الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرلمانيون العرب

خالد بطراوي

2023 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما يظهر بعض النواب في البرلمانات العربية وهم يحملون ورقة عبارة عن وثيقة يستندون إليها في مساءلة وزير أو مجلس وزراء، وكثيرا ما نشاهد على شاشات الفضائيات هذا النائب أو ذاك يصرخ ويحتد وقد يصل الأمر الى عراك بالأيدي بين النواب.
وقد يقول قائل أن هذه المشاهد تتكرر في معظم برلمانات العالم ولا تقتصر هذه الظاهرة على البرلمانات العربية ونحن من دون أدنى شك نتفق مع هذه المقولات.
لكننا لو تتبعنا تاريخ برلماناتنا منذ الاستقلال الشكلي للدول العربية والى الان، لوجدنا أن من يصبح برلمانيا يأتي في العادة إما من خلال البعد العشائري أو الفصائلي وفي معظم الأحيان حتى هذه الافرازت تستند الى كل المعايير إلا الكفاءة والصلاحية لكي يشغل هذا الشخص موقعه في البرلمان.
لذلك، وبغض النظر عن شكل النظام الحاكم في البلاد ، جمهوريا كان أم ملكيا، تحولت السلطة التشريعية الى متطلب تجميلي للنظام الحاكم ... ليس إلا ... وفي أحسن الأحوال تمخض عنها قوانين وتشريعات لا تصب في مصلحة الشعوب بقدر ما تحفظ الإطار الناظم للطبقات العليا من المجتمع ومصالحها.
ومن منا يثق بأن البرلماني سينفذ ما وعد به في دعايته الانتخابية، ومن منا أيضا على قناعة بأن هذا البرلماني سيقدم استقالته إذا ما شعر بأن وجوده في البرلمان لا يحقق ما طرحه في دعايته الانتخابية؟
لذا، ومن دون التعميم، أصبحت عضوية البرلمان لا تعدو كونها مركزا اجتماعيا و"برستيجا" للعضو وراتبا مغريا وحصانة ومجموعة من الامتيازات وتوظيف للاقارب والمعارف وراتبا تقاعديا يؤمن للبرلماني شيخوخة ذات رخاء.
ذلك أن السبب الحقيقي وراء ذلك كله هو عدم وجود تشريع يحاسب عضو البرلمان على أدائه بالبرلمان قياسا بالوعود التي قطعها على نفسه أمام ناخبيه، فما أن تنتهي عضويته في البرلمان .. تطوى صفحته حتى أننا كثيرا لا نجد أن لدى الغالبية من البرلمانيين الرغبة حتى في الترشح لدورة برلمانية ثانية وإن وجدت هذه الرغبة فتكون بغية تحقيق مزيد من الانجازات على المستوى الشخصي الضيق أخفق هذا البرلماني في تحقيقها في الدورة البرلمانية المنتهية.
البرلمانيون الذين يسميهم فصيلهم السياسي ويصلون الى البرلمان لا يعملون بموجب مرجعية من فصيلهم ويتصرفون على أهوائهم، فيسجل الفصيل لنفسه أنه حصل على مقاعد في البرلمان يتباهى بها بحجمه في البلد ولا يحاسب الفصيل مندوبه على أدائه البرلماني ولا يتقدم من خلاله بأية مقترحات تسهم في مأسسة البلد وإعلاء شأن سيادة القانون والتطبيق الخلاق لمبدأ فصل السلطات وإحترام السلطة الرابعة. وكثيرا ما تستخدم الفصائل ( وخاصة الحزب الحاكم) ممثليها في البرلمان لتمرير وتنفيذ وتجذير مصالحها وبسط نفوذها وسيطرتها فيتحول البرلمان الى أداة طيعة لذلك الفصيل.
قليلا ما نرى برلماني يتحرك ومن خلفه طواقم متخصصة في المجالات الحياتية تسنده بالمرجعيات العلمية، أو فريق لديه يستقبل شكاوى الجمهور أو حتى منصة تواصل اجتماعي تبقيه على تماس مع المواطنين.
فان تم تغييب ذلك كله، فما بالكم بدور البرلماني العربي في السياسات الخارجية لبلده، ليس على الصعيد التنفيذي وإنما على الصعيد التشريعي، حيث لا تأبه السلطة التنفيذية والحكومات بردود فعل برلماناتها وتعتبرها "سحابة صيف" او "زوبعة بفنجان" والأمثلة تطول في هذا المجال وتحديدا فيما يخص الموقف من الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الصهيوني الغاصب.
ذلك كله، لا يعني العزوف عن الدخول في البرلمان، بل ضرورة العمل حتى في البرلمانات الأشد رجعية ... ضرورة مأسسة الدول في إطار السعي لاحترام مبدأ سيادة القانون والقضاء وفصل السلطات وتعزيز المساءلة والمحاسبة بما فيهم أعضاء البرلمان حتى بعد انتهاء عضويتهم والعمل الدؤوب الذي لا هوادة فيه لتحقيق الاستقلال الحقيقي لدولنا العربية.
نحن بحاجة الى بلورة ثقافة برلمانية جديدة في زمن تحدث فيه متغيرات عالمية تحتم علينا رؤيتها في سياقها التاريخي ومعادلاتها الدولية المتناقضة في حالة تشكل وحدة وصراعا للأضداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو