الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُتابعات – نشرة أسبوعية العدد الأول 07 كانون الثاني/يناير 2023

الطاهر المعز

2023 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


بعض ملامح الوضع الدّولي بنهاية سنة 2022
تُهيمن الولايات المتحدة على العالم، من خلال التحكم في التحويلات المالية الدّولية وتقويم أسعار المواد الأولية والمبادلات التجارية التي تتم بالدّولار (العملة الإحتياطية الدّولية الأولى )، الذي يمكن للولايات المتحدة طبعه بكميات غير محدودة، لتستفيد الولايات المتحدة من كافة عمليات البيع والشراء والتبادل التجاري الدّولي بالدّولار، وبذلك يبقى الإستقلال الإقتصادي للدول منقوصًا، فلا تتمكن تلك الدّول من إنشاء الائتمان السيادي الخاص بها ومن تطوير مجتمعاتها اعتمادًا على ثقافة وعادات وتراث شعوبها، بل تقوم الدول التي تبيع النفط أو المواد الخام والمعادن الأخرى بالدولار، بخدمة المصالح الأمريكية وبتمويل الهيمنة الأمريكية...
انزعجت الولايات المتحدة من قرار الصّين التعامل بعملتها الخاصّة، لتطوير البلد دون الحاجة إلى إعادة تدوير الأرباح بالدولار الأمريكي، رغم شراء الصين حجمًا كبيرًا من السندات وسندات الخزانة الأمريكية، وأثبتت الولايات المتحدة أنها ( رغم الحديث عن حُرِّيّة الأسواق، والتبادل التجاري الحُر ) لن تسمح أبدًا بوجود منافس، بل تعتبر كل مُنافس عَدُوّاً وجبت مُحاربته، ومحاولة تدمير الدّول التي تدعو إلى إنشاء عالم "متعدد الأقطاب"، لكسر منظومة "القطب الواحد"...
كما عملت الولايات المتحدة على استمرار واستدامة النظام الاستعماري الجديد بزعامتها، ولهذا السبب تحاول تدمير كل تطور ممكن، وتطبيق سياسة "فرِّق تسد" ضد أي شكل من التحالف "الأورُآسيوي"، وهي السياسة التي أضرّت كثيرًا بمصالح البلدان والشُّعُوب الأوروبية، منذ انهيار الإتحاد السوفييتي، وإطلاق حلف شمال الأطلسي (الذي تقوده الولايات المتحدة) حُرُوبًا بدأت بتفتيت يوفسلافيا، ولا تزال مُستمرة في أوكرانيا، خدمةً للهيمنة المالية والعسكرية الأمريكية.
تهيمن الولايات المتحدة كذلك على المؤسسات الدّولية، السياسية (الأمم المتحدة)، والمالية ( البنك العالمي وصندوق النقد الدّولي) التي أجبرت الدول الفقيرة على قبول القروض المشروطة بتخريب الإقتصاد المحلي وتوجيه إنتاج المحاصيل نحو الزراعات التي لا تستطيع أو لا ترغب الدّول الرأسمالية المتطورة إنتاجها، ولا يحصل المزارعون والمنتجون المَحَلٍّيُّون سوى على نسبة ضئيلة من الأرباح...
واصلت الصين، خلال سنة 2022، إنجاز مشروع الحزام والطريق (طريق الحرير الجديد) ما مكّنها من تخفيف ضغط الخناق والحصار الذي أقرّته الولايات المتحدة ضدّها، كما تمكنت من تهدئة الخلافات مع الهند (وكلا البلدَيْن عضو في مجموعة "بريكس")، وعززت علاقاتها مع روسيا وإيران وباكستان والسعودية، إلخ، وسمح توسيع نطاق التعاون الروسي الصيني بتعزيز موقعهما في غرب آسيا (دول المشرق العربي + إيران وتركيا) وكذلك في أمريكا الجنوبية، لكننا نلاحظ كذلك ( كعرب وتقدميين )، تعزيز علاقاتهما مع الكيان الصهيوني، لأنهما دولتان رأسماليتان، لا مبادئ لهما سوى غزو أسواق جديدة ووجود حلفاء جدد، رغم الإرتباط الوجودي للكيان الصّهيوني بالإمبريالية الأمريكية، ورغم الضّرَر الذي تُلْحِقُهُ الدولة الصهيونية بالمصالح الروسية منذ بداية القرن الواحد والعشرين، وخصوصا في أوكرانيا، منذ 2014، وقبلها في جورجيا (2008)، ولم يؤثر ذلك على تعاطف روسيا مع الجيش الصهيوني الذي زاد من اعتداءاته على الشعبين السوري والفلسطيني.
طوّرت الصين علاقاتها مع الجيران الآسيويين، وكذلك مع أفغانستان التي لها حدود مشتركة معها، ولئن لم تعترف الصين بَعْدُ بإدارة طالبان فإنها ترغب في دمج البلاد في مبادرة الحزام والطريق، نظرًا لموقع أفغانستان الاستراتيجي، واحتضنت الصين كذلك الاجتماع الثالث لجيران أفغانستان، الذي انعقد في ربيع عام 2022، بهدف كسر عزلة أفغانستان.
وقعت الحكومة الأفغانية بقيادة طالبان، في الخامس من كانون الثاني/يناير 2023، عقدًا مدته 25 عامًا مع شركات صينية لاستخراج النفط من المقاطعات الشمالية للبلاد (حقل نفط آمو داريا)، وهي أول اتفاقية لحكومة طالبان، لاستخراج المواد الخام مع دولة أجنبية منذ عودة طالبان إلى السلطة في آب/أغسطس 2021. ومن المتوقع أن تستثمر الشركات الصينية 150 مليون دولارًا سنويًا في أفغانستان، وتبلغ حصة أفغانستان 20% مبدئيًا وقد ترتفع تدريجيا إلى 75%، وفقًا لسفير الصين في أفغانستان، الذي لم يقدم مزيدًا من التفاصيل.
تعتقد الصين ودول أخرى في الجنوب أنه يجب على حلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة تحمل مسؤولية إعادة البناء الاقتصادي لأفغانستان، التي دمرتها لمدة عشرين عامًا، ثم غرقت أفغانستان في أزمة إنسانية، بسبب الحصار الاقتصادي "الغربي" والرفض الأمريكي لإعادة احتياطيات النقد الأجنبي إلى الحكومة الأفغانية ...
لدى الصين وروسيا مقاربات وتقييمات مختلفة للوضع الدولي، ومصالح وأهداف غير مُتجانسة، لكن عدوانية الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي دفعتهما إلى تعزيز العلاقات والتعاون، سنة 2022، لمصلحة الصين وعلى حساب روسيا، وعلى سبيل المثال، لا تظهر الصين دعمًا صريحًا لروسيا بشأن حرب أوكرانيا، لكن الرئيسين الصيني والروسي ناقشا تعميق الشراكة الإستراتيجية، خلال محادثات بالفيديو في أواخر العام 2022، في ظل النمو القياسي للتجارة الثنائية التي يمكن أن تصل قيمتها، سنة 2024، إلى نحو 200 مليار دولار، بأسرع مما كان متوقعًا "، وأعلن الرئيسان "إن أسس نظام عالمي ديمقراطي يقوم على حق الدول في تقرير مصيرها ووضع حد للاستفزازات الأمريكية غير المسبوقة التي تضر بمصالح الصين وروسيا "
أعلن الرئيس الصيني أن بكين ستستضيف منتدى الحزام والطريق الثالث سنة 2023، وهو البرنامج الذي تم إطلاقه سنة 2013، لتقويم ما أُنْجِزَ، ولتوسيع البرنامج إلى مناطق أخرى، وإلى جانب "الحزام والطّريق"، تشارك الصين وروسيا والهند وإيران في برامج إقليمية منها "ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب"، الذي يهدف تطوير شبكة مترابطة من الشراكات التجارية، ونجحت الصين في دمج إيران في هذين المشروعين، ما يخدم استراتيجية الصين ويسمح لإيران بالصمود ضد أوروبا والولايات المتحدة، ووقّعت الحكومة الإيرانية اتفاقية تعاون مع الصين ( ضمن مشروع الحزام والطريق ) مدتها 25 عامًا، لتصبح إيران شريكًا في طريق الحرير الجديد وعضوًا كاملًا في منظمة شنغهاي للتعاون، ووعدت الصين باستثمار 400 مليار دولار على مدار 25 عامًا كجزء من اتفاقية التعاون مع إيران، مقابل إمداد منتظم من النفط الإيراني بسعر مناسب للغاية ، يتم دفعه باليوان. تخطط الصين للاستثمار في قطاعات البتروكيماويات والتصنيع والبنية التحتية "، كما أبرمت إيران اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، الذي يضم روسيا وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان، ما يُمثّل انفتاحًا للاقتصاد الإيراني على آسيا الوسطى والمحيط الهندي والمحيط الهادئ، بفضل ممر الخط التجاري العابر لإيران الذي يربط أوروبا بجنوب وجنوب شرق آسيا (لم يكتمل بعدُ)، الذي سوف يُصبح وسيلة النقل الأسرع والأرخص، مما سيسمح كذلك لإيران الالتفاف على العقوبات الأمريكية والأوروبية، كما إن إيران شريك كذلك في مشروع الممر الكهربائي الرئيسي بين روسيا ومنطقة القوقاز وإيران.
تحتاج الصّين كميات كبيرة من النّفط والغاز لمصانعها ولإنتاج الطاقة، وهي أكبر مستورد للنفط والغاز في العالم، ولذلك تعقد حكومتها صفقات مع روسيا ومع إيران ومع دُوَيْلات الخليج، وأعلن الرئيس الصّيني أنه مستعد للعمل مع دول الخليج ووضع "نموذج جديد للتعاون متعدد الأبعاد في مجال الطاقة في غضون ثلاث إلى خمس سنوات"، ووعد خلال زيارته للسعودية (القمة العربية- الصينية، من السابع إلى التاسع من كانون الأول/ديسمبر 2022) بـ "تعزيز التعاون في مجال خدمات هندسة وتخزين وتكرير ونقل المحروقات والطاقة" مقابل الاستخدام الجزئي للعملة الصينية في التجارة، وتقترح الصين استبدال المعادلة الأمريكية "النفط مقابل السلاح" بمعادلة "النفط مقابل التنمية المستدامة: أي بناء المصانع وخلق فرص عمل تسمح بتطوير الخبرات والمؤهلات".
تشكل هذه الأمثلة بعضًا من النشاط الصيني والروسي لسنة 2022، وقد تَكون بداية التغيير الذي يخدم هدفهما لتأسيس "النظام العالمي متعدد الأقطاب" الذي بدأ العمل على إنجازه مع أعضاء "البريكس" التي تأسست منذ سنة 2006 وعقدت أول قمة لها سنة 2009، ثم وسّعت الصين شراكاتها عبر مشروع الحزام والطريق ...
تُمثل تجارة الصين مع الدول الأعضاء في الآسيان حصة أكبر من التجارة مع أوروبا أو أمريكا الشمالية، ولذلك تتمثل استراتيجية الصين في دمج أكبر عدد ممكن من الدول الآسيوية في مشاريعها، ونجحت في جنوب شرق آسيا، في دمج الحلفاء الأمريكيين (أعضاء مؤتمر التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ - APEC) في مشروع الحزام والطريق، مثل تايلاند التي سوف تستفيد من خط السكك الحديدية بطول 600 كيلومتر لمرور قطار فائق السرعة، الرابط بين الصين ولاوس، ويتوقع أن تكتمل الأشغال بحلول العام 2028، وتنفذ الصين ثلاثة مشاريع أخرى للسكك الحديدية والقطارات فائقة السرعة في إندونيسيا وماليزيا والفلبين، ضمن مشروع الحزام والطّريق.
على المدى الطويل ، تهدف الصين بشكل أساسي إلى تطبيق نفس استراتيجيتها في غرب آسيا وتعميمها في مناطق أخرى، عبر جنوب شرق آسيا، ونجحت في جذب دول من الجنوب، وإبعادها عن مجموعة العشرين حيث أصبحت الهيمنة الأمريكية واضحة للغاية، وتحولت مجموعات الدّول الرأسمالية المتطورة إلى "نقابة" للإمبريالية، وفقًا لدراستين نشرهما مصرف "كريدي سويس" في 27 و 29 كانون الأول/ديسمبر 2022.
تُعتَبَرُ هذه الفقرات مُحاولةً للتعريف ببعض ما يجري من حولنا، ولفهم أبعاد العلاقات الدّولية بين "الشرق والغرب" وبين "الجنوب والشّمال"، أي بين الدّول الرأسمالية المتطورة، في حقبة الإمبريالية، ومجموعة الدّول الأخرى، وهي غير متجانسة، لكنها مُستَهْدَفَة من قِبَل الإمبريالية الأمريكية وحُلفائها في حلف شمال الأطلسي، كالإتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا، ويُشكل الكيان الصهيوني بالنسبة لنا كعرب (والأقليات داخل الوطن العربي) أكبر خطرٍ مُباشر، له مُخطّطاته الخاصّة، ضمن مُخَطّط استعماري شامل تقود الإمبريالية الأمريكية...
قد تكون متابعة الخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة والصين وروسيا وحلفائهما من جهة أخرى، مُهِمّة لو تمكّنّا من استغلالها، ولو كان لنا (كعرب تقدّميين أو ثورِيّين) برنامج تحرر وطني واجتماعي، لكننا في حالة ضعف يجعلنا نكتفي بمحاولة فهْم ما يجري، بالتوازي مع العمل من أجل بناء قُوّى ثورية لتحرير الأرض من الإحتلال ولتحرير الإنسان من الإستغلال والإضطهاد...

أي مُستقبل لنا على ضوء الوضع الإقتصادي لسنة 2022 وآفاق 2023

استمرت مظاهر التناقضات بين القوى الإمبريالية وتمثلت في استمرار الصراعات بين القوى العظمى (الولايات المتحدة والصين وروسيا) خلال عام 2022، ورغم حالة الهشاشة التي تبرز بين الحين والآخر، لا تزال الإمبريالية الأمريكية تُمثِّل الخطر الأعْظَمَ على الإنسانية، خصوصًا وإنها تقود حلف شمال الأطلسي، وتقود وراءها أستراليا واليابان وكندا وكذلك أوروبا التي تقَهْقَرَ دورها ضمن الرأسمالية المُعَوْلَمَة، فخاطرت بربط مستقبلها الاقتصادي بمستقبل الولايات المتحدة. أما الاقتصاد الصيني الذي حل محل الولايات المتحدة، كقاطرة للاقتصاد الرأسمالي العالمي، فإنه دَوْرَهُ يتعزّز، رغم الحرب الإقتصادية والتجارية التي تشُنّها الولايات المتحدة وحلفاؤها، وتمكنت الصين من الإلتفاف على مُعظم القرارات الأمريكية، من خلال استثماراتها الخارجية ومن خلال خطة "الحزام والطّريق"، أو طريق الحرير الجديدة، وإذا ما تحقّقَ تحالف الصين مع روسيا، فمن المتوقّع أن يضع حداً للهيمنة الأمريكية التي بدأت منذ الحرب العالمية الثانية، وتعززت بفعل التحالف مع الاتحاد الأوروبي، لإطلاق الحرب التجارية والاقتصادية ضد روسيا والصين، وسياسات الحصار المالي والتجاري التي بدأت بكوبا وكوريا الشمالية وإيران ولا تزال متواصلة ضد سوريا وفنزويلا وغيرها، ويُعاني المواطنون من عواقب هذه الحرب الاقتصادية، بمن فيهم مواطنو أوروبا، بفعل ارتفاع أسعار الطاقة واضطرابات سلسلة المبادلات التجارية وشبكات التوريد، وبسبب التضخم والارتفاعات المتتالية لأسعار الفائدة ...
نشر مركز الدراسة والبحث الفرنسي ( "Ecole de Guerre Economique" )، خلال تشرين الأول/اكتوبر 2022، كتابًا بعنوان "الحرب الاقتصادية: من هو العدو؟ (Guerre économique : Qui est l’ennemi ? - (Economic War: Who Is the Enemy?) ) عرض (الكتاب) نتائج استطلاع أجري خلال شهر تموز/يوليو 2022 بين خبراء الأعمال الفرنسيين، وطلب الباحثون من المستَطْلَعَة آراؤهم تسمية خمس قوى أجنبية تهدد مصالح فرنسا بدرجة أولى، وأجابت الأغلبية الساحقة ( أكثر من 90% ) بأن الولايات المتحدة شكلت أكبر تهديد لفرنسا، تليها الصين وألمانيا وروسيا وبريطانيا، بترتيب تنازلي. هل يمكننا اعتبار هؤلاء الذين أشاروا إلى الولايات المتحدة كخطر أساسي، حُلَفَاءَ للبروليتاريا أو للشعوب المُسْتَعْمَرَة والمُضْطَهَدَة، في كفاحها ضد الإمبريالية الأمريكية والسلطات المَحَلِّيّة؟ بالتأكيد لا، لأن العديد من القادة والمُتَنَفِّذِين (اقتصاديا وسياسيا) حول العالم ينتقدون ويستاءون من الهيمنة الاقتصادية التي مارستها الولايات المتحدة لمدة 75 عامًا، لكن طُمُوحاتهم لا تتجاوز الحصول على حصة إضافية من ثمار استغلال الكادحين وثروات الشعوب والبلدان الواقعة تحت الهيمنة...
تكاد تُجْمِعُ البحوث والدّراسات على تراجع الإمبريالية الأمريكية وفقدانها بعض قُوَّتِها، خصوصًا في آسيا، منذ هزيمتها في فيتنام، لكن لم تستفد البروليتاريا والشعوب المضطهدة من هذه الهزيمة، ويُمكن التّأكيد على استفادةِ النظام الصيني من تلك الهزيمة، على حُدُوده، وأصبحت الصين (تدريجيًّا، وليس بين عشية وضحاها) المنافس الاقتصادي الأول للولايات المتحدة التي نجحت في القضاء على الحليف الياباني، والمنافس في ذات الوقت، كما عرقلت تَحَوُّل أوروبا إلى منافس قوي، خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين.
تم استبعاد العمال والفقراء، لعقود من الزمن، من إعادة توزيع الثروة والدخل، ولذلك أطلقت الطبقة العاملة في الولايات المتحدة، وبالأخص منذ صيف 2021، سلسلة من الاحتجاجات، من أجل رفع الرواتب (انطلقت الحملة منذ 2015) وتحسين ظروف العمل وتجديد عقود العمل الجماعية وتضمينها التأمين الصحي، وفي العام 2022، لم تعد الطبقة العاملة في العديد من البلدان مستعدة للإستمرار في الإكتفاء بدور الضحية الأبدية، المتضررة من إعادة التوزيع غير المتكافئ والظالم والتوزيع غير المتكافئ لثمرة الإنتاج، بين رأس المال والعمل، ولكن، ولسوء الحظ، لم ينسق ضحايا الرأسمالية في أمريكا الشمالية والعالم تحركاتهم ونضالاتهم، ولم يتمكّنوا من عقد التحالفات الكافية القادرة على هزيمة أعدائهم الرأسماليين الذين استخدموا تكتيكاتهم المعتادة (زيادة الأسعار والتضخم ورفع أسعار الفائدة...) والتّعَلُّل ب"صعوبة الوضع"، لكسب المعركة مرة أخرى، بمساعدة وسائل الإعلام التي يمتلكها نفس الرأسماليين الأعداء!
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبح النظام الرأسمالي العالمي، بقيادة الولايات المتحدة، يُتيح لأقلية، تمثل 1% فقط من سكان العالم، السيطرة على الاقتصاد العالمي وفرض ظروف العيش وظروف العمل السيئة والهشاشة على غالبية سكان العالم، ولو تمكّنَت أغلبية سكان كل بلد على حدة أو أغلبية سكان العالم من الأُجَراء وصغار الفلاحين والعمال والفقراء، من تنسيق نضالاتهم وتنظيمها بهدف إنجاز الدّيمقراطية الحقيقية (حُكْم الأغلبية الكادحة، أو المُنْتِجَة للثروات) لتَغَيَّرَ ميزان القوى لأصْبَحَ بالإمكان الإطاحة بهذا النظام الجائر الذي يسيطر على الاقتصاد ولكنه أيضًا يوجه النظام السياسي ووسائل الإعلام التي ليست سوى أداة للدعاية الأيديولوجية.
لا يتميز قادة وشعوب بلدان "الجنوب" بالتّجانس (بسبب التطور والنمو والتاريخ المختلف ) بما فيه الكفاية وهي ليست مُنَظَّمَة بما يكفي لمقاومة نهب مواردها (المادية والبشرية) والمشاركة في انهيار هذا العالم الرأسمالي القديم. في الواقع ، لا يزال البديل غير واضح، إذْ يطمح بعض خصوم الولايات المتحدة إلى استبدال العالم "أحادي القطب" بـ "عالم متعدد الأقطاب"، في إطار النظام الرأسمالي العالمي نفسه، وإن تحقَّقَ ذلك، فلن يشكل تغييراً جذرياً لوضع الطبقة العاملة أو الشعوب المضطَهَدَة، هذا إن حصل تغييرٌ مَا في الوضع العالمي.
لقد تعثرت الرأسمالية العالمية مرات عديدة ، خلال عقدين من الزمن ( من ذلك أزمة شركات الإتصالات والإنترنت سنة 2000 وأزمة الرهن العقاري سنة 2008 وأزمة كوفيد -19 سنة 2020)، لكن الأزمات جزء من مسيرة النظام الرأسمالي الذي تمكّنَ من التّعافِي في كل مرة، وذلك بفضل ميزان القوى الذي كان دائمًان ولا يزال، لصالح الرأسمالية التي قد تُبادِرُ أو تضطَرُّ إلى تحوير بعض مظاهر أو جزئيات الإستغلال والإضطهاد، لكن النظام الرأسمالي لن ينهار من تلقاء نفسه، جراء الأزمات، أو من خلال المواجهة بين الصين والولايات المتحدة، بل ينهار إذا اشتدّت المُقاومة ضدّه من قِبَلِ أعدائه الطّبَقِيِّين (الطبقة العاملة والشُّعُوب المُضْطَهَدَة) إن التحول من الرأسمالية الاحتكارية المُعَوْلَمَة النيوليبرالية، بقيادة الولايات المتحدة، إلى "القومية الاقتصادية المُعَوْلَمَة" بقيادة النظام الصيني، لن يُساهم في تحرير الطبقة العاملة الصينية ولا الطبقة العاملة الأمريكية، ولا البروليتاريا العالمية من الاستغلال، ولا الشعوب المضطَهَدَة من قِبَلِ الإمبريالية الأمريكية والأوروبية ولا الشعب الفلسطيني من الإحتلال الإستيطاني الصّهيوني...
كان بالإمكان أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى تغيير ميزان القوى داخل النظام الرأسمالي، لو لم يشكّلْ الاتحاد الأوروبي درعًا للإمبريالية الأمريكية التي لا تتردد في تفضيل مصالح الشركات الأمريكية، بل تقدّم الولايات المتحدة مُساعدات حكومية جديدة لشركات قطاعات الصناعة والزراعة والتكنولوجيا، ضاربة عرض الحائط بمصالح "الحلفاء" وشركاتهم في كندا أو الإتحاد الأوروبي، أو أستراليا واليابان، وفرضت السّلطات الأمريكية حظرًا على المحروقات الروسية التي تستوردها أوروبا، دون الإهتمام بنتائج هذا القرار على الاقتصاد الأوروبي الذي يطبق قرارات الولايات المتحدة رغم الضّرر الذي يلحق مصالح القطاعات الاقتصادية والمواطنين الأوروبيين الذين يعانون من ارتفاع الأسعار والتضخم، جراء تطبيق هذا القرار...
من المحتمل أن تكون الإمبريالية في حالة انحدار (بطيء للغاية)، لِتَبْرُزَ الصين كقوة رأسمالية جديدة ذات نفوذ عالمي، والقوة العظمى الوحيدة الأخرى المحتملة هي الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال غير منسجم، فضلا عن "خضوعه" للولايات المتحدة، سواء عبر حلف شمال الأطلسي أو عبر المؤسسات الرأسمالية الدّولية الأخرى...
يُمكن اعتبار الاقتصاد الصيني نسخةً هجينةً تجمع بين رأسمالية الدولة من خلال الشركات والمصارف التي تسيطر عليها (النسخة الصينية من "الاشتراكية") والشركات الرأسمالية الخاصة، ويشترك الصّنفان من الشركات في العلاقات العمودية أو الهَرَمِية بين العُمّال وأرباب العمل (أو طاقم التّسْيِير الذي تُعيّنه الحكومة)، ولا يُمكن لهذا النوع من "الاشتراكية" أن يحرر البروليتاريا أو يمكّنها من حُكْمِ البلاد وتوجيهها، لذا لا يمكن أن تكون النسخة الصينية لما يسمى "الاشتراكية" هدفا لنضال البروليتاريا والشعوب المضطهدة.
بالنسبة لنا، كشعوب عربية مضطهدة أو مستعمَرة أو تسيطر عليها الإمبريالية ووُكلاؤها، فإن استبدال هيمنة قوة رأسمالية مَقَرُّها أمريكا الشمالية، بقوة رأسمالية أخرى، مقرّها آسيا، لا يمكن أن يساعدنا في تحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة. إن تحرُّرَنا، كشعوب مُضْطَهَدَة أو طبقات مستغَلّة، لا يمكن أن يتحقق إلا باتحادنا ونضالنا، ضد الإمبريالية والصهيونية والقادة المحليين، الذين يمثلون مصالح الرأسمالية المعولمة... يجب أن نستخلص الدُّرُوسَ ونتعلم من مصير ونتائج الانتفاضات التّلْقائية التي لم تؤد إلى التغييرات المنشودة، بسبب التفاف القوى الرجعية على نتائجها، وبسبب عدم وجود تنظيم مستقل للبروليتاريا والمستغَلّين والكادحين والمُضْطَهَدين ...

رأس المال المُعَوْلَم
ترتيب أكبر الشركات العالمية وأهم القطاعات المُرْبِحَة
تهيمن الشركات الأمريكية على سوق الأوراق العالمية (وعلى النظام الرأسمالي العالمي)، بحسب التصنيف السّنوي لشركة الإستشارات والمُحاسبات "إرنست أند يونغ"، حيث احتلت 61 شركة أمريكية قائمة أكبر مائة شركة بحسب رأسمالها في السوق العالمي بنهاية العام 2022، وتأتي شركة آبل ( Apple ) في صدارة الترتيب بقيمة 2,3 تريليون دولار، رغم انكماش قطاع التكنولوجيا وتباطؤ نَسَق المبيعات سنة 2022، وتجني آبل نصف إيراداتها الإجمالية من مبيعات هواتف "إيفون"، تليها شركة مايكروسوفت ( Microsoft ) في المركز الثاني، بقيمة 1,9 تريليون دولارا، رغم انخفاض الطلب على أجهزة الكمبيوتر الشخصية، وأصبحت شركة النفط السعودية "أرامكو" ثالث أكبر شركة، بقيمة 1,8 تريليون دولار، وهي الشركة الوحيدة غير الأمريكية ( ظاهريًّا أو إسْمِيًّا ) في المراكز العشرة الأولى، بفعل ارتفاع أسعار المحروقات، تليها شركة "ألفابت"، الشركة الأم لغوغل بقيمة 1,2 تريليون دولار، وأمازون، بقيمة 924 مليار دولارا...
شهدت معظم الشركات الكبرى تراجعاً في قيمها السوقية، أهمها شركة "تسلا" التي خسرت حوالي 70% من قيمتها بالأسواق، بسبب انخفاض الطلب وخاصة في الصين، فيما حصلت شركة التأمين "يونايتد هيلث غروب" على أقوى أداء بين أفضل 10 شركات بفضل ارتفاع أرباح قطاع التأمين المُصنّف ضمن الشركات المَالية، مثل المصارف.
أصبحت الشركات الصينية (بما فيها هونغ كونغ التي تتمتع بوضع خاص) تحتل 15 موقعًا في قائمة أكبر مائة شركة عالمية، سنة 2022، مقابل عشر شركات سنة 2021، وأصبح لدى الهند شركتان، واليابان شركة واحدة.
أظهر التصنيف انخفاض عدد شركات التكنولوجيا من 28 شركة سنة 2021 إلى 21 شركة سنة 2022، في قائمة أكبر مائة شركة، خلافًا لشركات قطاعَيْ "الطاقة" و"الصناعة" التي ارتفع عددها من خمسة إلى ثمانية خلال عام واحد.
تحتل سويسرا "المُحايدة" مرتبة خامس أكبر مركز للشركات العالمية الأعْلَى قيمةً في سوق الأسهم، وموطنٌ لثلاث شركات من بين مائة أكبر شركة عالمية، منها "نستليه" بقيمة 321,2 مليار دولار، إضافة إلى مجموعَتَيْ "روش" و "نوفارتيس" المختصتان في صناعة الأدوية والمستحضرات العلاجية، فيما يستمر تراجع تصنيف أوروبا، منذ الأزمة المالية، من 46 شركة أوروبية ضمن الشركات المائة الأكبر والأهم في العالم، سنة 2007، إلى 15 شركة فقط تقع مقراتها الرئيسية في أوروبا، سنة 2022، مقارنة ب 19 شركة في آسيا، ووردت خمس شركات فرنسية ضمن أكبر مائة شركة عالمية، منها مجموعة السلع الفاخرة الفرنسية "أل في أم أش" (LVMH)، التي احتلت المركز الخامس عشر، سنة 2022، وغابت شركات ألمانيا عن التصنيف، فيما صمدت أربع شركات بريطانية وبقيت ضمن الشركات المائة الأعلى قيمة.


مظاهر الإنحدار الأمريكي البطيء
باتَت الولايات المتحدة في حالة حرب دائمة لا نهاية لها، منذ حوالي قَرْن، ولا تزال القوات الأمريكية، في بداية سنة 2023، تحتل أجْزاء من سوريا والعراق والصومال والعديد من الدول الأخرى، ولها قرابة 850 قاعدة عسكرية في أكثر من 70 دولة، وميزانية حرب بنحو تريليون دولار سنويًا، وتُعَدُّ الأسلحة من أهم الصادرات الأمريكية، حيث يتغير الرؤساء لكنهم جميعًا يؤيدون توسيع نطاق العدوان المسلح ضد شعوب العالم، ويترافق كل عدوان مُسلّح مع إجراءات اقتصادية مثل الحصار والتطويق و "العقوبات" التي يُمكن فَرْض تطبيقها بفضل سيطرة الدولار على النظام المالي والتبادلات التجارية، ما يجعل الجيش الأمريكي يدمر دولاً مثل صربيا أو الصومال أو العراق أو أفغانستان، وينهب الثروة ولا يقدم أي تعويض أو جبر للأضرار.
اتّفق السياسيون والرئيس الأمريكي وأعضاء الكونغرس والباحثون ومعظم الصحفيين الأمريكيين على ترديد الأسطورة الكاذبة، القائلة بأن الولايات المتحدة نموذج للديمقراطية الفريدة والإستثنائية التي لا غنى عنها للشعوب والدول الأخرى، والتغاضي عن التهديد الذي يُمثله النظام الاقتصادي النيوليبرالي وعسكرة السياسة الخارجية الأمريكية، سواء للخصوم أو للأعداء ولكن أيضًا للحلفاء، مثل اليابان أو الاتحاد الأوروبي.
كانت الولايات المتحدة تلوح بعبع "الشيوعية" في حقبة الحرب الباردة ثم استبدلتها ب"الإرهاب"، للتلاعب بالرأي العام الأمريكي والعالمي، عندما شعرت ببداية انهيار نفوذها في العالم، وهو انهيار بطيء وتدريجي، وتسعى الولايات المتحدة إلى تعطيل وتأجيل إعادة توزيع النفوذ في العالم، عبر الدعاية والإعلام وعبر الحُروب، المُباشرة أو بالوكالة، خصوصًا ضدّ القوى التي تسعى إلى إرساء "عالم متعدّد الأقطاب" (روسيا والصّين)، ولو كان ذلك ضمن إطار الرأسمالية، وأعربت الولايات المتحدة عن استعدادها لاستخدام جميع الأدوات، منها الإعلام والحصار التجاري والمالي و"العقوبات" والعدوان المُسلّح، للحفاظ على مواقعها ونفوذها...
أظهرت الحرب في أوكرانيا قُدْرَةَ الولايات المتحدة ومُجَمّع الصّناعات العسكرية – مركز قُوّة الإقتصاد الأمريكي- على التّكيّف مع الوضع والمزج بين الانخراط في حروب ساخنة مباشرة، كما في الصومال وأفغانستان والعراق، وهي باهظة الثّمن، وتكتيك نقل الحرب إلى عقر دار الخصوم، عبر وكلاء (تنظيم "داعش" ومليشيات الأكراد في سوريا، وجيش أوكرانيا ضد روسيا وتايوان ضدّ الصّين...)، ويُمكّن هذا التّكتيك من إرسال الأسلحة والمعدات العسكرية إلى وكلاء الولايات المتحدة واستخدام جميع أدوات الحرب، لإغراق خصومها في نزاعات طويلة الأمد، تُقوّض الاستقرار السياسي والاقتصادي والإجتماعي للدولة "المعادية" (روسيا مثلا)، وإعاقة تنميتها وتطورها الإقتصادي...
من غير المُستبْعَد أن تشن الولايات المتحدة حربًا بالوكالة ضدّ الصّين، فقد بدأ المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، منذ بداية 2021، في تشجيع تايوان على استفزاز ومواجهة الصّين، وأعد المُجمّع ميزانية أولية بقيمة 22,7 مليار دولارا مخصصة ل"مبادرة الردع في المحيط الهادئ"، وتكثيف الحُضور العسكري الأمريكي في المحيطَيْن الهادئ والهندي، وفي بحر الصين، وتعدّد المناورات العسكرية بمشاركة بريطانيا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها، بهدف استعراض القُوّة واستفزاز الصّين...
طبقت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تكتيكات مماثلة في الخليج العربي لاستفزاز إيران، بالتوازي مع الحصار والعقوبات والاغتيالات والحرب الإلكترونية، واستغلّت الولايات المتحدة الإحتجاجات والمُظاهرات التي اجتاحت إيران طيلة الربع الرابع من سنة 2022، لتكثيف الدّعاية حول حرية التعبير وحقوق الإنسان (والمرأة بشكل خاص) ودعم المُعارضة الليبرالية المُسلّحة (مثل منظمة مُجاهدي خَلْق) التي تدعو علنًا إلى الحرب الأهلية والتّخريب (تصريح بمحطة سي إن إن بتاريخ 17 تشرين الأول/اكتوبر 2022)، ودعت وكالة "إيران الدّولية" ( 31 تشرين الأول/اكتوبر 2022) التي تُمولها السعودية، ومقرها لندن إلى اغتيال "كل من يتعاون مع النظام... كالمحامين والمحققين والقضاة الإيرانيين المتورطين في قضايا متعلقة بالاحتجاج"، وأطلقت منظمات إيرانية مقرها أمريكا الشمالية وأوروبا على عمليات الإغتيال صفة "التخريب المشرف" و "القتل الأخلاقي"، وفق موقع شبكة "الجزيرة" بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 2022...
حاولت دول الإتحاد الأوروبي التخفيف من حدّة الهجومات الإعلامية ضد إيران، بعد أزمة المحروقات وانقطاع إمدادات الغاز الرّوسي، لكن الولايات المتحدة استخدمت أذربيجان الغنية بالغاز (وبها قواعد أمريكية وصهيونية وتركية) لشن حرب إعلامية ولإعاقة أي تقارب مع إيران، من خلال إنشاء "ممر توران" الهادف إلى جلب قوات حلف شمال الأطلسي إلى الحدود الشمالية لإيران، والحدود الجنوبية لروسيا، والحدود الغربية للصين (شينجيانغ)، وتطويق روسيا من البحر الأسود والصين من بحر الصين الجنوبي وإيران من الخليج، وإثارة الاضطرابات العرقية بين الأذاريين في إيران والتتار في روسيا والأويغور في الصين، وفق وكالة "رويترز" بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر 2022...
لا شك في الإنحدار الأمريكي، لكنه بطيء وقد يدوم عُقُودًا، قبل أن تتجاوزها قوى أخرى، لكن هل تستفيد الشُّعُوب والطبقة العاملة والكادحون من هذا التّغْيِير إذا ما انحدرت قوة رأسمالية احتكارية وحَلّتْ محلّها قوى أُخْرى مماثلة؟
لا تمتلك الطبقة العاملة والشعوب الواقعة تحت الإستعمار والإضطهاد – في الظّرف الحالي – قوى مُستقلّة، قادرة على إلحاق الهزيمة بالإمبريالية ورأس المال، وتحقيق انتصارات لصالح الكادحين والشّعوب والأُمم المُضْطَهَدَة، وهو الأمر الذي يجب تلافيه لتكون هزيمة الإمبريالية والرأسمالية انتصارًا للشعوب وللكادحين...

الإستثمار الأمريكي في الحرب
زار الرئيس الأوكراني الولايات المتحدة يوم 21 كانون الأول/ديسمبر 2022، وألقى خطابا أمام نواب المجلس (الكونغرس) حيث طلب المزيد من السلاح والعتاد المُتَطَوِّر، مؤكدًا: "إن المساعدات الأمريكية ليست صدقة بل هي استثمار في الأمن العالمي" واغتنم الفُرصة لمهاجمة إيران:" تُشكّل المُسَيّرَات التي أرسلتها إيران بالمئات إلى روسيا تهديدا لبنيتنا التحتية الإستراتيجية... وسوف يحين الوقت لتهاجم إيران حلفاءكم الآخرين". أما الرئيس الأمريكي فنَوّهَ، خلال مؤتمر صحفي مشترك، بالإنسجام الكامل بين كافة أعضاء حلف شمال الأطلسي (بزعامة الولايات المتحدة) والاتحاد الأوروبي حول زيادة الدّعم لأوكرانيا، وحول كل المواضيع الأمنية والإستراتيجية الأخرى، وأعلن تقديم دعم عسكري إضافي عاجل لأوكرانيا بقيمة حوالي مليارَيْ دولار، فضلاً عن قرار الكونغرس تقديم مجموعة من المساعدات العسكرية والتقنية والإقتصادية لأوكرانيا بقيمة 45 مليار دولارًا، ضمن الميزانية السنوية الأمريكية، ليفوق مبلغ المساعدات (الإستثمارات) الأمريكية لأوكرانيا، منذ بداية الحرب (أي خلال عشرة أشهر) مائة مليار دولارا.
أعلن السيناتور الجمهوري "ميتش ماكونيل"، بموقعه الإلكتروني يوم 21 كانون الأول/ديسمبر 2022: إن الدعم الأميركي للحرب في أوكرانيا جزء من استراتيجية الهيمنة الأميركية. إنه استثمار مباشر لتعزيز المصالح الأميركية الحيوية، وأكّدت الوقائع صحّة هذا الرأي، فقد ارتفعت أسعار أسهم الشركات الأمريكية لصناعة الأسلحة بنسب هامة، منها بي أيه إي بنسبة 37% و"نورثروب غرومان" بنسبة 39% وجنرال دايناميكس بنسبة 15%، ما يبرّر دعم رأس المال للحروب، لأنها فرصة لتعظيم الثروة...
كانت هذه الزيارة فُرصة لتعزيز العداء لروسيا التي لا يزال البعض يعتبرها "شيوعية"، بعد أكثر من ثلاثة عُقُود من انهيار الإتحاد السُّوفيِيتي، وتَفَوَّهَ الرئيس الأوكراني خلال المؤتمر الصحفي المشترك بعبارات عنصرية، اقتبسَها من قاموس حُلفائها النّازِيِّين، منها: " إن الشعب الروسي همجي ولا إنساني"، بعد أن أعلن أمام نُوّاب الكونغرس: "إن روسيا دولة إرهابية"، ورَدّدَ (مع أعضاء الكونغرس الأمريكي) شعارات حلفائهم النّازيين، مثل "المجد لأوكرانيا" لتتخذ بذلك هذه الزيارة طابع تصعيد الحرب "مهما طال بها الزمن"، بحسب تعبير الرئيس الأمريكي، كمقدّمة لتصعيد وتيرة المواجهة العسكرية في مناطق أخرى من العالم، باعتبار الحرب "استثمارًا" لصالح الإقتصاد الأمريكي والهيمنة الأمريكية على العالم ضمن سياسة القُطْب الرأسمالي الواحد (بزعامة أمريكا) ورفض "عالم متعدد الأقطاب"، تتقاسم فيه الولايات المتحدة النّفُوذ مع الصّين وروسيا...
يُمثل مبلغ 45 مليار دولارا الذي تقرر منحه لأوكرانيا، ضمن الميزانية الأمريكية، مجموع الدعم الفيدرالي الأميركي لنحو43 ولاية مجتمعة، لكن يحتوي هذا المبلغ على نحو سبعة مليارات دولار، تقتطعها الولايات المتحدة، وتمثل رواتب المستشارين الأميركيين في أوكرانيا، وحوالي 13 مليار دولار تضخها الولايات المتحدة كسيولة مصرفية في المصرف المركزي الأوكراني، إضافة إلى صادرات بعض السلع...
من جهة أخرى، يُعاني المواطن الأمريكي، من ذوي الدّخل الضعيف والمتوسط، أي أغلبية الشعب الأمريكي، من التّدهوُر المتسارع والمُستمر لمستوى العيش، وارتفاع معدّلات البطالة، وارتفاع الأسعار، رغم البيانات الرسمية المتفائلة، ما يُؤَكّد أن مجلس النّواب لا يُمثل أغلبية شرائح الشعب بل مصالح الشركات الكبرى ومُجَمّع الصناعات العسكرية...

الحرب بالوكالة
أجرت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ – 30 كانون الأول/ديسمبر 2022) مقابلة مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ينس ستولتنبرغ" الذي دعا أعضاء الحِلْف إلى إمداد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة، لأن من مصلحتنا الأمنية أن تنتصر أوكرانيا وأن تهزم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين..." وكان رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، قد طلب أسلحة ومعدّات وأنظمة دفاع جوي، وأعلنت الولايات المتحدة مَدّ جيش أوكرانيا – الذي يُصمم عملياته ويشرف على إنجازها الضباط الأمريكيون والأطلسيون – بنظام الدفاع الجوي "باتريوت" وصورايخ كروز، وبأسلحة إضافية تفوق قيمتها مليارَي دولار، وسبق أن أعلن وزير الحرب الفرنسي، يوم 28 كانون الأول/ديسمبر 2022، خلال زيارته الأولى إلى كييف، أنه سوف يرسل أسلحة بقيمة بقيمة 200 مليون يورو
قَدَّرَ مؤشر رصد الدعم العسكري لأوكرانيا التابع لمعهد كيل، "مُساعدات" الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا بأكثر من 50 مليار دولار (حتى يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022) وبلغَ إجمالي "مساعدات" دول الاتحاد الأوروبي 55 مليار دولار، منها 15 مليار دولارا من ألمانيا... وطلبت إدارة الرئيس جوزيف بايدن ضخ 37 مليار دولار إضافية في أوكرانيا، غير أنَّ أعضاء الكونغرس رفعوا المبلغ إلى 45 مليار دولار، فضلاً عن أسلحة بقيمة فاقت خمسين مليار دولارا ( بين بداية آذار/مارس و30 تشرين الأول/اكتوبر 2022) وتدريب القوات الأوكرانية، ومساعدات استخباراتية لتحديد مواقع القوات الروسية في أرض المعركة وتدميرها، وفق الرئيس بايدن، وكتبت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، يوم 29 كانون الأول/ديسمبر 2022، أن الرئيس الأوكراني طلب من جوزيف بايدن مرة أخرى صواريخ «ATACMS» ( ATACMS ) التي يصل مداها إلى 300 كيلومتر لتدمير مواقع روسية هامة مثل جسر القرم والقواعد الجوية وخطوط الاتصالات، وسبق أن أرسلت الولايات المتحدة إلى الجيش الأوكراني صواريخ جافلين وهيمارس قبل إرسال باتريوت...
في نفس اليوم (29/12/2022) أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية موافقتها على بيع أنظمة مضادّة للدبابات لتايوان مقابل 180 مليون دولار، بعد أسبوع من توقيع الرئيس الأميركي قانوناً للإنفاق الدفاعي، ينص على "مساعدة" عسكرية بقيمة عشر مليارات دولار لتايوان بين سَنَتَيْ 2023 و2027، وأعلن بيان صادر عن وزارة الحرب الأمريكية (البنتاغون) أن صفقات الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا وتايوان تخدم المصالح الوطنية والاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة...
تندرج هذه "المُساعدات" (الصفقات) ضمن المخططات العدائية الأمريكية والإستفزازات ضد روسيا والصّين، حيث تعدّدت شحنات الأسلحة الأمريكية والأوروبية والدعم العسكري واللُّوجستي والمالي والإعلامي، لأوكرانيا، واتخذت دول الإتحاد الأوروبي قرارات العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية ضدّ روسيا، ما أضَرّ بمصالحها، بضغط من الحليف الأمريكي الذي قَطَعَ كل خُطُوط التعاون بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، بهدف تعزيز النفوذ الأميركي،
تُقدّر الميزانية العسكرية الروسية بنحو 67 مليار دولارا، وقدرت النفقات العسكرية الأطلسية منذ بداية حرب أوكرانيا بأكثر من مائة مليار دولار، وترفض حكومات أوروبا وأمريكا الشمالية إنفاق مثل هذه المبالغ على تحسين الرعاية الصحية والقضاء على الفقر، وأدّت سياسات "العقوبات" الأوروبية (التي قَرّرتها واشنطن) ضد روسيا إلى ارتفاع معدل أسعار الطاقة بنسبة 41% في شهر تشرين الأول/اكتوبر 2022، وارتفاع نسبة التضخم بمعدل فاق 11,5% وتقلص النمو، وفق رئيسة المصرف المركزي الأوروبي، وتتوقع منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية ارتفاع نسبة التضخم في روسيا سنة 2022 إلى 14% وإلى 6,8% سنة 2023، وسجّل الاقتصاد الروسي نمواً بنسبة 3,4 %، سنة 2022، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدّولي
تُشير بعض وسائل الإعلام الأوروبية (القليلة) إلى التأثيرات السلبية لحرب أوكرانيا على دول الاتحاد الأوروبي، لتبقى الولايات المتحدة الرابح والمستفيد الوحيد من حرب الإستنزاف الطويلة التي تُخطط لها ضد روسيا لإنهاكها...

أوكرانيا، رئيس فاسد
شارك أكثر من 600 صحافي من 117 دولة في التحقيق المعروف باسم "أوراق باندورا" (نُشر في تشرين الأول/أكتوبر 2021) ودرسوا 11,9 مليون ملف سري، وقاموا بتحليل أساليب تنظيم الأثرياء عمليات التهرب الضريبي، بمن فيهم الحكام الذين برعوا في الغش والفساد ونهب الثروات العمومية والتهرب الضريبي...
أظهرت عدة وثائق توَرُّطَ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (الممثل الكوميدي وصاحب شركة إنتاج فني، قبل أن يصبح رئيسًا) في عدد من عمليات المُضاربة والمعاملات التجارية السرية، وفقًا لموقع التحقيق الأوكراني ( سليدستفو - الاثنين 4 أكتوبر 2021). يمتلك فولوديمير زيلينسكي شركة الإنتاج الفني "كفارتال 95" التي أنشأت فروعًا لها في شكل شركات مسجلة في الخارج (أُوف شور) وبعضها شركات وهمية مكنت زيلينسكي من شراء ثلاث شقق في وسط لندن، على بعد أمتار قليلة من قصر وستمنستر، سنة 2018، بقيمة 7,5 ملايين دولار، وتمكن الصحفيون من إثبات أسماء شُركاء الرئيس، وهم من المُقرّبين منه مثل مُساعده سيرحي شيفير، شريك الرئيس في إنشاء ومِلْكِيّة إحدى الشركات الوهمية المَشْبُوهة، المنبثقة عن شركة إنتاج فولوديمير زيلينسكي (كفارتال 95) وجميعها مملوكة بشكل مشترك مع أصدقائه، وتُشكّل شبكة واسعة من الشركات المسجلة في الخارج لإخفاء أنشطتها غير القانونية، وجميع الأصدقاء/ الشُّرَكاء إما جاءوا من مسقط رأس زيلينسكي، أو من شركة الإنتاج الخاصة به، مثل "سيرهي شيفير"، مُنتِج برامج زيلينسكي التلفزيونية، قبل أن يصبح رئيسًا، وبوريس شيفر، الأخ الأكبر لسيرهي شيفر، الذي كتب السيناريو أو إيفان باكانوف، صديق طفولة الرئيس، وعضو مُجَمّع الشركات، أو أندريه ياكوفليف، المدير العام لاستوديو الإنتاج والمخرج والمنتج والشريك في مِلْكِيّة "كفارتال 95"، وفقًا لموقع "سليدستفو" ( Slidstvo )
تَتَمَحْوَرُ هذه الشراكة حول شركة الإنتاج "كفارتال 95" التي أسّسها فولوديمير زيلينسكي عندما كان ممثلًا كوميديًا ومنتج برامج تلفزيونية، قبل أن يُصبح رئيسًا، بفضل شهرته في مسلسل "في خِدْمَة الشّعب" الذي أنتجته شركته سنة 2019، وأصبح إسم المسلسل عوانا لمدرسة التدريب السياسي، وعنوانًا للتّشكيلة السياسية التي رشّحته ليُصبح رئيسًا بنسبة 73% من الأصوات، لأنه طرَحَ برنامجًا لمكافحة عدم المساواة والفساد أو نظام الأوليغارشية، وجسّد زيلينسكي، من خلال حملته الإنتخابية (التي ساعدته الإستخبارات الأمريكية في إعدادها وتنفيذها) الأمل في التغيير، ضد القادة السابقين المتورطين في العديد من الفضائح. وكان زيلينسكي قد انتقد سلفه بترو بوروشينكو المتهم بإخفاء أصول في الخارج أو عدم محاربة الفساد بما فيه الكفاية، لتُظْهِرَ الوقائع أن زيلينسكي أكثر فسادًا من سابقيه...
وعد موقع ( Slidstvo ) بنَشْر الكثير من المعلومات الأخرى عن زيلينسكي والمسؤولين الأوكرانيين الآخرين، حتى لو كانت هذه الفضيحة "لا تأتي بجديد" نظرًا لتَوَرُّطِ جميع القادة في أعمال غير نزيهة، منذ عام 1991، في حين لم ترتفع قيمة المعاشات التقاعدية والرواتب، رغم الزيادات المتتالية في الأسعار، لتصبح أوكرانيا أفْقَرَ بلد في أوروبا وهاجر نحو 25% من سُكّانها، وخاصة من السباب، إلى روسيا أو بلدان أخرى، بحثًا عن عمل...
إن النظام الحالي الحاكم بأوكرانيا هو نتاج الإنقلاب الرجعي لشباط/فبراير 2014، ضدّ مؤسسات مُنتخبة، وحصل الإنقلاب بدعم مُباشر من الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وبتنسيق الإستخبارات العسكرية الصهيونية التي أشرفت، بشكل مُعْلن، على تدريب مليشيات فاشية، منها المجموعات التي تُمَجِّدُ عميل النّازية "ستيبان بانديرا" ( 1909 – 1959) الذي ساعدت مليشياته جيش ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية لاحتلال الإتحاد السوفييتي، وتدرّب الضّباط الصهاينة أيضًا فيلق "آزوف" الفاشي المُسلح من قِبَل الحلف الأطلسي وأمريكا الشمالية وأوروبا...
عرب – فقر وبطالة
قدر تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا ( إسكوا)، الخميس 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 ، أن الدول العربية تحتاج أكثر من 570 مليار دولارًا، حتى سنة 2030، لتمويل تحسين التكيف مع تغير المناخ الذي يؤثر على جميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في هذه المنطقة، ومن المتوقع أن تتفاقم هذه الآثار في السنوات القادمة، ومعها مخاطر على الأمن والاستقرار، إلا أن الموارد المالية المتاحة لمواجهة هذا التحدي الهائل ليست كافية على الإطلاق.
سبق أن قرّر مؤتمر باريس للمناخ، سنة 2015، ضرورة قيام الدول الصناعية الأكثر تلويثًا للمحيط بتسديد مائة مليار دولار سنويًا، لدعم البلدان النامية والبلدان الفقيرة المتأثرة بتغير المناخ، وفي مؤتمر شرم الشيخ (كوب 27) لهذا العام، قال خبراء المناخ إن البلدان النامية تحتاج إلى 500 مليار دولار سنويًا، حتى العام 2030، لإدارة سِجِلِّها المناخي والتحول نحو استخدام الطاقة "النظيفة".
من جهة أخرى، نشرت نفس اللجنة (إسكوا) يوم الجمعة 30 كانون الأول/ديسمبر 2022، نتائج مسح للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي، كشف أن الفقر يصيب أكثر من 130 مليون شخص، أو حوالي ثلث السكان، باستثناء دُوَيْلات مجلس التعاون الخليجي، وليبيا، ويتوقع التقرير زيادةً في مستويات الفقر لِتَصِلَ إلى 36% من السكان سنة 2024، بينما بلغ معدل البطالة في المنطقة 12% وهو الأعلى في العالم سنة 2022، فيما يُتوقّع أن ينمو اقتصاد المنطقة بنحو 4,5% سنة 2023 و 3,4% سنة 2024، وهي معدّلات ضعيفة لاقتصاد غير متطور، يعتمد على قطاعات لا تُحقق قيمة زائدة مُرتفعة، ولذلك لا يمكن للإقتصاد أن يستوعب الوافدين الجدد على "سوق العمل"، ناهيك عن العدد المتراكم من العاطلين طيلة السنوات السابقة.
يتوقع التقرير استمرار البلدان المصدرة للنفط في الاستفادة من ارتفاع أسعار المحروقات، بينما ستعاني البلدان المستوردة من العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الطاقة ونقص الغذاء وتراجع الإستثمارات الأجنبية والسياحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا