الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة ايران في العراق

محمد رضا عباس

2023 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


كشفت ازمة الدولار الحالية في العراق عمق عدم ثقة اهل العراق وبضمنهم شيعة المدن المقدسة في الكاظمية وكربلاء والنجف الشرف بإيران. انهم يعتقدون ان ارتفاع سعر الدولار بوجه الدينار العراقي هذه الأيام سببه هروب الدولار الى ايران , مما أدى الى ارتفاع سعره وارتفاع أسعار السلع والخدمات في الأسواق العراقية ,على فرض ان اغلب السلع في العراق هي مستوردة وعندما تنخفض قيمة الدينار العراقي بوجه الدولار الأمريكي فان أسعار البضائع المستوردة سوف تتصاعد مما تؤثر سلبا على جيوب المواطنين . عاون العراقيون على هذا الغضب ضد ايران كثرة الفيديوهات التي انتشرت بسرعة الضوء وهي تتحدث عن مصيبة العراق والعراقيون , حتى ان احد الفيديوهات حذر أصحاب المطاعم بغلق مطاعمهم لان المواطن العراقي سوف لن يتحمل ارتفاع اسعار الوجبات , وسوف يكتفي بطبخ ما تجود به يد زوجته في المطبخ . الاخيار من داخل السلطة العراقية ومن خارجها حاولوا تهدئة الأحوال ولكن ما زال الشارع غاضبا على ايران . فقد أعلنت الحكومة العراقية ان صعود الدولار بوجه الدينار العراقي هو اجراء مؤقت وسوف ترجع عافيته خلال أيام , كما وظهر تصريح من البنك المركزي العراقي و الأستاذ مظهر محمد صالح المستشار ,المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء , بهذا المعنى , ولكن لم تنفع تصريحاتهم وتصريحات مجموعة من الاقتصاديين المعروفين من خارج السلطة . هؤلاء الاقتصاديون اكدوا ان صعود الدولار بوجه الدينار سببه إجراءات حكومية للحد من عمليات غسل وتهريب الأموال , واذا كان هناك تهريب للدولار من العراق فان الطريق هو طريق كردستان ثم الى تركيا ومنها الى دول أخرى.
الا ان اتهام ايران بتدهور قيمة الدينار في وجه الدولار ليست قصة جديدة , انها بدأت منذ بداية الخلافات الإيرانية الامريكية بخصوص الملف النووي . فقد اتهمت ايران بجعل العراق البستان الخلفية لها , وانها فرضت على العراق استيراد سياراتها "سابا" والتي لا تناسب ومكانة العراق المرموقة والغنية , وان ايران فرضت على العراق استخدام محطات كهربائية تعمل على الغاز بدلا من الوقود الأخرى حتى تربط العراق بها كهربائيا واعتماده على الغاز الإيراني , وان ايران هي المسؤولة عن شحة المياه في دجلة و الفرات ويقدمون لك برهان على جفاف نهر الوند , وان ايران لا تريد العراق ترميم صناعته الوطنية كي تستطع تصريف بضائعها المصنعة له , وانها لا تريد للقطاع الزراعي التعافي ولهذا السبب بدأت ترسل الفاكهة والخضر بأسعار تقل كثيرا عن كلفة انتاجها في العراق .
ايران في مشكلة في العراق , خاصة وان الغاضبين على ايران هو البقال , الحداد , صائغ الذهب , الحلاق , سائق سيارة التكسي , وصاحب فرن الصمون . انهم الناس العاديون , ولكن على الرغم من قلة فهم هذه الشريحة وضوع التجارة الخارجية والعلاقات الدولية والعلاقات السياسية , الا ان بعضهم يصر على ما يعتقد به, لأنه سمعه من مواقع إخبارية عراقية او عربية او عالمية .
انها انتكاسة كبيرة لإيران لا تقل عن انتكاسة الثقافة في العراق . من العادة ان يتحدث المثقفون وأصحاب الخبرات عن موضوع مهم بحجم التجارة العالمية وتذبذبات الدولار, ولكن ان يصل الحد ان يتحدث بهذا الموضوع شخص لم ينهي مرحلة الإعدادية , وان حجته انه سمعها من احد الجهات الإعلامية تعد كارثة , يجب على المختصون دراستها ووضع الحلول لها . هذه الحالة تذكرني بما جرى لأعضاء الحزب الشيوعي العراقي في السنوات ما بين 1958 و1963 في العراق , حيث رفع الجهلاء من أبناء الشعب العراقي لواء محاربة الشيوعية وهم لم يقرئوا سطرا واحدا عن افكارها عدا انهم سمعوا من بعض الوكالات العالمية المعادية للسوفييت في ذلك الوقت ان الشيوعية كفر والحاد , وان الشيوعية تسمح بزنا المحارم , وعلى هذا المنوال بدء قتل الشيوعيون ومن كان يتعاطف معهم في شوارع المدن . ولكن ما ان تمكن حزب البعث اسقاط نظام الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم في 1963 , انتفت الحاجة لهم واصبحوا هدفا للحزب بسبب هويتهم المذهبية . أي من كان يحارب الشيوعية قبل انقلاب 1963 اصبح غير مرغوب به بعد الانقلاب , بعد ان استخدم الحزب الطائفية في إدارة الحكم .
ايران , من طرف اخر, يبدوا شعرت بتدحرج سمعتها في العراق , ولكنها رمته في عنق الاعلام المعادي لها , وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل , وهكذا بدأت مقالات كثيرة في الآونة الأخيرة من على المنصات الإعلامية المتعاطفة مع ايران وهي تندد بالولايات المتحدة و حجم تدخلها في الشأن العراقي الداخلي , داعية الشعب العراقي الانتفاضة ضدها وطرد تواجدها العسكري على أراضيه . حيث جاء في احدى المقالات بالقول " فليعلم هذا الشعب ( العراقي) اما السكوت على ظلم أمريكا للشعب العراقي او النهوض بوجهها بتظاهرات مليونية تعم جميع المحافظات العراقية . هذا هو الحل الوحيد الذي ينقذ العراق من شراذم المحتل الأمريكي", اخر يكتب " ان المحتل لا يمكن اشباع رغباته وهو نهم يسرق كل شيء حتى المياه و لا يحترم الضعيف ..ومواجهته أولى وخلاف ذلك سيبقى العراق رهينة مزاج ومطامع الاحتلال", اخر يقول " واليوم السيد السوداني امامه فرص كبيرة و نادرة اخراج الاحتلال الأمريكي و الانعتاق من سطوته واملاءاته و تدخلاته", واخر يقول " ان ثورة الجياع الحقيقية في العراق : هي الثورة التي يجب ان تستهدف الوجود الأمريكي الذي احكم قبضته على مقدرات الشعب وقراره السياسي."
لا اعتقد ان الهيمنة الامريكية على العراق ستنتهي في الوقت المنظور ولا اعتقد ان ايران ستتخلى عن العراق , الاثنان لهما مصالح عظيمة فيه , ولكن اعتقد ان موجة العداء في العراق ستزول بمجرد تسوية المشاكل العالقة بين ايران والإدارة الامريكية , وان صعود بنيامين نتنياهو الى راس السلطة التنفيذية في الكيان الصهيوني قد يشجع ايران على فتح حوار جديد مع الإدارة الامريكية حتى لا تعطي مجال لإسرائيل بتنفيذ أهدافها ضدها. ومن طرف اخر , على السيد محمد شياع السوداني اصلاح ما خربه قبله في العراق , غياب الثقة . زرع الثقة تبدء من توفير عمل و خدمات ,وتحويل البلد من بلد ريعي الى بلد متعدد القطاعات الاقتصادية , وبعكسه فسوف ينظر المواطن العراقي الى كل بلد يصدر له بضاعته عدوا يسرق ماله وعمله , لان الانسان عندما يجوع يصبح لا شغل له بالمذهب والدين و القومية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية