الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جلال حسني شعر يتهيب إمكانية البروز

عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)

2023 / 1 / 13
الادب والفن


انضم جلال حسني إلى كوكبة الدراجين الشعراء متأخرا، وكان قبل ذلك وصيفا يتهيب ويراقب إمكانية البروز ، قاطعا الهضاب والسهول والأجراف بسرعات مدروسة، وما لبث أن تصدر المشهد الإبداعي الزجلي بالمدينة ، سلاحه الكلمة الواثقة ،والبناء المرصوص للمعنى . والزجال جلال حسني من الدراجين المهرة الذين ظلوا في آخر الكوكبة بثقة اختبارية . يوثقون للظهور بجمال الكلمة ،ويعزفون لحنا بصريا من صلب المجتمع ، ظهور ممتع واثق لكل ما ترصده العين من انزياح الفضاءات وانتكاسات الأمزجة وجماليات البروز بلا مساحيق. سلاحه الإيجاز وتكثيف المعنى وسلاسته .

جلال حسني شاعر زجال ،وحتما من الأسماء التي تود الاشتغال في الظل بعيدا عن زحمة التزلف وقول الكلام على المنصات الرسمية .يتسم أسلوبه بالحبكة الداخلية العميقة للمعنى ،توحي بأن هناك خلف النص المكتوب هناك معنى آخر يشبهه. يلعب في صوره الشعرية على مهارة المزج الظريف بين الكوميديا والدراما ، أو التراجيديا على نحو أكثر دقة .

في زجلياته المنشورة على صفحته بالفايسبوك وهي كثيرة جدا ولا يضع لها عناوين ، ينتصر جلال للنظرة الثاقبة إلى الأشياء بوظيفة العقل، ويهتم في المقام الأول بمزاج الشخصيات في انصهارها الدائم وتفاعلها العاقل بالمناخ الاجتماعي العام الذي تعيش فيه . فالنظرة الثاقبة تكون أكثر أهمية حين تبدع الكلمة الرصينة ، بعيدا عن التسطيحات والرؤى النمطية للأشياء والتوصيفات الجاهزة. حيث تنطبع الصور شاهدة للوهلة الأولى في ذهنه، قبل أن تنتظم كلاما موزونا ،وصورا بصرية غاية في المتعة والواقعية . حتى يتأتى فهم سرها، ومحو غشاوة تمنع العين من رؤية الأشياء على حقيقتها ،لتستنير الرؤيا ويزول الالتباس."حيث يقول:
من بعيد خطر،
زيد قرب يتبدل
المفهوم والنظرية"
وفي مقابل ذلك ،يقترح توصيفا مغايرا حتى يوضح ويعطي للمشهد معنى أكثر من دلالة"
وهداك شكل خر..
من بعيد يهلل
والحقيقة عكسية"
جلال حسني الشاعر الزجال الذي انخرط بجد في عالم النظم بالقافية، يدرك جيدا ،ما يريده من وظيفة القول بعيدا عن تكديس الكلام، وتجذيف الأوهام . ويعبر عن ذلك ببراعة لافتة حيث يقول :
كون ثاقب نسر..
من الفوق تطلل..
وتمسح الأرضية..
وكون حوت عنبر
غوص وتأمل
تبان ليك المخفية"
إنها دعوة صريحة للارتقاء بفن الكلام صياغة وأسلوبا ، بناء ومعنى ، والابتعاد عن الصور النمطية، وقوالب الكلام الجاهزة ،التي تغرق أصحابها في طوفان من التزلف وشحنات من التكريمات الكارتونية الجوفاء."
كون طير مطور..
يحوم وما يمل..
نظرة استطلاعية
عطشان والما يخر
وما يقرر ينزل
حتى يأمن الوضعية"

لازمة كن ولا تكن ، تتكرر بإيقاع متناغم ، دونما ملل . إنها فرصة حقيقية للتعرف على عمق ما تمور به دواخل الشخصيات من خلال الإقدام على الممارسة والانخراط في المعيش اليومي بإكراهاته ، فالزجال جلال يؤمن برجاحة القول اذا ارتبط بعمق المشاعر والقرارات النابضة بالحياة ،وهذا لا يستقيم إلا بالنظر إلى الأمور بمنظار العقل ،الغاية هنا لا تبرر الوسيلة، بل تنسخ نفسها بذكاء وحكمة "
وفي هذا الصدد يقول " لا تكون قرصان عور..
يشوف عسل ما يشوف نحل..
والقرصة حرانية"

وعادة ما يقتل التسرع إلهام الشعراء، لا سيما منهم شعراء المناسبات ودواوين الإدارات العمومية ،فيغدقون القول بسخاء ،حتى لغدو القول بعد حين، جعجعة بلا طحين."
فبحور العلم تبحر..
فهم آش تقال قبل..
عاد ضيف شوية
حك الفكر معا الفكر..
لا تعمر غير من سطل
إيديولوجية"
الزمان عقد مدور
التالي مبني على الأول
تراكمية"
ويرى الزجال جلال أن الحضارة البشرية حلقات متفاعلة عبر العصور ، و"الدنيا حاكمها سر،ويدعو إلى الاتكال على الله دون الاستكان إلى العجز والكسل ،"

توكل ربي يكمل "لا تاخذها تواكلية "لأن الحياة ليست سوى عملة نادرة بوجهين " فرح يجيب معاه مر، وقرح يدير للراس عقل حكمة ربانية"

ينتقي الزجال جلال حسني مواضيع إشراقاته بروية واتزان . ويرصد مشاهده ورؤاه البصرية التي تتشكل لتصبح إطلالة من شرفة حياة طموحها ليس أكثر من العيش بسلام ، وبسط فرص حقيقية للتعايش بأدنى شروط البقاء. فيستجيب له المحيط الاجتماعي بهزاته وأعطابه وأحلامه المجهضة المريبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أشرف زكي: أشرف عبد الغفور كان من رموز الفن في مصر والعالم ا


.. المخرج خالد جلال: الفنان أشرف عبد الغفور كان واحدا من أفضل ا




.. شريف منير يروج لشخصيته في فيلم السرب قبل عرضه 1 مايو


.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح




.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار