الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلّنا واحد

فاطمة ناعوت

2023 / 1 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كلمتانِ خفيفتانِ على اللسان، ثقيلتان في ميزان دولة المواطنة. قالهما الرئيسُ السيسي لقداسة البابا تواضروس في قداس عيد الميلاد المجيد، أمام الحشود التي ذهبت للاحتفال بعيد ميلاد رسول السلام عليه وعلى أمّه البتول السلام. ولأن الكلمتين خفيفتان على اللسان، فقد سمعناهما كثيرًا في عهودٍ سابقة، لكنها قلّما قُرنتا بالفعل والتوكيد والتدليل. ولأنهما ثقيلتان في ميزان المدنية والمواطنة، فقد سمعنا عكسها نهارًا جهارًا، في لحظاتٍ مُرّة وقاسية ومُعتمة من تاريخ مصر، حين استهلَّ رجلٌ عهدَه قائلا: “أهلي وعشيرتي"! فتأكدنا أن النيّةَ المُضمرة هي: التقسيم والتصديع، وغرس بذور الشِّقاق والتمييز المسمومة بين أبناء الشعب المصري، الذي لم يعرف شِقاقًا ولا فُرقةً طوالَ تاريخه العريق الممتد آلافَ السنين في عمق الزمان. وهو ما تأكد مع توالي الأيام، فرفضه الشعبُ المصري المتضامّ، وأُسقِط قبل مُضيّ العام، لكي تعودَ مصرُ مصرَ، دولةً عصيّةً على التصدّع، وشعبًا عصيًّا على التمزّق.
تكلّم الرئيسُ عن قلق المصريين على مصرَ. ونحن لا نقلقُ على مصرَ وفيها جيشٌ قويٌّ باسل، اختبرته الأزماتُ والمحكّاتُ والمحنُ والحروبُ، وأثبتَ فيها دائمًا، أن لمصرَ صخرةً صلدة لا يُخشى عليها في ظلِّها. ونحن لا نقلقُ على مصرَ مادام شعبُها القيّمُ يعرفُ قيمتَها ويوقنُ أن اللهَ لن يُضيّعَها، شعبٌ علّمته التجاربُ أن "الاتحادَ" هو القوة والثبات، وأن "العمل" هو مفتاحُ النهوض، وأن الأخذَ بأسباب العِلم هو سرُّ الترّقي. نحن لا نقلقُ على مصرَ، لأن الأقدارَ الطيبة قد قّدرت لنا قائدًا وطنيًّا يعرفُ قيمتَها ويحبُّ شعبها ويعمل ليل نهار من أجل إعادة بنائها على النحو العصريّ العلمي وفق نهج التنمية المستدامة، وترميم صدوعها التي حفرتها الأزماتُ والمحنُ، و"الاستثمار في الإنسان"، الذي هو القوة الحقيقية لأي مجتمع نامٍ.
نحن قلقون على "قوتِ اليوم "الذي بات عزيزَ المنال، في ظلّ ضيق ذات اليد وغلاء الأسعار الآخذ في الانفجار على نحو مخيف غير مسبوق. نعلمُ أن الأزمة عالميةٌ بعدما ضربتِ العالمَ جوائحُ استنفدت مدخراتٍ، وحروبٌ استنزفت مواردَ وثرواتٍ. ونعلمُ أنه لولا الجوائح والحرب الروسية لكانت مصرُ في منطقة أخرى بفضل العمل الدؤوب على النهوض بها في ثوب "الجمهورية الجديدة" منذ خرجنا من نفق الإخوان المظلم، نحو نور دولة المواطنة. للأسف لم يكن الحظُّ الطيب حليفَنا لكي نستمتع بثمار التعب التي غُرست في دولتنا الجديدة، لكننا نثق أن الصبرَ و"العمل" هما مفتاحا الخروج من الأزمة بسلام، بإذن الله تعالى.
في ليل ٦ يناير من كلِّ عامٍ، ومع زيارة الرئيس "عبد الفتاح السيسي" للكاتدرائية لتهنئة قداسة البابا وأشقائنا المسيحيين بعيد الميلاد المجيد، أتذكّر الليلةَ ذاتها من عام ٢٠١٥، لحظةَ وصول الرئيس إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث لم تكن كاتدرائية العاصمة الإدارية قد شُيّدت بعد، في سابقة تاريخية لم يفعلها رئيسٌ مصريٌّ في أي عهد من عهود الوطن. واجبٌ بديهيٌّ من القائد نحو فصيل كبير من شعبه، لكن ذلك الواجبَ البديهيَّ غاب عن الرؤساء السابقين لسبب ما! ألف باء الدولة القوية، قائدٌ جسور لا يخشى في أدبيات الوطن وحقوق المواطَنة لومةَ لائم، ولا ترعبُه الحناجرُ المسعورة التي تصرخُ بالشقاق والطائفية. ولهذا مصرُ قويةٌ وسوف تزدادُ قوّتُها مع الوقت بعدما كرّس قائدُها قيمةَ العدالة الواعية بين أبناء شعبه. يومها، حين شاهدتُ الرئيسَ يدخل الكاتدرائية في أول عيد ميلاد هلّ في عهده، أخرجتُ هاتفي لأسجلَ ذلك المشهد التاريخي، وضرب خاطري مطلعُ قصيدةٍ عنوانُها: “محرابٌ ومذبح"، نشرتُها في جريدة: “المصري اليوم"، في حينها وأهديتُها للرئيس "عبد الفتاح السيسي"، أقولُ فيها:
“زهرةٌ أورقتْ في الأشجارِ اليابسة/ حينَ خرجَ الأميرُ من مِحرابِه/ حاملاً قرآنَه وقلبَه/ فيصعدُ إلى مَِنْجَليةِ الَمذبحِ/ يقرأُ سورةَ مريم/ ليبارِكَ الطفلَ الجميلَ/ في مِزْوَدِ البَّركة/ ثم ينحني/ يرتّبُ هدايا الميلادِِ/ تحتَ قدميْ الصغيرِ الأقدس: ذهبًا ولُبانًا ومُرًّا/ فتبتسمُ الأمُّ البتولُ/ وتمسحُ على جَبهةِ الأميرِ/ هامسةً: طوباكَ بين الرجالْ/ أيّها الابنُ الطيبُ/ اجلسْ عن يميني/ واحملْ صولجانَ الحُكمْ/ وارتقِ عَرشِ بيتي/ وارفعْ رايتي عاليةً بين النساءْ/ علّمِ الرَّعيَّةَ/ كيف يحتضنُ المحرابُ المذبحَ/ وكيف تتناغمُ المئذنةُ/ مع رنينِ الأجراسْ/ وارشدْ خُطاهم/ حتى يتبعوا النَجمَ/ الذي سوف يَدُلُّهم على الطريقْ/ إلى أرضِ أجدادِهم الصالحين/ بُناةِ الهرم/ فإذا ما وصلوا إلى ضفافِ النيلْ/ أوقَدوا الشموعَ/ في وهجِ الصبحِ/ حتى تدخلَ العصافيرُ/ عند المساءْ/ أعشاشَها/ بعدما تبذرُ القمحَ والشَّعيرَ والسوسنَ/ على أرضِ طِيبةَ كلِّها/ فلا ينامُ جائعٌ جائعًا/ ولا محرومٌ يبقى محرومًا/ ولا بردانٌ/ بردانًا ينامُ ليلتَه/ ولا حزينٌ يجِنُّ الليلُ على عينيه/ دونما يدخلُ قلبَه الفرحُ.”

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفنان عادل أدهم مسيحى ولا مسلم
Magdi ( 2023 / 1 / 17 - 18:28 )

كان الفنان العملاق عادل أدهم يصور عام 94 .. ، وفى أحد أيام التصوير طلب صحفى أن يجرى معه حوارا قصيرا لمجلة الكواكب ، فوافق ، وكان أول سؤال للصحفى ( الفنان الكبير عادل ادهم .. كتير من محبيك بيسألوا دينك ايه ، فيه اشاعات بتطلع انك مسيحى خصوصا ان زواجك الاسبق كان من يونانية ، وفى ناس بتقول انك فى رمضان اللى فات يمسجد السيدة عيشة كنت بتصلى التراويح فياترى الحقيقة ايه )
فرد عليه عادل ادهم ( والناس شاغلة نفسها بديانتى ليه ، هو اللى بيحبنى هيبطل يحبنى لو عرف انى مش من دينه ، واللى بيكره تمثيلى هيحبه لانى من دينه ، شوف يااستاذ احنا فى حاجة فايتانا ، الاستاذ انتونى كوين كان من ضمن ٤-;- ممثلين مرشحين لدور عمر المختار ، ونجح هو وعمل الدور بنجاح فسألوه عن سبب تفوقه فى اداء الدور ، فقالهم ، لانى حبيت عمر المختار الانسان وآمنت بقضيته ال ناضل وضحى عشانها وتقمصته فحطيت نفسي فى ظروفه ومكانه ) ، ثم استكمل ( .. احنا جوا بلد واحدة وبنسأل هو الفنان ده مسيحى ولا مسلم ، هى الفنانة دى متجوزة ولا لأ ، ومتجوزة مين ، وهو فلان ده شكله ايه وفلانة دى لابسة ايه .. احنا فايتنا نؤمن بالانسان ، بنفسنا وساعتها حجات كتير هت

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س