الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:12728 الذكرى الثالثة والعشرون لرحيل الشاعر والكاتب السّوري عبد الأحد قومي.

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2023 / 1 / 15
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


أخي الشاعر والإنسان الراحل عبد الأحد .يا أيّها الباقي الموزع في القارات معنا ، أيّها الشاعر الزوج والأب. الأخ والأخت يامن رحلت بدون وداع .ها هي السنوات تمر لكنك َ ستبقى فيما رسمته على خدود وجبين الحياة التي أقل ما يمكن يحس بها الأوفياء والأصدقاء والأهل والأقرباء.
سأخبرك بأنّ ابنتك َ نور مهندسة وعاملة ومشرفة أبدعت في عملها وقد تزوجت العام الفائت كما وأخبرك عن ابنك قومي . قومي المهندس المجد في عمله وتعامله مع أترابه وزملاء عمله وقد تزوج هو الآخر في العام الفائت .وأما نوّار فها هو يتنقل في رواق المحاكم محامياً وأتمنى أن يصل مرتبة القاضي هنا في ألمانيا .وأما من تزوجتها بعد حب هي الأخرى تُناضل في سبيل أولادها
أخوتكَ وأخواتك لاتزال معهم حُلماً مستحيلا وبسمة مقهور ة يابسة على شفاه الزمن ، مصلوبة ً كما أمانينا المؤجلة الحكم عليها . ستبقى رغماً عن الغياب والموت والفناء ومن جحد عطاءاتكَ. لن أطيل في الكتابة عن هذه المناسبة الأليمة التي علمتني أن هناك من غادرنا بدون وداع وبدون أن ألتقيك بعد أن ودعتني في مطار دمشق الدولي وأنا أتوجه للولايات المتحدة الأمريكية صبيحة يوم الجمعة الواقع في 28/أيلول عام 1988م.أجل لن أطيل لكنك تعيش معنا أينما رحنا وتؤلمنا اللحظات حين نسمع عن شاب مثلك يرحل .
سأخبرك بأنّ مجموعاتك الشعرية والأدبية قمتُ بطباعتها بعدما نقلتها من صفحات كنتَ قد كتبتها بخطك الرائع الذي ساعدني على أن أنقلها بدون أن أُجهد نفسي ما هذه الكلمة أو تلك كما خطي أنا ؟!! . أجل وسعيتُ لتنفيذ وعدي مع روحك حتى غدت تلك الروائع كتاباً واحداً بعنوان (بوفانكا الخابوري) ــــــ تجاوز ال682 صفحة ــــ. الأعمال الكاملة للشّاعر السّوري الرَّحل عبد الأحد قومي.أجل يا أخي ألستَ أنت من كان يُحبّ هذا اللقب ؟!!
وبهذه المناسبة دعني أوجه شكري للصديق والأخ الدكتور هاني رمزي صموئيل الذي أكرمني بتصميم وإعداد وتنسيق المجموعات الشعرية والأدبية وقام بتصميم الغلاف وتَعِبَ معي حتى انتهى العمل وهيأه للطباعة وكنتُ قد قسمتُ الأعمال الشعرية لكَ إلى ديوانين.
1= الأول حمل عنوان :بيان لوهج الروح.
والثاني.أين دمي الذي سرقته القبائل؟!!!
وأما الأعمال القصصية جاءت تحت عنوان كيف تحملكِ الروح إلى رئتي؟!!
وجاءت الأعمال النثرية تحت عنوان :هكذا قالت: عاشقتي..
وأما الكلمات التأبينية والقصائد التي كتبها الشعراء بكَ وما كتبه الناقد الجزائري الصديق البرفسور حمام محمد زهير الذي تناول لك قصصاً وديوانك بيان لوهج الروح أجل عليّ أن أوجه له التحايا وسيبقى في الذاكرة الجمعية على شهامته ونبل أخلاقه .
وهنا لابدّ أن أشير إلى الشعراء الذين رثوك بعد الشاعر خالد نشمي خليف والشاعر يوسف عبد الأحد والكاتب صديقك يزيد عاشور هل تذكره ؟!! والشاعر وديع القس والشاعر عبد الرزاق سويدان والشاعر الصديق أحمد الجميعي والشاعر الصديق حامد الشاعر والشاعرة المحامية الصديقة جانيت لطوف هي الأخرى رحلت على عجل.وهناك الكثير الكثير حتى أخبرك إياه .
أخي عبد الأحد الراحل الباقي كلنا سنُهاجر ذات يوم ولكن حرام أن يجفّ النهر. وحرام أن تُهاجر العصافير إلى بلاد الصقيع كما أنتَ..
ستبقى في ذاكرة الأوفياء الذين ترجموا مشاعرهم تجاهك بنصوص وكلمات تأبينية وفي كلّ عام حين أكتب عن رحيلك هناك من الأوفياء من يكتب .
أبلغك تحايا الأهل وأشواقهم وها نحن في جولة على ما قدمته وما قدمه الأصدقاء.
ولئلا أطيل على القارىء العزيز لن أورد كل ما كُتب عنك . فهذا ضمنته في دواوينك وأعمالك الأدبية التي عنونتها تحت عنوان ( بوفنكا الخابوري). هناك نجد حتى كلمات من أبنه ومن كتب عنه القصائد والكلمات .لهذا نلتمس العذر ممن كتبَ ولا يجد اسمه هنا . أجل ملف واسع شاسع وتعلمون غايتنا هو أننا في كلّ عام لابد أن نتذكر شاعرنا الراحل عبد الأحد قومي .وسيكون أن نختار في كل عام مجموعة ممن كتبَ عنه .
والسؤال هل من ملخص لحياته وإبداعاته؟
دعونا نمرّ على بعض ٍ مما رصدناه من نشاطات قام بها شاعرنا الراحل الذي حصل على جائزة شنكار من دلهي كأول طفل بين أطفال العالم عن لوحة رسمها وكانت ممهورة بعنوان( نداء الأرض).كان ذلك وهو لايزال في المرحلة الابتدائية من التعليم بمدرسة التطبيقات المسلكية بالحسكة .
إذاً من هو الشاعر والكاتب والفنان والمسرحي والمظلي والمعلم عبد الأحد قومي للذين لايعرفونه.؟!
ولد الشاعر السوري الراحل عبد الأحد قومي في يوم الأحد من الشهر الأول لعام 1963م بمدينة الحسكة .ضمن أسرة فلاحية ودخل المدرسة الابتدائية .بمدرسة سيف الدولة بحي تل حجر ،ثم انتقل لمدرسة التطبيقات المسلكية في المدينة وهو لايزال في الصف الثالث ابتدائي.
وهناك أكمل تعليمه الابتدائي ثم الإعدادي في إعدادية أبي تمام والثانوي في ثانوية أبي ذر الغفاري بالحسكة. ومن ثم تابع دراسته في جامعة دمشق كلية الآداب قسم اللغة العربية. لكن مع كلّ أسف لم يُكملها .عَمل بالوكالة ومن ثم مكلفاً للتدريس ساعات اللغة العربية ومن ثم عُين رئيساً للمسرح المدرسي في المحافظة حتى رحيله.أما نشاطاته فنذكر أهمها.
=1عام 1973م.شارك في معسكر الزبداني الأول لطلائع الشبيبة وكان عمره عشر سنوات.وفي نفس العام كتب في مجلة المعلم العربي في عام 1973م (الكتابة على دفاتر تشرينية)
=2عام 1974م.يشارك على مستوى سوريا في مسابقة رسوم الأطفال.بلوحته نداء الأرض ويحوز على المركز الأول،
3=وفي عام 1975م.تشارك وزارة التربية بلوحته نداء الأرض في مسابقة رسوم الأطفال .لجائزة شنكار من دلهي ويحصل على الدرجة الأولى (الفائز الأول (على أطفال العالم.
4=عام 1976م.يُكلف عضو قيادة وحدة أبي تمام.وكان له مشاركات أدبية وثقافية وفنية على مستوى المحافظة.
5 =عام 1977م.عضو قيادة وحدة أبي تمام.وكان له مشاركات أدبية وثقافية وفنية على مستوى المحافظة.
6=عام 1978م .نائب أمين وحدة أبي تمام.وكان له مشاركات أدبية وثقافية وفنية على مستوى المحافظة.
7 =عام 1979م. نائب أمين وحدة ثانوية أبي ذر الغفاري.وعضو قيادة رابطة معسكر.+نائب أمين الرابطة
8 =عام1980م.أمين وحدة ثانوية أبي ذر الغفاري +دورة الصاعقة الفرعية الأولى بالقامشلي(الأول على الدورة).
زائد أتباعه الدورة الأمنية الفرعية الأولى(الأول على الدورة).كما حاز في هذا العام على شهادتي تفوق دراسي(1979/1980).
9 =عام 1981م أمين وحدة ثانوية أبي ذر الغفاري.وبطل دورة القفز المظلي العسكري الشبيبي دورة البعث الثانية .كُرم َ يومها وهو من ألقى كلمة الخرجين.
10 =عام 1982م.رئيس اللجنة الصدامية في وحدة ثانوية أبي ذر الغفاري.وشارك مع الجيش في لبنان في نفس العام.
11 =عام 1983م.أمين وحدة الشبيبة في ثانوية الموحدة الخاصة،
زائد أتباعه دورة إعداد ممثل (تمثيل والإخراج الأولى على دورته ).الدورة التي قامت بها قيادة اتحاد شبيبة الثورة بدمشق .بتقدير جيد جداً.
12 =عام1984م.دورة سيناريو تلفزيوني.زائد أتباعه دورة أجناس أدبية.وكان أمين رابطة الشبيبة.وقيادة الاتحاد.
13 =عام 1985م.أتبع دورة إعداد مركزية.
14 =عام 1986م.عضو قيادة رابطة شبيبة الحسكة.
=15 عام1979و1980و 81و82و 83و84أمين حلقة حزبية.وعام 1990و91و92و93أمين حلقة حزبية.كما أتبع دورة أطر قيادية.
16 =عام 1983و1984مكلف في المسرح المدرسي.
17 =وشارك في جميع الندوات والمناظرات المركزية من عام 1981و83و 84و 85و1986.
18 =شارك في جميع النشاطات الأدبية المركزية والفرعية للأعوام مابين 1981حتى عام 1986م.
19 =شارك في مهرجان دمشق السينمائي للدورتين.كممثل عن فرع الحسكة. لمنظمة الشبيبة.
20 =رئيس شعبة المسرح الشبيبي المدرسي مابين عامي 1991و 1998م.المشاركة في المهرجانات الفرعية والمركزية.
21=محاضر في الندوات الفرعية للإعداد العقائدي.
22 =مدير دورة الإعداد العقائدي الفرعية لعام 1994و1995م.
23 =عضو لجان تحكيم فرعية/عقائدية وثقافية وفنية/
=24 مشارك سابق في جريدة المسيرة.التي تصدر عن قيادة اتحاد شبيبة الثورة.
25 =عضو اللجنة الفنية في المخيم المشترك بين اتحاد شبيبة الثورة واتحاد كشاف لبنان عام 1995م.
26 =عام1992م شهادة تقدير من الرفيق سعيد حمادي رئيس اتحاد شبيبة الثورة.للرفيق عبد الأحد قومي رئيس شعبة المسرح المدرسي بالحسكة.لجهوده المتميزة في إنجاح المهرجان المركزي السابع المقام في محافظة الحسكة مابين 11/4/1992و15/4/1992.
27 =عام 1997م حصوله على شهادة تقدير من لجنة تحكيم الشعر في المسابقة المركزية الثانية للشبيبة العمالية والسكنية المقامة في السويداء(قررت منح الرفيق الشاعر عبد الأحد قومي .وذلك لتميز تجربته الأدبية وإبداعه الشعري)
28= بطاقة شكر من رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي بالحسكة. لما قدمه من جهود في تحرير الجريدة(الصفحة الثقافية).وهذا غيضٌ من فيض الذي قدمهُ الشاعر والأديب الراحل عبد الأحد قومي .خدمة لمجتمعهِ الذي عاش بينه .
كان يأتي عند شاعرنا الراحل عبد الأحد قومي الوطن بعد الله بكل ماتحمله هذه الكلمة من قدسية ومعنى وكان يُحبّ النحن أكثر من الأنا .
فهل ينصف الشرفاء والزمن الشاعر الراحل عبد الأحد قومي ليبقى في الذاكرة الجمعية لمجتمعهِ.؟!
مع أخذنا بالتقدير والامتنان لماقامت به منظمة شبيبة الثورة،منذ سماعها نبأ الفاجعة وحتى بعد الأربعين، وعلى رأسها الأخت خنساء إبراهيم وأعضاء قيادة المنظمة في الحسكة والمسئولين في الدولة والحزب والإعلام .وجميع المخلصين والشرفاء من أصدقاء ورفاق الراحل عبد الأحد قومي. ورجال الدين المسيحي والإسلامي وعن الإخوة اليزيديين والأخوة الدروز كما الشعراء ( الشاعر خالد نشمي خليف ،والشاعر يوسف عبد الأحد ، وصديقه الذي رحل هو الآخر بعده. الأستاذ أيوب كمو ،والشاعر والكاتب الدكتور الآن أحمد الدريس،والأستاذ المدرّس والكاتب والباحث حسين عساف ،والصديقة المعلمة الباحثة التي أبدعت عريفة لحفل التأبين خنساء إبراهيم ).والأقرباء والغرباء وجميع من ذرف دمعة لرحيلهِ…
ونستدرك هنا ما قدمه من أعمال فقد أقام عدة أمسيات شعرية وأدبية في المراكز الثقافية بالحسكة ومراكز مدن المحافظة.
فقد شارك في العديد من المهرجانات الشعرية والأدبية على مستوى سوريا.
من بين الذي نحتفظ به.أمسية شعرية تُقيمها رابطة شبيبة الحسكة.في 10/3/1980م.بمناسبة ثورة الثامن من آذار.يشترك فيها (عبد الأحد قومي+رغداء البكري+ لينا البكري).في صالة المركز الثقافي بالحسكة.
وفي عام 1984م.فرع شبيبة الحسكة يُقيم لقاء أدبي لفرعي حمص والحسكة.
يشارك فيه الشعراء والأدباء الشباب.(عبد النبي تلاوي+أحمد الدريس+ وليد المصري +عبد الأحد قومي.+سمية عمر شيخي.+يزيد عاشور).
في صالة المركز الثقافي بالحسكة.
ودعوة من المركز الثقافي يُقيم أمسية شعرية التي يُحيها الشعراء: عبد الأحد قومي+ حسين بن حمزة.في 25/2/1986.وشارك في المهرجان التاسع عشر للفنون بحمص من 1/10/1995.
والمهرجان القطري العشرون حلب 1/6/1996م.
وشارك في المسابقة الأدبية الثانية للشبيبة العمالية والسكنية.السويداء من 23و24/8/1997م.
والمهرجان الثالث عشر.في اللاذقية من واحد إلى 3/10/1997م.
ومع كل أسف لم نعثر على كل البطاقات الخاصة بمشاركاته الأدبية والشعرية.وكان عضو في دائم في النادي السينمائي الطلابي.
ملاحظة: ننتظر من صديقه وأخيه الكاتب والشاعر يزيد عاشور أن يكتب لنا عن تجربة تأسيس منتدى الخابور الثقافي . لأنهما أسسا معاً منتدى الخابور الثقافي الذي انتسب إليه أكثر من ثمانين عضواً آنذاك.
وأما أول من كتب عنه قصيدة شعرية جاءت تحت عنوان ( معاشرة المنون قضاءُ).كانت قصيدة الشاعر خالد نشمي خليف فقد جسدت بكل صدق ٍ حقيقة ماعاشه شاعرنا ممن كانوا يُحيطون به .وقد أخذناها عن جريدة الجزيرة الخضراء العدد26.آذار
2000 م . يقول فيها الشاعر خالد نشمي خليف.
لكَ في المنابر ِ وصمة ٌ بيضاءُ //// وعلى المسارحِ قمة ٌ شـماءُ
ومعَ الشبيبة ِ كُنتَ كنزاً غائراً //// لو يدركُ الكنز الدفينَ دُهاءُ
ما أنصفتكَ النائباتُ وقد درتْ //// أيُّ الرجالِ لربّها صُعـداءُ !
يا أيُّها الماضي لرحمة ِ ربّهِ //// هلْ حنَّ للشعرِ المهيضِ بكاءُ؟!
خَطرتْ.أبا قومي .لذكركَ نفحة ٌ //// نفحاتُ ذِكركَ سلسلٌ ورخاءُ
كيفَ السلوُّ وفي فؤادي غصةٌ //// قدْ ترجمتها بالدموعِ دمـاءُ ؟
في كلِّ ذكرى من لقائكَ عبرةٌ //// ولكلِّ ذكرى عبرةٌ حمراءُ
لاحتْ عليَّ الماضياتُ تذكراً //// فاستوقفتني في رباك ذكاءُ
وشكوتُ ما لمْ اشتكيه لصاحبٍ //// غدرُ الزمان مغبّةٌ وشـقاءُ
آثرتَ هجرَ المنكرينَ فضائلاً //// فأتتكَ تزحفُ هجرةٌ رقطاءُ
نفثتْ سمومَ الحقدِ في مهدِ الشقا //// وكأنّـها للأشقيــاءِ بلاءُ
حجزتْ عنِ القلبِ الرؤوم ذماءةً //// وذماؤهُ ـ لو تعلمون ـ وفاءُ
نسرَ الحداثة مالقلبكَ واجماً ؟! //// أعظمْ بقلبٍ للوفاء فــداءُ
خطفتكَ منّا الحادثاتُ وليتها //// شهدتْ بناتِ دهوركَ الأرزاءُ
ظلموكَ حين استبعدوك لغايةٍ //// واستنكروكَ لأنهم نكـراءُ
حسدوكَ في الإبداعِ لمّا صغتهُ //// فاحتار فيما صغتهُ شـعراءُ
وهززتَ أخبيةَ القلوبِ برحلةٍ //// أذنتْ بموعدها العجولِ سماءُ
ماكنتَ ترضى بالمنايا عشرةً //// ولكنْ معاشرةُ المنونِ قضـاءُ
فلئنْ جفوكَ عن المناصب نقمةً //// لكَ في القلوبِ مناصبُ ورواءُ
ربّاهُ إنّي استميحكَ رحمةً //// من مات في عزِّ الشبابِ يُفاءُ
ساءتْ لهُ من قبل الممات شراذمٌ //// فاحفظ لهُ يا ربّنا ما ساءوا
***
شعر: الأستاذ خالد نشمي خليف .نسجل له هنا وفاء لإخلاصكم أيها الشاعر الصديق الوفي خالد نشمي خليف. جلّ تقديرنا وودنا لكم أخوكم اسحق قومي.
أما المشاركة الثانية فهي للشاعر الصديق الأستاذ يوسف عبد الأحد.
أَنعم به حين نظم قصيدة وألقاها في رثاء صديقه الشاعر عبد الأحد قومي.
وهي بعنوان: في ذمة الله ياطيب القلب.
رحلتَ أبا قومي لمغفرة ً / لاتجزع اليومَ طيبٌ فيكَ يُفتكرُ
قدْ رحّلتكَ نيوبُ الموت غادرةً /والغدرُ طبعُ اللئام أيّها العُمرُ
يابن الحداثة شعراً كُنتَ تنثرهُ / في جانبيهِ سهولُ الحبّ تزدهرُ
بالأمس كنتَ وكان الشوقُ يجمعُنا/وروحكَ السَمحُ باللألاء ِ تأتزرُ
بالأمسِ كُنتَ تُناجي الحظَّ مُبتهلاً/ أنّى التقينا يلفُّ الملتقى السفرُ
كُنتَ الوفيَّ لمن صادقت من نزل ٍ/ فيكَ النقاءُ ، تباهى . بات يفتخرُ.
لولا رماح الجوى آذتكَ في كبدٍ / ما هدَّكَ النافذُ القّتالُ والخورُ
وراعني أنْ رأيتُ الزغب باكية ً/ أحسستُ أنّ شغاف القلب تنفطرُ
كانت خصالُكَ نفحاً من قرنفلة ٍ /آه ٍ، فكيفَ طيوبُ المرء تندثرُ؟
ياطيّب َ القلب قد أودعتنا حزناً/ تبكي لهُ وارفات ُ الظلِّ والزُهرُ
منْ أجل عينيكَ خطّ الشعرُ مرثية ً/ يرثي شباباً بعمر الورد يُختصرُ
إنْ أبعدَ الموت ُ طيباً عن منابته /يبقى الأريجُ فيزهو نفحكَ العطرُ
يا أمّ قومي .حباك ِ الله تعزية ً/ والمرءُ في قسوة الأقدار ِ يُختبرُ
فالأصدقاءُ تباروا في مودتهم/ عُربون حُبٍّ فلا زلفى ولا هذرُ
والموتُ حقّق على الإنسان من أزل ٍ/ كلّ ابن إنس ٍ إلى الأجداث ينحدرُ
تبكي النساءُ على الأموات ناحبة ً/ منْ طبعهنَّ سيولُ الدمع تنهمرُ
أما الرجالُ إذا انهلتْ مدامعهم ْ/ فاعلمْ بأنّ سنيَّ العمر تنتحرُ
أحببتُ فيكَ سناء الروح تحملهُ/ والأصغرين لديكَ الطيبُ والدررُ
في ذمة الله أودعناكَ في جدث ٍ / كلُّ الأنام ِ لهُ والموتُ منتظرُ.
شعر. يوسف عبد الأحد . الحسكة.
وكتب عنه ذات يوم في ذكرى رحيله الأخ الأستاذ الكاتب والإعلامي بدر شلال كلمة دعونا نقرأ مضمونها ونحكم على ماجاء فيها كان ذلك في 15/1/2014م.
Badr Shlal)
أستاذ اسحق الغالي : في رثاء أديبنا وشاعرنا عبد الأحد قومي رحمه الله في ذكرى رحيله ، نستذكر في الحقيقة أحد رواد أدب الشباب والمسرح في محافظة الحسكة ، والذي أسهم مع باقي المثقفين من أبناء جيله في تنشيط الحركة الثقافية والأدبية في تلك الفترة ، واليوم عندما نتحدث عن إحدى القامات والنخب الثقافية فإني أتوقف عند أمرين الأول :
وهو عبد الأحد الإنسان الذي كان قريباً من القلب ، عاقلا ً حكيما طموحا ذو أخلاق عالية ، كان يفرض احترامه على الآخرين بنبله وقيمه الإنسانية وعلاقاته المميزة مع أبناء بلده ، فضلاً عن أنه كان محبا لوطنه وأهله وأصدقائه ..
لم أشاهد المرحوم عبد الأحد يوما إﻻ ّ وَهو يبتسم حتى في أقسى الظروف ، وهذه الخصلة ﻻ تتوفر إﻻ في الرجال .
أما الأمر الثاني نتحدث عن عبد الأحد قومي كأديب وشاعر فرغم صغر سنه استطاع أن يفرض حضوره على الساحة الثقافية والأدبية ليس على مستوى محافظة الحسكة فحسب بل على مستوى سورية ، وبذلك نستطيع أن نقول كان من بين السفراء النجيبين الذين قدموا محافظتهم بأجمل صورة ممكنة .. باختصار المرحوم عبد الأحد نجم ساطع لن يغيب عن أذهاننا .. أعماله ماثلة وستبقى على المدى شعلة مضيئة في الساحة الأدبية والثقافية ..
وهنا نسجل على أنفسنا كإعلاميين وكتاب من أبناء المحافظة التقصير في دور هذا الأديب الامع .. لم نعطيه حقه في مسيرته الشعرية والأدبية، وخاصة في عدم الإسهاب في سيرته بشكل غير مقصود في الكتاب الذي قمنا بإعداده أنا وزميلي وصديقي تميم ضويحي ويونس خلف عن محافظة الحسكة ، إﻻ أنني استدركت هذا الأمر بإعداد وتقديم برنامج تلفزيوني عن المرحوم عبد الأحد قومي الأديب والشاعر أذيع على الفضائية السورية وفي البث المحلي لمحافظة الحسكة ، لعلنا استدركنا بعضا من هذا التقصير ..
رحم الله أديبنا وشاعرنا الغالي ، والبركة بشاعرنا الأستاذ اسحق قومي أمد الله بعمره .
بدر شلال .15/1/2014م).
أجل يا أخي النبيل الأستاذ بدر الدين شلال. إنّ هذا الاعتراف يجعلنا أمام استحقاق أعتقد لن يتم تسويته بغير أن تقوم الأسرة الثقافية في مدينة الحسكة لابل على مستوى سورية مع تقديرنا للظروف المأساوية التي يمر بها وطننا الحبيب سورية التاريخ الذي سيبقى رغماً عن القتلة واللصوص والمتسلطين ونقدر ظروف أهلنا جميعاً من كسب إلى تدمر ومن عين ديوار إلى زيزون لكنه كل هذا لايمنع من إقامة ندوة عن الشاعر والأديب والشبيبي الذي شارك ومثّل المحافظة في الندوات الثقافية والأدبية والسياسية والتلفزيونية والدرامية لمدة تزيد عن ربع قرن بالكمال والتمام وأضاع زهرة عمره في سبيل مجتمعه ووطنه وأعتقد أنّ هناك ندوات ومجالس تكريم تقوم بها المراكز الثقافية ولكن للأسف لم تباغتنا مرة تلك المراكز من أن تُكرم شاعرنا الراحل والسؤال للمليون لماذا؟!! .
كما وهناك يحق لنا أن نسألك َ أيّها الشهم الأستاذ بدر الدين شلال وأنتَ تعلم عن دور شاعرنا الراحل الرائد والمتميز الذي قدمه لمجتمعه ووطنه .
وأعتقد يحقُّ لنا أن نسأل عن خلو اسم شاعرنا من الكتب التي صدرت في مدينة الحسكة عن المحافظة والفعاليات الأدبية والشعرية والمسرحية والأنكى أنّ هؤلاء كانوا من الأتراب لشاعر الراحل عبد الأحد قومي وذكروا أسماء الشّعراء والكتاب والمسّرحيين كما أرادوا أسماء لفنانين هاجروا إلى أوروبا منذ عشرين عاماً قبل تأليفهم ولكننا لانجد له أيّ ذكرٍ سواء في مجال الشعر أو الأدب أو المسرح أو الثقافة أو الندوات المركزية والسؤال لماذا؟ وماذا يعني هذا؟!!! ألم يكن بينهم يومها وكان مكلفاً بمسؤولية رئاسة المسرح المدرسي بمحافظة الحسكة؟!!
وأما عن أخويه الشاعر ،الكاتب والباحث المدرّس اسحق قومي والمهندس الشاعر والكاتب أيضاً لم يُذكرا .سؤال لابد أن نطرحه على من لديهم أدنى درجة من الحس والذوق والضمير . لماذا كل هذا السطو على مواهب وأنتم تعلمون لن يظل الأمر كما تريدون ولكن أسفي على من يدعون بالإنسانية والوطنية والأخوة إن هذه القرصنة التي تمت رغم شذاجتها وبلادتها وخسها فنحن باقون رغم عن الهجرة والتهجير والموت أعتقد الرسالة وصلت وخاصة إلى من كان يأتي إلى عبد الأحد مهرولاً ويرجوه أن ينظر فيما كتبه من تقرير حول موضوع خدمي أو خبر صحفي يخص مدينة وأحياء المدينة . هم يعرفون أنفسهم ؟!!!!
أقولها عارية في هذه المناسبة الأليمة وهي حق لنا ولا ندعي بباطل .
أقولها إنّ الزمن يبتلع الرؤساء والزعماء والقادة والمتغطرسين والقتلة ولكنه لايمكن له أن يتمكن من شاعر ٍ أو كاتب أو باحث من كان وعلى أيّ وجهة كان .إنَّ عبد الأحد قومي وأخوته ليس عبر دفاتركم الصفراء سيكبرون .وما قمتم به عيب ولا أشك أنكم تتعذبون إن كانت لكم ضمائر توقظكم من غفلتكم.
أما المشاركة الثالثة التي اخترناها لهذا العام فهي للصديق الدكتور البرفسور الناقد والأديب والكاتب الجزائري حمام محمد زهير. فقد كتب عدة أبحاث عنه نجدها في كتاب ( بوفنكا الخابوري) أو في الحوار المتمدن :العدد 4582/ 22/9/2014م . وهنا نوجه له كل التحيات والأماني مني ومن أسرة الشاعر.فماذا كتب عن شاعرنا .؟!!
"الوعي التجريبي ومضامين "البلاغة البطولية"في قصة ((علي الأعرج " للشاعرالسوري الراحل "عبد الأحد قومي." ...د.حمام محمد زهير
وكذلك تناول قصيدة الشاعر عبد الأحد قومي التي تحمل عنوان:قراءات للحجر.وعنونها بالسياحة الصوفية للملفوظات الباطنية
حمام محمد زهير
الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 - 20:08
المحور: الادب والفن /عند الشاعر عبد الأحد قومي في قصيد ..قراءات للحجر...
دراسة د. حمام محمد زهير ناقد من الجزائر
كلمة لابد منها: أتقدم بالشكر إلى الصديق إسحاق قومي على معرج ما قدمه لي من تعريف شامل للشاعر عبد الأحد قومي من خلال مساهمته في إرسال أعماله إلي وكان سببا في نشر الكثير منها كدراسات ، وقد أعجبتني هذه القصيدة لدرجة أني لامستها أدبياً ثم نقديا ًوحسب ما أبرقه رئيس الرابطة المهجرية للإبداع المشرقي بأنها كانت قد فازت بالتميز الأول ما فوق الجائزة ومستوى المهرجان للشعراء الشباب في سوريا ، السويداء لعام 1997م له مني ألف شكر متنعما بالبهية الموهبية في سلالة قومي ..بارك الله لك العمل..
01-سيمائية العنوان:
في أول تطرق لأي تحليل لخطاب أدبي نسقي أو شعري مهما كانت وصلته يستجدي نفعا لمتن النقد أن نلامس العنوان لأنه مركز العطب إن وجد وسترة أخاذة إن أدى ما عليه ، وغالبا ما يتغاضى الطرف على فكرة العنوان ، وبالتالي يغيب عن جادة فهم المعاني ا، إلا أن الشاعر قرأ فعلا الحجر واستنطقه بكل لغة تسمح بذلك..
يتحف "الشاعر السوري "عبد الأحد قومي" شاعر القومية والمعاني السامية للشام" " الحجر "بقراءات متأنية ، تفيض "قمعية" على "براثن التجاهل" للذات ،وترسم في مخيلته ليالي الانبعاث نحو استعادة المجد التليد باستعمال "المحايثة " حيث انه كثير ما ظهر لي قدرته على توظيف أدوات استقرائية تساهم في توليد الدلالة ، إذ يقدم الشاعر عبد الأحد في "القراءات" متونا متنامية ومتزاهية في" كبرياء المجد" ومتناغمة في "فصول التموسق الداخلي والخارجي "باستعمال" البنى الصوتية "القوية في تشاكلها ومعانيها من خلال شبكة العلاقات "السانكرونية " ، لها "مفردات رديفة" في المعنى العربي للغة الراقية التي تسللت منها بذور "النحو" الشامي فأطربت المغنى في تجلياته الاستيطيقية الكاملة إذ ظهر "المنهج البنيوي" أخاذا من خلال" النسقية والبنية" ، وهو ما أظهرته الجمل مع مكوناتها الاسمية والفعلية أو الحرفية والظرفية ،فهي كلها على العموم ساهمت في رسم أولى معالم تحليل" الخطاب الأدبي "الجميل عند قومي عبد الأحد ، والتي سنصور مغانمها على اللسان ووقوعها على الإذن الداخلية بشيء "من الجدية" التي لا طالما حاول هذا "الشاعر الجميل "إن يبرق بها إلى "جنس العرب " لعلهم يتذكرون في مورفولوجياتهم اليومية معنى للمحنة والاغتراب والانزياحيات الغريبة.في البنية المعجمية ..
يتحدث "عبد الأحد " بلغة "الضمائر التي استعملها (لازرسفيلد" )عندما وضع أسس لكتابة" الخبر الصحفي" واسماها ما كسويل " بالشقيقات" أنها الضمائر المندسة الإخبارية الموصولية التي تفضح الذات ، كلما "هزها أزير" ..ينتجع الشاعر بالسلام( عليك واليك ) ويتغاير التشاكل في "قراءة ثانية" في شكل تساؤل (سلام لمن ) ، استعمل الشاعر في البنية الصوتية تكرار الملفوظات وحروف المد، بالإضافة إلى التجنيس الذي نعني به اتفاق الألفاظ في الحروف للوصول إلى نغم موسيقي ، هنا يحدث التناقض من باب النقيض ورده، لكي تتحرك" العقدة الغريماسية" ، سيولا وانهارا من المعاني المتنصبة "اسماه تقديم واحد،" .
وفي مجموعه يشكل التقديم الأول شرحا مختصرا لما يليه .
"فلنتمعن" في "التقديم الثاني" ككتلة من "المفردات" وبتعدد قياسات الملفوظات من باب "القراءة العمودية " ،لنعدد الملفوظات "البراقة "في التقديم الثاني وهي (الدبابة..حجر ..بلاد حديد ويابس) لو ربطنا الكلمات سنجد أن هناك "معركة عجيبة" بين حجر قد يحمله" منتفض" يعرض صدره لدبابة من حديد ، وهي ميزة قائل الحق الذي لا ترده عنه شائبة ، وتلك صفة لطالما حملها عبد الأحد ، في النص الشعري.
يعبر الشاعر عن ذاته المتكونة من روح صافية وعقلية متنورة تكلم الناس من بنيوية "فينومنولوجية "رائدة تتوسد في مجموعها ألوانا من الأفكار ، فتكون الظفائر مدخلات لطرق صعبة كلها تؤدي إلى حلم هو البلاد، بمفاتنه الخلابة وأراضيه اليانعة التي تدر على الورى في الشام وغيره من خيرات موسمية كالتي طلبت بمصر() يتحدث بلغة النبات والفكرة نباتية عندما تحاور نفسها عند مدخل الفكرة ، تظهر فكرة أعظم بصورة اله روماني في أساطير "اليا واوبراث ،".
يحدث انسلال من" راحة العمر" كان الصوت أعمقا من حتمية أخطار نحو المغادرة ولكان "الرجل "لم يعد يدرك أن الغبار ونضج الأجاص لم يعد كما كان من محلات النعم ، ويلازم من "إخبار ثاني" في دوامات الحراك والصعود بطول النيزك في التعالي " قبل السقوط" يصنع الحلم من أجندة التفكير ، أحسه يدثر الروح بعد الصعود لتتهالك من جديد، يصف حالتها في استكانة وميوعة ينقب مداك. يصبح مجديا في علم الرصاصة الواحدة..)تلك الرصاصة يعانقه المد العاطفي والتشخيص المزاجي للقبول والرضا كأنها القبلة في جماليتها .( تحبلُ بقبلةٍ، فتؤجلُ وقوفكَ في نافذةٍ)..هو بمزيجه الشعري يريد أن يمتص بلادا بإكمالها على "مجازية الشهقة"، وكأنه يشاهد "موسم موت الكلمات"، وحق ذلك رغم ما أصاب الشام، وما أحوجه إلى الكلمات التي تعطيه الحق الرصين لكنها لم تف الحق.
-حاولنا أن نفكك البنيات العميقة لوصول إلى المولدات المصطلحية التي حاول الشاعر الوصول بها إلى المواجهة وكشف بواطن الواقع فان ذلك الأمر سوف يجعلنا نقيم فوتولوجيا ودلاليا ما للمعاني المستعملة فيها من قوة الشيفرة.
الشيفرة الفلسفية عند عبد الأحد قومي:لو استعرضنا "معنى الشيفرة" على أساس أنها إنتاج وتفسير يجعلنا نناقض من يقول أن الشفرة مغلقة وجامدة ، وضعها البشري من اجل الاتصال الأول انطلاقا من وظيفة التعقيد اللساني فعند عبد الأحد قومي ما يوازي هذا التشاكل لنرى ذلك من فك الشفرات:
(هو اشتهاءُ مفصلٍ حادٍ لفؤادِ البحر…) تظهر مصطلحات البراقة في حد(الشهوة...فؤاد...البحر..مفصل..حاد) تبدو الوظيفة في غاية التوطين الداخلي جمعت بين ما وراء علم النفس براسيكولوجيا وبين تبرير أخاذ لمفاعل( الشهوة) التي تجعل النفس إمارة وفي الشفرة الثانية يظهر قوله (طريقٌ لا يتوبُ مِنْ خطواتِكَ، مدينةٌ تسعلُ قصيدتكَ،) لنفكك مفرداته البراقة ( السعال..التوبة..الخطوة..والطريق ) وعند مبناه ارجع الوظيفة الأدبية من استلال الكناية في قوله (تسعل قصيدة) و(طريق لا يتوب) تنمحي هنا الواقعية وتحل مكانها الرمزية الخارقة دوما في شعره فهو يبنيها بناءا غريماسيا جيدا، وهو ما تظهر الشفرة الثالثة (تُقصيها سياجَ وجهكَ،) فمن الإقصاء ..والوجه..والسياج ) مسافات خارقة في البعد يجمعها عبد الأحد قومي في لحظات فيصير للوجه سياج ولو نتمعن براسيكولوجيا هذا التنغيم نجد فعلا أن هناك "شبه وخلف الشبه ومشبه به" وراء كل وجه فلما لا نسميه "سياج الوجه، ولا يعقد مسألة التر ادف في التعقيد اللساني أبدا فهو يحاكي ما وراء علم النفس ، متمنيا أن يزيد غوره إلى الأعماق حيث لا منتبه ولا منبه، وكأني به يريد أن يخبئ ما يكتب إلى زمن سيأتي له من يفككون الشفرة وهو يدرك الآن إن قلة يسيرة من تحاول ؟
لنتمعن هذه المونيمات الجميلة..(فتنهمرُ ترابَ لغةٍ أو زنبيلاً تُعدِّه للرحلةِ التي تلي…) يخرج منها التمثيل المصطلحي نحو انهمر..تراب..اللغة..الزنبيل..الإعداد..الرحلة الموالية )، عند الذي لا يعرف الشاعر يظن أن به تفريطا فلسفيا يشبه مقولات هايدجر أو تمتيط "كانطي" ضارب في الجذور، وهو في الحقيقة يحاول أن يلامس معنى جميلا يدعو الأخر ، بقوة للفهم والإعداد الرياضي (بمفردكَ تُحصي القبرات.) ويؤكد ذلك التفوق (لا تُخطىءُ في ألوانها) إلا إذا كان الموات (، يُباغتكَ موتُكَ،) ماذا يحدث في الحالة الأخيرة سوى تجزئ للمحنة يراها عبد الأحد قومي في هذه الحالة يعني حالة الموت بغتة تتناثر الأصابع كأنها الفراشات وذلك هو عمق معنى الانتشار إن كان ما يكتب لغة لا تموت فأشعاره فعلا لا تموت أراد أن يفهمنا ذلك لان الفراشات تهوى الضوء. ولكنها قد تموت غير أن ما تحوره الأصابع لا يموت فهو قد ناقض هنا غريماسيا بين الفراشة والموت(فتنثرُ أصابعكَ فراشاتٍ تجيدُ عشقَ الضوءِ ولا تموت).وخلافا لذلك فما نستمده من حركية الشاعرة الفلسفية هو ترحيبه بالزمن وكان كائناته لا تلامس إلا الفضاء الزماني على عكس ما كان يساور عليه كل من دريدا ولوناب فالساعة عند عبد الأحد قومي هي مجال للحياة ،لأنه أدرك انه الحياة ساعة وكأنه يشاهد فصلا ، وبذا ادخل أقفال الصندوق بعد ساعة وصندوق العجب يبرره تواجد طفل يتزهره طعم السكريات فيحوره متميزا متفردا(ساعةٌ أُخرى وأقفلُ صندوق الدنيا والطفل المولعُ بحلواهُ ينسى المشهد الأخير من دمكَ.) فكل ترابيات الدنيا هي مشهد واحد من فصل واحد كمثل لحظة من لحظات إحساس عند طفل مزهو بطعم السكر يلعق مصاصة والآخرون ينظرون (مَنْ يدلفُ روحهُ في صندوق الدنيا؟!.يرى المشهد الأخير)
الشفرة التعبيرية في مراسم عبد الأحد قومي:
عبر الشاعر في "مجاله "الزماني المشار إليه في السابق (كساعة) ،عن حدوث "محاجي ومغازي" كلها تمر في زمن قياسي معنون بكثير من المظاهر السلوكية التي امن بها الشاعر ، لأنه عايشها طوعا وكراهية وهي (الضحكة..الزكام..الرحيل..الأنفاس المتوهمة، الخجل الحرقة.. المؤاخاة) مثل هاته السلوكيات هي وجه من البلاد أو ترجمة لأغصان أيكة يتوسدها نهر ،كلما تذكرها تذكر مهجة البلاد، "فالشفرة التعبيرية" قاسية ومروعة لاستدلاله بالمعاني والمفردات الباطنية للوطن كتراب وهواء، وماء فيه سر الحياة وأيكات تنمو على الدوام، لو راعينا في هذا الخطاب التعبيري ما أراد أن يصل إليه كتعبير عن حرقة حيال نوع من الاغتراب ، اتجاه هذا (الوطن الكبير) في قلبه متنوعا وظف المتغير النفسي للدلالة على محنته الموزعة بين الضحكة والزكام، باحترام المجال الزمني الناهض فيه مما يدل عليه المفرد الموجه للزمن كالوقت ..ساعة ومع ذلك يركب عبد الأحد في غرائبيته المتنورة ما يشهد له بعمق الإبداع“" هي ضحكةٌ أو زكام، ترحلُ في ساعةٍ مناسبةٍ، والوقتُ تُوهمهُ أنفاسُكَ،يخجلُ يتكورُ في لفافتكَ، تُحرقهُ ولا تنتشي ، يصحو صهيلُكَ، فتشتعلُ الساحةُ.، تقفزُ لأصابعكَ الياسميناتُ تؤاخي أصدقاءَكَ الذين سقطوا!!"
يطلب الشاعر من "ذلك القلم "أو اليد التي تحمله وتستقبل الحجر أن يفجر العصف الكائن أمامه ، بقوة "نيرود" ولا ينتحب فالشام لا فيه نحيب ، ولا معيب ومهما كانت العواصف فلا الريح سيجرف ما أمامك ، ،هو الثائر وأنت القادر ، لان تؤمن بالله ولا سقف فوق الله، تنجلي غموقاته الآمنة محرك طقوس العبادة الجهورية والاعتقاد، فان تلك اللحظات هي سبب الاعتقاد وما نسميها بالأمان الراسخ ، تفجر فيه الحقائق البنيوية حقيقة الأمكنة الشاخصة في البعد(.. افتحْ نكوصَ اللحظةِ، ـ مَنْ ذا الذي يقرأُ الفاتحة؟!!
عامٌ لرحلةٍ تالية تركض القرنفلاتِ تشهقُ بالبردِ، تمتطي شبقَ الآلهة.)
في أخيلة عبد الأحد قومي روائح الفلسفة والبنوية الغامقة في المعنى يستهل منها تحرير المفردات من عوالم مختلفة منها النباتات لأنه نباتي وعاش صوب أمكنة الهواء في فيافي الشام والحسكة لا ينظر إلا إلى قمر في العلو ، أمل مترهل نحو النجاة و ( هذي نبوءاتُكَ تستبيحُ قمراً، يسقطُ في يديها يتكور ينمو خارجاً، يصيرُ شجراً نقطفهُ..) وحين يفصل ولا يخفي حب الشام يركل إليه بالواد أو النهر العظيم (مولعاً بالنهرِ المصّوبِ للبحرِ...عامٌ طويلٌ للفيلةِ،)
ويستعير من عمق اللغة على طريقة جبار معاني في جمال الأسلوبية ما يجعلها ترتقي فوق الأخيلة ( نفتحُ نافذةً للغبارِ، الشمسُ مَنْ يعرفها يُصححُ اندثارَ ضوئها؟! يوِّجهُ دخاناً يملأُ وريدها دفقةً كأرضٍ يعشقها اللعاب) .
التوزيع والترافل في عجيم اللغة:
لو نقيس ما عند الشاعر من مفردات ، جمعت شتى فلول المجالات ، لنجد انه استكشف عمق المفردات من داخلها ، وربما هذا يعود إلى اكتشاف فيضان المعنى برمته عن الكلمات تصنع للشاعر "معجمية خاصة " معنوية لا تخرج عن السياق العام ، لنرى مثلا قوله (ترابٌ لهُ طعمُ نباحٍ،) (تراب. بطعم....نباح، يستحيل إسقاط المعنى عند المتبسط ولكنه يرتقي عند المتفلسف فسؤال الفلسفة يجب أن نتحرى له الإجابة.. والا عدمنا الفلسفة من جميع أطوارها بطعم النباح قد يكون الريق "املحا أو سقيما "من كثرة النباح، لان الأشلاء التي جعلت هذا ( هي) من طعم النباح وقد رتب المعنى تشاكليا بقوله ( أشلاءٌ تحاصرها انهياراتُ شاعرٍ وساماً)، مدخلا محنته القاسية التي اسماها انهيارات مما يؤكد لنا أن عبد الأحد قومي لم يكن سعيد بهاتة المواقف إلى أحالت بينه وبين حب البلاد فصارت تراتيبه تعييش انكسارا تحاصره السفن كما الحي حيث يبقى المرافئ يتألم كانسان على مدار السنة انظر تبسطه (لطعنةٍ منفردةٍ. بطيءٌ حبُّوكُ أيُّها المنكسرُ..نفتكَ المرافىءُ مقفلاً،حاصرتكَ السفنُ بارداً. قتلتكَ الموجةُ وحيدا خلفتك تزهو غريباً. والعامُ طويلٌ طويلْ)
تتوزع" اطر المعنى" من جديد من خلال معجميته الخاصة التي يجمع كلماتها فتتحول إلى ...قضبان لعرين الأسد يفكر بحياة أكثر تفاصيلا من السابق ، ويصف فراقه وبعده بتلك الحيرة التي تراود جنبات الجسم في أقصى تصاويره العاطفية، فهو يحسب لمسارات الغربة على أنثى ، وهاهو يدقق من تفاصيلها (عامٌ قصيرٌ لا يطأُ عتباتِنَا،وسادتهُ كومةُ أطفالٍ
تتهجى قتل بويضاتها…افتحْ قلبكَ للعبور المحاصر..فأنثاكَ لم تتعلمْ كيفَ تشرئب بُعادكَ، تصنعهُ. حضورا) رغم كل ذلك الاشطار والمآسي إلا أن "عبد الأحد" لازال يحاول أن يقتل فراغا يصنعه بعد عن "خطاوي مبللة" دوما بأحلام الصداقة، لدرجة أنها تجعل القصيدة تنساب بدون مقدمات ، دون سلك كهربائي أو إلياذة من زمن مضى بل كل ما في الأمر هو أن يتحقق قرب من دمك، وهو بذا يحاول أن يعمق من بوحه.(الذي يحبلُ من خطواتكََ المبّللةِ بأحلامِ صديقةٍ تطرزُ عقلكَ بالقصيدةِ.....هي خطوتُكَ التي تؤكدُ موتَكَ...مَنْ يبعثهُا مديدةً تصهرُ السلك المانعَ المصنوعَ من وردةِ دمِكَ؟!!)
تنحني" مسميات الأشياء "في كل مرة، عندما يتعدد المدى، ويمتلأ باشايص الغباء لان الذين لا يفهمون ولا يفقهون يدركون أن لعبة الموت تخيف الأقوياء خاصة وان مالكيها هم سلاطينهم المتخفيون على رذاذ البطش، هؤلاء وغيرهم لا يخيفون (القومي عبد الأحد " لأنهم اكبر من كبير ، ولان صولة الشاعر في هذا الزمن كما قال اكبر من تأشيرة ، لكنه لا يخفي التعب ، فهو "مطية المندفعون في اليوم الأخر" ، فكل المدينة ونهرها الباسم قد تعبوا من رحلة الليث الذي وسع من خطاويك لا ليصطاد غزال بل لكي ينسى أمكنة الغدر، وهو يزيد من تبريد انزياحه نحو هذا الأخطار بوجود قاتل يترصد امتعاضا، يتهاوى على قصائدك الشاهية (قاتلُكَ يتفوقُ في حرفةِ امتصاص شعركَ يجعلهُ يابساً)، ولان شعر عبد الأحد القومي لا يستساغ عفويا بل تتمدد فيه خيوط التفاسير مما جعله مختلط بطعم النباح، فكيف لشاعر فيلسوف يتشبح بابريدج الكلمات البهية، في هذا المسار لا أجد للشاعر مخرجا أمنا من محنته التي راودته في أكثر من مرة إلا ما أدركه دريدا ب قوله في ذلك أن الشاعر تسكنه النار وفي غمرته تسكن أوجاع أخرى يستعين بأدواتها كالسوط وعظة الكلب وعدم الانتشاء كلها مثلجات بانورامية تسحق كل أمل في غد أجمل ، لازال يتوسده الخوف الماكن في لحظة مواجهة المقصلة ( إلاكَ مَنْ ذا الذي يوحِّدُ فينا المقصلة؟؟!!كسيفٍ تطلعُ من جثةِ قاتليكَ، نصرخُ قتلاً كان توحُّدنا..توجسنا كنتَ ولم تجيءْ.. حنانيكَ كيفَ تعودتَ قتلي؟!)
بهارات المرأة المتخفية :
تسكن شاعرنا عبدالأحد قومي خراطيش مفوحة بأريج الأنثى،تعني له وطن يسكنه كما يتملكه إلى درجة التقصي، يفتح ذراعيه على وجه مدينة خارقة مزبرجدة بسورة انجيل، تظهر أذواقها اللونية في سيمولوجية خارقة لصورة البنات الحاملات للجرة، تلك وحدها المدينة إلى تدمع يوما تذكر للشاعر ويأتيها ممحونا على أهبة الاستعداد تزيده هياما ( لوجهها الطافحِ باشتياقك للدفءِ محمولا على نصلٍ.) هذه المدينة يستدعي الشاعر ماضيها يقيد فيه من رحلوا منها مواتا وبكثرة لدرجة أن تخيفه من تسارع منحنياتها المنخفضة نحو عد الأموات ولو كان لزوربا مقام إلى درجة أن أصابعك صارت مزورة لأنها لم تنقل حنو مدينة الشاعر،.
يخاطب ذلك المنكسر الذي هو( شخصين ) يملكها "عبد الأحد قومي " وكأنه زوربا شخص هو، هو وشخص انكسر فيه (الهو) فلم يعد هو هو ..ربما يتساءل القارئ المتفحص أن سر التغير الدامي في عمق الشاعر نجده يرتب من أفكاره ترتيبا تنازليا يقصد به التلميح الاشاري أو الأيقونة الأمر الذي يجعل منه شاعرا يفك الرمز ويستعمل الشفرة ويعترف بجواهر إنسانية هي البرد، الشهوة المباحة، العطب ، الطعن ، البكاء وفي ذلك توجيه من الشاعر للشاعر الإنسان الحساس ،الذي أصابه القهر من عمق الروائح، ومنظر الطفولة والارتجاف، المساومة، هكذا يغدو الشاعر متفطنا إلى عمق القضية سابحا في وسطها من النخاع إلى النخاع
توصيف الشاعرية إلى حد الحقيقة :
كان المنكسر في أشعار الشاعر "عبد الأحد قومي "واحد ا من أمته عانى الويلات وحاصرته جيوب الثلج القاسح ، والأرض تؤمن به "فلاحا مكافحا" ، يرفض أن يشتري أفكاره وسلة أفكاره متروكة هكذا ينقاد إليها الواثقون ويبتعدون ، ومهما كان الحب ففي الجيوب مناطيد وثقوب أعدت ليوم عصيب ، كما هو شان العصافير المغرر به في القنص والمطارات وفي الأخير يفتح الشاعر قلبه لألم الهجرة والبعد عن الوطن وما فعله الزمان الاغبش في جسده المنكسر الذي أصبح شبيها بالسعال يدك منابع الوجد فيه ، لكنه يرفض موتك هكذا ، لأنك مهاجر لم تنصفك الأشياء المحكمة في الوطن فكلها تنتظر أن يفتك السعال بالرئة اليمنى أو اليسرى أو كلاهما ، ولكنهم يرفضون موتك لأنك قلم فوق الظنون وصهيلك محفور في جدار الهيكل لك أكثر من قلب بين الدروب والحراس وبوابة الفصل الأخير تتخذ مداها إلى يوم الحشر ، وفي الأخير أوعز الشاعر بان ما قاله هو ريح تقود إلى المقصلة وبمعانيه المعجمية الرائعة صور كل ذلك على انه نفير المقصلة ( افضحْ حُراساً فكروا في حيلةٍ تنشئ لكَ قاموساً ومجزرة. إذنْ هذا نفيرُ المقصلة…) .
ويظل الأمل وارفا يريد أن يحمل الشاعر عبد الأحد قومي إلى بداية إنسان لم ينته بعد ما مزق المهزلة ،ولا زالت ليوث الأرض وشتاتها يحلمون بسماع صهيلك ، لان الشاعر في الأول والأخير هو فصل من قدرات فرس فاق الريح ، وحل المسألة في يوم ذي مسغبة.
دراسة د.حمام محمد زهير ناقد من الجزائر /الجزائر في 24/3/2015م
#حمام_محمد_زهير (هاشتاغ)
أما الكلمات التي رثته فنختار من بينها لهذا العام كلمة تأبينية كتبها وألقاها الأخ الأستاذ الكاتب والباحث حسين حمدان العساف في تأبين الشاعر الراحل عبد الأحد قومي.
ألقاها في المركز الثقافي يوم أقامت المربية خنساء إبراهيم والأصدقاء الأوفياء مهرجاناً تأبينياً للشاعر الراحل عبد الأحد ...جاء في كلمته
((أيّها الإخوة والأخوات :نجتمع اليوم في هذه الصّالة لنؤبّن حبيباً لنا في أربعينيّته ، والأسى يعصر قلوبنا على رحيله الصّادم الذي ما كان ليخطر على بال أحدنا . ويعزّ علينا أن لا يكون بيننا في موكب تشييعه بالأمس القريب ، ولا في تأبينه اليوم أهله خلا زوجته الثكلى ، وإنْ كنّا جميعاً نقوم مقام أهله وذويه .
**
وأنا لم تكن علاقتي بعبد الأحد علاقة أستاذ درّس طالبه مادة اللغة العربية في الثالث الثانوي بثانوية أبي ذر الغفاري في الحسكة قائمة على المحبة والاحترام فحسب ، وإنّما هي علاقة ضاربة جذورها في القدم ، ترجع إلى ما قبل نصف قرن بين أسرتَيْنا ، وطد العلاقة بينهما تآخي أولادهما في الرّضاعة ، وتجاور بَيْتَينا في مدينة الحسكة ، وجوارنا قبل ذلك في قريتهم تل جميلو التي ولدت فيها .
***
وبتسليمنا بقضاء الله ، فإنّ القدر لم يختر إلّا دُرّة شباب مدينة الحسكة ، رحل زين الشّباب قبل أوانه ، ولم يهنأ بعمره القصير المثقل بهموم قضاياه المتعدّدة ، كما لم يهنأ به أهله ومحبّوه ، رحل ولم ترتوِ قلوبهم من إطلالته العذبة على النفس كوقع الطلّ النّدي على العشب الأخضر ، ولم تمتلئ أسماعهم من أحاديثه العطرة ، أؤحدّثكم يابساتي عن صفاته ؟ حلو الطباع، خفيف الظل، تأنس بمحيّاه العين، ويطرب لملقاه القلب، ودود، مهذب، صادق، مؤدّب،، حييّ، ، جم التواضع ، دمث الخلق ، طيّب القلب رغم سرعة غضبه العابر ، يفيض قلبه رقة وإنسانيّة ، لا يعرف الكره ، ولا البغض ، ولا الحسد ، متسامح . تمتّع فكره بأفق واسع ، وتسامت علاقاته بمجتمعه على النعرات البغيضة ، وارتفعت عن الانغلاق على الذات بشهادة كلّ من عرفه ، أوخبره ، صادق أبناء أطياف مجتمعه كافة، وتواصل معهم ، ولم ينقطع عنهم، فأحبّهم ، وأحبّوه ،
***
وبعد رحيل القرن العشرين عن عالمنا بستة عشر يوماً التحق به عبد الأحد ، كأن بينهما موعداً على الرّحيل المتقارب. ولم تشرق شمس الألفيّة الجديدة إلّا على أفول شمس هذا الشّاب الجميل، فالتحق فقيدنا بقافلة الرّاحلين دون أن يراه أهله المتناثرون في أرجاء الغرب، ودون أن نراه، أو يلوّح لنا بمنديل الوداع، كأنّه أراد أن يصدمنا جميعاً برحيله الخاطف المفاجئ، وقبل رحيله بأيّام كان يهيئ حقائب سفره للارتحال إلى أهله في ألمانيا، ، ولم يكن يعلم أنّ ارتحاله سيكون إلى باطن ثرى مدينته ليرقد بجوار أبيه وأخته ، والراحلين من أقربائه .
****
ناحت عليه بلابل رياضه الغنّاء ، وأزهارها ورياحينها ، وناح عليه خابوره الشّاحب وصفصافه الحزين ، وشبيبته التي أخلص لها ، وأفنى عمره فيها ، ومركزه الثقافي الذي أدمن عليه ، وحسكته التي ترعرع في ظلالها طفلاً وفتىً وشاباً، وذرفت على الرّاحل بعمر ورد الرّبيع دموع الصّغار والكبار ، الأهل والأحباب .
****
كانت تراوده طموحات كبيرة ، وتحدوه أحلام ورديّة ، لايتّسع لها الكون ، أبسطها ، كان يحلم بواقع أفضل لأسرته ، وأهله ، وبلده . وكانت روحه هائمة في محراب الشّعر الذي صال فيه ، وجال ، وتوّاقة إلى الرّسم بالكلمات ، متعلقة بالحداثة ، وكان يحرص أن يعرض عليّ كل جديد من قصائده ، . وكنّا ننتظر لموهبته مستقبلاً واعداً ومتألقاً بالعطاء في مجال الشعر والكتابة ، وكان له مشروع شعري ، مشى على طريق إنجازه خطواته الأولى ، ولم يكتمل ، فرحل قبل قطاف جنى شجرته المثقلة بثمارها .
****
نم يا صديقي ، وأخي الصغير مطمئنّ البال قرير العين ففراخك الذين تركتهم مرغماً في عشّك الدّافىء ستكلؤهم عناية الرّب ثم رعاية أمّهم أطال الله عمرها ، وسيجدون من أعمامهم حفظهم الّله من كلّ مكروه خير معين لهم ، وأفضل عطوف عليهم .
نم ياصديقي ، وأخي الصّغير ! فزوجتك التي تحضر الآن بيننا تأبينك تشهد مشاعر الحزن التي لفت حشد محبيك في قاعة المركز ، وقبلها حشد محبيك في موكب جنازتك المهيب .
****
أتقدم بخالص عزائي باسمي ، وباسم عائلة حمدان العسّاف إلى أهل الفقيد آل قومي ، وأخواله آل أصلاني في سوريّة والمهجر ، وأخص منهم ، والدة الفقيد ، وصديقي وأخي إسحق ، وإلياس ، وغيفارا ، وأخواتي ، شقيقات الفقيد . أسأل الله للفقيد الرّحمة ، وأن يدخله فسيح جنّاته ، ويعوّض أهله بفقده طول العمر ، ودوام الصّبر ، وكمال الصحة والعافيّة والتّوفيق . لا أراكم الّله مكروهاً ، والسّلام عليكم ، ورحمة الّله وبركاته .الحسكة ـ شباط 2000م
حسين حمدان العسّاف(( .
في الختام .
نكتفي بهذا القدر وأودّ أن أبعث برسالة إلى أهلنا في مدينة الحسكة الأحياء منهم أو من وزعتهم المأساة السورية عبر قارات العالم.ولكلّ المكوّنات الدينية والمذهبية واللغوية القومية من عرب وأكراد ومسيحيين بطوائفهم ومن إخوتنا اليزيديين والدروز ومن الجهات الرسمية والشعبية الذين شاركوا في وداع شاعرنا أقول لجميعكم نحن مدينون لكم بكل دموعكم وتأسفكم وسيركم وراء نعش أخينا عبد الأحد قومي. ونُثمن لكم مروءتكم وشهامتكم فهذه الخصال والسجايا هي التي أتمنى أن ندعمها لأنها تشد أزر مجتمعنا ووطننا .صدقوني أنا اسحق قومي ومعي أسرتي وأسرة الفقيد نتوجه بهذه المناسبة بكل التحايا والشكر والامتنان لكم جميعكم دون استثناء ومعكم بالتأكيد الأهل والأقرباء والأصدقاء الأوفياء.
أخوكم المدرّس الشاعر والأديب والباحث السوري اسحق قومي.
ألمانيا في 15/1/2023م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة