الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوكرانيا والسعودية وسط الصراعات الدولية*

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


نهاد أبو غوش
ضيفنا هذا اليوم مدير مركز المسار للدراسات نهاد أبو غوش.
- فتون عباسي: نبدأ من صحيفة الرأي اليوم ومقال بعنوان: هل قَصْف بوتين للبنى التحتيّة بالعمق الأوكراني قَرْصة أُذنٍ أم مقدمّةٌ لهجمات أوسع ، إذاً أجدِّد الترحيب بضيفي من رام الله الأستاذ نهاد أبو غوش مدير مركز المسار للدراسات. أستاذ نهاد، هل تدفع أوكرانيا ثمن استهداف جسر القرم أم أنّ القصف الروسي للبنى التحتيّة الحسّاسة في أوكرانيا له أهداف استراتيجيّة أكبر من مجرّد تلقين درس لأوكرانيا.

- نهاد أبو غوش: تطوّرات الوضع في روسيا تؤكّد أنّ روسيا منذ اليوم الأول لهذه العمليّة تجنّبت المساس بالمدنيين الأوكرانيين الذين تنظر إليهم روسيا كلها كدولة وكاتحاد روسي أنّهم شعب شقيق. العلاقات والتواصل التاريخي والثقافي والإنساني مع الأوكرانيين هي علاقات وثيقة لا يمكن أنّ يكونوا هدفاً لهذه العمليّة. لذلك تركّزت كل العمليات العسكريّة الروسيّة ضدّ المجموعات النازيّة وإلى حدّ ما التجمّعات العسكريّة التي تورّد الأسلحة من قِبَل الغرب على الحدود مع بولندا أو مع المجر. فلذلك مَن يتابع الحرب أو المعارك في أوكرانيا يلحظ أنّ الخسائر في صفوف المدنيين الأوكرانيين زهيدة جداً، وربما كثير منها هو بفعل الأعمال العسكريّة للعصابات النازيّة من جهة و للقيادة الأوكرانيّة. ولذلك من الواضح جداً أنّ ضربة الأمس هي رسالة لأنّ هذه الرسالة لم تستغرق سوى ساعات لتنفيذها. لو كان الروس يريدون فعلاً تكبيد أوكرانيا كبلد، ثمن هذه العمليات الجنونيّة لنظام زيلنسكي لفعلوا ذلك منذ وقت طويل. لم تأت هذه العمليات كتطوّر منطقي تدريجي للعمليات العسكريّة الجاريّة ولم يفعلها الروس لحين تراجعوا في أكثر من منطقة. هذه المناطق جرت فيها تراجعات تكتيكيّة حتى انسحابات من محيط خاركوف ولم يلجأوا إلى هذا العمل الذي قدّ يضرّ بالبنية التحتيّة للدولة الأوكرانيّة والشعب الأوكراني أو قد يمسّ بالمدنيين. لذلك هي أهداف مدنيّة، لكن مرتبطة أيضاً بالأغراض العسكريّة والاستخباريّة للقيادة الأوكرانيّة تحديداً أنظمة الاتصالات، جسر محيط مقر الرئاسة. ولذلك هي فعلاً رسالة بأنّ لدى روسيا الكثير مما تفعله، وهي قادرة على توجيه ضربات دقيقة ومؤلمة جداً إذا واصل الغرب والناتو استخدام الشعب الأوكراني لتحقيق أهداف متعلّقة بإرادة الأميركان والناتو.

- فتون عباسي: سأنتقل الآن إلى نيويورك تايمز. مقال بعنوان: بايدن يتعهّد بأنّ تتحمّل السعوديّة العواقب بعد قرار خفض إنتاج النفط. ويقول الكاتب بدلاً من التمسّك بحليفها التقليدي في واشنطن، انحازت المملكة العربيّة السعوديّة فعلياً إلى روسيا. وجاء القرار وبعد ما وصفه مسؤولون أميركيون وأجانب بجهود ضغط مكثّفة في اللحظة الأخيرة من قِبَل إدارة بايدن وأعضاء آخرين في أوبك بلاس، كانوا مُتردّدين في ضخّ كميّة أقل من النفط. أصرّ المسؤولون السعوديون على تقليص الإنتاج بالقول إنّ السعر قد ينخفض بشكل خطيرأعود من جديد إليك ضيفنا الكريم أستاذ نهاد، ونسأل هل خرجت المملكة العربيّة السعوديّة من العباءة الأميركيّة وهذا القرار بخفض الإنتاج كيف سينعكس على الصراع الدولي المُحتدم الآن في نتائجه السياسيّة والعسكريّة والاستراتيجيّة؟

- نهاد أبو غوش: أبكّر بالقول لم تخرج المملكة السعوديّة من عباءة الارتباط بالولايات المتحدة الأميركيّة، لكن هناك إشكال مع إدارة الرئيس بايدن. هذا الإشكال وقع أثناء الحملة الانتخابيّة لبايدن بالكلام الفظّ الذي تحدّث به بايدن شخصياً ومساعدوه عن وليّ العهد السعودي. وبصراحة طيلة فترة الأزمة الأوكرانيّة والولايات المتحدة تتعامل مع أصدقائها وحلفائها باعتبارهم أدوات ليس باعتبارهم شركاء أو حلفاء أو أطرافاً ينبغي احترام إرادتهم وسيادتهم في رسم السياسات العامة. هم يريدون أنّ يملوا على السعوديّة ما الذي تفعله بشأن إنتاج النفط. السعودية تتململ. هذا الأمر ليس فقط وليد القرار الأخير، هذا جرى حين امتنعت السعوديّة والإمارات عن التصويت لصالح مشروع القرار الأميركي في الأمم المتحدة لاحقاً من خلال استمرار الصلات والعلاقات مع روسيا، ثم أيضاً بالتدخّلات السعوديّة وتقديم نفسها كوسيط في الأزمة الروسيّة وليس كحليف للولايات المتحدة. قدّمت أكثر من مبادرة للإفراج عن الأسرى الأوكرانيين والروس أيضاً حين أكّدت السعوديّة بشكل قاطع أنّ طاقتها القصوى في الإنتاج هي ثلاثة عشر مليون برميل يومياً ولا تستطيع أنّ تتجاوز هذا الحدّ كما تريد الولايات المتحدة. الآن القرار الأخير له جانبان، أولاً أنه يراعي المصالح الحيويّة السعوديّة. السعودية بحاجة إلى المال، بحاجة إلى الحفاظ على أسعار نفط معقولة. لكن في اعتقادي أنّ التوقيت هو صفعة لإدارة بايدن التي تعاملت باستهتار واستخفاف.

- فتون عباسي: لكن ألا يمكن أنّ يكون هذا الموضوع هو أكبر فقط من ردّة فعل على إدارة بايدن، لأن هناك نوعاً من توجيه كفّة بالطريقة المعاكسة من قِبَل المملكة العربيّة السعوديّة ومن قِبَل الإمارات. البارحة كان محمد بن زايد يجتمع بالرئيس بوتين في موسكو وكان يوجِد مخرجات لهذا الاجتماع وأهميّة كبرى حتى في التوقيت.

- نهاد أبو غوش: من الصعب أنّ تخرج السعوديّة من عباءة التبعيّة لأميركا فجأةً. لها علاقات وثيقة مع روسيا وحتى مع الصين لها علاقات جيّدة، لا تريد أنّ تُستَخْدم كبيدق، يعني لا قيمة لها في معركة أميركا ضدّ روسيا وضدّ الصين. هي تريد بالفعل أنّ تكون قائدة لمنظمة الأوبك وذات وزن سياسي. لا أعتقد أن هذا يتوافق مع شعورهم بالاحترام الذاتي وأنّها دولة ذات سيادة. أنا أستبعد أنّ تكون لهذا القرار تبعات طويلة المدى. أعتقد أنّ تأثيره سيكون على انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، ويمكن أنّ تنعزل إدارة بايدن أكثر وتضعف أكثر. في نهاية المطاف سواء جاءت قيادة جمهوريّة أو قيادة ديمقراطية غير بايدن يُمكن أنّ تتسوّل الأمور، لكن بالتأكيد أنّ للسعوديّة والإمارات وكل الدول المنتجة للنفط علاقات وثيقة ومصالح مشتركة مع روسيا والصين. لن تقبل هذه الدول أن تكون مجرّد أداة أو برغي في الماكينة الأميركيّة التي بالمناسبة تُراعي مصالح المستهلك الأميركي لكنّها لا تراعي على الإطلاق مصلحة الدول الشريكة والحليفة.
*من مقابلة قناة الميادين مع نهاد أبو غوش مدير مركز المسار في رام الل، وقد أجرت المقابلة فتون عباسيه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال