الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقاطعات شريعة الأسلام مع ظرفي الزمان والمكان

يوسف يوسف

2023 / 1 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الموضوع :
يعتقد ، بل يؤمن شيوخ الأسلام - من السلفيون والوهابيون وجماعة الأخوان والدعاة ومعظم جمهور المسلمين ، بأن الأسلام صالح لكل زمان ومكان - أي أن " الأسلام هو الحل " ، وقد كتب الكثير من هؤلاء كتبا في هذا الصدد ، منهم الدكتور محمد عمارة - مؤلفه " هل الإسلام هو الحل ؟ لماذا وكيف ؟ " ، والذي بين فيه ( .. الحل الإسلامى لجميع المشاكل التى تواجه الحياة الفكرية ، والنهضة العقلية ، والنظام السياسى ، والقضية الاجتماعية ، تحرير المرأة وحقوق الإنسان ..). وسأتناول في هذا المقال المختصر بعض الأحكام الشرعية الأسلامية ، ومن ثم سأقرأها قراءة عقلانية حداثوية :
1 . قطع يد السارق : وقد جاء في تفسير هذا الحكم الشرعي ، التالي ( فقطع يد السارق ، هو قطع حقيقي ، ببتر ، وإبانة اليد عن الجسد ؛ قال تعالى"السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{المائدة:38}" وجرى عليه عمل المسلمين ، من لدن رسول الله إلى يومنا . فما ذكرته من أن معنى القطع في الآية تعطيل اليد عن العمل بالسجن ، إنما هو تعطيل للشريعة ، ومعارضة لحكم الله تعالى الصريح. / نقل من موقع أسلام ويب ) .
* هل هذا الحكم الشرعي ألهي رباني ! ، وهل الله دموي وسفاح ليأمر بقطع يد السارق ! ، والسارق أصلا هو من عباده ، هذا من جانب ، ومن جانب ثان ، ألم يكن من المفروض أن يسأل السارق عن توبة ، أم تقطع يده مباشرة ، دون فرصة للتوبة ، ( فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ / 39 سورة المائدة ) ، والشرع يرفض السجن كعقوبة للسرقة ، من جانب أخر ، ألم يكن من المنطق أن القطع يصدر لمن تكررت سرقاته دون موجب / بالرغم من شناعة العقوبة ، والملاحظة المهمة ، ما يتركه هذا الفعل من أثر أجتماعي ونفسي على الفرد ، خاصة أذا طبق في عالمنا اليوم ، أذن قطع يد السارق ، أسلوب غير أنساني ، لا يتناسب والوضع الحضاري لعالم القرن الواحد والعشرين ، والتساؤل الأخير ، أن عمر بن الخطاب / ذاته ، قد عطل العمل بقطع يد السارق في عام الرمادة 18 هج / عاما كان عام قحط وجوع وجفاف ، والتعطيل هنا ، منطقي وذلك للظروف الصعبة التي مر بها المسلمين - أذن الأسلام لا يصلح لكل زمان ومكان .

2 . الرجم : سوف لن أخوض في حيثيات هذا الحكم الشرعي ، وأنما سوف أسرد ملخصا عنه ( ثبت حدُّ الرجم للزاني للمُحصَن وكذا الزانية المحصَنة بالكتاب والسُّنَّة وإجماع أهل السُّنة والجماعة ، ولم يُنْقل أو يُعرف عن أحد من الصحابة أو التابعين أو أحد من أهل السُّنَّة والجماعة أنه أنكره .. قال الفقيه ابن قدامة الحنبلي ، في “ المغني ” (9 / 39)‏:‏ “ وهذا قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومَن بعدَهم ”. وقال :” ثبت الرجم عن رسول الله بقوله وفعله في أخبار تشبه المتواتر ، وأجمع عليه أصحاب رسول الله ”. روى البخاريُّ ومسلم في صحيحَيْهما عن أبن عباس ، أن عمر بن الخطاب صعد المنبر فخطب الجمعة ، وكان مما قال : “إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ ، فَقَرَأْنَاهَا ، وَعَقَلْنَاهَا ، وَوَعَيْنَاهَا ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ .. “ / نقل من موقع جمعية الأتحاد الأسلامي ) . * آية الرجم آية شنيعة ومقززة بحق الأنسانية ، ولا زالت تطبق في الكثير من الدول الأسلامية / أفغانستان وباكستان وأيران والسعودية وغيرها ، وهنا لا بد لنا أن نسأل ألا توجد قوانين وضعية مدنية تعالج هذا الوضع غير عملية الرجم الهمجية ! ، من جانب أخر ، أيمكن مثلا أن يقف الرجل المسلم وسط باريس أو أميركا وأن يرجم أمراة ! ، وهل هذا الفعل حضاري ، وما رد فعل المجتمع على هكذا أفعال ! . هذا الحكم الشرعي هو أكبر برهان على أن النص القرآني نص تاريخي ، وجد في ظرف زمكاني محدد ، قبل أكثر من 14 قرنا ، لا يمكن تطبيقه لاحقا . ويحضرني في هذا المقام ، قول السيد المسيح لليهود ، عندما كانوا يرجمون أمرأة ، لعلة الزنى : ( مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ / أنجيل يوحنا 8 : 7 ) .

3 . قتل المرتد : يعتبر قتل المرتد ، حكما يجب التوقف عنده عميقا ، ويمكن تلخيصه بما يلي ( تنقسم الأمور التي تحصل بها الردة إلى أربعة أقسام : أ ‌- ردة بالاعتقاد ، كالشرك بالله أو جحده أو نفي صفةٍ ثابتة من صفاته أو إثبات الولد لله فمن اعتقد ذلك فهو مرتد كافر . ب‌ - ردة بالأقوال ، كسب الله تعالى أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم . ج - ردة بالأفعال ، كإلقاء المصحف في محلٍ قذر ؛ لأن فعل ذلك استخفاف بكلام الله تعالى ، فهو أمارة عدم التصديق ، وكذلك السجود لصنم أو للشمس أو للقمر . . د - الردة بالترك ، كترك جميع شعائر الدين ، والإعراض الكلي عن العمل به .. ما هو حكم المرتد ؟ : إذا ارتد مسلمٌ ، وكان مستوفياً لشروط الردة - بحيث كان عاقلاً بالغاً مختاراً - أُهدر دمه ، ويقتله الإمام - حاكم المسلمين - أو نائبه - كالقاضي - ولا يُغسَّل ولا يُصلى عليه ولا يُدفن مع المسلمين / نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) . * وأرى أن نركز على تغيير المعتقد / أي المتحول من الأسلام الى معتقد أخر . والتساؤل هنا لم الفرد يقتل عندما يغيير دينه ، والنص القرآني يقول ‏‏: « لا أكراه في الدين .. / 256 سورة البقرة » ، وتأكيدا على هذا النهج ، نلحظ نصا قرآنيا أخرا يعزز ذات الأمر ‏‏( ‏وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ / 99 سورة يونس ) ، ولكن نفاجأ بحديث رسول الأسلام القائل ‏(‏ من بدل دينه فاقتلوه‏ )‏ ‏، وهنا نكون أمام موقفين متناقضين وهما : موقف رب القرآن الذي يحلل للمرتد تغيير معتقده ، وموقف محمد الذي يحرم فعل الردة ، بل محمد يأمر بقتل المرتد ! . وهذا التناقض في الموروث الأسلامي وضع الفرد المسلم في حيرة لمن يتبع ، أيتبع أله القرآن أم يتبع رسول القرآن ! .

خاتمة :
(1) ما ذكرته هو غيض من فيض من الأحكام الشرعية ، التي لا يمكن أن تطبق ليس في وقتنا الحالي ، بل أنها حتى في تأريخيتها الفعلية كانت مقيتة . (2) أن الأمر الجلل .. أن شيوخ الأسلام يعظمون من الحكمة الألهية للشرع الأسلامي ، لذا فهم يعتبرون بأن الأسلام كعقيدة ، صالحة لكل زمان ومكان ، وهذا الأمر خلاف للتطور الأنساني والمجتمعي ، فالعقلية الجاهلية قبل 14 قرنا ، هي ليست عقلية القرن الواحد والعشرين ، وما كان صالحا أنذاك لا يمكن أن يقبل الآن . (3) أننا نلحظ في بعض الأحكام ، أن محمدا يخالف النص القرآني ، وهذا الأمر ظهر جليا من حديثه ‏(‏ من بدل دينه فاقتلوه‏ )‏ وغير ذلك ، لأن رغبة محمد كانت منصبة في تحجيم حرية الاعتقاد ، وذلك لأنه ينظر الى الوضع العددي للمسلمين / أي من أجل عدم تقليل عدد ما أقنعهم محمد بالأسلام ، لذا هناك تعمد في ذلك حتى وأن تقاطعت أحاديثه مع النص القرآني ! . أخيرا .. لا زال شيوخ الأسلام يتخبطون في قمقم الماضي ، جاهلين أن الماضي لا يمكن أن يكون صورة للحاضر ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ، وهم يتجاهلون ، من أن الحاضر يجب أن يؤسس ويؤطر بمعطياته الأجتماعية الحضارية ، من أجل رسم صورة للمستقبل الذي تسعى أليه المجتمعات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص