الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربات في القضية الفلسطينية 2

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 1 / 12
القضية الفلسطينية



لا نجازف بالقول أن القضية الفسطينية تحولت بعد حرب حزيران 1967 واحتلال الضفة الغربية و قطاع غزة و هضبة الجولان السورية و ضم هذه المناطق إلى الأجزاء التي استولت عليها الحركة الصهيونية في سنة 1948 و أقامت عليها دولة إسرائيل ، إلى مسألة سكانية تتجسد في الراهن ببساطة ، بإثني عشرمليون نسمة تقريبا (12000000) هم مجموع السكان الذين يعيشون على أرض فلسطين ، نصفهم من الإسرائيليين اليهود و نصفهم االآخر من العرب غير اليهود يتوزعون كما يلي : مليونا نسمة من الفلسطينيين الأصليين الذي أستطاعوا البقاء بعد حرب 1948، ثلاثة ملايين تقريبا في الضفة الغربية و مليونا نسمة تقريبا يعيشون في قطاع غزة ، اضف إلى حوالي خمسين ألفا من العرب ما يزالون في هضبة الجولان السورية . لا نتوقف هنا عند مسألة اللاجئيين أو النازحين ، فمن المعروف أن أبناء المهاجرين من الجيل الثالث و ما بعده ، هم مواطنون في بلاد التي هاجر إليها أجدادهم و ليسوا مهاجرين .

تطهر هذه الأرقام أن هناك قضيتين فلسطينيتين ، قضية فلسطينية عربية إلى جانب قضية فلسطينية إسرائيلية . من البديهي أن إيفاء هاتين المسألتين حقهما يتطلب تفاصيل لا يتسع لها المجال هنا ، لذا نقتضب فنقول :
1ـ في القضية الفلسطينية الإسرائيلية : لا بد أولا من التذكير بأن السلطات الإسرائيلية كما ألمحنا سابقا ، لاعب أساس او بتعبير أدق ، هي مهندس بارز في وضع خطة مشروع "الدولة العظمى الغربية " في بلاد ما بين النهرين ، بين مصر و تركيا و إيران ، ينبني عليه أن هذه السلطات تمتلك عمليا وسائل المعسكر الغربي المعروف حاليا ، بحلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ، عسكريا و إعلاميا و نفوذا دوليا . تحسن الإشارة في هذا الصدد إلى أن محصلة حرب تشرين .نوفمبر 1973 كانت باختصار شديد ، دفع الدول العربية و في طليعتها مصر إلى اتخاذ موقف الحياد أو لنقل إلى التخلي عن أي دور في ممارسة ضغوط فعلي مباشر أو غير مباشر على السلطات الإسرائيلية ، بل لا نبالغ بالكلام أن هذه الدول ارتمت في أحضان المعسكر الغربي وأسلمت إليها أمرها و " أوراقها " .
مجمل القول أن السلطات الإسرائيلة صارت ، نتيجة لحرب تشرين . أوكتوبر. 1973 طليقة الأيدي ، تقرر و تفعل ما تشاء . لن ندخل هنا في تفاصيل هذه الخلاصة لننتقل إلى الطرائق و الأساليب التي ارتأتها هذه السلطات لمعالجة " القضية الفلسطينية الإسرائيلية " ، و هي باتت في مظاهرها معروفة للملأ . و لكن ما يهمنا في هذا البحث هو تلمس المبتغى المنشود .
من نافلة القول أن الوجه الآخر للإستعمار الإستيطاني يتمثل بإلغاء وجود السكان الأصليين ، بدءا بالقضاء على المقومات المادية و الثقافية لهذا الوجود و صولا إلى ترحيلهم أو إبادتهم بشكل من الإشكال . بكلام أكثر صراحة ووضوحا ، تحاول السلطات الإسرائيلية منذ سنة 1922 ، تحت رعاية الإنتداب البريطاني ثم بعد انتهائه في سنة 1947 و اعلان دولة أسرائيل في سنة 1948 و إلى الآن ، ببساطة إفراغ فلسطين من الفلسطينيين و محو الكينونة الفلسطينية .
ليس من حاجة لاسترجاع الأساليب التي اتبعتها من أجل إبعاد الفلسطيننين عن فلسطين ،التي تتوجت في السنوات الأخيرة بالإعلان عن قوانيين التمييز العنصري التي تحرم الأخيرين مبدئيا من صفة " المواطن " في فلسطين . ومن المعروف في هذا السياق ، أن السلطات الإسرائيلية لم تتوان عن ضرب مخيمات الفلسطينيين في البلدان المجاورة ، خصوصا في لبنان ، التي لجأوا إليها بعد أن اضطرتهم آلة حربها للنزوح في 1948 و 1967 . أضف إلى قراراها بأعتبار قطاع غزة كيانا ،غير فلسطيني ، "معاد لدولة اسرائيل " ، بالرغم من أن مليوني فلسطيني يعيشون تحت وطأة قانون الغيتو في القطاع الذي لا تتجاوز مساحته 350 كلم ² ، في ما يشبه السجن غير المسقوف . ولكن بارغم من هذا كله ما تزال هذه الدولة ، و هي نواة الدولة الغربية العظمى في سورية و بلاد ما بين النهرين ، أمام مشكلة سكانية تزن حوالي خمسة ملايين نسمة ، على ضمير سكان إسرائيل اليهود و على ضمير الدول الأوروبية ذات الرابطة العضوية بالمشروع الصهيوني .فالتسليم بأن عملية إلغاء مليوني فلسطيني في قطاع غزة بعد نزع الهوية الفلسطينية منهم أعتباطا ، تمت دون اي ردة فعل في المجتمع الدولي والعربي ، لا يعني أن إخفاء الخمسة ملايين فلسطيني المتبقين سيكون ممكنا على صعيد المنطقة ، و تحديدا في سورية و العراق . فذلك يتطلب على الأرجح إيجاد قطاع غزة في كل من لبنان وسورية و الأردن هذا من ناحية . ومن ناحية ثانية فأغلب الظن أن مصادرة الإقتصاد الفلسطيني الإنتاجي تلازما مع جرائم القتل اليومي و التنكيل و السجن استبدادا لن تكفي لكي تجبر الفلسطينيين على الرحيل ، بل ليس مستبعدا في أن تدفعهم لإعادة التفكير في طرق مقاومتهم الجمعية .
و في مختلف الأحوال فإن التاريخ يخبرنا بأن المشاريع الإستيطانية و الإلغائية العنصرية ، التي بادرت إلى تبنيها و تحقيقها غالبية الدول الإستعمارية الغربية ، و ليس ألمانيا النازية فحسب ، تفشل في معظم الأحيان ما لم يتخل المستعمر المستوطن عن نظرته الإستعلائية تجاه السكان الأصليين من جهة و مالم يقتنع الأخيرون من جهة ثانية ، بأن وقف الصراع الدموي الذي يتحول بمرور الوقت إلى صراع عبثي ، لا يكون بالإنتقام و الثأر و الرجوع إلى الماضي و إنما بالإنطلاق من الحاضر نحو المستقبل مع أخذ المعطيات الموضوعية بالإعتبار وأهمها أن المستعمر لا يبقى مستعمرا لأبد الدهر و أن الإنسان الأصلي لا يبقى ضعيفا خانعا لأبد الدهر أيضا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات