الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى اللقاء جون

بات ستاك

2023 / 1 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نشر المقال في موقع الاشتراكية الثورية في القرن 21 بتاريخ 21 كانون الأول/ديسمبر 2022



كتب الكثير عن جون مولينو منذ رحيله. أغلبه كان مؤثراً للغاية، بعضه كان مفيداً وغنياً بالمعلومات. من الواضح أنه لم يعلّم فقط، إنما كذلك ألهم وصادق الكثيرين في جميع أنحاء العالم. إن التزامه لتغيير العالم واضح للجميع في كتاباته ونضاله السياسي. كتب العديد من المقالات الجيدة، لدرجة أنني تساءلت عما إذا كان هناك الكثير من الأشياء الإضافية المتبقية حتى أكتب عنه. سأحاول رغم ذلك التطرق إلى نقطتين آملاً أن أتمكن من إيضاحهما.

أولاً، لم يكن رحيله بالنسبة لي مجرد خسارة سياسية، إنما خسارة شخصية كذلك. كان جون صديقاً مقرباً. كان ثورياً لامعاً، ولكن كذلك إنساناً دافئاً ورائعاً، وأباً محباً لجيل، ومخلصاً لجاك وسارة، وجدّاً شغوفاً. شكلت وفاة جيل ضربة كبيرة له، ولكن كم كان رائعاً رؤيته سعيداً جداً مع شريكته ماري التي جعلت من عقده الأخير سعيداً فعلاً، التي أحبها بعمق.

لم نلتقِ كثيراً في السنوات الأخيرة، ولكن صداقتنا استمرت، في الواقع، كان من المقرر أن يبقى معي في لندن مع بداية أزمة الكوفيد، حين بات السفر متعذراً.





وصلت إلى بورتسموث عام 73. كنت وقتها منضوياً في صفوف حزب العمال، لكنني انجذبت كثيراً إلى اليسار، وانضويت لفترة في حزب العمال الشباب الاشتراكيين. مع ذلك، كشخص قادم من إيرلندا لم أستطع أن أبلع الجملة القائلة أن القتلة بكل دم بارد في الأحد الدامي كانوا مجرد “عمال يرتدون الملابس العسكري”.

عام 74، بدأت أرتاد النادي الإيرلندي في بورتمسوث، هناك التقيت لأول مرة مع الاشتراكيين الأمميين. التقيت بشخصين باتا صديقين مقربين ولفترة طويلة. تناقشنا بالسياسة، ومن وقت إلى آخر كنت أشتري منهم جريدة العامل الاشتراكي، لقد أعجبت كثيراً بما قالوه عن إيرلندا والطبيعة الطبقية لروسيا، وكنت حريصاً دوماً على الذهاب للاجتماع بهما.

لأسباب لم أعرفها تماماً، بدا أنهما مترددان في دعوتي إلى الاجتماعات، وكانا دائماً يقولان إنهما “يتوقعان اجتماعاً جيداً”.

ثم في صباح يوم سبت ذهبت للتسوق وهناك وجدت أشخاصاً يبيعون جريدة العامل الاشتراكي. رآني رجل طويل القامة ذو لحية كثة أنظر إليه وسألني هل أود شراء نسخة. وبدأنا بالتحدث- أعتقد أننا تناقشنا عن إيرلندا الشمالية- وخلال النقاش، سألني صاحب اللحية الكبيرة إذا كنت أود المشاركة في اجتماع. سألته عن صديقيّ وكيف كانا ينتظران اجتماعا “جيداً”.

في تلك الليلة، وصل صديقاي إلى الحانة الإيرلندية كل بمفرده وقالا لي إنه عليّ الحضور إلى الاجتماع الآتي. وافقت وابتسمت بيني وبين نفسي، مفكراً بأنه لا بد من أن يكون صاحب اللحية الكبيرة شخصية مهمة.

الاجتماع، كما حصل كان غريباً، كان ظاهرياً عن كير هاردي، لكن اتضح أنه كناية عن مجموعة غير مفهومة من الجوانب الغريبة ومجموعة من النكات الدنيئة عن شخص يدعى طوني كليف، والكثير من الإشارات الغريبة الأخرى، التي لم يكن لها علاقة بكير هاردي، ولا شيء منها عنى لي أي شيء.

اتضح أن منظمة الاشتراكيين الأمميين كانت تعيش نزاعاً بين أجنحتها، وهذا الواقع كان من شأنه أن يؤدي إلى انقسام خطير. كان المتحدث جيم هيغينز قائد تكتل الأقلية.

في نهاية الاجتماع، سمعت صاحب اللحية الكبيرة ينتقد هيغينز، قائلاً إن الاجتماع كان عاماً وأن غير الأعضاء في الاجتماع ليس لديهم أي فكرة عما يجري من حولهم. وأنه كان يؤيد حصول النقاش ولكن في السياق المناسب.

تبين لي أن صاحب اللحية الكبيرة هو جون مولينو. فجاء وجلس وتحدث معي طويلاً، ساعياً بشكل واضح إلى إصلاح الضرر، في نهاية نقاشنا سألني، بدافع إحساسه بالواجب، أكثر من احتمال حقيقي بالنجاح، ما إذا كنت أرغب بالانضمام إلى منظمة الاشتراكيين الأمميين. وافقت، مسبباً الدهشة لكلينا. أخبرني جون لاحقاً بأنه تفاجأ حقاً بأنني انضممت إلى المنظمة بعد ذلك الاجتماع.





انخرطت في المنظمة، وكنت كالاسفنجة في علاقتي مع جون، أتعلم منه كل ما يمكنني. كان صبره مذهلاً، ولطفه لا حدود له. كان بإمكانه الجلوس والتحدث معي وإلى بقية الأعضاء الشباب طوال ساعات، ولكن كان يشجعنا دائماً على الخروج إلى هناك [الاجتماعات والنضالات] وفِعل ذلك بأنفسنا.

أتذكر أنه دعمني في أول ندوة لي حول إيرلندا، كان مشجعاً للغاية، على الرغم من إذا نظرت اليوم إلى ما قلته وقتها أعتقد أنه كان درساً تاريخياً غير متماسك وعلى الأرجح أن الجمهور قد أصيب بالملل.

لاحقاً علمت أن صديقيّ قد ترددا في اصطحابي إلى الاجتماعات بسبب إعاقتي. لم يكونا متأكدين من أنني أستطيع المشاركة في النضالات وكانا قلقين من أنني قد أشعر بالإقصاء إذا لم أفعل ذلك؛ غريب حقاً نظراً للمغامرات والجروح التي أصبنا بها في أوقات متأخرة من الليل التي حصلت معنا بعد تناولنا المشروب!

لم يخطر برأس جون أي فكرة من هذا النوع. منذ البداية عاملني كأي منتسب آخر ولم يطلب مني ما هو أكثر ولا أقل من غيري. إذا قلت إن مثل هذه المهمة غير ممكنة (وكان نادر الحصول) كان جون يأخذ قولي على محمل الجد من دون ضجة أو إحراج.

كان لدى جون التزامات عائلية جدية والتي كانت تعني على الأرجح للمرة الوحيدة في حياته السياسية وجود قيود على نضالاته. رغم ذلك، كان يمضي الكثير من الوقت في الحديث مع الرفاق الأصغر سناً، مطلقاً طاقاتهم، ومشجعهم على القيادة. كان نجاحه مذهلاً بذلك.

لم تكن مدينة بورتسموث ذات تقاليد اشتراكية عريقة. كانت الأسطورة تقول إن المدينة عصية على الإضراب العام. كان أكبر صاحب عمل فيها هو حوض بناء السفن التابع للبحرية الملكية، وهناك لم تكن القوى العاملة مناضلة. في الواقع، خلال الاعتصامات القليلة التي أتذكرها خلال سنواتي السبع هناك، كان عمال ميناء ساوثهامبتون يحاولون عبثاً حض عمال حوض بناء السفن في بورتسموث على الإضراب.

مع ذلك، بالنسبة لمنظمة الاشتراكيين الأمميين/ولاحقاً حزب العمال الاشتراكي، انتهى الأمر بعدد كبير من أعضاء فرع بورتسموث في الاشتراكيين الأمميين إلى لعب أدوار على مستوى البلاد، وصل اثنان منهم إلى اللجنة المركزية، وبات العديد منهم أعضاء بدوام كامل، ومنظمين على مستوى المقاطعة، وبين الطلاب، أعضاء في نقابة الطلاب، وصحافيين في جريدة العامل الاشتراكي، وخطباء وكتاباً. البعض منهم باتوا مناضلين نقابيين على المستوى المحلي، وقاد واحد منهم اتجاه الاشتراكيين الأمميين في الخارج.

كلّهم دربهم جون، وطورهم، وأتاح لهم الفرصة السير على طريقتهم الخاص، وارتكاب أخطائهم.

لم يحصل ذلك صدفة. لم يكن جون الشخص الوحيد الذي طور الكوادر الشابة، لكنه من دون شك كان الأكثر نجاحاً. أعتقد أن الطريقة التي فعل بها ذلك تدل وضوح رؤيته. أراد جون قادة للمستقبل وليس مجرد مساعدين.





لم يرَ جون برفاقه مجرد بيادق في معركة داخلية قد تحصل، أو كجزء من عملية بناء قاعدة شخصية له. لم يكن جون مهتماً بذلك، إنما أراد أشخاصاً قادرين على قيادة النضال الثوري، وإذا دخل في نزاع معك، فسوف يسعى إلى إقناعك من خلال النقاش السياسي بدلاً من توقع الولاء الشخصي له.

لقد عارضه العديد منا ممن دربهم في السنوات الماضية وفي عدد من المحطات، لم يأخذ الأمور على نحو شخصي، ولم يقلل من شأن الرفاق عندما يدخل في نقاش في مرحلة لاحقة مع هذا الجزء من المنظمة أو ذاك.

هيو ويليامز، وصل من بعدي إلى بورتسموث، وكان أحد نجاحات جون الكثيرة وأقرب أصدقائه، كتب عن أنه كان شاباً وغير صبور في حين أن جون كان محافظاً في مقاربته، ولكن رد جون كان دافئاً ومدروساً وصبوراً جداً.

جعلتني ذكريات هيو أبتسم لأنني قبل عدة سنوات، أنا والنجم اللامع في فرع بورتسموث، كيفن مورفي، قد توصلنا إلى نفس النتيجة وذكرنا ذلك بصوت عالٍ جداً في اجتماع الفرع. فرد جون بهدوء شديد، دون أدنى قدر من الأستذة، ولكننا كنا شباباً وفي عجلة من أمرنا ولم نكترث كثيراً.

بعد ذلك سألنا جون إذا كنا نرغب بتناول المشروب، فردّ عليه كيفن، أحد أكثر الرجال المدهشين والرائعين الذين تعرفت عليهم في حياتي، قائلاً: “وهل يأخذ لينين مشروباً من مارتوف؟”. الآن يمكنني تخيل العديد من الرفاق الذين سيغضبون من تعليق مشابه، لكن جون ضحك وقال: “من الأكيد، أنهما أحبا بعضهما البعض على نحو شخصي”.

ربما أعجب جون كثيراً بلطشة كيفن، كيف لا، ومن بين كل من دربهم ورعاهم، كان كيفن أعظمهم، كان يعشقه.

كان كيفن طفلاً صغيراً مهاجراً من إيرلندا من أبناء الطبقة العاملة، وكان يتمتع بموهبة غير معقولة، كان رجلاً قوياً لا يتراجع أمام أي أحد، وكان في نفس الوقت، ساحراً ووقحاً، كان بإمكانه السخرية من دون رحمة، ولكن كان بأعماقه رقيقاً حقاً.

كانت شجاعته جلية. كان على علاقة عاطفية طويلة بامرأة تدعى ماغي، ولكن بعد انفصالهما، اختار اجتماعاً نقابياً طلابياً حيث كان المجتمعون يناقشون حقوق المثليين، فأعلن أمام حوالي 200 طالب (أغلبهم يعرفونه كحليف سياسي أو خصم سياسي شرس) عن مثليته. في ذلك الوقت كان فعل ذلك أمراً لا يصدق، وحتى اليوم أشك بأن يختار الكثيرون هذا النوع من اللقاءات لفعل ذلك.

كان كيفن ذكياً بشكل لا يعقل وكان مبشراً بأن يكون مثقفاً مرموقاً. وعلى الرغم من “لطشة مارتوف”، عشق جون الذي رأى فيه نجماً ساطعاً لما يمكن أن يصيروا عليه أبناء الطبقة العاملة: تلميذ ثانوي حديث، يتفوق على كل زملائه من أبناء الطبقة الوسطى، ولا يرغب بأن يكون واحداً منها، إنما أن يناضل من أجل أن تتولى طبقته السلطة. خسرنا كيفن باكراً جداً، كان من ضحايا الأيدز الأوائل، كانت المرة الوحيدة التي رأيت فيها جون يبكي، وأنا متأكد تماماً من أن المرة الوحيدة التي رآني جون فيها أبكي كانت في جنازة كيفن.





على الرغم من خسارة كيفن، بقي فخر جون بما كان يفعله أعضاء فرع بورتسموث السابقون الآخرون، وبقيت الغالبية الكبرى منا مقرّبة من جون وعرفنا على نحو متزايد الدين الذي ندين له به- هذا لا يعني أن أياً منا أو حتى كلنا قد اتفق معه دائماً.

وهذا ما يقودني إلى الملاحظة الثانية. كان جون مؤيداً كبيراً لحزبه ومفكراً مستقلاً لا يمل. وأن تجتمع هاتان الصفتان كان أمراً نادراً في المنظمات اليسارية. في مناسبات عديدة قطع علاقته بالقيادة (أحياناً عندما كنت جزءاً منها). وحاجج أن الرجال يستفيدون من اضطهاد النساء، وهو موقف لست أكيداً من حصوله على التأييد داخل مؤتمر الحزب (وإذا حصل على أي شيء، فسيكون قليلاً جداً).

كتب كتاباً عن تروتسكي، لم يتحدَ التروتسكية الأورثوذكسية فحسب، إنما تحدى كذلك جوانب وجهة نظر حزب العمال الاشتراكي التقليدية حيال تروتسكي. كما واجه القيادة حول الديمقراطية الداخلية، والمحاسبة ودقة أرقام العضوية. كما وقف منتقداً اللجنة المركزية لبعض المواقف المتخذة. مثل معظم الرفاق الذين دربهم في فرع بورتسموث، أيدتُه في بعض النقاط، وعارضتُه في أخرى. لم يتوقع ما هو مختلف عن ذلك.

لقد لمّح الكثيرون إلى استقلالية فكر جون، واستعداده إلى المعارضة، لذلك، أعتقد، تطلب الأمر شجاعة لفعل ذلك. من السهل العودة إلى النقاشات والضحك بشأن هذا أو ذاك من المواقف المتخذة، ولكن هذا يترك جزءاً كبيراً من القصة غير معروف. تلك النقاشات لم تكن مضحكة وقتذاك، فهي تطلبت شجاعة سياسية وأخلاقية هائلة. لطالما كان جون معزولاً وتعرض لغضب الآخرين. بعض متتبعي الخط القويم كان مسيئين، وهو ما تجاهله جون. كان الأمر الأكثر صعوبة بالنسبة له هو الاستجابة الغاضبة والرافضة أحياناً لمثل أولئك الذين كان ينظر إليهم ويعجب بهم أكثر من غيرهم. كنت أقابله بعد مواجهات مؤثرة عليه (حتى عندما لم أكن أؤيده) وكان جرحه وعزلته باديين يراها الجميع.

قال طوني كليف، مؤسس منظمة الاشتراكيين الأمميين وحزب العمال الاشتراكي، ممازحاً إن “جون مولينو كتب كتاباً رائعاً، المشكلة أنه لم يقرأه”، وهو تعبير مضحك وكذلك غير دقيق بدرجة كبيرة. مهما يكن من أمر، فإن جون لم يفتقر إلى وضوح الفكر. مع ذلك، عكست النكتة كذلك وجهة النظر القائلة إنه لا يمكن الوثوق بجون بالكامل.

كان أفضل مثال على ذلك ترشحه إلى اللجنة المركزية. فقد صدمه الغضب تجاهه من قبل بعض الأعضاء البارزين لخوضه الترشح من اتجاه نقدي، وما فعله كان منسجماً مع الديمقراطية الداخلية للمنظمة تماماً. كما كان معتاداً على تلقي الضربات، فقد تجاوزت هذه التجربة أي شيء حصل معه.

كما قلت سابقاً، فقد أظهر شجاعة هائلة وكرامة عظيمة، من خلال ذلك كان ولاؤه للحزب لا يتزحزح. أعيد الاعتبار إليه لاحقاً، وأعتقد أنه وجد في ذلك العزاء، رغم أنه بقي مفكراً مستقلاً.





بعد رحيل زوجته جيل، عانى من عزلة شخصية، وللمرة الوحيدة في حياته بدا وكأنه كان محبطاً، كان دوماً ينهض بسرعة بعد الضربات السياسية، ولكن هذه المرة كان الأمر مختلفاً. ثم بدأ يرى ماري سميث وتغيرت حياته تماماً، وبدأ يهتم من جديد، ويعتني بنفسه، وتجدد شبابه. وكأن ماري لم تفعل ما يكفي، فقد زادت حياته حلاوة، إذ أخذته معها إلى إيرلندا.

في كل مرة التقيت به أو تحدثت إليه، كان شديد الحماس لهذه الخطوة، وللتحديات السياسية، والنشاط اليومي الذي يمكنك رؤيته في عينيه، وسماعه في نبرة صوته. أحد أسباب نجاحه يكمن في أنه طبق “نظرية مولينو”. لا أعتقد أنه ألقى محاضرة على الرفاق الإيرلنديين بقوله “لقد فعلنا ذلك في بريطانيا” أو “هكذا لطالما فعلنا”. بدلاً من ذلك، راقب واستمع وتعلم واستعمل كل تلك الرؤية العظيمة، وتكيف وساعد في إبتكار طرق جديدة في التنظيم.

أسس وبات محرراً في مجلة الماركسية الإيرلندية، حيث أنتج مجلة حيوية وغنية بالمعلومات ومبتكرة نظرياً. تجاوب بكثير من الإيجابية مع تجربة “الناس قبل الأرباح”. كما انتخب إلى القيادة في المنظمة الإيرلندية وأدى دوراً كبيراً لدرجة كان ثمة أشخاص في بريطانيا يحكّون رؤوسهم ويقولون “كيف لم يكن في اللجنة المركزية عندنا؟” بكل المقاييس، كان مناضلاً نشطاً بكل مجالات النضال الأساسية. رؤيته البعيدة النظر حول أهمية قضية التغير المناخي كانت ملحوظة جداً. رغم ذلك فقد وجد الوقت للكتابة عن حبه للفن.

مع ذلك، بالنسبة لأي شخص يقرأ هذا النص ويعرفنا، سيعرف أن النص ما زال ناقصاً. افترقنا سياسياً، ولفترة وجيزة شخصياً. لا أريد إشعال الجدالات من جديد. يكفي القول حول القضايا المركزية التي أدت إلى الانشقاق في حزب العمال الاشتراكي عام 2013، شعرت أنه كان مخطئاً جداً. لقد لعب دوراً كبيراً في هذا النقاش، وعندما وصلت الأمور إلى نهاياتها، توقفنا عن الحديث.

أو لكي أكون أكثر دقة لم أكن أتحدث معه. أخبرت ماري أنني كنت شديد الغضب منه لدرجة أنني إذا تحدثت معه، فربما سأقول أشياءً تعني أننا لن نتحدث من جديد. مر بعض الوقت عندما سألني صديق مشترك إذا كنت سأتحدث مع جون. كانت الجروح التي خلّفها الخلاف بعيدة كل البعد عن الالتئام، ولكن الغضب الشديد والأذى كانا قد هدآ. التقيت بجون وماري على الغذاء في حانة، وتحدثنا وتحدثنا.

بما خص السؤال الأساسي المتسبب بالانشقاق، كان رد جون حيال مسألة ادعاء الاغتصاب أنه أخطأ بالفهم. أعتقد أن ردة فعل الكوادر النسائية في منظمة إيرلندا على الموضوع قد أثرت عليه في هذا الصدد*. بما خص الأسئلة الأوسع التي أثارها التكتل، اختلف معي فيها، واعتقد أننا كنا مخطئين تماماً بالانشقاق. كانت تلك الخلافات يمكن أن نتعايش معها، فتجددت صداقتنا، لذلك سأكون دوماً ممتناً. كان رائعاً أن أعود على صلة بجون مولينو النشيط والسعيد، والذي بدا مليئاً بالحياة كما التقيته لأول مرة.





رحل جون في ذروة نشاطه، ما جعلني سعيداً ولكن حزيناً في الوقت عينه. سعيد لأنه قدم في سنواته الأخيرة بعض أفضل ما لديه، وحزين لأن كان لديه الكثير ليعطيه، ولأنني أفتقده.



(*): [يشير مقال آخر إلى أن الحركة النسوية، في بلفاست- إيرلندا الشمالية والتي تحمل شعار “أصدقها #ibelieveher”، قد أثرت على جون “وأدت إلى تغيير رأيه من المسألة موضوع النزاع”. أصدر حزب العمال الاشتراكي عام 2018 ورقة تتضمن مراجعة متأخرة، عاد وحدّثها عام 2022. عام 2014، خرج من المنظمة 700 رفيق/ة، وهو رقم هائل، مع العلم بأن الخلاف لم يكن فقط حول مسألة التغطية على مرتكب الاغتصاب، إنما كذلك حول مسائل تتعلق بالديمقراطية الداخلية والاستراتيجيا والتوجه، ولا بد من التشديد على أن الرفيق الراحل نيل دايفدسون، وهو من كبار المنشقين عن الحزب وقتها ندد باتهام الحزب بأنه يحمل في ثقافته “ثقافة الاغتصاب”، معلناً رفضه الكامل لاتهام كهذا – الملاحظة من المترجم]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا