الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية الفلاح عبد المطيع ممنوع ان تبكي .. ممنوع أن تضحك - -صفحات من أوراقي الصحفية.. حصاد (25)

السيد حافظ
كاتب مسرحي وروائي وصحفي

(Elsayed Hafez)

2023 / 1 / 30
الادب والفن


رحلة في رحاب الكاتب السيد حافظ.. حصاد (25)
51/4/1980 حكاية الفلاح عبد المطيع
ممنوع ان تبكي .. ممنوع أن تضحك
بعودة فرقة مسرحية الى ساحة العمل ، تحمل ، أمامها ، فرحة الانتظار ، وفرحة أن نرى عملا مسرحيا له صوته في هذه العودة الميمونة . وفرقة العراق المسرحية اذ تعآود نشاظها بعد توقف نجهل أسبابه ولزمن ليس بالقصير .. تؤكد التحامها بالحركة المسرحية وضرورة أن تأخذ موقعها بين الفرق المسرحية الاخرى .
مؤخرا قدمت الفرقة مسرحية : " حكاية الفلاح عبد المطيع " تأليف السيد حافظ كاتب مصري يقيم في الكويت – اخراج : د. سعدي يونس ، وسعدي يونس يعيد من جديد تجربته المسرحية في تقديم عروض في المقاهي الشعبية والمصانع والحدائق العآمة وأماكن التجمع السكاني .
العرض الاخير قدمه في ( مقهى الصالحية ) حيث أقام مرتفعا خشبيا دائريا وسط المقهي ، وجلس الجمهور حول هذا المرتفع وراح الممثلون يؤدون أدوآرهم ويغيرون ملابسهم أمام الجمهور .
التجربة تحاول أن تكسر الحواجز بين المسرح والجمهور ، وتكون بديلا عن ندرة قاعات العرض المسرحي .. وان تلاحق الجمهور ، بدلا من ان تنتظر الجمهور ليقصد مشاهدتها .
و " حكاية الفلاح عبد المطيع " حكاية فيها دلالة حاضرة ، ومعان كبيرة ، وفعل مآض يأخذ امتدادة الزماني .
في عصر المماليك .. يشكل مرض السلطان أهميته في حياة الناس فاذا جاءه المرض ، كان على الناس أن يرتدوا الملابس السوداء الحزينة ، واذا شفي من مرضه ارتدى الناس الملابس البيض .
وكان الممنوع يعني ألا تضحك أو تبكي آلا اذا ضحك السلطان ، أو بكى السلطان ، لكن الفلاح البسيط عبد المطيع لم يعف الاوامر فلحقه غضب جند الملك ، عذبوه في الحالتين .. ارتذاء ملابس بيض في حين كان الجميع قد أبلغوا بارتداء ملابس سود ، وأبقى على ملابسه السود في وقت كان السلطان قد شفي وارتدى الناس ملابس بيض .
واستدعأه السلطان ، وأصدار أمرا بتعيينه قاضيا للقضاة .. فخلع عنه ملابسه الفلاحية وارتدى لبأس القضاة .. ثم ضرب بعدئذ .. فأحس الرجل بالخدعة وراح يهتف " أريد أن أكون كما أنا الفلاح عبد المطيع " .
النص قد يرد في الحكايات الشعبية بمضامين مختلفة في اطارها العام الا أنها تصب في معنى ادانة السلطة التي تستهين بالشعب ، وتخنق حريات الناس ، وتتعسف في حقوقهم وتفرض ارادتها الظالمة عليهم . ونموذج هذه السلطة في حاضرنا الراهن تقترن بحاكم مصر فالسادات يمثل الوجه السلطاني الدكتاتوري الذي يريد أن يسير جماهير مصر بارادته ، غير أن قوى العدل هي الابقى ، ويبقى لمصر وناسها طموحهم المشروع نحو التحررمن نظام فاسد .
والعرض المسرحي الذي شاهدناه يعمل هذا الطموح .. وهو طموح ذكي واختيار طيب .. جاء يتلمس دربه مع الناس .. لكنه وقع في بعض الاشكالات منها أنه يمكن اغتناء العرض لو أنقذ من تلك الاضافات التوضيحية ، والتي بدت فائضة .
وبدأ الفلاح عبد المطيع أمامنا بليدا لا يفقه شيئا من الواقع الذي يعيش ، وجهله غير بلادته .. ان الجهل الذي كان يمكن أن يظهر به ، مسألة تتعلق بحياته البسيطة ، مع معرفته ووعيه بالواقع المعاشي الذي يعاني منه كثيرا ، وحياته كفلاح يرتبط بوضع أجتماعي متماسك لا يمكن أن يسقط بسهولة ، فليس من المعقول أن يهوى فلاح بسيط مثل عبد المطيع غطاء رأسه ، ويتخلى عن مظهره وحياته ويصبح قاضيا بهذه السرعة التي قدمت أمامنا .
ان الفاصل بين السلطة والناس حين تكون تضادا قائما بين حق مغتصب وحق مشروع ، لايسهل علينا أن نلغي فواصلها الا بتثبيت قيم جديدة وقائمة على فعل موضوعي وقاعدة جماهيرية واسعة .. واذا كان الغرض المسرحي قد أضاف رؤى عن شراسة السلطة عبر ذلك الايقاع الموسيقي والاصوات الدالة على الافتراس .. فأن مسألة الفواصل تظل قائمة الا بتغيير جذري ، يشمل البنية الكلية وليس جزءا منها ..
وقد سعى د. سعدي يونس الى استخدام الراوية واشعار الجمهور الى أن ما يجرى أمامهم ليس الا تمثيلا على النمط البريشتي .
المخرج قدم عناصر جديدة : أميرة عبده ، نجأة علي ، صاحب شاكره ستار جآسم ، راضي مظر ... وغيرهم ، وكلهم تعاموا مع العرض بحذر من يواجه الجمهور لاول مرة ، أو للمرة الثانية .. وبرز سعدي يونس من بينهم ممثلا يعرف مهماته جيدا ..
ان هذا العرض المسرحي يقدم صوته ضمن قيم تريد أن تتفاعل مع الجمهور ، وتسجل موقفا وتخلق ذلك الحس بأن المسرح يمكن أن يحمل مهماته ويرفع صوته عاليا وأن يقول كلمته بعيد عن الصمت ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا