرأة الى قراقوش، وشكت اليه ابنها، وقالت انه يضربها ، فامر قراقوش بحبس الولد لمدة عام ، فلما عادت السيدة الى بيتها تحسرت على ولدها، فعادت فى اليوم التالى الى الحاشية، وسألتهم اطلاق سراحه بعد أن منحتهم بعض المال .فنصحوها بأن تكتب عريضة تدعى فيها أن سنة الحبس قد انتهت وان ابنها يستحق الافراج والعتق !
ففعلت ذلك وقدمت العريضة لقراقوش، فلما قرأها قراقوش قال لها: انت تكذبين، وانا لست مسطولا أو مخدورا ، لايزال متبقى على ابنك يوما كاملا من السنة ولابد من استكمال حق العدالة ، وامر باطلاق سراح الابن فى اليوم التالى .

الواقعة السابعة
لا قيمة للانسان وحياته

جاءت الشرطة لـ"قراقوش" بغلام كان يعمل عنده حداد،ليفصل فى أمر إتهامه بجريمة قتل، فأمر بشنقه، فقيل له: "إنه حدادك الذي ينعل لك الفرس والأحصنة ، فنظر "قراقوش" ناحية بابه فوجد رجلا آخر يعمل كصانع أقفاص فقال: "ليس لنا بهذا القفاص حاجة، اشنقوا القفاص واتركوا الحداد لكي ينعل لنا الفرس".

الواقعة الثامنة
الجهل المطبق !!

ومن بين ما قيل عن "قراقوش" أيضا أنه لم يكن يعرف الفارق بين الشعر والقرآن من فرط جهله ، حتى أن رجلا جاء إليه ومدحه بقصيدة من الشعر وأنشدها بصوت رخيم طيب شديد العذوبة ، فقال له "قراقوش": "يا مقرئ أحسنت لقد قرأت قراءة طيبة" لكلام الله فتح الله عليك، ينبغى أن تصلى بنا بتلك الآيات المحكمات ، فبهت الشاعر وظنه يبالغ فى مدحه !؟
ومن النوادر الأخرى فى هذا الخصوص انه قيل له إن طائر "الباز" المفضل لديه قد هرب من القفص وطار، فأمر قراقوش بغلق كل أبواب القاهرة حتى لا يستطيع الطائر الفرار خارج الديار ،

وما بين صورة الغباء والحمق يختلف البعض حول الرجل ، فمنهم من يصفه بالديكتاتور، بينما يصفه آخرون بالفيلسوف غير المألوف ، لكن المؤكد أن صورة قراقوش على غرابتها ومأساتها باتت امرا عاديا معتادا يعكس جانبا واقعيا من حياة المصريين البائسة عبر التاريخ ،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج المغربي جواد غالب يحارب التطرف في فيلمه- أمل - • فران


.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال




.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر