الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متسول في الحب

عماد الطيب
كاتب

2023 / 1 / 29
الادب والفن


قال .. وجدتها .. وجدتها .!!. صاح بعلو صوته وكأنه العالم ارخميدس على ما اتذكر في صيحته التاريخية تلك .. قالها وهو منشرح الصدر وضحكة غطت كل تعابير وجهه .. وكأنه وجد شيئا ثمينا كان ضائعا منه .. ثم تابع كلامه .. سأتنكر بزي متسول وانتظرها في مكان سكنها في وقت رجوعها من العمل .. ردت عليه .. انها فكرة غريبة و مجنونة غير مألوفة بالمرة مؤلفها مجنون رسمي .. ثم نظرت له نظرة جادة تنم عن امتعاضي .. احقا تفكر هكذا ؟ .. هل انت مولع بالافلام البوليسية اوالرومانسية لتفعل هذا العمل ؟ .. قال بأنكسار .. يارجل اشتقت لرؤياها .. لا اريد سوى القاء نظرة عليها .. وحديث قصير حتى لو كلمة او كلمتين لترجع روحي ونفسي الهائمة .. قلت له بضجر وتململ .. افعل مايحلو لك .. والله لقد اتعبتني بأفكارك المجنونة .. قد تكون مصيبا في فكرتك .. أفضل دليل على روعة الحكمة مجنون يتكلم . والمجنون كما يقولون .. لا يمكن إقناعه . هنا تذكرت مقولة للاديب المصري يوسف ادريس قالها في احدى رواياته تنطبق عليه وكأن لسان حاله يقولها .. ( عاقل جدا لدرجة إن الناس فاهمه إني مجنون …. أو مجنون جدا لدرجة إنها فاهمة إني عاقل ) .. ولا اعرف ايهم المجنون وايهم العاقل انا ام صديقي .. تركت صديقي وهو عازم على تنفيذ فكرته ..
في اليوم التالي .. وجدته جالسا على دكة على احدى ضفاف النهر .. يتأمل مجرى النهر وطيور النوارس واعواد القصب على الضفة لتضيف على المكان رونق جمالي طبيعي خالص .. القيت عليه التحية .. رد التحية دون ان يلتفت فقد كان شارد الذهن في امر ما .. جلست بقربه واخذت حجرا صغيرا ورميته في النهر لغرض جلب انتباهه ويفيق من حالة الشرود التي تلازمه دائما فهو لايعبأ مايحصل في الدنيا .. قلت له .. ما الجديد تحت الشمس ؟ .. وهي عبارة اقتبستها من احد اساتذتي في الكلية .. حيث كان يبدأ محاضرته بسؤالنا هذا .. التي تعني ماالجديد في هذا اليوم ؟ .. لاشيء اليوم .. قالها بتململ .. قلت له .. هل نفذت فكرتك الرعناء ؟ قال نعم .. وكأنه تعود على سخريتي منه .. قلت له وانا اضحك .. تكلم يارجل فأنا في شوق لهذا الامر .. قال بالامس قررت ان انفذ خطتي الجهنمية .. ذهبت للسوق وابتعت دشداشة قديمة من سوق البالةوغطاء للرأس وما يسمى بالعامية ( الشماغ ) عملت فيه ثقوب واجريت عليه بعض التعديلات من حيث النظافة ليتناسب والملابس الرثة الوسخة التي تدل على متسول معدم لايملك قوت يومه . وتجولت حول مكان سكناها ادعي العرج في مشيتي لاتقن دور المتسول .. وجلست انشد الراحة في ركن قريب من منزلها انتظر مجيئها .. وبعد ساعة وفي الوقت المحدد دخلت سيارتها الشارع .. فنهضت وتلثمت بالشماغ لاخفي تفاصيل وجهي وتحركت صوب المنزل قبل ركنها للسيارة ونزولها .. توقفت السيارة بالقرب مني وترجلت المرأة منها وادعيت التسول اليها . فناولتني مبلغ بسيط دون ان تنظر لي .. شكرتها وقبل ان تتحرك لتدخل دارها .. قلت لها .. اسمحي لي ان اقرأ لك طالعك .. استغربت من طلبي . . قلت لاتخسري شيء وسأقول لك العجب .. تبسمت وقالت بتشكك تكلم ولكن بسرعة .. قلت لها هناك شخص خرج لك من زمن بعيد يحبك جدا ويفكر بك وقد يشغل تفكيرك حاليا . . قلت هذه العبارة وتركتها ومشيت مبتعدا عنها .. نظرت لخلفي وجدتها متسمرة في مكانها دون حراك وكأنها اصابها شلل من كلامي .. نادت علي بأعلى صوتها لارجع .. تجاهلت نداءها وانعطفت بمشيتي بسرعة في شارع جانبي .. بعد انتهاء قصته التفت لي ليعرف ردة فعلي وجدني ساكت وساه عنه ..سألني .. ماذا تقول عن هذا الموقف .. ؟ قلت له .. لاتعليق .. وسكت .. وكأن لسان حالي يقول .. الإتيان بالجديد و الغريب و المدهش هو ما يجعل الإبداع و الجنون متقارب !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة