الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذبحة قريظة أم فاجعة الحرة ؟

محمد بن ابراهيم

2023 / 1 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كانت غزوة الاحزاب في شهر رمضان السنة الرابعة للتاريخ العمري، وكانت غزوة بني قريظة في شوال منها، وانتهى أمرهم يوم الاحد لست وعشرين خلون منه، الموافق 2 أبريل 626م.غ.
حفظ شاعر المشركين يوم أحد، هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم - السبت للنصف من جمادى الاخرة النسي المواطئ لشوال العدة الموافق 2 ابريل 625م.غ- الظروف الزمنية الباردة لهذا الموسم الشمسي من السنة بالمدينة المنورة، فقال:"... جربا جمادية قد بت أسريها لا ينبح الكلب فيها غير واحدة. من القريس ولا تسرى أفاعيها أوقدت فيها لذي الضراء جاحمة. كالبرق ذاكية الأركان أحميها..." (السيرة النبوية - ابن هشام الحميري - ج 3 –ص 642). ثم زعم رواة الواقدي أن زمن الخندق كان صيفا، وأن قتل الأسرى وكل من أنبت كان في يوم صائف حار. لو يدري الواقدي أي يوم كان فعلا حارا وصائفا قائظا جمع فيه أهل المدينة اتبانهم قبل ذلك بشهر لذهل عن التي أرضعته (معازي الواقدي- ج 2 ص 514)
إنه يوم اقتحم لفيف من أخلاط الناس المكونة لما سمي تاريخيا بجيش الشام الأموي للمدينة المنورة في واقعة الحرة يوم الاربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين، الموافق 29 غشت 683م.غ. ومن مكر الصدف الروائية ان يدفن القرظيون كما زعموا في "أخاديد خدت في السوق ما بين موضع دار أبي جهم العدوي إلى أحجار الزيت بالسوق". قال موسى بن عقبة: "فقتل رسول الله مقاتلتهم وكانوا زعموا ستمائة مقاتل قتلوا عند دار أبي جهل؟ التي بالبلاط ولم تكن يومئذ بلاطا فزعموا أن دماءهم بلغت أحجار الزيت التي كانت بالسوق"(المغازي لموسى بن عقبة- ص 226).
لقد لفقت الروايات وزر فاجعة الحرة للرسول تماما كما لفق اليهود قضية النعاج للنبي داوود. "فكيف انت -يا ابا ذر - إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت في الدم؟ " قال قلت: ما خار الله لي ورسوله. قال: " عليك بمن أنت معه. (تاريخ المدينة - ابن شبة النميري - ج 1 – ص 307)
مخالفة بعض روايات الواقدي للظروف الزمنية لغزوتي الخندق وقريظة:
نعرف تماما من شعر هبيرة المؤرخ لمعركة أحد الظروف الطقسية والمناخية السائدة بالمدينة في شهري مارس وابريل، ومن اللافت للنظر أن الواقدي أورد روايات في محطات حرجة تتضمن ظروفا زمنية صيفية تحيل على الحر الشديد سواء في متنه لغزوة الخندق، أو في متنه لغزوة بني قريظة، وهي ظروف مخالفة تماما لجميع التوطينات الزمنية للواقعتين سواء السائدة أو المغيبة ولجميع الروايات الاخرى التي تؤكد على القر والبرد زمن الاحزاب وقريظة، فقال" :وجعلت قريش تسرح ركابها في وادي العقيق في عضاهه، وليس هناك شيء للخيل إلا ما حملوه معهم من علف- وكان علفهم الذرة- وسرحت غطفان إبلها إلى الغابة في أثلها وطرفائها في عضاه الجرف. وقدموا في زمان ليس في العرض [منطقة زراعية بالمدينة] زرع، فقد حصد الناس قبل ذلك بشهر، فأدخلوا حصادهم وأتبانهم. وكانت غطفان ترسل خيلها في أثر الحصاد- وكان خيل غطفان ثلاثمائة- بالعرض فيمسك ذلك من خيلهم" (ج 2- ص 444).
وقال: فحدثني معمر، عن الزهري، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعمل أبا لبابة على قتالهم، فلما أحدث ما أحدث عزله واستعمل أسيد بن حضير. وارتبط أبو لبابة سبعا بين يوم وليلة عند الأسطوانة التي عند باب أم سلمة في حر شديد".. (ج 2- ص 507).
وقال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسنوا إسارهم، وقيلوهم، وأسقوهم حتى يبردوا فتقتلوا من بقي، لا تجمعوا عليهم حر الشمس وحر السلاح- وكان يوما صائفا. فقيلوهم وأسقوهم وأطعموهم، فلما أبردوا راح رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل من بقي" (ج 2- ص 514).


تؤكد مخالفة هذه الروايات للزمن الفصلي ان مذبحة بني قريظة وتحكيم سعد بن معاذ قصة مختلقة نسجها رواة متخصصون في تزييف الحقائق من اسقاطات ذهنية ومن احن ومحن فتنوية ويهودية، ولا حقيقة قرآنية لها. نص القرءان في الآية 26 من سورة الاحزاب الحاملة لنفس رقم تاريخ نزولهم من صياصيهم الاحد لست وعشرين خلون من شوال السنة الرابعة الموافق 2 ابريل 626م.غ لقتال المسلمين في معركة حالفهم فيها النصر فاثخنوا فيهم قتلا وأسرا. ثم أجلاهم الرسول كما أجلى غيرهم لما كتب الله عليهم ذلك في سورة الحشر وفي سورة الاسراء، ولم يأذن لنبيه بتعذيبهم في الدنيا الا ما كان من قتالهم والجوس في ديارهم حتى يخرجوا، ولما كان هذا القرءان لفقا واحدا فان قصة تحكيم سعد بن معاذ مرفوضة قرءانيا بشكل قاطع في قوله تعالى مخاطبا نبيه: وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50 من سورة المائدة) لتنتصروا للأوثان البائدة اجعلوا القرءان عضين يضرب بعضه بعضا. ليس للنبي في معاملة الاسرى الا المن أو الفداء هذا حكم الله في كتابه. طبعا ستقولون لم ينزل ذلك بعد وقد تزعمون تمحلات عجيبة خبرناكم فعرفناكم... هذا موقف أسجله لثقتي ان الله مظهر يوما ما كان أسلافكم يحذرون. فانتظروا، واني معكم لمن المنتظرين. فليس المقام مقام تتبع وتفصيل لتناقضات المتون و الهتامات الروائية، وحيث هي كذلك فإنها لا تقوم بها الحجة العقلية الدامغة أبدا مهما اجتهدنا في اعادة تركيبها نفيا أو اثباتا، فالأمر سيان. لا يمكن لاحد أن يقطع بشيء غير ما قطع به القرءان القتل والاسر في معركة، الروايات هي كما هي تعبر عن الحقيقة الذاتية لأصحابها، لكن لا أقبل ان تستغفلني عن كتاب الله، هو الحق والفيصل ودونه الكذب والافك المبين، لم يضبطوا تاريخ الوقائع فضلا عن أن يزعموا فيها المزاعم، ثم نصدقهم أو على الاقل اصدقهم...
هل شهد سعد بن معاذ غزوة بني قريظة من الأساس؟
أجمعت الروايات الواردة عن شهوده الاحزاب وتحكيمه المزعوم في بني قريظة، ولا خلاف بينهم في ذلك على حد علمنا بالمصادر، ومع ذلك فقد ذكر الواقدي في متنه لغزوة بني قريظة روايتين تتضمنان اشكالات كرنولوجية في ترجمة الرجال:
الاولى : حَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمّا انْتَهَوْا إلَى قَبْرِهِ نَزَلَ فِي قَبْرِهِ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ: الْحَارِثُ بن أوس بن معاذ، وأسيد بن حضير، وَأَبُو نَائِلَةَ، وَسَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ عَلَى قَدَمَيْهِ عَلَى قَبْرِهِ، فَلَمّا وُضِعَ فِي لَحْدِهِ تَغَيّرَ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وَسَبّحَ ثَلَاثًا، فَسَبّحَ الْمُسْلِمُونَ ثَلَاثًا حَتّى ارْتَجّ الْبَقِيعُ. (مغازي الواقدي – ج 2 – ص 529).
الثانية: قَالُوا: ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يغسّل، فغسّله الحارث ابن أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ يَصُبّ الْمَاءَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاضِرٌ. ( مغازي الواقدي – ج2 –ص 527).
ترجم ابن سعد للحارث بن أوس بن معاذ فقال : أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال وحدثنا عبد الله بن جعفر عن سعد بن إبراهيم وابن أبي عون قال وأخبرنا محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة قالوا آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحارث بن أوس بن معاذ وعامر بن فهيرة قالوا وشهد الحارث بن أوس بدرا وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف وأصابه بعض أصحابه تلك الليلة بسيفه وهم يضربون كعبا فكلمه في رجله فنزف الدم فاحتمله أصحابه حتى أتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشهد بعد ذلك أحدا وقتل يومئذ شهيدا في شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا وكان يوم قتل بن ثمان وعشرين سنة. (الطبقات الكبرى - محمد بن سعد - ج ٣ - الصفحة ٤٣٧) وذكره ابن اسحاق في قتلى غزوة أحد من المسلمين (السيرة النبوية - ابن هشام الحميري - ج ٣ - الصفحة ٦٣٦). وكذلك قال موسى بن عقبة في مستخرج مغازيه، ومن بني عبد الاشهل الحارث بن أوس ( المغازي لموسى بن عقبة – تخريج محمد باقشيش ابو مالك- ص 195). فكيف شهد رجل قتل بأحد في شوال سنة ثلاث جنازة رجل قتل في غزوة بني قريظة في شوال سنة أربع؟ هل اخطأ الواقدي مجددا في الرواية الى متى سنتهمه بالكذب وهو جماع اخبار ورواياته روايات اصيلة ليس فقط لما يعتورها ويعتريها من آفات الذاكرة البشرية وهذا هو الطبيعي، بل لأنها وهذا هو الاهم، لم يعمل فيها مبضع المحدثين أمراء المؤمنين في البتر والتقطيع والحذف والالحاق وتخفيف العبارة وتسميح المتن وتلفيقه. هو يروي ما وصله وبلغه، ويقول لك الواقع الذي لا يرتفع: دخل حديث بعضهم في حديث بعض، وجمعت لك الذي حدثني القوم. وقد حدثوهم وحدثوه بفاجعة الحرة فلفقوها للرسول في بني قريظة، فضحهم الزمن الموسمي: صيف الحرة في مقابل برد قريظة. احجار الزيت في الاحاديث النبوية عن وقعة الحرة في مقابل ذبح بني قريظة عندها في متون السيرة النبوية ، الخندق: خندق الاحزاب وخيانة بني قريظة، في مقابل خندق يوم الحرة وخيانة بني حارثة، وهم يهود اسلموا ام لا؟ هذه هي النقط المشتركة بين الواقعتين فكانت الحرة بحق من فعل بقية الاحزاب، وكان ذبح بني قريظة افكا مبينا ائتفكوه كما اختلقوا غيره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشدد مع الصين وتهاون مع إيران.. تساؤلات بشأن جدوى العقوبات ا


.. جرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى من عدة طوابق في شارع الجلاء




.. شاهد| اشتعال النيران في عربات قطار أونتاريو بكندا


.. استشهاد طفل فلسطيني جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد الصديق




.. بقيمة 95 مليار دولار.. الكونغرس يقر تشريعا بتقديم مساعدات عس