الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني بشأن التطورات والمعركة الانتخابية

الحزب الشيوعي اليوناني
(Communist Party of Greece)

2023 / 1 / 29
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



1.اجتمعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني و خلُصت لبرنامج عمل الحزب للفترة المقبلة، على أساس التطورات السياسية والاقتصادية ومعركة الانتخابات النيابية المقبلة.

وأقرت الجسم الأساسي لمرشحي الحزب في الانتخابات النيابية و انتخابات البلديات و المحافظات و عالجت مسائل رئيسية متعلقة بمضمون الانفتاح السياسي في مواجهة المعارك الانتخابية. وناقشت المرحلة الأخيرة التي تسبق انعقاد المؤتمر اﻠ13 للشبيبة الشيوعية اليونانية الذي سيعقد في الفترة من 10 إلى 12 شباطفبراير 2023، بهدف إنجاحه.

تدعو اللجنة المركزية أعضاء وأصدقاء الحزب والشبيبة الشيوعية اليونانية إلى التجنُّد والنشاط لتنظيم وتنفيذ حملة سياسية واسعة جديدة في صفوف الشعب بهدف تعزيز الحزب الشيوعي اليوناني، و التي تشكِّل أفضل رد على المعضلات الزائفة والابتزازات التي ستشتد في الفترة المقبلة وأمام المعركة الانتخابية.

إن التعزيز السياسي والتنظيمي والانتخابي متعدد الأوجه للحزب الشيوعي اليوناني هو شرط لزيادة درجة تنظيم الحركة العمالية الشعبية و كفاحيتها و نجاعتها ضمن التطورات، و هو أمر حيوي وأكثر ضرورة وإلحاحاً من أي وقت مضى. إن هذا أيضاً هو مضمون المواكبة الكفاحية للحزب الشيوعي اليوناني، والذي َينطبعُ أيضاً في شعار «وحده الشعب قادر على إنقاذ نفسه. على طريق إسقاط الرأسمالية مع حزب شيوعي يوناني قوي».

و في الوقت نفسه، يمنح الحزب الشيوعي اليوناني كل قواه من أجل جمهرة وتقوية جميع جبهات الصراع الحاسمة من أجل حياة ومستقبل الشعب العامل، كمشاكل الغلاء و فقر الطاقة وحقوق العمل و الدخل العمالي و المزادات و حماية الصحة، و من تبعات تورط اليونان في الصدام العسكري الإمبريالي الجاري في أوكرانيا بين الناتو وروسيا، ولكن أيضاً من تدهور العلاقات اليونانية التركية. إننا بصدد الجبهات التي يواجه فيها العمال والشعب والشباب -عدا أمور أخرى - مشاكل وعواقب استراتيجية الحكومة والاتحاد الأوروبي المناهضة للشعب و التي تُطبَّق من أجل حساب رأس المال.



2. ستُخاض معارك الفترة المقبلة في ظروف تطورات اقتصادية و جيوسياسية دولية، ستجلب "شتاء أكثر عمقاً" للشعوب. في ظروف حيث: تتصاعد الحرب الإمبريالية الجارية في أوكرانيا بين الكتلة الأوروبية الأطلسية من جهة وروسيا وحلفائها من جهة أخرى. و يتعزز الصدام بين الولايات المتحدة والصين من أجل الصدارة في النظام الإمبريالي العالمي وتشتد التناقضات داخل التحالفات "التقليدية"، كالناتو والاتحاد الأوروبي. و على حد السواء، يتعزز تورط اليونان في التخطيطات الحربية، مع تطور أخير – بين غيره- و هو المتعلق بإرسال صواريخ S-300 إلى أوكرانيا، وكذلك، في حرب الطاقة والمزاحمات الاقتصادية (محطات نقل الغاز الطبيعي المسال، اعتماد حزم عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا، و غيرها). و بهذا النحو، تتضاعف بنحو أكثر المخاطر المحدقة بالشعب والبلد و هي المنبثقة من احتدام التناقضات في المنطقة و من الخطط العدوانية للطبقة البرجوازية التركية التي تساوم علاقتها مع الناتو والاتحاد الأوروبي.

هذا و تقود التطورات الاقتصادية بدقة حسابية نحو تفاقم أبعد لجملة المشاكل العمالية والشعبية. حيث تخوض الغالبية الاجتماعية العظمى بنحو يومي، أي الطبقة العاملة، والقطاعات الدنيا من الشرائح الوسطى في المدن والريف، والنساء، والشباب، والمتقاعدون، والمعوقون، والعاملون في مجالي الثقافة والرياضة، معركة البقاء في ظروف أسوأ. و يشتد استغلال الطبقة العاملة ويزداد بؤسها المطلق والنسبي. حيث لم تعجز الاستثمارات التي تروِّج لها حكومة حزب الجمهورية الجديدة باعتبارها "إنجازها الكبير" عن مواجهة مشاكل العمال فحسب، بل و ضاعفتها بدلاً من ذلك. و لم تجلب تحسُّناً في الدخل الشعبي ولم تُوقِف تدهوره لأن "أساسها" متواجد فوق مذكرات قديمة و تدابير جديدة مناهضة للشعب، و فوق الإعفاءات الضريبية والإعانات الحكومية الممنوحة لرأس المال، والتي يدفع الشعب ثمنها من خلال النهب الضريبي.

إن نواة الفقر الطاقي تعود بالضبط إلى التخلي عن وقود الليغنيت والاعتماد على الغاز الطبيعي والاستثمارات الجارية في بعض مصادر الطاقة المتجددة والكهرباء "الخضراء" التي أدت إلى ارتفاع تعرفتها بالنسبة للعمال، و هي كذلك، تعود إلى الأرباح الهائلة التي تسجلها مجموعات الطاقة للاحتكارات الأمريكية التي تنتج الغاز الطبيعي المسال (LNG) و إلى الأرباح التي يُحققها مالكو السفن التي تنقله. و تُحوِّل الاستثمارات الموظفة في قطاع السياحة ترفيه الشعب إلى سلعة باهظة الثمن، و تقفز بكلفة الإسكان الشعبي والمهني، بينما تعتمد السياحة و بنحو متزايد على قوة عاملة رخيصة. و يفاقم توسع التجارة الإلكترونية من حدة المنافسة الجارية، و يقود إلى إغلاق عشرات الآلاف من الشركات الصغيرة وتسريع تركيز التجارة، بينما تستند أرباحها الكبيرة إلى الاستغلال البائس للعاملين في توزيع و فرز البضائع. و يُفيد التوجه الأحادي الجانب نحو تصدير المنتجات الزراعية بنحو أساسي الصناعيين التجار، والحيازات الزراعية الرأسمالية الكبيرة، بينما تضيف الواردات الضخمة من المنتجات الزراعية صعوبات جديدة إلى حياة صغار المزارعين المنتجين، و تؤدي إلى تدهور جودة المواد الغذائية الأساسية للشعب.

و يسعى السجال القائم بين حزب الجمهورية الجديدة و سيريزا و الباسوك و غيرها من الأحزاب البرجوازية حول منها يُمثِّل "الطبقة الوسطى"، إلى مساواة حاجات القطاعات العليا من الشرائح الوسطى بالمشاكل التي تواجهها الغالبية العظمى من القوى الشعبية من العاملين لحسابهم الخاص و المهنيين والمزارعين، كما والطبقة العاملة، التي يتجنبون أي ذكر لها.

حيث اتضح أن "التنمية للجميع" هي أكبر خرافة ذُكرت، و ذلك لأن الشعب يحصي خسائره و باستمرار، و هو ما لا يمكن إخفائه حتى عبر عناصر الإحصائيات.

وإذا ما كان العمال يدفعون كلفة بهذا القدر في فترة الازدهار، فباستطاعتنا التنبؤ بالكلفة التي سيدفعونها خلال أي تباطؤ اقتصادي ضمن المسار نحو الركود خلال الأشهر المقبلة. و في كل حال، تُحذِّرُ التحليلات الجارية في الاتحاد الأوروبي و جميع أنحاء العالم من أزمة رأسمالية أعمق وأكثر تزامناً.

و يستعد البنك المركزي الأوروبي لفرض زيادة جديدة على أسعار الفائدة، مع تأثير مباشر على سداد قروض السكن وغيرها من القروض الشعبية، مما يؤدي إلى زيادة العبء على مداخيل الطبقة العاملة المُثقلة سلفاً بالديون. هذا و يبدو الإنتاج الصناعي متقلِّصاً في المراكز الصناعية الرئيسية على مستوى العالم. و يتراجع بنحو هام، حجم الشحن البحري وتتحدث توقعات المعاهد الاقتصادية عن أزمة جديدة أعمق من أزمة عام 2008. و يزداد الضغط في جميع أنحاء منطقة اليورو من أجل العودة إلى اعتماد "السياسة التقييدية" وإنهاء "الإعانات الحكومية الأفقية". حيث يصطدم كِلا "المال الرخيص" وإمكانية الاقتراض مع واقع التعاظم الهائل للديون العامة في العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي. و يظهر مرة أخرى التهديد المعروف جيداً بما يسمى انحراف الموازنات المالية و هو الذي سيشكل، بعد الانتخابات القادمة، السردية الجديدة التي سيستند إليها خفض الإنفاق الحكومي، وصولاً حتى تخفيض الإنفاق على "السياسة الاجتماعية" الضئيل سلفاً اليوم.

إن التطورات التي لا جدال فيها و التي وقعت في السنوات الأخيرة، تؤكد أن "الدواء" المستخدم لمشكلة ما يصبح "سماً" لمشكلة أخرى، مما يثبت عدم استطاعة أي طرح للإدارة البرجوازية إلغاء حتميات و تناقضات طريق التنمية الرأسمالي التي يدفع العاملون كلفتها في جميع الأحوال. كما و يُؤكَّد على أن حاجات الاقتصاد الرأسمالي هي التي تَفرُض تطبيق مزيج الإدارة الاقتصادية هذا أم ذاك، لا "الأيديولوجيا" و كلام الشعارات المضللة المستخدمة من كل حكومة. لذا طبَّق "سيريزا الاشتراكي الديمقراطي" سياسة تقشف من خلال مذكرات، و لذات السبب، طبَّق حزب الجمهورية الجديدة "النيوليبرالي" تدابير توسعية كما فعل نُظرائُهم في سلسلة من البلدان التي لا تنحصر في الاتحاد الأوروبي فقط.

لقد قادت "السياسة التوسعية" التي يؤلهها حزب سيريزا كما و الاشتراكية الديمقراطية بنحو أشمل، و كذلك "الأموال الرخيصة" من أجل دعم التنمية، إلى تفجير التضخم الذي يقوض الدخل الشعبي. و من أجل لجم التضخم يجري التمهيد الآن في الاتحاد الأوروبي إلى العودة إلى "السياسات التقييدية" التي تُسرِّع من تمظهر ركود جديد، مع زيادة أسعار الفائدة التي ستزيد بنحو أكبر من مديونية اﻷسرة العمالية الشعبية.

و تعكس التناقضات المتمظهرة في الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بوتيرة و صيغة سياسات التقشف، كما والصعوبات التي تواجه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق بشأن مسألة سقف سعر الغاز الطبيعي، واقعة تبايُن مصالح الدول الأعضاء ومجموعات الأعمال، و بالتأكيد، عدم تباين مصالح الشعوب. إن التوافق المؤقت الذي تم التوصل إليه حول سقف السعر هو مرتفع للغاية، و هو لا ينفي واقع التناقضات القائمة ولن يُغيث الشعوب من فقر الطاقة.

و يقود تناوب صيغ الإدارة البرجوازية والانتقال من الأزمة نحو التنمية و بالعكس، إلى تراكم أعباء جديدة على الشرائح العمالية الشعبية، ما دامت كل فترة "جديدة" تبني فوق تدابير مناهضة للعمال و الشعب كانت قد أُقرَّت في الفترة السالفة، كما حدث في اليونان مع قوانين المذكرات التي صوتت لصالحها و نفذتها بنحو متتالٍ حكومات حزب الجمهورية الجديدة و الباسوك و سيريزا.



3. ما من أساس للزعم القائل بأن الاقتصاد اليوناني يمكن أن يظل سالماً من الركود الأوروبي أو العالمي. فالاقتصاد اليوناني لا يتطور في "فراغ". و في كل اﻷحوال، فإن ما يسمى بالميزة العظيمة للاقتصاد اليوناني - أي السياحة - قد تشهد تراجعاً كبيراً في ظروف أزمة أوروبية أو عالمية. حيث انكشف أن "انفتاح الاقتصاد" الذي يشكل "الكأس المقدسة" لجميع الأحزاب البرجوازية، لا يخدم إلا ربحية الشركات اليونانية الكبيرة، في حين يُمثِّل "قنبلة بطيئة الاشتعال" بالنسبة لمصالح الطبقة العاملة والمزارعين وصغار المهنيين العاملين لحسابهم الخاص.

إن ادعاء الحكومة بأن فقر الطاقة هو "مشكلة مستوردة" ناتجة عن الحرب في أوكرانيا هو خداع هائل بذات القدر. و ذلك ليس فقط لأن ارتفاع الأسعار كان موجوداً قبل الحرب - نَسبتهُ الحكومات بعد ذلك إلى أسباب أخرى - ولكن أيضاً لأن اليونان مُدمجة تماماً بخيار استراتيجي من جانب الطبقة البرجوازية وأحزابها في سوق الاتحاد الأوروبي الموحدة و في الهياكل والآليات المقابلة لها، كما هي على سبيل المثال: البنك المركزي الأوروبي، وتجارة الانبعاثات، و بورصة الطاقة، التي تشكِّل "مضرم حرائق" الغلاء.

