الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهية الأرقام العربية واثرها في الأحكام القضائية

سالم روضان الموسوي

2023 / 1 / 5
دراسات وابحاث قانونية


1. ان الأرقام العربية مثلما يعرف الجميع بانها تلك الأرقام التي يستعملها الغرب و اوربا1-2-3) )، أما الأرقام التي يستعملها العرب ومنهم العراق هي الأرقام الهندية (1-2-3-4) ، ويعزز هذا القول ما ذكره ميخائيل بن إبراهيم الأصاف اللبناني في كتابه الموسوم (هدية الأحباب في علم الحساب منشورات مطبعة الآباء اليسوعيين في بيروت - الطبعة الثانية عام 1875 - الصفحة4) ، وحيث ان الدستور في المادة (4) قد اعتبرت اللغة العربية واللغات المحلية الأخرى الواردة فيه هي اللغات الرسمية ولا يجوز للجهات الرسمية استعمال لغة أخرى في المخاطبات الرسمية ومنها المحاكم وعلى وفق ما ورد في المادة (4/ثانياً/ب) من الدستور.
2. لابد من البحث عن أي الأرقام نستعملها عند الكتابة الرسمية، هل الأرقام الهندية التي شاع استعمالها في العراق، ام الأرقام العربية الأصلية التي اخترعها الخوارزمي، والتي انعدم استعمالها في العراق وشاع في الغرب وفي اوربا، فاذا تمسكنا بمنطوق النص الدستوري فإننا ملزمين بكتابة الأرقام العربية الشائع استعمالها في اوربا والغرب وهي (1-2-3-4-) ، او نختط لنا أرقام أخرى نسميها أرقام عربية حتى يستقيم العمل مع نص الدستور،
3. ان ابن جني وهو احد ابرز علماء اللغة العربية يعرف اللغة بانها (اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم) وتكرر هذا التعريف عند الجرجاني بقوله بان (اللغة هي ما يعبر بها كل قوم عن أغراضهم) بكتابه الموسوم (التعريفات ـ منشورات مكتبة لبنان ـ طبعة بيروت عام 1985ـ ص202) وهذا يدل على ان اللغة لا تتقيد بالأحرف او الرموز المستخدمة، لذلك تجد احرف مشتركة بين عدة لغات مثال ذلك الأحرف المشتركة بين اللغات الفارسية والهندية والعربية وغيرها، لكن اللغة تتكون من الاحرف التي تصوغ الكلمات ومن ثم تركب في جمل، وان وسيلة التعبير عن اللغة يكون عبر الأصوات او عبر الكتابة او الاشارة، وحيث ان الكلمة هي الجذر والأساس للتعبير عن اللغة كتابةً، وهذا ما اشار اليه المختصون في علوم اللغة العربية، والكلمة تقسم إلى ثلاثة اقسام (الاسم والفعل والحرف) ، لذلك لم يكن من بينها الأرقام، مع الالتفات إلى ان تعريف الأرقام كما يشير إلى ذلك المختصون، بانها رموز لتمثيل الأعداد، مثلما الحروف رموز لتمثيل الكلمات، لذلك لابد من كتابة الأعداد باللغة العربية الرسمية، مثال ذلك نكتب (محاميان اثنان) فلا يجوز ان نكتب اثنان بلغة غير العربية، أما اذا كان القصد من التعبير عن العدد اثنان برمز فيكتب (2) بالأرقام الهندية و (2) بالأرقام العربية، وهذه رموز العدد وليس العدد بعينه حيث ان العدد في اللغة هو( اسم نكرة يدل على مقدار الأشياء المعدودة وترتيبه) ومثل هذا التعريف ورد في كتاب (التعريفات للجرجاني – مصدر سابق- ص152)، فضلاً عن ذلك فان قانون الحفاظ على سلامة اللغة العربية رقم 64 لسنة 1977 قد ميز بين الحرف والرقم وعلى وفق المادة (5) التي جاء فيها الاتي (تكتب باللغة العربية العلامات والبيانات التجارية وبراءات الاختراع والنماذج التي تتخذ شكلا مميزا لها، كالأسماء والإمضاءات والكلمات والحروف والأرقام وعنوان المحال والأختام والنقوش البارزة.)
