الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرية بيع الفلسطينيين لأرضهم (1 من2)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 1 / 16
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


نهاد أبو غوش
تنتشر بين حين وآخر فرية تدعي قيام الفلسطينيين ببيع أراضيهم لليهود، أفرادا أو لمؤسسات الحركة الصهيونية وأبرزها الوكالة اليهودية، حتى تكاد هذه الفرية القديمة/ الجديدة تؤسس لمنطق سياسي متكامل عنوانه وشكله ومحتواه هو القبول بالمشروع الصهيوني في فلسطين، وتبرير سياسات الاحتلال الاستعمارية العنصرية، ثم التبرير لمنطق التطبيع مع دولة الاحتلال وإقامة العلاقات السياسية والدبلوماسية والأمنية معها، وغالبا ما يجري توظيف هذه الفرية من قبل جهات صهيونية أو عربية أو حتى محلية لأسباب متعددة من بينها:
- تبني الرواية الصهيونية بشأن الحق في هذه البلاد، والقبول بها وبنتائجها بما في ذلك التسليم بوجود دولة إسرائيل كدولة طبيعية، حتى أن بعض أبواق التطبيع راحت تتبنى مقولات وتفسيرات دينية مسيحية واسلامية لتسويق الرواية الاستعمارية الصهيونية.
- تبرير مسيرات الهرولة والاندلاق نحو التطبيع والتسليم بواقع الاحتلال وباستحالة تغيير الوضع القائم.
- تبرير التقاعس والخنوع سواء من قبل أوساط فلسطينية تريد التعامل مع نتائج الاحتلال تحت شعارات "الواقعية" وسياسات "الممكن" و" المتاح"، أو من قبل أوساط عربية تريد التنصل من واجباتها ومسؤولياتها، وإلقاء اللوم على الفلسطينيين في وقوع النكبة، وتتجاهل السياق الاستعماري الكولونيالي لإنشاء المشروع الصهيوني.
وعلى الرغم من الحقيقة السيكولوجية البسيطة التي تدفع أوساطا واسعة من الناس لتصديق الإشاعات والأنباء السيئة أكثر من ميلها لفحص هذه الأنباء والتدقيق فيها، فضلا عن تبني الرواية الفلسطينية والحقائق التاريخية بشأن نكبة فلسطين وما سبقها وما تبعها بشأن أراضي الفلسطينيين. فإن من المهم ملاحظة أن فرية بيع الفلسطينيين لأرضهم ليست مجرد "إشاعة" أطلقها طرف مغرض وانتشرت بين الناس، وإنما هي ادعاء يمثل حجر الزاوية في بناء الرواية الصهيونية والرجعية وتعميمها، ولذلك فإن وسائل وأدوات ومنابر لا حصر لها عملت على ترويج هذه الرواية الزائفة في مختلف الأوساط عبر وسائل الإعلام والدعاية والثقافة وحتى بعض الدراسات "الأكاديمية" الممولة من مراكز دراسات مرتبطة بالمراكز الأمنية الغربية، وهكذا عملت على نشر الإشاعات وكتابة المقالات ونشر التقارير، وحتى عن طريق فبركة الدراسات وتمويل دراسات لهذه الغاية، وكذلك بواسطة الأدوات الثقافية الحديثة مثل الأفلام السينمائية والوثائقية والفضائيات وسائر وسائل الإعلام التقليدي والحديث، ومختلف أدوات التاثير السمعية البصرية الحديثة.
تستند الدعاية الصهيونية إلى الأسطورة والرواية الدينية بدءا من التعهد المزعوم الذي قطعه الرب لإبراهيم " لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات تكوين 15:18" مرورا بتغيير صيغة الوعد لنسل ابراهيم وخاصة لاسحق ( دون اسماعيل) ثم ليعقوب. ويبدو أن هذه الرواية عن وعد الرب لم تكن كافية لتبرير الادعاء عن ملكية اليهود، فجاءت قصة شراء أرض "المكفيلا" في الخليل" وهي المنطقى التي يقوم عليها الآن مبنى الحرم الإبراهيمي ب"اربعمئة من الفضة"، وكذلك يروى أن يعقوب بن اسحق اشترى الحقل الذي في مدينة شكيم (نابلس) بمئة قسيطة (نوع عملة)، وإلى جانب هاتين الروايتين تكثر في إصحاحات ومواقع أخرى من العهد القديم روايات إضافية مختلفة عن طريقة شراء أو تملك أرض فلسطين، ولعل ذلك يؤكد أن الوعد الإلهي لم يكن وعدا قاطعا ونهائيا، فكان لا بد من عمليات الشراء الدنيوي بالمال لتأكيد الملكية، مع أن فصولا اخرى من التوراة تتحدث عن معارك وحروب ومجازر ومؤامرات وتحالفات سياسية أفضت إلى سيطرة "بني إسرائيل" على أجزاء واسعة من أرض كنعان (وليس عليها جميعها) بالتغلب اي بالقوة والحيلة والمكيدة.
وبالعودة إلى العصر الحديث وبدايات نشأة المشروع الصهيوني وأطماعه في فلسطين، تؤكد السجلات والوثائق والتقارير الإحصائية عن ملكية الأراضي في فلسطين أن اليهود / فضلا عن وكلاء وممثلي الحركة الصهيونية لم يكونوا يملكون اية مساحات ذات شأن من أراضي فلسطين، فقبل وقوع فلسطين تحت نير الاستعمار البريطاني في العام 1918 لم يكن اليهود يملكون أكثر من 2% من مجموعة مساحة الأراضي في فلسطين وهي نسبة أدنى بكثير من نسبة اليهود إلى إجمالي عدد السكان، علما بأن بعض عمليات البيع التي جرت في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين كانت تجري بشكل طبيعي بين أناس وهيئات ينتمون إلى نفس التابعية العثمانيةن كما تجري عمليات بيع وشراء في نفس البلد والوطن بين مواطنين يحملون نفس التابعية، ولم تكن أطماع الحركة الصهيونية ومخططاتها الاستعمارية قد اتضحت قبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897.
من المعروف أن عرب فلسطين لم يتنبهوا لخطر المشروع الصهيوني في بداياته الأولى (الربع الأخير من القرن التاسع عشر) لكن المؤتمر الصهويني الأول وجولات قادة الصهيونية على عواصم الدول المركزية آنذاك ومنها الآستانة نببهت بعض المثقفين والمتنورين العرب لهذا الخطر، ومنهم المؤرخ والمفكر اللبناني جورج انطونيوس الذي عاش ومات في فلسطين، والمفكر الفلسطيني ورائد الصحافة في فلسطين نجيب نصار، ثم كان التطور الأبرز الذي كشف أطماع الحركة الصهيونية وعلاقتها بالاستعمار مع إطلاق وعد بلفور في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 1917.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة