الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق في الممارسة السياسية بين الحزب الشيوعي والاحزاب البرجوازية

رائد عودة
عضو الحزب الشيوعي الفلسطيني

2023 / 1 / 30
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


دار نقاش بيني وبين أحد الاصدقاء عن دور الحزب الشيوعي في العمل السياسي والميداني، ولماذا لا يوجد له تأثير كبير على الساحة، بالرغم من أن الحزب الشيوعي بشكل عام ليس له أي شبهات فساد سياسية أو مالية ويمكن له أيضا أن يدخل الحلبة السياسية كما تدخلها كل الاحزاب، وخلال النقاش الدائر وجدت أن هناك عدم فهم من قبل بعض جماهير شعبنا حول طبيعة الصراع الدائر سواء عل المستوى السياسي او التحرري أو المطلبي، فبناءً على طلب صديقنا أن اكتب ولو مقال يضيء على طبعية الحزب الشيوعي ورؤيته لكيفية خوض الصراع التحري والطبقي معا أرتأيت أن أكتب هذا المقال عسى أن يوصل الفكرة التي نريد .
لا يمكن لحزب شيوعي يتبنى الماركسية اللينية أن يتصرف كحزب برجوازي، الأمر الذي يؤول الى خدمة الطبقة السياسية السائدة والمتملثة بالبرجوازية على مختلف تياراتها وأحزابها، إذ يتعين على الحزب الشيوعي الكفاح ضد الثقافة البرجوازية السائدة والتي تسيطر على المجتمع من خلال امتلاكها لوسائل الاعلام والمدارس والجامعات بالاضافة الى جملة من الاحزاب البرجوازية أو اليسارية التي تحاول تجميل أو ادارة المجتمع من خلال الافكار البرجوازية وليس الاطاحة بالبرجوازية كطبقة طفيلية في حالتنا الفلسطينية وهي بالضرورة مرتبطة مصالحها مع الاحتلال بشكل أو بآخر.
ما يجعل هذا التنافر بين الحزب الشيوعي والطبقة الرجوازية السائدة، هو في الممارسة السياسية التي تميز الحزب الشيوعي، وهي مغايرة تماما لما لدى الاحزاب البرجوازية بمختلف مسمياتها البراقة، إن حزبا برجوازيا يجد في تصرفه دعم من البرجوازية الموجودة على الساحة ومواردها وسيطرتها الاقتصادية والاستغلال الذي تمارسه وجهاز حكومتها والأجهزة الايدولوجية العائدة لها، وهو ليس أي الحزب البرجوازي في حاجة ذات أولوية كي يعمل إلى توحيد الجماهير الشعبية التي يريد أن يكسب دعمها لطروحاته، فالنظام الاقتصادي والاجتماعي نفسه يتكفل بأداء هذا العمل من اقناع ودعاية وتجميع مناصرين، يكفي الحزب البرجوازي في أغلب الأحيان أن يحسن تنظيم حملته الانتخابية كي يجني الثمار التامة النضج، إذ تنتجها هذه السيطرة المحولة الى قناعات نفعية، ثم إن ما يجعل حزبا برجوازيا في غنى عن عقيدة قائمة على العلم كي يوجد، يكفيه أن يستغل المواضيع المحورية العائدة إلى الايديولوجيا والثقافة السائدة كي يكسب إلى جانبه أنصار مقتنعين سلفا.
أما حزبا عماليا ثوريا، فعلى العكس، ليس لديه ما يقدمه للمنتسبين إليه لا رواتب ولا منافع مادية، إنه يقدم نفسه كما هو منظمة للصراع التحرري والطبقي العمالي، لا حول له إلا ايديولوجيا قائمة على العلم والارادة الحرة للمنتسبين إليها، بموافقة على أسس وأنظمة الحزب، إنه ينظم أعضاءه حسب أشكال التنظيم المركزية الديمقراطية، من أجل القيام بصراع الطبقات بكافة أشكاله والصراع التحرري الفعلي وليس الشكلي، صراع اقتصادي ، سياسي ايدولوجي وفي حالتنا الفلسطينية تحرري أيضا، إنه يرسم ممارساته السياسية لا على قاعدة الانتفاضة البسيطة يقوم بها العمال والجماهير الشعبية المضطهدين والمقهورين، بل على أساس من نظريته العلمية، من تحليل ملموس للواقع أي من ميزان القوى المعطى في الصراع الطبقي والتحرري الراهن، إنه يأخذ في أدق الحسبان أشكال الصراع الطبقي والتحرري المسيطر وزخمه، كما تخوضه الطبقة المسيطرة، فتبعا لهذا الخط يكون في استطاعته تقدير فائدة وصحة توقيت الدخول في تحالف لا يضع السلطة البرجوازية في قفص الاتهام، على أن يتوخى من ذلك خوض الصراع التحرري والطبقي الخاص من داخلها، وبأهدافه الخاصة، وهو في كافة الاحوال يعمل دائما على إخضاع ما يخص المنظمة العمالية من مصالح وممارسات آنية للمصالح المستقبلية العائدة للطبقة العاملة والجماهير الشعبية، إنه يخضع تكتيكه لاستراتيجيا تحرير الارض واقامة المجتمع اللاطبقي.
الحزب الشيوعي على حق وفق هذه الشروط، وفي الكلام عن حزبهم كحزب من طراز جديد مختلف تمام الاختلاف عن الاحزاب البرجوازية وفي الكلام عن أنفسهم كمناضلين من طراز جديد مختلفين تمام الاختلاف عن السياسيين البرجوازيين، فممارستهم للسياسة أكانت محظورة قانونيا أو قانونية لا شأن لها على الاطلاق مع الممارسة السياسية البرجوازية.
قد يقول قائل كبف اذا يمكننا أن نغيير الواقع في ظل سيطرة الايديولوجيا البرجوازية، المشكلة هنا ليست في الحقائق الدامغة والتي تثبت للقاصي والداني صحة رؤيتنا كحزب شيوعي، لأن ما يحدث في مجتمعنا ليس التحليل المبني على الحقائق فأنا اذا اخطأت أعترف بالخطأ وانتهى الامر، المشكله في الوهم، يمكن لأي باحث أن يغير قناعته بناء على نتائج تجاربه ويغير من رؤيته ويعتنق الحقيقة، لكن الوهم هو مشكلة مزمنه فالوهم عنيد بطبيعته ولا تتوقع من أي فئة تنظر الى العالم برؤية وهمية أن تغير قناعتها ببساطة عكس الحقيقة التي تغير في سلوك الناس على المستوى البسيط أي العملي، وهنا تلعب اجهزة الطبقة السائدة على تقوية هذا الوهم عبر اجهزتها الاعلامية والاقتصادية وحتى الاجتماعية.
ولذلك يواجه الحزب الشيوعي عقبات لا توجهها الاحزاب البرجوازية الاخرى وهذا لا يعني الاستسلام ولكن على العكس يجب ابتكار ادوات واساليب عمل جديدة من اجل القضاء على الوهم المعشعش في عقول الجماهير الشعبية ولكن هذا يأتي بشكل تراكمي وليس بشكل قفزات وهذا ما نجح فيه لينين في القضاء على الوهم لدى شعوب روسيا القيصرية التي كانت مغرقة بالخرافة والامية والجهل ولكن الحزب الشيوعي الروسي استطاع بسبب سياسته الثورية والمبدئية والثابته في القضاء على هذا الوهم والقيام بأعظم ثورة اشتراكية في التاريخ، ولا يوجد لنا مبرر كشيوعيين أن نتخلى عن أهدافنا لمجرد أصتدامنا بعقبات هنا أو هناك مثل القمع البوليسي او صعوبة القضاء على الوهم من أول ضربة فما يميز الشيوعين هو عملهم ضمن الواقع المادي الملموس ولا نبحث عن مكتسبات آنيه هنا أو هناك، فنحن المستقبل في حال تمسكنا بمبادئنا ودفاعنا عن مصالح شعبنا وطبقتنا العاملة، ونحتاج لنفس طويل وصبر من اجل الوصول لهدفنا المنشود.
ارجو أنني استطعت ان أوضح هذه الفكرة للسادة القراء

عضو الحزب الشيوعي الفلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تنويه
رائد عودة ( 2023 / 1 / 30 - 08:12 )
السادة القراء كنت في نهاية المقال أن اكتب اسمي واني عضو الحزب الشيوعي الفلسطيني ولكن عند عملية النسخ تم نسيان كتابة الاسم ولذلك وجب التنويه

اخر الافلام

.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ


.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا




.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