4. ومما تقدم فان كتابة رموز الأعداد (الأرقام) لا يمكن اعتبارها من مكونات اللغة التي يجب ان تكتب باللغة العربية، وإنما هي رموز لتمثيل الأعداد، كما ان الدستور لم يرد فيه ان تكون الكتابة في اللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية وإنما أشار إلى وجوب (التكلم والمخاطبة والتعبير) بان تكون باللغة العربية، وقد لا تكون بالكتابة وعلى وفق ما ورد في المادة (4/ثانياً/ب) من الدستور التي جاء فيها الاتي (ثانياً:- يحدد نطاق المصطلح لغة رسمية، وكيفية تطبيق أحكام هذه المادة بقانونٍ يشمل: ‌ب- التكلم والمخاطبة والتعبير في المجالات الرسمية كمجلس النواب، ومجلس الوزراء، والمحاكم، والمؤتمرات الرسمية، بأيٍ من اللغتين)
5. ان قانون اللغات الرسمية رقم 7 لسنة 2014 لم يرد فيه توضيح او تصريح عن الفرق بين مصطلح الرقم والعدد او تعريف الأرقام وماهية الأرقام العربية، وإنما ترك الأمر إلى المجمع العلمي العراقي حيث منح الصلاحية الحصرية لتفسير المصطلحات ولا يجوز لأي جهة أخرى حتى لو كان (القضاء) ان يفسر تلك المصطلحات لان الأمر فني وليس قانوني وعلى وفق ما ورد في المادة (13) من قانون اللغات الرسمية رقم 7 لسنة 2014 التي جاء فيها الاتي (يكون المجمع العلمي العراقي و الأكاديمية الكردية هما المرجعية المعتمدة لتفسير المصطلحات و الكلمات في حالة الاختلاف فيها(
6. كتابة قرارات الأحكام بالآلة الطابعة الإلكترونية السائدة في الوقت الحاضر لا يعيبها ان كتب الرقم بالشكل الذي يستعمله الغرب وهو الرقم العربي في حقيقته، كما ان قضاء محكمة التمييز الاتحادية قد استقر على ان ان طباعة الحكم لا تغني عن كتابة المسودة بخط اليد وعلى وفق ما ورد في قرارها العدد ‏191‏/الهيئة الموسعة المدنية/2019 في 22/7/2019 فضلا عن نص المادة (162) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل قد الزمت المحكمة بتحرير مسودة الحكم قبل النطق به وعلى وفق النص الاتي (يتلى منطوق الحكم علنا بعد تحرير مسودته وكتابة أسبابه في الجلسة المحددة لذلك. ويعتبر الطرفان مبلغين به تلقائياً اذا كانت المرافعة قد جرت حضورياً ، حضر الطرفان ام لم يحضرا في الموعد الذي عين لتلاوة القرار)
7. إلا ان لمحكمة التمييز الاتحادية الموقرة رأيٌ آخر وتوجه جديد، حيث اعتبرت ان الأرقام العربية هي الأرقام الهندية، عندما نقضت قرار لأحدى المحاكم لان القرار كتبت فيه الأرقام العربية التي شاع استعمالها في الغرب وفي اوربا، ولم تكتب بالأرقام الهندية الشائع استعمالها في العراق، وعلى وفق ما جاء في قرار الحكم الصادر عنها بالعدد 16919/هيئة الاحوال الشخصية والمواد الشخصية/2022 في 18/12/2022 الذي اطلعت عليه في صفحة مسارات قانونية في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) التي يشرف عليها المحامي المثابر الأستاذ وليد عبدالحسين جبر المحترم.
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د


.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي




.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا