الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرشاد البحري: هوايتي ومهنتي

كاظم فنجان الحمامي

2023 / 1 / 30
سيرة ذاتية


هنالك فرق واضح بين الهواية والمهنة. فالهواية تتجسد في نشاطك المحبب، الذي تمارسه بشغف، وتستمد منه سعادتك وحيويتك. بينما تتمثل المهنة بعملك الذي تؤديه في الشغل، ويشتمل على خبراتك المتراكمة ومهاراتك المكتسبة. .
اما إذا اجتمعت الهواية بالمهنة في ميدان المواهب والمهارات الشخصية فتلك هي المرحلة التي تتصف بالإبداع والتألق في الارتقاء بمستوى الاداء نحو أعلى درجات الجودة، فتلامس سقوف التجديد والابتكار بأبهى صورها. .
وفي هذا السياق. أذكر انني التحقت بسلك الارشاد البحري عام 1975، بدرجة مرشد بحري ثالث، بموجب أحكام سير السفن في المياه الداخلية لسنة 1919، وباشرت بإرشاد السفن التي لا يزيد غاطسها على 16 قدماً. وذلك ضمن حدود شط العرب وخور عبدالله وخور الزبير. وكنت الأول على أقراني في الاختبارات النظرية والعملية، وأذكر أيضاً انني كنت أحفظ زوايا المسارات والمنعطفات في الذهاب والاياب على ظهر القلب، وكانت صور المراسي والمرافئ والأرصفة والفنارات والعوامات مطبوعة في ذهني، وكنت ملتزماً جداً بتوقيتات دخول السفن وخروجها من والى الممرات الملاحية، ثم تدرجت في السلم المهني حتى أصبحت في التسعينيات المرشد البحري الأقدم في عموم الموانئ العراقية، وذلك بعد إحالة أساتذتنا الذين سبقونا إلى التقاعد، وكانت لي سلسلة من الدراسات والمؤلفات، أذكر منها كتابي الموسوم: (أساسيات الإرشاد البحري في الممرات الملاحية العراقية)، ويقع في 530 صفحة معززة بالصور والخرائط. وكانت لمساتي واضحة في إعداد مسودة قانون الموانئ العراقية رقم (21) لسنة 1995، وتعليماته اللاحقة التي صدرت عام 1998.
وبالتالي فان مهنة الإرشاد البحري كانت هوايتي وصنعتي المفضلة، وكنت متابعاً شغوفاً بوقائعها، وكانت علاقتي بزملائي في العمل أعمق بكثير من علاقتي بجيراني وأصدقائي. فقادني شغفي بها إلى ابتكار صيغة جديدة في توجيه السفن وإرشادها، فاخترت القيام بدور ماسك الدفة (wheel man) من ساعة الانطلاق وحتى ساعة الوصول، حيث تنساب السفينة أمام عيني بهدوء تام، ومن دون إرباك عمل المتواجدين في برج القيادة. فكنت أمسك الدفة واتحكم بها في الممرات الضيقة والمنعطفات الحرجة، واتصل بالهاتف اللاسلكي (القريب مني) من حين لآخر كلما دعت الضرورة للتنسيق والتفاهم مع السفن القادمة والمغادرة. وكنت أجد متعة كبيرة في دمج هوايتي بمهنتي المحببة، فتتفجر مواهبي وتتفاعل مشاعري مع تحركات السفينة لحظة بلحظة، وخطوة بخطوة، وهكذا أمضيت السنوات الأخيرة من عمري الوظيفي على هذا المنوال وذلك قبل انتقالي إلى بغداد، حتى ان بعض السفن المترددة على موانئنا كانت على علم مسبق بطريقتي المبتكرة في إرشاد السفن وتوجيهها وقيادتها. .
لازلت احتفظ بهذه الهواية حتى الآن على الرغم من تجاوزي العقد السابع من العمر، وشاءت الاقدار ان اكون على متن سفينة نزهة في نهر النيل، فطلبت من ربانها أن أمسك الدفة، وكان ربانها يراقبني بحذر من دون ان يعرف بمهنتي السابقة، فسمعته يقول لصاحبه باللهجة الصعيدية الدارجة: (بسم الله ما شاء الله. الدنجاري ما بيرفش) معبراً عن إعجابه بثبات السفينة واستقامة خط سيرها. .
وللحديث بقية. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المقال جميل في تعبيره عن الاحساس في اداءالمهنه الم
المتابع ( 2023 / 1 / 30 - 07:36 )
المحببه- ولكن الكاتب الكريم لم يذكر ان كان قد درس في الاكاديمية البحرية- لانني حين كنتتدريسيا بجامعة البصره كلفت وانجزت اساسيات انشاء الاكاديمية التي كنت ارغب ان تكون اكاديمية مدنية فقط ولكن اعلى السلطات قررت ان تكون عسكرية او ذات طابع عسكري حتى في تدريس المهن المدنية البحرية -تحياتي

اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة