الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومة المتجددة وظاهرة عرين الأسود*

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 1 / 18
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


نهاد أبو غوش
فتون عباسي: بالعودة من جديد إلى ضيفنا الأستاذ نهاد أبو غوش. نطرح هذه المسألة بشكل موسّع. بداية ماذا توصّف ما يحدث في مخيم شعفاط؟
- نهاد أبو غوش: كل المنطقة الواقعة شمال شرق القدس وتشمل مخيم شعفاط وأيضاً بلدة عناتا وجزءاً من بلدة حزمة وأحياء رأس خميس ورأس شحادة وحيّ السلام، حوالى مئة وأربعين ألف فلسطيني الآن يعيشون تحت حصار مُطبَق منذ خمسة أيام بحجّة البحث عن منفّذ عمليّة شعفاط. على الرغم من كل ما يُكابده الناس من معاناة شديدة حتى تمسّ الأطفال واحتياجاتهم الصحيّة والطبيّة وتعطيل المدارس وتعطيل الأعمال، إلا أنّ ثمّة روحاً معنويّة عالية جداً لدى أهالي المنطقة يُعبَّر عنها من خلال إعلانهم العصيان المدني من خلال البيانات التي أصدروها من خلال تمجيدهم لفعل المقاومة. فعلاُ كان هناك شيء لافت الانتباه في عمليّة الشاب الذي يُقال أنّ إسمه عُدي من المنطقة معروفة هويّته، عمليّة كانت باهرة. خطر هذه العمليّة ليس أنّها أوقعت قتيلاً وجريحين، بل بمقدارما تميّزت به من جرأة وبمقدار ما أظهرته من هشاشة القدرات العسكريّة لسبعة جنود وقفوا مرتبكين غير قادرين على فعل شيء. ذهب هذا الشاب ونفّذ عمليّته وانسحب بكل هدوء. هذه العمليّة أيضاً بلا شكّ ستُشكّل نموذجاً يسعى الشبان الفلسطينيون إلى تقليده وإلى اعتباره نموذجاً سهلاً أنّ يُقلّد بمجرّد توافر السلاح بوجه أيّ تجمع استيطاني. بالأمس أيضاً وقعت عمليّة مميّزة في منطقة نابلس قرب مستوطنة شافي شمرون بين نابلس وقلقيلية، تلك العمليّة وقعت مع إنّه هناك آلاف المستوطنين الذين كانوا يقومون بطقوس إحياء عيد العرش أو ما إلى ذلك ومُحاطين بحماية من مئات الجنود، تقوم سيارة فلسطينيّة باستهداف هذا الموكب العسكري وقتل جندي والانسحاب بسلام.

- فتون عباسي: أريد أنّ أتحدّث عن هذه النقطة لأنتقل بعدها معك إلى موضوع دعم الفصائل. عندما نتحدّث مثلاً عن عرين الأسود، نتحدّث عن نوع من الفصائل مختلف في موضوع الإيديولوجيا الدينيّة، ماذا يعني ذلك في النقطتين لو سمحت؟

- نهاد أبو غوش: شكراً على هذا السؤال المهم جداً الذي يُؤشّر إلى تحوّل نوعي تشهده الأراضي الفلسطينيّة المحتلة. اليوم هناك اجتماع في الجزائر للفصائل الوطنيّة الفلسطينيّة كلها بالإضافة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي. سيناقشون ما سبق أنّ ناقشوه عشرات المرات وسيتّفقون على ما اتّفقوا عليه عدّة مرات. الحال السياسيّة، النظام السياسي الفلسطيني، هناك حال انفصام بدأت تبرز لكل مَن يتابع هذا الوضع. الفصائل والسلطة والمؤسّسات السياسيّة في وادٍ والحال الميدانيّة الشعبيّة القاعديّة في وادٍ آخر. ظاهرة عرين الأسود هي ظاهرة جديدة جديرة بالدراسة والتمعّن. هي ليست بالمناسبة تشكيل سياسي أيديولوجي ذو نزعة دينيّة أو غير ذلك، هي تجمّع لشبان من مختلف الفصائل وبعض المستقلّين الذين لا ينتسبون إلى فصائل تجمعهم إرادة المقاومة. وبالتالي بالأمس وجّهت عرين الأسود بياناً في مُنتهى القوّة دعت إلى إضراب شامل في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، أيّ لم تعد تكتفي فقط بالتشجيع على المقاومة والحديث عن عملياتها أو فرض وجودها الميداني في مدينة نابلس بالتحديد، بل أنّها باتت تتولّى قيادة الشارع الفلسطيني سياسياً ووطنياً وجماهيرياً وحتى بالكفاح الشعبي والجماهيري مثل العصيان المدني والإضراب. هذه الظاهرة بتقديري تؤشّر إلى مما يتخلّق الآن، ما يتشكّل بشكل جنيني، هو ربمّا يكون موازياً ربما يكون معارضاً، ربما يكون على هامش الفصائل، لكن واضح أنّ ثمّة أزمة سياسيّة فلسطينيّة تعيشها الفصائل والمؤسّسات السياسيّة. هذه الأزمة لم تُفلِح في قيادة النضال الجماهيري والسياسي حتى الآن، فنشأت على موازاتها وإلى جانبها ظاهرة جديدة هي ظاهرة مقاومة، والآن الفصائل مُطالبة إما بأنّ تتكيّف مع هذا الواقع الجديد الذي يتشكّل بكل التبعات السياسيّة بما في ذلك بالتنسيق الأمني، بما في ذلك المُسارعة في إنهاء الانقسام. هناك استحقاقات كثيرة، هناك قرارات معروفة اتّخذتها الفصائل ولم تُطبّق. بالتالي تتشكّل أمام أعيننا مظاهر جديدة عنوانها المقاومة باعتبارها اللغة الرئيسيّة التي سيُخاطب بها الشعب الفلسطيني قوات الاحتلال. ما هي تبعات ذلك؟ أنا أعتقد أن هذه المسألة مازالت في طَوْر التكوين.

- فتون عباسي: أريد أنّ أسألك عن وجهة نظرك في ما يحدث في الجزائر، في الموضوع المتعلّق بالفصائل الفلسطينيّة وإنهاء هذا الانقسام. ماذا تتوقّع وما رأيك في البيان وما رأيك أيضاً بهذه الخطوة الجزائريّة وهي ليست الأولى من حيث الفحوى.

- نهاد أبو غوش: أولاً الجزائر تحظى باحترام كل الفصائل الوطنيّة الفلسطينيّة من دون استثناء. الجزائر لم تكن في يوم الأيام إلا مع فلسطين وقدّمت كل أشكال الدعم السياسي والمعنوي والتدريبي ووفّرت إمكانيات ماديّة حتى للثورة الفلسطينيّة، جوازات سفر، معسكرات تدريب، استضافة عمال وموظفين وما إلى ذلك. فالجزائر يعني لها فعلاً دَيْن عميق. الشعب الفلسطيني يكنّ كل الاحترام، وبالتالي الاستجابة لدعوة الجزائر ليست مجرّد مُجاملة، إنّما هي احترام. في العالم العربي، نرى أثرها حتى في محاربة اتجاهات الاختراق والتطبيع في أفريقيا. الجزائر وجنوب أفريقيا هما الطرفان اللذان يتصدّيان لمحاولات الاختراق والتغلغل الإسرائيلي في أفريقيا، وهذا أمر مهم. الفصائل أمام فرصة عليها أنّ تستغلّها. لا أتوقّع أنّ يخرجوا بدخان أبيض وأن تُحلّ مشكلة الانقسام بضربة سحريّة، لكن على الفصائل أنّ تستغلّ هذه الفرصة. ما ينشأ على الأرض كما ذكرنا عن عرين الأسود وعن الهجوم الإسرائيلي الشامل على الشعب الفلسطيني بأنّ تعمل على تقليص هذه الفجوة، وأنّ تقوم بجدول زمني لتنفيذ القرارات التي اتّفق عليها بوقف التجاذبات والتخوين والاتهامات والحملات الإعلاميّة بتوفير ظروف تُنجِح الحوار الوطني أكثر وتنقله إلى أرض الواقع في فلسطين بتشكيل قيادة وطنيّة موحّدة . بصراحة، إذا لم تفعل ذلك ستُعزل وستُهمّش وسيتجاوزها الزمن.
*من مقابلة مع برنامج "بالحبر الجديد" لقناة الميادين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج