الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسان العربي

زياد ملكوش
كاتب

(Ziyad Malkosh)

2023 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


شاهدت مؤخرا فيلمين سينمائيين : Banshees of Inisherin للمخرج المميز Martin McDonagh الذي اخرج من ضمن ما اخرج Three Billboards Outside Ebbing, Missouri و In Bruges . وفيلم المخرج المجدد دائما James Cameron من ضمن رباعية Avatar التي بدأت عام 2009 ثم هذا العام ب Avatar : The Way of Water .

كنت اود الحديث عنهما خاصة الاول فهو بالاضافة الى جماليته الخاصة يحفز على التفكير في مغزاه . لكن الأخبار السيئة في كل مكان تطغى على النفس خاصة الاوضاع في البلاد العربية : القتل اليومي للفلسطينيين ، الاطفال المرضى والجائعين في اليمن ، السوريون القابعون تحت ٥ احتلالات لا يجدون خبزا وسكنا ووسيلة للتدفئة وتحت قمع مستمر منذ اكثر من 50 عاما ، العراقيون الفقراء والعطشى وبلدهم فوق بحيرة نفط ومياههم وسيادتهم تسرق وتنتهك من جيرانهم والفاسدين من حكامهم ورجال دينهم وميليشياتهم ، اللبنانيون الذين سرقت اموالهم من ملوك طوائفهم واحزابهم ، وباقي الشعوب العربية التي ترزح تحت الاستبداد السياسي والديني وتعاني من الفقر والبطالة والجهل والتخلف والقبلية و و و .

الحكام العرب وبطاناتهم وحماتهم العسكريون والجماعات المستفيدة منهم لا يأبهون إلا لبقاء الوضع الراهن . والسؤال : ماذا عن الناس ؟ هل هم مواطنون مستقرون ؟ هل هم لا مباليون ؟ هل هم خائفون ؟ هل هم مستسلمون لما يظنونه قدرا مكتوبا ؟

يبدو ان الانسان العربي ساكن في الماضي والحاضر ويتطلع الى المستقبل وهو لا يفكر او يتحرك . لابد من الاعتراف ان هذا الانسان لم يعرف الحرية منذ زمن بعيد ، منذ بدأ العرب بتكوين دولتهم ثم دولهم ثم دويلاتهم التي فرضها غيرهم وهم محكومين من افراد و عائلات تاتي بالقوة للحكم وتتوارثه حتى تضعف وياتى غيرها . لا يوجد في التاريخ العربي حكم اختاره الناس او اختاروا من اختاره إلا ايام الرسول الذي انشأ اول و آخر دولة مدنية عادلة ، ثم تم اختيار ابوبكر ( برضا البعض وعدم رضى البعض الآخر ) الذى انشغل بإخماد تمرد بعض العرب الذين رفضوا حكم قريش وامتنعوا عن دفع الزكاة ، وبعده اتى عمر ثم عثمان الذي رفض التخلي عن الحكم فقُتل واحدث ما اصطلح على تسميته الفتنة الكبرى واخيرا علي الذي انشغل بحروب داخلية حتى قُتل واتى معاوية الذي اسس لنظام توريث الحكم كما كان معمولا به في معظم البلدان في ذلك الزمان .وظل هذا النظام مع الاستبداد قائما حتى الاستعمار الغربي مع ملاحظة ان الحكام كانوا عرب وظهرت اثناء فترات قوتهم نهضة علمية وفلسفية وادبية ساهمت في نشوء الحضارة الغربية خاصة بنقل الفلسفة الاغريقية .

الاستبداد والتخلف الحاد حدث بعد الاحتلال التركي بما سمي الفترة العثمانية حيث نام العرب قرون حتى احتلال نابليون لمصر اذ اكتشفوا حينها ان العالم الخارجي تغير وليس كما كانوا يتخيلونه . خلال الفترات السابقة والحالية لم يكن هناك حكم عادل الا في فترات قصيرة هي ايام النبي واثناء حكم عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز والاثنان حكما فترتين قصيرتين وقُتلا .

قامت اوروبا من الفترات المظلمة في تاريخها بعد الثورة الفرنسية والصناعية وانهت حكم الاقطاع والكنيسة المتحالفة معه ونهضت بحضارة جديدة راسمالية استعمارية اعطت لشعوبها ازدهارا وحرية نسبية .

معروف ماحدث بعد ذلك من تقسيم البلاد العربية الى دول ودويلات بحكام تابعين . حاولت الشعوب التمرد ولكن حركاتها كانت ضعيفة ومحدودة وفشلت في اغلبها ، وترافق ذلك مع احتلال فلسطين وتثبيت احتلال الاسكندرون والاهواز ثم هزائم الانظمة العربية المدوية واحتلال اسرائيل لمزيد من الاراضي في فلسطين وسوريا .

وحدثت المفاجأة عام 2011 عندما هبت الجماهير تلقائيا وبقوة ولاول مرة في تونس ومصر وليبيا وسوريا ، وزخم اقل او بامتصاص السلطات لهم في بلاد اخرى ، لكن السلطات والمرجعيات الدينية والتدخلات الاقليمية والاجنبية وأدت الحراكات التي عادت مرة اخرى في الجزائر ولبنان والسودان والعراق ولكنها ايضا فشلت لقمع السلطات الذي ترافق مع ظهور الكوفيد 19 .

وحاليا توجد انظمة تبدو قوية في امساكها الحكم ، وحراكات ضعيفة هنا وهناك بدون رؤيا وتنظيم وزخم شعبي . ويبدو فعلا ان الانسان العربي فضل الجلوس والتفرج والقبول بواقعه الاليم . الفكر العربي ايضا في محنة فمن المثقفين خاصة الاسلاميين من ينظرون الى ماضي / ليس ورديا كما يتصورون / كمثال يجب ان نحتذي به . ومن اخرون يروْن محاكاة الغرب في نماذجه ، و من علمانيين يحاولون التجديد وتحرير الفكر والنهضة والبحث عن طريق للخروج من الوضع الراهن فيتم محاربتهم و تخوينهم وتكفيرهم .

هكذا يبدو الوضع سوداويا ! فهل هذا صحيح ؟ لا اظن ذلك . لايمكن ان تبقى الاوضاع كما هي فهي سيئة بل سيئة جدا . لابد ان يتحرر الفكر العربي والانسان العربي وينهض لحكم نفسه والتصرف بمقدراته .

ليس من المقبول لي ولغيري الذين لا يستطيعوا ان يفعلوا شيئا مؤثرا ان نجلد ذاتنا ونندب اوضاعنا . يجب ان نحاول ان نفعل مانستطيع اليه سبيلا ، وفي الاثناء لا ننكفئ بل نحاول ايضا الاستمتاع بما في الحياة من مباهج ما استطعنا الى ذلك سبيلا ايضا . وهذا التعبير كان يستعمله الراحل الكبير سماح ادريس عندما كان يتحدث عن مقاطعة داعمي الكيان المحتل في فلسطين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر