الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ج 1 - الفقهاء يقولون واجبنا إكمال الدين! مع أن القرآن يقول- أكملت لكم دينكم-

علي جواد

2023 / 1 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منظومة الإسلام شيدت على قاعدة أساسية وهي طَوْدُ متكون من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ويرتفع فوق هذه القاعدة بناء عمودي هو انتاج الحضارة الإسلامية المتراكم منذ 1400 عام في مواضيع الشريعة والتاريخ والتراث الإسلامي والشعر واللغة والادب... الخ
ولصعوبة القيام بعملية إحصائية للإنتاج البشري من وقت ظهور الإسلام حتى يومنا هذا افترضنا نسبه خيالية وهي 100 % النسبة المئوية للمورث الإسلامي من تاريخ وفقه وتفاسير وأحاديث والنصوص القرآنية والسنة النبوية الكريمه ومتفرقات ، لو وضعنا نسبة تقريبية لكل جزء فيصبح لدينا تقريبا 2 % تمثل القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والباقي 98 % تمثل النسبة الإجمالية للموروث الإسلامي في مواضيع التاريخ والفقه والتفسير وشروحات ومناظرات وعلوم الكلام واللغة وعلوم الرجال ومتفرقات.
أي أن ال (2 %) القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هي نسبة الثقل الإسلامي الفكري المقدس وتعتبر من الثوابت الراسخة وهي لب الحضارة الإسلامية، اتفقت أغلب الآراء على أن القرآن والأحاديث من مصدر واحد هو الوحي الإلهي والتسديد المباشر من الله- سبحانه وتعالى- وال 98 % هي إنتاج فكري بشري وتضم تحتها كل ما يسمى بالمذاهب الإسلامية والفرق الإسلامية وقد تسمى اجتهادات أو عقائد ويمكن تسميتها حقوق متوارثة لأنساب سلالات معينة في الحكم والسلطة أو المنزلة والجاه.
ويجب فهم أسباب تراكم وتكون الجزء البشري وزيادة كتلة البناء العمودي في الموروث الإسلامي وذلك تم عبر مراحل ففي البداية احتاج الإسلام إلى وسيلة لنقل المعلومة الدينية وهنا جاء دور الصحابة رضوان الله عليهم ثم بعد مرور عشرات الأعوام بدأت مرحلة تخزين وأرشفة النص القرآني والأحاديث ورافق هذا الوقت توسع الرقعة الجغرافية الإسلامية وتزايد ظاهرة دخول العجم للإسلام، هنا اقتضت الحاجة لتدريس وتفسير النص القرآني والأحكام الإسلامية وزادت ضرورة تعليم الدين وتدريسه وبرزت القيمة الاجتماعية لمن يمتلك هذه المعلومة الدينية (حفظا على الغيب أو تدوين ) وأفردت لهم المكانة الاجتماعية المميزة التي تحولت تدريجيا إلى نوع من التقديس وهذه المرحلة هي بداية ظهور طبقة رهبان الحضارة الإسلامية.
حب التميز والتظاهر بالتدين هي من المظاهر المألوفة في مجتمعاتنا الإسلامية وكذلك حاله التسابق للحصول على لقب الأفضل والأعلم ضمن البيئة المحيطة، وصفة التظاهر بالتدين والتفاخر بالعبادات صفة يطلق عليها في المفهوم الفقهي ب (الرياء) بمعنى تعمد إظهار شيء يختلف عما داخل الإنسان وحقيقة النية في العمل أو القصد المرجو مما تم الإعلان عنه للغير وغالبا يكون الرياء بقصد المصلحة ولغاية شيء معين وهذا العمل ليس له عَلاقة بالعبادة وبطاعة الخالق- عز وجل، دائما ترتبط شهوة حب التميز والتفاخر مع ظاهرة الرياء وهي غريزة متفاوتة الظهور بين فرد وأخر، وعندما نراجع التاريخ نرى أمثلة كثيرة لنزاعات حصلت سببها أن طرفا يعتقد بأن الطرف آخر أقل منه شأنا أو منزلة، ومن أشهر هذه الخلافات هي قصة الملعون إبليس وعداوته مع آدم- عليه السلام- أعتقد الأول أنه أفضل من الآخر ورفض إبليس السجود لآدم وقال لله- سبحانه وتعالى- "لقد خلقته من طين وخلقتني من نار" وهناك أمثلة أخرى وأحداث كثيرة عن خلافات أصلها التنازع على الأفضلية وشهوة التفاخر.
لهذا نجد أن كل إنسان متدين يحاول أن يتميز عن غيره غريزيا سواء بقصد أو دون قصد بالتالي نجد أن كل مسلم يقوم بإضافة أو تعديل أو لمسة بسيطة قد تكون جزئية هامشية وبلا أي ثقل ديني في الحياة اليومية
وهذه الإضافة أو اللمسة تختلف من شخص إلى آخر ومن بلد أو شعب إلى آخر وهذه الإضافات صغيرها وكبيرها شكلت مفهوم البناء الفكري الأيدلوجي لعقلية الفرد والمجتمع في الحضارة الإسلامية وتحولت إلى كتل ضخمة عبارة عن عقائد متحجرة أو عادات وطقوس دخلت ضمن جسد البناء الإسلامي وأحيانا يصعب على غير متعلم التفريق بين الشريعة الإسلامية وبين التراث أو العادات، مثلا التبرك بحجر معين أو خاتم والتنوع والتغالي في اقتناء النفائس من الأحجار والتفنن في الزخرفة والصياغة هنا أصبحت لمسة شخصية وتعتبر نوعا من الإضافة على ما يفترض بألاساس هو مجرد مظهر إسلامي الغرض منه التبرك وليس التفاخر والتمايز.
مثال آخر نرى حجاب النساء المسلمات هو في المفهوم الفقهي عبارة عن غطاء لستر وحجب جسد المرأة عن عيون الناس ولا يدور الحوار حول حدود ومقدار الحجاب إنما الكلام بخصوص تعدد واختلاف هيئة وشكل وطريقة لف الحجاب من امرأة إلى أخرى ويمكن أن يختلف في المناطق والدول وتتعدد الألوان ونوع الأقمشة المستعملة، هنا المشرع ترك تحديد الهيئة والشكل والألوان وأعطى الحرية في الاختيار ولا يوجد تحديد سوى أن يستر البدن، لكن ما نراه اليوم هو أكثر من مجرد ملبسا يسمى بالحجاب بل تحول إلى وسيلة لوصف وتفصيل قوام جسم المرأة والتمايز في اختيار الغالي والنفيس من الأقمشة، هذه أمثلة بسيطة وهامشية لا تؤثر إجمالا على هيكل الإسلام.
الكثير من المفكرين الإسلاميين أشاروا في مؤلفاتهم بشكل غير مباشر عن اقتناعهم بحقيقة هي وجود إضافات وزيادات في الدين الإسلامي المكتمل منذ 1400 سنة وهذه الإضافات اكتسبت حصانه وقدسية وأصبحت شيئا فشيء جزء من الإسلام نفسه تحول إلى واقع مفروض، وهناك مسائل أضيفت وأصبحت فيما بعد عقد ومشاكل من المستحيل حلها، وهذه الإضافات الشخصية من كل مسلم أو مسلمة نتج عنها تراكمات أصبحت عبارة عن جبال من تراث يعتقد به الناس وحولوه إلى جزء ملتصق بالتراث الإسلامي وهذا التراث المضاف أخذ قداسة كاملة توازي أو بالاستعاضة مع قدسية العقيدة الإسلامية وتحول التراث المضاف إلى دين كامل موازي للدين الإسلامي الغير محتاج إلى إضافة أو تحديث وهو مصداق الآية الكريمة
- المائدة - 3
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }

لو فرضا وقمنا "باسترجاع" (بمعنى أخذ الشيء من الغير بعد دفعه إليه) الإسلام من عند نقطة البداية وأكيد قطعا يختلف عن الإسلام الحالي الموجود الآن، لنتخيل إسلام بلا إضافاتنا الحالية التي تم إدخالها مرة باسم الاجتهادات الفقهية ومرة أخرى تحت عنوان تزكية من المجدد الإسلامي فلأن الفلاني وتبرير هذه الإضافات على أنها محاولات لجعل الإسلام مناسب لكل العصور! ونوع آخر من التبريرات استعمال حجة إجماع رأي الأمة وكم من مرة قلبت أقدار التاريخ الإسلامي بهذه الحجة ، فلو قمنا بعمل خيالي افتراضي وهو تجريد الإسلام الحالي من الإضافات التاريخية الإنسانية المتفق على أنها صناعة بشرية غير منزلة وهنا يحصر الكلام في ما تم الاتفاق عليه وما لا يوجد خلاف فيه على أنه إنتاج فكري بشري ومن هذه الأمثلة ما يلي:-
1- تشكيل ثم تنقيط القرآن الكريم
النقاط في النص القرآني الكريم هي غير منزلة إنما التنقيط في اللغة العربية استحدث ولم تكن العرب بعدها تستعمل النقط في اللغة أو التشكيل، نزل القرآن الكريم غير مشكل وغير منقط ولم يكتبه الصحابة منقط بل أضيف تشكيل الحروف وتنقيطها بعد عشرات السنين من بداية الإسلام ونزول القران الكريم وسبب استحداث الحركات والنقاط في الرسم القرآني هو لمساعدة المسلمين الغير ناطقين اللغة العربية على قراءة القران الكريم بنطق سليم بلا أخطأ من دون صعوبة ولتسهيل تعلم القران الكريم للمبتدئين في المراحل الدراسية الأولية،اي هنا التشكيل والتنقيط هي اداة استعملت لتوفير حالة من المساواة بين من هو عربي وغير عربي في التعامل مع النص القرآني لضمان حقوق جميع المسلمين في نطق كلمات القرآن الكريم بلا أخطأ في النحو وهنا نرى تطبيق المساواة وتحقيق العدالة في عدم احتكار تعلم أو تعليم هذا الشيء المقدس.

2- الترتيب في ايات القرآن الكريم
الثابت ان أيات القرآن الكريم لم تنزل بهذا الترتيب في المصاحف التي توجد الان، ورأي العلماء اختلف على أن ترتيب الآيات توقيفي، بمعنى أنه وصلنا كما رتَّبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بناءً على توجيه جبريل -عليه السلام- ثم اختلفوا في ترتيب السورعلى آراء:-
- الأول: الترتيب اجتهاد من الصحابه
- الثاني: يقول إنه باجتهاد الصحابة في بعض االسور فقط والباقي توقيفي باقرار الرسول الكريم (ص)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القرآن حمال اوجه ــ هذا ما قاله الامام علي
سمير أل طوق البحراني ( 2023 / 1 / 28 - 04:55 )
الاخ الكريم بعد التحية. نحن في انتظار اكمال البحث لنرى وجه الحقيقة التي تؤمن بها والتي ربما لا يوافقك عليها الآخرون. لكن اول ماخذ عليك في هذا المنشور هو قولك الحضارة الاسلامية مع علمك بان الاسلام لا علاقة له بالتحضر لا من قريب ولا من بعيد ولو كانت هناك حضارة للاسلام لكانت في بلاد المنشا ( نجد والحجاز) وهذا لا يحتاج الى شهود.هل الرق والسبي وبيع الاماء يعد من الحضارة؟؟. هذا وابالرغم من تحريمه دوليا لا زال موجود في بعض الدول الاسلامية كـ موريتانيا.الاسلام اصبح العوبة كل يكيفه على هواه لذى ترى آلاف الفقهاء ولا سيما في المذهب الشيعي فعن اي اسلام تتكلم؟؟. هل هو اسلام القتال بين الصحابة والتابعين وتابعي التابعين والى وقتنا الراهن كل يكفر اتباع الآخرين من منظور قرآني لان القرآن حمال اوجه كما قال الامام علي. ما رايك في القول المنسوب للامام المهدي:من كان من الفقهاء صائن لدينه مخالف لهواه مطيع لامر مولاه فعلى العام ان يفلدوه فهو حجتي عليكم وانا حجة الله والراد عليه كـ الراد على والراد علي الراد على الله.؟؟؟. اين الكمال واين المنطق؟؟؟؟؟؟. شكرا لك.


2 - أذن رأي الفقهاء يحمل اوجه
علي جواد ( 2023 / 1 / 28 - 14:14 )
بعد رد التحية العطرة من جنابك أستاذ سمير
أشرت أن لك مأخذا في قولي- الحضارة الإسلامية- لعدم وجود التحضر في الإسلام،
لا أريد هنا الاختلاف أو الموافقة في جزئية المنظور للمصطلح سواء كان النقاش بخصوص كمية التحضر وهل هي حضارة جيدة أو لا
ثم ان هذه الفترة شهدت تحول الأعراب من البداوة إلى استيطان المدن وظهور المنظومة الإسلامية الحاكمة، بمعنى هي فترة زمنية من التاريخ تحمل أفكارا وتراثا ومنهجا ونحن دائما نستعمل مصطلح الحضارة لإيصال الفكرة لأن هذا أصبح مفهوما نمطيا سائدا برمج العقل الإسلامي عليه وأنا ذكرته هنا لإيصال الفكرة ولتفريقه عن المصطلح الذي استعمله في المقال وهو المورث الإسلامي المضاف

ذكرت في تعليقك أن القرآن حمال أوجه
هذا معلوم ولم أتطرق أنا إلى مسألة التفسير والمعنى لأن هذا يدخلنا في دوامة آلية عمل الفقيه هل هو يكمل بصفته الولي أو أن الدين مكتمل لكن يحتاج إلى تفسير ثم تطبيق؟ وهي واحدة من المعضلات المعقدة في المورث المضاف، ثم ذكرت حضرتك قولا منسوبا لإمام لا يزال النقاش غير محسوم في وجوده من الأصل

عزيزي للحصول على الحقيقة يجب علينا التفريق وعزل القناعات الفكرية عن الحقائق والثوابت

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س