هذا و لا ترفض الأحزاب الأخرى نظرية "الغلاء المستورد"، لكنها تختلف فقط حول نسبة انحراف الغلاء عن معدل المتوسط الأوروبي، و تتحدث عن "غلاء ميتسوتاكيس". إن موقفها يبرئ من ناحية، جميع أسباب وآليات الغلاء – والتي كان حزبا سيريزا و الباسوك/حركة التغيير قد شاركا في صياغتها – بينما يصوغ من ناحية أخرى "حجة" مناسبة لكي تتذرع بها هذه اﻷحزاب أمام الشعب أثناء مشاركتها في حكومة محتملة.

و تهدف محاولة التلاعب بالشعب الجارية عبر منح مختلف بدلات الفقر والخداع، إلى إعادة توزيع الفقر بين الفقراء والأكثر فقراً، مع إدامة الضرائب والرسوم المناهضة للشعب دون المساس بربحية المجموعات الاقتصادية.



4

يَثبُت يوميا أن كلا الإعلانات عن "دولة الأركان" و "دولة القانون" تهدف إلى ترقية الدولة العفنة المعادية للشعب من أجل قمع واستغلال الأغلبية الشعبية، هي دولة ديكتاتورية رأس المال.

و تتمثل عناصر هذا التعفن والرجعنة - من بين أمور أخرى – في عمليات التنصت، وظواهر الفساد من طراز كايلي و باتسيس، وتصاعد القمع وعنف الدولة الذي يسير يداً بيد مع السياسة المناهضة للشعب.

إن الوجه الآخر ﻠ"جزرة" التلاعب هو "سوط" القمع الذي يتخذ أشكالاً مختلفة، مثل عنف الشرطة وتعسفها، و الملاحقات الجارية ضد المناضلين، والدولة - "اللص" التي تضع مسكن الشعب في المزاد، والمستنقع المؤسسي لعمليات المراقبة والتنصت، و هو الذي صاغته جميع الحكومات بهدف نهائي هو مواجهة ردود الفعل الشعبية. و هو الذي يجري و بالتأكيد استخدامه أيضاً، من أجل تصفية حسابات مصالح سياسية و اقتصادية، وهي واقعة نرى تمظهرها خلال هذه الفترة، فضلاً عن الإجراءات الحكومية المتعاقبة الرامية للتحكم باﻹعلام.

و يمر الرد الشعبي على عنف الدولة وقمعها عبر الصراع من أجل إلغاء جميع القوانين والمؤسسات الرجعية، ومجموعات القمع الخاصة المختلفة، مثل: "ذياس" و "مات" و "ذراسي" و "إكام" و "أوذوس" و شرطة الجامعات و ما شاكلها، وليس من خلال "الدمقرطة" المزعومة العامة والمجردة لهذه المؤسسات.

و بغير استطاعة هذه الدولة أن تضمن "العدالة للجميع وفي كل مكان" كما يزعم سيريزا، لأن من غير الممكن تلاقي مصالح و سلطة رأس المال في أي مكان مع الحاجات العمالية الشعبية. إننا بصدد ذات الدولة التي "تعجز" بنحو انتقائي عن حماية الشعب و حاجاته من الكوارث الطبيعية وغيرها من الأخطار، كما ثبت بوضوح أثناء الوباء، و ذلك لأن أولويتها هي أرباح رأس المال. هذا هو الحال أيضاً مع القانون الحكومي الأخير الخاص بنظام الصحة الوطني، والذي يدعو المرضى إلى وضع أيديهم بنحو أعمق في جيوبهم وتحويل المستشفيات إلى أماكن لجذب الزبائن من أجل "متطفلي" القطاع الصحي الخاص. و مع ذلك، فهي دولة مقتدرةٌ جداً على الترويج لمصالح رأس المال بإجراءات المسار السريع. إنها الدولة المعادية نفسها التي تترك الأطفال عرضة لعنف الفقر والتسرب من الدراسة و عمالة الأطفال وسوء المعاملة و إيكال حمايتهم لكافة ضروب المُلاك و المنظمات غير الحكومية.



5. و بنحو خاص تكشف فضيحة النائب السابق لحزب الباسوك حركة التغيير في البرلمان اﻷوروبي، إيفا كايلي، عن الوجه الفعلي للاتحاد الأوروبي باعتباره اتحاداً للمصالح الإقتصادية و جماعات الضغط، يُشكل أرضاً خصبة للفضائح والفساد.

و لم يتفاجئ الحزب الشيوعي اليوناني بذلك، فقد كان يكشف منذ سنوات و حتى الآن عن حقائق و عن وثائق حول أنشطة جماعات الضغط و "روابط الدم" التي طورتها مع الاتحاد الأوروبي ومؤسساته. و لا تشكل هذه الفضائح استثناءاً معزولاً ونادراً. ففي إطار الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي، تنشط و بنحو مؤسسي جماعات ضغط اقتصادية يُقدّر عددها - مع الجماعات غير الرسمية - بما يتراوح بين 25 و 30 ألفاً. و غالباً ما تتم كتابة توجيهات و صياغة محددة بشكل مباشر أو إملائي من قبل ممثلي جماعات الضغط هذه، لنصوص تشريعية في البرلمان الأوروبي، و هي التي يتم التوقيع عليها و تقديمها كتعديلات مقترحة من قبل أعضاء في البرلمان الأوروبي.

هذا و قام نواب أحزاب: الجمهورية الجديدة و سيريزا و الباسوك حركة التغيير و الحل اليوناني في البرلمان الأوروبي ﺑ"تييض و غسيل" هذا العفن، عبر موافقتهم على القرار حيث يُعترفُ و بنحو وقح بأن: «قدرة جماعات الضغط على التأثير في صنع القرار في البرلمان من خلال إبداء الحجج، هو عنصر حيوي من عناصر الديمقراطية الأوروبية»!!!.

يجب استخدام هذه الاكتشافات من أجل استخلاص استنتاجات طبقية حاسمة، من أجل إيقاظ الوعي العمالي الشعبي وإدراك ماهية "الديمقراطية الأوروبية" الذائعة الصيت و "القيم الأوروبية" التي تُمجِّدها جميع الأحزاب الأخرى مُجتمعة.



6. إن جملة التطورات تدل على تشكُّل إمكانيات لكي لا يقع السخط الشعبي في المعضلات البرجوازية الزائفة والابتزازية. و تٌُظهر أن الطبقة الحاكمة ليست شديدة البأس و أن سُلطتها ستجرَّب من صدوع و هزات. و دون تجاهل التناسب السلبي للقوى، فإن التحركات الجماهيرية العمالية الشعبية في عدد من البلدان - على الرغم من توجهها الضعيف- كما و التحرك الإضرابي الأخير في 9 تشرين الثانينوفمبر في اليونان، تؤكِّد أن ولاء الشعوب ليس "أمراً مفروغٌ منه" و أن الحركات الشعبية لن تُستخدم دائماً "كدرجة سُلَّم" من أجل تنصيب و إسقاط الحكومات غير الشعبية.

إن اﻷركان البرجوازية في الاتحاد الأوروبي واليونان تعرف أن العواقب الوخيمة على الشعب جراء تنفيذ استراتيجية رأس المال ستظهر بقوة أكبر في الفترة المقبلة. ولهذا السبب فهي تسعى نحو حكومات مستقرة "من أجل اليوم التالي" و هي التي ستنفذ استراتيجية رأس المال والتزامات الاتحاد الأوروبي، و ستروج للمخططات الأوروأطلسية في حوض المتوسط و لتوافقات مؤلمة للحقوق السيادية للبلاد. هي حكومات ستسعى لمواجهة ناجعة لأي مزاج جذري قد يؤدي إلى نهوض الحركة العمالية. إنهم قلقون بشأن الانفجارات الاجتماعية و صعود النزعة الجذرية المحتمل والزخم الذي يمكن أن تكتسبه النضالات العمالية مع حيازتها حزباً شيوعياً يونانياً أقوى إلى جانبها.

و يُخدم هدف "الاستقرار الحكومي" المذكور والذي يعني بالنسبة للشعب قدراً كبيراً من عدم الاستقرار و غياب اليقين، بذات القدر من قبل حزب الجمهورية الجديدة و باقي اﻷحزاب، بمعزل عن الأسلوب الذي يتبعه كل منها. فمن جهة، يقوم حزب الجمهورية الجديدة بخدمته عبر هدف تشكيل حكومة حزب واحد، و يخدمه سيريزا من خلال تقديم حساء "الحكومات التقدمية" المعاد تسخينه لما يسمى الحكومات التقدمية" التي خبِرناها في اليونان وفي بلدان أخرى والتي أثبتت أنها أفضل حليف للسياسات "النيوليبرالية" و أنها مطية للنزوع نحو المحافظة و خيبة أمل. و يتواجد حزب الباسوكحركة التغيير على نفس الطول الموجي، متخفياً خلف شعار "الإستقلالية" مع سعيه للعب دور الورقة المكمِّلة، على حد السواء في سيناريو حكومة حزب الجمهورية الجديدة أو سيريزا، اعتماداً على التطورات.

