الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية طلب فتوى محكمة العدل الدولية بشأن شرعية الاحتلال

علي أبوهلال

2023 / 1 / 2
القضية الفلسطينية


في تطور هام على صعيد القضية الفلسطينية تبدأ الجمعية العامة للأمم المتحدة، مسارا جديدا لاستفتاء محكمة العدل الدولية، بشأن مدى شرعية وقانونية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، 31/12/2022 بالأغلبية طلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية حول شرعية الاحتلال في الأراضي الفلسطينية. وصوتت 87 دولة لصالح القرار، فيما عارضته 26 دولة مقابل امتناع 53 أخرى عن التصويت.
وذكر المراقب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، الدكتور رياض منصور، أن الأمم المتحدة طلبت بهذا التصويت فتوى من محكمة العدل الدولية بشأن انتهاك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاحتلال والاستيطان والضم، ويأتي هذا الطلب بعد يوم واحد من تشكيل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، بزعامة بنيامين نتنياهو، وتوجهاتها العدوانية وتوسيع السياسات الاستيطانية وتكريس نظام العنصرية والأبارتهايد.
في الوقت الذي هاجم السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، غلعاد إردان، التصويت في الهيئة العامة، معربا عن "ارتياحه" من عدول عدة دول عن دعم القرار مثل البرازيل، وأوكرانيا نتيجة الضغوط ات الإسرائيلية عليها، والتي أدت أيضا لتغيب بعض الدول الأفريقية عن التصويت، فيما أبدى الوفد الإسرائيلي خيبته من دعم كل من بولندا والبرتغال ومالطا وإيرلندا وسلوفينيا وبلجيكا للقرار.
وجاءت جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة بعد أن اعتمدت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وهي اللجنة الخاصة بالمسائل السياسية وإنهاء الاستعمار، قرار فلسطين بطلب فتوى قانونية ورأيا استشاريا من أعلى هيئة قضائية دولية، من محكمة العدل الدولية حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس.
وكانت 98 دولة قد صوتت لصالح قرار فلسطين بطلب رأي استشاري، و52 دولة امتنعت، و17 دولة ضد، إضافة إلى أن القرار احتوى على فقرات تعالج الآثار القانونية الناجمة عن الخرق المستمر من إسرائيل لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني من خلال منظومة الاستعمار، والفصل العنصري القائم على اعتماد تشريعات وتدابير تمييزية، وفي ظل الممارسات والجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال وأدواتها المختلفة. وبحثت الجمعية العامة، الآثار القانونية المترتبة على الاحتلال الدائم للأرض الفلسطينية، بما فيها كافة الانتهاكات المرتكبة بحق الفلسطينيين، حيث تم التصويت على ذلك أمام الجمعية العامة من أجل طلب رأي استشاري من قبل محكمة العدل الدولية على غرار ما حصل عام 2004 عندما أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا بخصوص بناء الجدار الفصل العنصري.
ويذكر أن حكومة الاحتلال الإسرائيلية سعت إلى عرقلة المساعي الفلسطينية بإلزام محكمة العدل الدولية في لاهاي، بإبداء رأيها القانوني بخصوص شرعية الاحتلال الإسرائيلي. وأبدت تخوفها من فتوى المحكمة غير الملزمة من الناحية القانونية، وترى أن لهذه الخطوة تبعات دبلوماسية ودولية "ذات أهمية خاصة" قد تكون ضارة "لإسرائيل"، ومن شأنها أن تعرض قادة الاحتلال لخطر الملاحقة القانونية. كما عارضت الإدارة الأميركية وعرقلة الخطوة الفلسطينية المتمثلة بتقديم مقترح للأمم المتحدة، يطالب أعلى هيئة قضائية دولة، بإصدار رأي استشاري يقدم للجمعية العامة، حول "قانونية" الاحتلال الإسرائيلي، وقد ساهمت المعارضة والضغوطات الأمريكية والإسرائيلية في التأثير على مواقف بعض الدول من الطلب الفلسطيني، وعكس هذا نفسه على زيادة نسبة الدول المعارضة للطلب الفلسطيني ونسبة عدد الممتنعين عن التصويت، وهذا يؤشر إلى أن الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية قد تنجح في كسب المزيد من الدول لصالح حكومة الاحتلال، وضد الطلب الفلسطيني، إذا لم يتم تفعيل وتنشيط الدبلوماسية الفلسطينية والعربية والإسلامية لمواجهة هذا الخطر الذي قد يؤثر على قرار محكمة العدل الدولية بشكل أو بآخر.
على الجانب الفلسطيني خوض هذه المعركة باستعادة الوحدة الوطنية، وبدرجة عالية من الجهوزية والعمل، لتوسيع الجبهة العربية والإسلامية والدول الصديقة، لمواجهة الجبهة الأمريكية والإسرائيلية المتوقع أن تزداد تأثيرا ونفوذا في الأشهر القادمة، لأن هذه المعركة ستطول وتستغرق عدة أشهر، وقد يتعرض الجانب الفلسطيني لسلسلة من العقوبات المالية وغيرها من الجانب الأمريكي والإسرائيلي، وعليه الاستعداد لمواجهة ذلك.
الرأي الاستشاري الذي قد تصدره محكمة العدل الدولية غير ملزم من الناحية القانونية لهيئات الأمم المتحدة، وهو مجرد "فتوى قضائية" تتمثل بعرض الرأي القانوني من جانب المحكمة على الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنه ينطوي على أهمية كبيرة بما أنه صادر من أعلى جهة قضائية دولية تتكون من قضاة ينتمون إلى أغلب النظم القانونية في العالم، وبالتالي فإن هذه الفتوى التي ستصدر لصالح الحق الفلسطيني تشكل مرجعية قانونية بالنسبة للمسألة المطروحة، كما تشكل عرضا لموقف القانوني الدولي من هذه المسألة، وهذا في حد ذاته سيدعم الحقوق الوطنية المشروعة الفلسطينية، وعلى الجانب الفلسطيني استثمار هذا الإنجاز، لمتابعة الآليات العملية التي تسهم في تحقيقه، في إطار هيئات الأمم المتحدة التي تمتع باختصاصات تنفيذية، وعدم التوقف عند حدود صدور الفتوى من محكمة العدل الدولية، كما حصل بالنسبة لفتوى المحكمة بشأن جدار الفصل العنصري عام 2004، حيث لم يتم استثمار هذا الإنجاز بالقدر الكافي والمطلوب، ويبقى من المهم أيضا تعزيز الجهد الدبلوماسي والقانوني والدولي، باستراتيجية نضالية موحدة، تعتمد أشكال النضال الأخرى التي تحدث أثرا أعمق لإنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال لشعبنا وضمان حقه في العودة وتقرير المصير.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على