الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النموذج الياباني احسن لبغداد في معالجة الاكتظاظ فيها

محمد رضا عباس

2023 / 1 / 8
الادارة و الاقتصاد


أعلنت وزارة التخطيط العراقي ان عدد سكان بغداد بلغ 9 ملايين نسمة , ما يعني زيادة الاكتظاظ , وأصبحت المدينة الرابعة في الكثافة السكانية , حيث سبقتها ثلاث مدن فليبينية وتليها مدينة مومبابي الهندية . هذا وتعرف المدن المكتظة بحسب المعايير الدولية بانها تلك المدن التي تواجه خطر مواجهة نقص المساكن الجيدة والبنية التحتية والوصول الى الموارد .
بكلام اخر واكثر وضوحا ان بغداد تعاني من مشاكل نقص السكن , قلة مجاري الصرف الصحي , عدم وفرة ابنية مدارس تكفي لعدد الطلاب المتزايد , ضغط هائل على المستشفيات و المصحات , فوضى الأسواق , والازدحامات المرورية , حيث الصبح السفر من مدينة الى اخر قضية متعبة للجسد والمخ , سير بطيء و عدد كبير من "الفقراء" الذين يحيطون مع كل توقف للسيارات , بائع الورد, العك, الخبز , القهوة, الماء, والمتسولين من أطفال ونساء وكبار.
وزارة التخطيط بشرت بالتخطيط بأنشاء ثلاث مدن جديدة حول بغداد , عسى ولعل ان تخفف من وطأة ما تعانيه بغداد التاريخية من زحف سكان المحافظات القريبة منها . ولكن انشاء ثلاث مدن جديدة في بغداد سوف لن ينقذ بغداد من الازدحامات ما لم تعالج المشاكل التي تعاني منها المحافظات الأخرى. بغداد ستكبر والمحافظات ستصغر , يعني ان بغداد سوف تحتاج الى ثلاث مدن جديدة كل ثلاث سنوات , وفي نفس الوقت تفرغ المحافظات المحيطة من بغداد من سكانها . ولماذا نلوم الزاحفين الجدد الى بغداد من المحافظات الأخرى , وهم لا يجدون مستقبلا لهم واولادهم في مدنهم التي ولدوا فيها؟
الطريق الاسلم والأكثر علمية هو تبني مشروع الهجرة المعاكسة , أي تشجيع المهاجرين الى بغداد بالرجوع الى قراهم ومدنهم , ولكن ليس بالطريقة التي تبنتها الحكومات قبل التغيير , منع السكن في بغداد لمن لا يحمل جنسية 1957 . العراق للجميع ولا يجوز للدولة تقرير اين يسكن المواطن . الحل شمول المدن خارج محافظة بغداد بالتنمية الاقتصادية , أي توفير الطاقة الكهربائية , الماء الصالح للشرب , قطع أراضي سكنية , تأسيس مناطق صناعية , تطوير المناطق الزراعية , وتوفير وسائل النقل من والى بغداد . ان وفرة العمل و السكن والمواصلات وتقديم معونات مالية لأصحاب الأطفال من الاسر لفترة زمنية محددة , بكل تأكيد سوف تستهوي الكثير من النازحين وعوائلهم بالرجوع الى محل سكناهم , وحسب المثل العراقي القائل " لو اروح الى بيت الله , مثل بيتي لا والله". الكل يريد العيش حول ناس يعرفهم ويعرف تقاليدهم وعاداتهم , يمشي في السوق ويعرف باعته , ويشارك جيرانه بأحزانهم وافراحهم .
هذا النموذج الراقي قد اتبعته مدينة طوكيو اليابانية , حيث قررت الحكومة اليابانية تقديم مليون ين ياباني (7500 دولار امريكي) لكل طفل للأسر التي تنتقل من طوكيو الكبرى , ويأمل المسؤولون ان تشجع المبالغ السخية المعروضة للعائلات التي لديها أطفال حتى سن 18 عاما على تنشيط المناطق وتخفيف الضغط على المساحة والخدمات العامة في طوكيو الكبرى , والتي يبلغ عدد سكانها 35 مليون نسمة.
وبينما كان هدف صناع القرار في اليابان هو تخفيف الكثافة السكانية في طوكيو , فان النتائج المتحققة الأخرى من هذا البرنامج هو إعادة الحياة الى مدن التي تضررت من الشيخوخة ونقص عدد السكان وهجرة الشباب الى طوكيو واوساكا ومدن كبيرة أخرى.
في العراق , تطبيق هذا البرنامج سيحقق فؤاد جمة على بغداد , للمحافظات التي حولها , على الثقافة العراقية , وعلى الاقتصاد العراقي. رجوع عوائل كثيرة الى مدنهم سوف يخفف وطأة الضغط المتصاعد على جميع مرافق الحياة في بغداد , من السكن الى الازدحامات . عودة العوائل الى محل سكناها يعني عودة هذه العوائل الى أعمالهم , زراعية او صناعية او خدمات , ولكن بكل الأحوال يشاركون في تطوير مدنهم الاقتصادي والاجتماعي. عودة الفلاح الى ارضه يعني تقليل العراق اعتماده على المنتوجات الزراعية الاجنبية , وحفظ عملاته الأجنبية لأغراض اقتصادية أخرى. أي يصبح في العراق قطاع زراعي ربما لا يوازي إنتاجية قطاع النفط , ولكنه سينافس القطاع في توفير فرص العمل , وتصبح نسبة البطالة من الصغر الى درجة لا يحتاج العاطل الرحيل الى مدينة أخرى.
ولكن الأهم , ونحن نتحدث عن بغداد , هو ان بغداد سوف ترجع الى عافيتها نظيفة وبدون صراخ الباعة , واصوات سيارات التكسي , وكثرة الباعة المتجولين مع كل توقف للسيارات. بغداد سترجع الى بغداديتها , بعد اضاعتها لهجة المهاجريين الجدد لها . يعني سوف تتقلص الثقافة العشائرية في بغداد , وتنتهي معها الكومه و النزاعات التي تظهر بين الحين والأخر لأتفه الأسباب, وستعود هيبة المعلم والطبيب والشرطي . ان المهاجر الذي نشا في الريف وفق نمط سلوك معينة قائمة على مبدأ العائلة والعشيرة والقبيلة , بكل تأكيد سيجد صعوبة في التعامل مع أبناء المدن وعاداتهم ويؤدي بهم الى العزلة او التمرد على قيم المدينة , فينتج عنها تحدي القوانين وارباك الشارع , وهذا ما تعانيه بغداد بالضبط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | وداعًا لأسعار السفر الباهظة.. نصائح ذهبية لقض


.. اندلاع حريق في مبنى البورصة التاريخي بالدنمارك




.. زيادة حد السحب من البنوك لـ250 ألف جنيه و30 ألفا من ATM يومي


.. كلمة أخيرة - لميس الحديدي: عملنا الإصلاح الاقتصادي النقدي عا




.. البنك المركزي رفع حدود السحب اليومي إلى 250 ألف جنيه، وإزاي