إن استقرار حكومات رأس المال يعني عجز الحركة العمالية الشعبية على الرد على الهجوم المناهض للعمال والشعب.

إن مُقدِّمة وجود استقرار للشعب هي وجود حزب شيوعي يوناني قوي، وحركة عمالية شعبية قوية، في ذات وقت وجود حكومات ضعيفة مناهضة للشعب. و بذات مقدار سرعة و كثرة "إحراق" الشعب لمختلف "سيناريوهات" الحكومات المناهضة له، ستتهيأ مقدمات أفضل لإعاقة التدابير المناهضة للشعب و لانتزاع مكاسب، و ستُفتح إمكانيات جديدة على طريق الإطاحة الجذرية. و لهذا السبب، يُقاس كل صوت شعبي في صالح الحزب الشيوعي اليوناني، مصدره كل المعترفين و المعترفات بموثوقية واتساق و ثبات و كفاحية الحزب الشيوعي اليوناني في جميع الظروف.



7. يمتلك الشعب الخبرة لتجنب الوقوع في أفخاخ المعضلات الزائفة. إن الذين يزرعون ابتزازات كهذه على مر الزمن، هم ذاتهم من قاموا بنحو مجتمع بتجاوز خلافاتهم – عند حاجة النظام- من أجل دعم الاستقرار البرجوازي المناهض للشعب. حيث حدث ذلك عند تشكيل ائتلاف حكومي بين حزب الباسوك و الجمهورية الجديدة بمشاركة حزب لاوس اليميني المتطرف. و حدث ذات اﻷمر مع حكومة سيريزا المشتركة مع حزب "اليونانيين المستقلين" اليميني المتطرف. و حدث الشيء نفسه في عام 2015، عندما سارعت أحزاب الجمهورية الجديدة و الباسوك و النهر للتعويض عن خسارة الأغلبية البرلمانية لسيريزا من أجل إقرار تمرير المذكرة الثالثة.

من الممكن حدوث ذات اﻷمر مرة أخرى، و ذلك لأن "البرنامج المشترك" لجميعهم هو الالتزامات تجاه الاتحاد الأوروبي، و "المذكرة الشاملة" الجديدة التي تسمى صندوق الإنعاش، واستراتيجية "الانتقال الأخضر" التي تؤدي إلى خفض قيمة مصادر الطاقة المحلية، كما والالتزامات تجاه حلف الناتو و الولايات المتحدة، كتخصيص ما لا يقل عن 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا من أجل حاجات و تجهيزات الناتو والتورط في الحروب.

و لهذا السبب، و أيضاً خلال السنوات الأربع لحكومة ميتسوتاكيس قامت أحزاب: سيريزا و الباسوك/ حركة التغيير بالتصويت في صالح معظم مشاريع القوانين الحاسمة المناهضة للشعب، و التي كان حزب الجمهورية الجديدة قد احضرها للبرلمان.

حيث لا تتعلق خلافات هؤلاء قبل الانتخابات بالمسائل الأساسية والاستراتيجية، بل بجوانب ثانوية لا علاقة لها بالمصالح الشعبية. إن حزب سيريزا يحتج على ارتفاع ضريبة القيمة المضافة، لكنه كحكومة كانت "بطل" زيادة هذه الضريبة. و هو الذي يشتكي من فقر الطاقة، لكنه كان رائداً في فرض بورصة الطاقة و في إقفال وحدات الليغنيت. و يتحدث عن عودة 51٪ من شركة الكهرباء العامة إلى الدولة، لكن مؤسسة الكهرباء أيام حكمه و في سياق سوق الطاقة المحررة، كانت قد أقدمت على بيع الطاقة الكهربائية للمستثمرين بأسعار أقل من التكلفة و صاغت كارتل الطاقة. و إلى جانب ذلك، فقد كانت فُرِضت زيادات على تعرفة الاستهلاك العام أيضاً عندما كانت 51٪ مؤسسة الكهرباء العامة مملوكة من قبل الدولة، و ذلك لأن كل شركة -مملوكة بهذا القدر أم ذلك من قبل الدولة- تسعى في سياق سوق الطاقة المحررة نحو تحقيق أقصى قدر من الربحية من أجل مساهميها و إلى المنافسة مع نظيراتها.

و تخدم مقترحات كل من حزب الحل اليوناني و ميرا 25 هذا المسار، و لهذا السبب فهما لا يرفضان بنحو قاطع المشاركة في تشكيلة حكومية سواء مع حزب الجمهورية الجديدة و سيريزا، بنحو مقابل. و في جوهر اﻷمر تترك شعارات حزب "ميرا 25" التي تُرفع ضد "شركة ميتسوتاكيس المساهمة" و ضد "الأوليغارشيين" طابع حزب الجمهورية الجديدة خارج مرمى النيران باعتباره حزباً لمجموعات الأعمال، و تسعى لإخفاء اﻹسهام الكبير لحزب ميرا 25 تجاه "الأوليغارشية" (أي رأس المال)، وهو المتمثل ببث وهم قائل بإمكانية "تحول للاتحاد الأوروبي في صالح الشعوب" و في المقام اﻷول اعتباره ﻠ"المديونية" كسببٍ رئيسي للأزمة و للمشاكل الشعبية، مما يبرئ نمط الإنتاج الرأسمالي نفسه، و هو الذي تشكل مديونية الدول المرتفعة إحدى عوارضه.

و تُخدم استراتيجية رأس المال نفسها من قبل العديد من الصنائع اليمينية المتطرفة والفاشية، التي تحاول حصر الاستياء الشعبي من خلال حجب الأسباب الحقيقية للوضع الذي تعيشه القوى الشعبية اليوم، مع زراعة العنصرية و العداء المبتذل للشيوعية.



8. يطرح الحزب الشيوعي اليوناني للشعب مواقفه وبرنامج السلطة و الحكم وفق معيار الحاجات الشعبية، واقتراحه الذي يصطدم مع الاتحاد الأوروبي كبؤرة إفساد و مع ديكتاتورية رأس المال المعاصرة.

و يوثق برنامج الحزب الشيوعي اليوناني علمياً كيف يمكن للشعب اليوم أن يعيش مع حقوق معاصرة ونوعية حياة تتوافق مع القرن اﻠ21 و مع إمكانيات عصرنا. حيث باستطاعة التخطيط العلمي المركزي للاقتصاد، والتملُّك الاجتماعي لوسائل الإنتاج، والاستخدام الكامل اﻷوجه للقوى العاملة و العلمية، ومؤسسات السلطة العمالية والشعبية، و الفكاك من المنظمات الإمبريالية، أن تُرقّي تنمية البلاد بنحو سريع وفق معيار ضمان الرفاهية الشعبية.

و يفكّ برنامج الحزب الشيوعي اليوناني التزامات البلاد تجاه حلف الناتو والاتحاد الأوروبي مع الشعب سيداً في موقع السلطة، مُقتصداً موارد ثمينة و يصوغُ علاقات دولية على أساس المنفعة المتبادلة مع جميع الشعوب و بلدانها. و من بين أمور أخرى، يلغي النشاط التجاري الناشط في مجال الطاقة. و بهذا النحو فقط باﻹمكان استخدام جميع مصادر الطاقة المتاحة للبلاد، بهدف تحقيق كفاية الطاقة والقضاء على فقر الطاقة بالنسبة للشعب. و يلغي النشاط التجاري في مجال الصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى، و هي التي دفع الشعب ثمنها بنحو باهظ خاصة خلال فترة الوباء.

وحده برنامج الحزب الشيوعي اليوناني يواجه المشكلة السياسية للبلاد. إن التنظيم الاقتصادي والاجتماعي الاشتراكي هو الأمر الجديد الفعلي في القرن الحادي والعشرين و هو يضمن المصالح العمالية والشعبية.

إن برنامج و الحزب الشيوعي اليوناني و أطروحاته، هي الوحيدة التي تقدم إجابة على المشاكل المباشرة للعمال والشعب. لقد حان الوقت لرفض المنطق المعروف والمفلس لما يسمى بـ "أهون الشرين"، والذي يدعو الشعب إلى اختيار ما يخسره في كل مرة حتى لا تُمسّ مصالح القلة. و لكي يتنفس الشعب الصعداء و للمطالبة بحقوقه، باستطاعته و من واجبه أن ينظر خارج "الجدران" الحالية للاتحاد الأوروبي وسلطة رأس المال و التي تشكِّل القاسم المشترك لجميع أحزاب النظام.

إن مشاركة الحزب الشيوعي اليوناني في حكومة برجوازية أو دعمه لها و تسامحه معها لا تشكل ضغطا فعلياً من أجل حل المشاكل الشعبية، بل العكس. إن الضغط الوحيد الناجع الذي يمكن أن يُمارس على مثل هذه الحكومة المناهضة للشعب هو من جانب الطبقة العاملة نفسها، من الشعب و من حركتهما أي من الأسفل، و ذلك مع حضور حزب شيوعي يوناني سيكون متصدراً لهذه النضالات ممارساً لدوره الطليعي المستقل، دون التزامات، و في كل مكان وعلى جميع المستويات. و بهذا النحو فقط، ونتيجة للتدخل الشعبي، باﻹمكان انتزاع تدابير إيجابية، لأن الصراع الطبقي نفسه وتحسين تناسب القوى على طريق إسقاط الرأسمالية، يمكن أن يجلب أيضاً نتائج معينة، على غرار ما أظهرته جملة تاريخ الحركة العمالية.

و بالضبط نظراً لامتلاك الحزب الشيوعي اليوناني أطروحات و برنامج صدام في القضايا الرئيسية الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، فهو يشكِّلُ ضماناً في النضال اليومي و من أجل كل مشكلة شعبية. لأن ما من التزامات للحزب الشيوعي اليوناني تجاه الاتحاد الأوروبي وأرباب العمل الرأسماليين و سلطة رأس المال وآلياته المتعددة الأوجه، و لأن الحزب يشكك في المسار الحالي للتنمية ومنطق "حدود تحمل الاقتصاد" و لأنه لا يقبل بتكبيل أيديه في إطار حكومة مناهضة للشعب، فهو يستطيع لكل هذه الأسباب أن يتصدَّر شن هجوم مضاد كبير عمالي-شعبي، متعلِّق و على حد السواء بحاضرنا و بمشاكل الشعب المباشرة و الملحة، كما و بنحو رئيسي بالمنظور، بهدف تحقيق انتصار وإطاحة شعبية فعلية، سيكون الشعب بطلها و يكون الحزب الشيوعي اليوناني أقوى بكثير مما هو عليه.

لأن هدف الطاقة الرخيصة اليوم يفترض مسبقاً إبداء معارضة وقطيعة مع "التنمية الخضراء"، وإلغاء بورصة الطاقة و شرط تسعير انبعاثات الكربون، من أجل إعادة تشغيل معامل الليغنيت مع تطبيق تدابير لحماية البيئة.

و تتطلب حماية السكن الشعبي من المزادات اصطداماً مع "استقرار" البنوك و مع أرباح الصناديق الاستثمارية.

كما و تتطلب طلب حماية الدخل الشعبي اليوم صداماً مع الربحية الرأسمالية والتنافسية بعينها، وتتطلب قيام نضال من أجل زيادات جوهرية في الرواتب والمعاشات التقاعدية.



و من وجهة النظر هذه، يتصدَّر الشيوعيون جميع جبهات الصراع الحاسمة: من أجل زيادة الرواتب والمعاشات التقاعدية. و من أجل إبرام اتفاقيات العمل الجماعية. و لإلغاء الضرائب والرسوم المناهضة للشعب. و إلغاء الديون، وإلغاء الضرائب و من أجل التخفيف الفعلي من أعباء العاملين لحسابهم الخاص والمزارعين. من أجل حماية السكن الشعبي من عمليات الإخلاء و من مزادات الصناديق الاستثمارية والبنوك، و من أجل إلغاء الإطار المؤسسي الذي شكلته أحزاب: الجمهورية الجديدة و سيريزا و الباسوكحركة التغيير. هذا ما يناضل الحزب الشيوعي اليوناني من أجله داخل وخارج البرلمان، مع طرح مقترحات محددة ترفضها الأحزاب الأخرى.

و حيثما قام العمال بتولي زمام الأمور بأيديهم، و حيثما تجاوزوا منطق الحلول "الآتية من أعلى" كان لهم انتصارات صغيرة وأكبر. و لهذا السبب يدعو الحزب الشيوعي اليوناني الشعب إلى إدارة ظهره إلى "المنقذين" الطامحين - القدامى والجدد منهم- و "الحماة" الحكوميين.

إننا نعتقد بنحو راسخ بأن شعار "إن الشعب قادر على إنقاذ نفسه على طريق إسقاط النظام" يمكن تحقيقه بالممارسة. و لهذا السبب هناك حاجة إلى حزب شيوعي يوناني أقوى، لأنه الحزب الوحيد الذي يمنح محتوىً و حيويةً و منظوراًَ لهذا الشعار.



اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني 5/1/2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عبد السلام العسال: حول طوفان الأقصى في تخليد ذكرى يوم الأرض


.. Britain & Arabs - To Your Left: Palestine | الاستعمار الكلاس




.. الفصائل الفلسطينية تسيطر على طائرة مسيرة إسرائيلية بخان يونس


.. مسيرة في نيويورك لدعم غزة والشرطة الأمريكية تعتقل المتظاهرين




.. قلق أوروبي من تزايد النفوذ الروسي داخل أحزاب اليمين المتطرف