الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم حل الدولتين .. والخيار البديل

سليم يونس الزريعي

2023 / 1 / 19
القضية الفلسطينية


من الطبيعي أن تعمل دول مثل مصر والأردن اللتان تربطهما مع الكيان الصهيونية اتفاقيات سلام، التي هي من جانب آخر نزع متعمد لحقوق الشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين ومنحها للمستجلبين الصهاينة، على استمرار تسويق الوهم بما يسمى بمفاوضات حل الدوليتين.
ذلك أن استمرار الصراع وتصاعده لن يكون في صالح هاتين الدولتين المأزومتين داخليا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ارتباطا بموقعهما من هذا الصراع الذي يخوضه الشعب الفلسطيني بقواه المختلفة، بعيدا عن مخرجات أوسلو وأوهام السلطة الفلسطينية التي ما تزال تجتر مقولة حل الدولتين التي نسف الكيان الصهيوني بالاستيطان والمصادرة والضم أي أساس مادي لما يسمى بحل الدولتين وفق رؤية السلطة الفلسطينية منتجة أوسلو.
وإذا كان موقف الأردن الرسمي ينسجم مع طبيعة إنشائه كيانا وظيفيا ، في خدمة المشروع الاستعماري في المنطقة، وهو الدور الذي طالما مارسه على الدوام منذ نشأته التي رافقت عملية زرع الكيان الصهيوني في فلسطين ودور بريطانيا الاستعمارية التي كانت تدير إمارة شرق الأردن، وهي التي في الوقت نفسه كانت دولة الانتداب في فلسطين، المكلفة بزرع المستجلبين اليهود تنفيذا لوعد بلفور، فإن موقف مصر أيضا يبدو منسجما مع عملية التحول الاستراتيجي في موقف القاهرة الرسمية من زرع الكيان الصهيوني في فلسطين، عبر التسليم برواية الحركة الصهيونية والمسيحية الصهيونية والدول الاستعمارية حول الحقوق اليهودية في فلسطين، وفق أساطير وأكاذيب نصوص كتابهم، وهي النصوص التي دحضها بشكل علمي قاطع علماء آثار ومؤرخون يهود (إسرائيليون)، وهو تسليم ينفي من جانب آخر حقوق الفلسطينيين في وطنهم ، التي هي حقوق ممتدة عبر التاريخ لا يمكن لأي دولة أو مجموعة سياسية حتى لو كانت فلسطينية أن تتصرف فيها لأنها حق ثابت لصيق بالمجموع الفلسطيني.
ومن ثم لا يمكن تصور أن تتعامل كل من مصر والأردن مع القضية الفلسطينية إلا انطلاقا من مصالح دولها أولا وثانيا وثالثا، فمصر من أجل تحرير سيناء اعترفت بسطو العصابات الصهيونية على 78% من فلسطين لتدشين أول اختراق صهيوني في جدار الرفض العربي حتى لو كان ذلك الجدار شكليا. لتتكشف بعد ذلك حقيقة مواقف بعض الدول العربية من القضية الفلسطينية ومدى التهافت العربي الرسمي الذي هو نتاج مصالح الفئات الحاكمة وارتباطها المصلحي بالدول الإمبريالية وتحديدا الولايات المتحدة كراعية للمشروع الصهيوني في فلسطين.
لكن السؤال "الحارق" هو: هل كان لمثل هذا التهافت بكل هذه الوقاحة والفجور، أن يصل إلى ما وصل إليه الآن من قبل بعض الدول العربية في علاقتها مع كيان الاحتلال، وفي ذروة عدوانيته دون نكبة أوسلو التي اعترفت فيها قيادة حركة فتح التي كانت تقبض على رقبة منظمة التحرير وحولتها من مشروع للتحرير إلى مشروع دولة، بنتائج العزوة الصهيونية والمسيحية الصهيونية والغرب الاستعماري لفلسطين منذ سايكس بيكو ووعد بلفور والانتداب البريطاني لفلسطين، والتسليم لكيان العصابات الصهيونية بسرقة معظم فلسطين مقابل وعد بدولة في الضفة وقطاع غزة.
ومن ثم إذا كانت القاهرة أو عمان لا يهمهما سوى " إطفاء" القضية الفلسطينية بأي شكل واستمرارهما في بيع وهم الوصول إلى حل سياسي مع كيان عدواني نازي مع تجاهل تجربة ثلاثة عقود من بؤس أوسلو، الذي حوله الكيان الصهيوني إلى فرصة لمصادرة كل الضفة الغربية، وهو متغير واقعي أعدم عمليا ونهائيا "وهم" حل الدولتين، فإن المؤسف أن الطرف الفلسطيني الذي أنتج أوسلو ما يزال ارتباطا باستعداده الفكري والسياسي والاجتماعي الطبقي الذي تمثله قيادة فتح وبعض القوى التي تربت في حديقتها الخلفية مستمرا في معاندة الوقائع الملموسة سواء على الأرض أو فيما يتعلق بمتغيرات الجانب الصهيوني السياسي الذي لم يكن في أي يوم من الأيام على استعداد لمنح فريق أوسلو دولة.
ومع ذلك رد البيان الثلاثي المصري الأردني الفلسطيني بنفسه على استمرار التمسك بوهم حل الدولتين عندما يقول: "أكد القادة ضرورة وقف جميع الإجراءات الإسرائيلية الأحادية اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين" ، السؤال كيف سيوقف الاحتلال إجراءاته التي قال البيان إنها تقوض حل الدولتين؟ هل بالمناشدة أو استجداء أو طمعا في كرم المحتل؟ فيما يتجاهل البيان أن ما يسميه التقويض هو سياسة مقرة وثابتة من قبل الكيان الصهيوني منذ ثلاثة عقود، بما بعدم موضوعيا أي فرصة لحل الدولتين وفق شروط المناشدة والاستجداء في ظل غياب موقف واحد فلسطيني في مواجهة هذه العدوانية الصهيونية في بعدها الأمني والسياسي.
ولذلك فإن أقصى ما يمكن أن يقدمه الاحتلال لهؤلاء هو كما قال نتنياهو في نسخته الجديدة في حديث لموقع العربية السعودي: “أود أن أقول إنه يجب أن يكون للفلسطينيين في تسوية نهائية جميع السلطات لحكم أنفسهم، ولكن لا توجد أي من الصلاحيات التي تهدد بقاء ووجود دولة إسرائيل”.
ونتنياهو بهذا العرض يرد على وهم التمسك على الأقل الفلسطيني بحل الدولتين ، الذي من المفروض أن يشكل صدمة يستفيق فيها الواهمون وأن يستعيدوا وعيهم ، ومن ثم سلوك الطريق نحو استعادة المبادرة وفق شروط جديدة تنطلق من أن أي بحث عن حل للصراع مع الاحتلال لا يجب أن يكون في عواصم الاستسلام العربي التي أنكرت حقوق الشعب الفلسطيني ولكن في مكامن القوة الفلسطينية الذاتية أولا، أي في وحدته السياسية والتنظيمية والكفاحية ورأب الصدوع التي أنتجها أوسلو ، وكذلك انقلاب حماس عام 2007 ، وخلق الشروط لميزان قوى فلسطيني جديد يعيد ترتيب أبجديات الصراع مع هذا الكيان الغاصب على قاعدة الصراع من أجل التحرر النهائي من الاحتلال وصولا إلى إقامة الدولة الديمقراطية وتحقيق العودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف