الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تهاجم المؤسسات النسوية؟ هل هي مشكلة في الوعي أم خلل في إيصال الرسالة؟

فدوى عبدالله
كاتبة صحفية

(Fadwa Abdullah)

2023 / 1 / 10
المجتمع المدني


"يسعون للاستيلاء على أبناءنا تحت مسميات التعنيف مثل الحكومة السويدية... انتبه أخي هل النقاش على أساس الإسلام أم هي المواثيق السيداوية ... ومن الذي منح الحق لتلك المؤسسات لتمثل النساء وأن تتحدث عن همومها... سيدمرون عائلاتنا وسيطلقون بناتنا"

هجمات وتعليقات وصلت لحد الشتم على بعض الأسماء المعروفة في العمل النسوي، وتوجيه الاتهامات ببث أفكار تسعى لتدمير استقرار المجتمع، ولكن من الواضح أن هذه التعليقات المسيئة والمشككة في عمل المنضمات التي تعمل في القطاع النسوي هذه المرة ليست عشوائية، بدت هذه الهبة من الهجوم على المؤسسات التي تعمل في قطاع المرأة، خلال حملة ال 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة، حيث تخصصت هجماتهم على كل الحملات الإعلامية التي تطلق في هذه الأثناء وخاصة أن المؤسسات تعتبر حملة ال16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة مناسبة لتسليط الضوء على واقع المرأة في المجتمع وتستعرض المؤسسات خلالها جهودها في رفع الوعي والحد من العنف داخل المجتمع.

جماعات وأفراد يعبرون عن سخطهم ورفضهم للحوار النسوي المطالب بالعدالة الاجتماعية للنساء، والعاملين والمطلعين جيدا يعلمون أن هذه المؤسسات باتت منفتحة للحوار على أساس النوع الاجتماعي، لتجعل من مطالبات التمكين والوصول في المجتمع عادلة لكل من الذكور والإناث، والحديث على أساس النوع وجد كضرورة مجتمعية في مساحة ليست النساء وحدها من يتضرر منها، ونتيجة لارتفاع السلوك العدواني، وهذا ما نشهده عبر الشاشات، يتحدث المجتمع المدني عن كل عنف مبني على أساس النوع. تعمل تلك القطاعات جاهدة للوصول لنظام شامل يحمي ضحايا العنف داخل المجتمع متصلا بكافة أطراف المجتمع، بداية من عملية التوعية المجتمعية بنبذ العنف ووصولا للإجراءات الحكومية التي يقع على مؤسسات الدول من خلالها حماية الضحية ومعاقبة الجاني.

من الذي يقود الهجوم:
غالبا هم من الرجال وبعض من النساء، هذا الهجوم يوجه بخطاب كراهية شديد اللغة على العاملين في هذا القطاع، كوصف النساء اللواتي يعملن في قطاع المرأة بالفاشلات إثر علاقات زواج فاشلة او وصفهن بالعوانس، وتشكيك ديني مرتبط بجلب ثقافات خادشه وغير مألوفة داخل المجتمع، ويعتبرون ان مؤسسات المجتمع المدني تعمل ساعية للإخلال بالنظام العام في البلد لهذا يهاجمون المؤسسات النسوية. غالبا المهاجمون لا يدركون الإطار العام التي تعمل فيه المؤسسات ويحاربون بلغة يعمها الجهل المطلق، فمثلا كان هناك هجوم شديد اللغة على إحدى الحملات التي تطلقها مؤسسة حول أهمية حرية الرأي والتعبير للشباب، بمعنى ان المحتوى لا يتحدث عن حقوق المرأة ولكن نص الهجوم كان يتحدث ان المرأة لا تحتاج تدخل من شرائع الغرب للحصول على حقوقها، والكثير من التعليقات المبنية على مفاهيم لا علاقة لها بالمحتوى، وهذا يدل على ان هذه الرسائل متخذة قرار الهجوم على نوع من الصفحات دون محاولة فهم ماذا تتحدث هذه المؤسسات.

ماذا تعمل المؤسسات النسوية في الحقيقة:
تعمل المؤسسات النسوية داخل مجتمعاتها وهي جزأ أساسي وتحتك به وبهمومه بشكل أساسي، لذا تضع على قائمة اهتماماتها كل ما يحتاجه المجتمع، بناء على عملها المتواصل داخل المجتمع، فالحوار النسوي الموجه للمرأة على انفراد بات معروفا بين العاملين في هذا القطاع خطابا عنصريا يستقصي الجزء الأخر، ولأنه لا يمكن ان تسند النساء دون وجود لغة خطاب واضحة مع الجنسين للوصول لعدالة حقيقية، وعلى هذا الأساس في الوقت الحالي تعمل المؤسسات بتشاركية في الفرص بين الجنسين، مراعية التعددية. ولا تتوقف في خدماتها لحد تمكين النساء فقط بل تتسع لمختلف القضايا المجتمعية المتصلة بالمواطن، وحتى ان لم تكن ضمن أهدافها الإستراتيجية هي لا تقف مكفوفة اليدين تجاه أي تغير مجتمعي وبحاجة لمسؤولية مجتمعية.

لماذا تهاجم المؤسسات النسوية:
المبدأ التي ترتكز عليه المؤسسات النسوية هي التشريعات الدولية والمحلية، وخاصة الاتفاقيات الملزمة بها البلاد التي تعيش بها، فالأساس في استحداث الاتفاقيات هي الحكومات التي لا تصارح شعوبها بهذه الحقائق، وخاصة المتعلقة بقوانين تحمل إجراءات تغيير تتعارض مع الثقافات المجتمعية، فتوجه موجة النقد بتجاه المؤسسات كونها هي التي تتحدث بها وتضعها امام اعين الجمهور، وتبقى الحكومات تتخذ غالبا موقف سلبي، حتى ان مؤسساتها الإعلامية وبرامجها التنموية لا تكون جزأ من عمليات توضيح المفاهيم للجماهير، الجمهور على جهل كامل بأن هذه النصوص تخضع لعملية موائمة لثقافة أي مجتمع، إلا في حال كانت هذه المجتمعات تعتبر العنف والقتل بحد ذاته ثقافة مجتمعية، ويحاربون كل محاولة تسليط الضوء عليها.
المواطن هو المستفيد الأول من الخدمات التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني، على اختلاف خدماتها وعلى الرغم من ذلك هو اول مهاجم في بداية حوار لها حول الشأن العام، فمثلا قطاع غزة، بسبب عدم الاعتراف في حكومة غزة، يضخ التمويل في مؤسسات المجتمع المدني، حيث أصبحت بعض المؤسسات تلعب دور الحكومة في تقديم الخدمة وهذا يتعارض أجمالا مع الدور الأساسي لمؤسسات المجتمع المدني والتي تقع عليها مهمة الرقابة والضغط على الحكومات. وقد يعزى هذا الهجوم لمشكلة في اللغة التي تخاطب بها هذه المؤسسات المجتمع، فاللغة قد لا تبدو واضحة للجمهور تحمل مصطلحات جديدة غير مفسرة، ويضاف لذلك ان عمل مؤسسات المجتمع المدني يأخذ شكلا مهنيا وقالبا بعيدا عن تطلعات الجمهور الحقيقية، فعدم فوجود قاعدة جماهرية لديها ثقة بما يطرح على الساحة ناتج عن عدم وجود تواصل مستمر مع الجمهور. هذه الفجوة في العمل جعلت الكثير من الخدمات الموجه تصل للفئات المستهدفة غير واضحة وعليه أصبحت العلاقة مبنية على الاستفادة المباشرة من الخدمات التي تلامس المستفيدين من الأنشطة والمشاريع التي تعمل عليها المؤسسات، وهذا ينعكس على رضى الجماهير على أداء المؤسسات.

من سيهاجم العنف:
تهاجم المؤسسات بكونها تحمل أفكار سيداويه للمجتمع، وماذا عن العنف هل هو متصل بثقافة أو حتى دين؟؟
المطالب المجتمعية المستمرة دائما تطالب بالتغيير، وبالرغم من حجم قبول التغيير في الوقت الحالي إلا أن العنف لا يضع له حدود واضحة، تهاجم المؤسسات والقطاعات والأفراد التي تتحدث عن حماية النساء، كونها تحمل أفكار تبشيرية لا علاقة لها بالمجتمع، ولكن الخطاب المضاد لماذا لا يرتقي لوضع خططه لدثر كافة أشكال العنف في المجتمع، بكل بساطة سيقوم أحدهم بمهاجمة إحدى المواد المكتوبة على خلفية قتل فتاة، لكون صاحبة الحساب تعمل داخل قطاع المرأة، ولكن أنتم ماذا ستفعلون لأجل العنف داخل مجتمعاتكم، هل بالهجوم؟، بوصف النساء العاملات "بالمطلقات والعوانس"، وهنا تسطر بداية موجة جديدة من العنف على النساء العاملات في استنزاع حقوق نساء أخريات، وأنتم شركاء مرتكبي جرائم القتل.

وإن أجملنا على أن هناك مشكلة في وضوح الرسالة والوسيلة التي تعمل بها المؤسسات في التواصل مع الجمهور لكنها تمتلك رؤية وأهدافا واضحة ومحددة تخدم المجتمع بكافة شرائحه، ولا يمكن لبعض من الأفراد التشكيك بمسارها المهني وهم يقودون هتافات عشوائية هدفها فقط الهجوم، وإن كان الهدف الأساسي هو الحفاظ على النسيج المجتمعي كان من الأجدر التوجه لدعم نبذ كافة أشكال العنف باللغة التي يعتبرونها الأفضل للتعبير عن مجتمعاتهم دون اختيار الصمت عن العنف، المطلعين على عمل المؤسسات يعلمون جيدا ما هي المساحات التي توفرها للنساء سواء تمكين اقتصادي أو دعم نفسي، وحماية في حالة التهديد الشديد، تواصل هذه المؤسسات عملها بالرغم من القيود التي يفرضها عليها الانقسام في قطاع غزة، وقيود سلطات الاحتلال على مؤسسات المجتمع المدني في الضفة الغربية وأراضي ال48، والتمويل المشروط على كافة المؤسسات في الأراضي الفلسطينية، التي يفرضها عليهم الممولين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة.. قيود غربية على حرية التعبير؟ • فرانس 24 / FR


.. شبكات | أبو عبيدة يحذر من مصير الأسرى في قبضة القسام.. ما مص




.. ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية


.. -الأغذية العالمي-: غزة ستتجاوز عتبة المجاعة خلال 6 أسابيع




.. التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية: العالم على حافة الهاوية