الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغزو الروسي لأكرانيا

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا يجري ويدور في أكرانيا ؟ . هل ما يجري وبفعل تزويد الأوكرانيين ( الجيش ) بالذبابات الامريكية ، والبريطانية ، والألمانية ، وحتى المغربية كما أوردت العديد من قصاصات الانباء الدولية ذات السمعة الفائقة ، هو حرب بين جيشين متساويين من حيث القوة ، والعدد ، والأسلحة الفتاكة ، ام هو غزو مُدان من طرف امبراطورية قيصرية يحكمها قيصر دكتاتوري ، لدولة مسالمة عضو الأمم المتحدة ، وبالمنظمات الدولية المختلفة ..
وباسم الديمقراطية . منذ متى والقيصر الدكتاتوري Vladimir Poutine يتربع على كرسي القيصرية بشكل كاريكاتوري ، عندما تناوب مع Medvedev رئاسة القيصرية ورئاسة الحكومة ، وهو ما يثبت النزعة التوسعية للقياصرة المرضى بحب العظمة ، وبالتاريخ المصنوع في دهاليز الكرملين ، وفي اديرة الكنائس الأرثوذكسية المتطرفة ، باسم تاريخ الكراهية والحقد ، ورفض كل شيء جميل مخالف .
والسؤال . هل الحجج التي يتدرع بها القيصر الروسي ، كافية لغزو بلد عضو بالأمم المتحدة ، ويساهم بشكل كبير في الاقتصاد العالمي الذي تضرر مباشرة بعد الغزو الروسي ، الذي أخرّ امام باب Kiev ، واستعصى عليه دخولها ، بعد ان كان يلوح بان زيارته ( غزوه ) لأوكرانيا ، ستكون مجرد نزهة من النزهات التي يقوم بها القيصر الروسي في المناطق السياحية الروسية ..
وحتى نسمي الأشياء بمسمياتها ، ونجزم ان ما حصل لأوكرانيا البلد المستقل المسالم هو غزو . الم تكن دولة القيصر الروسي قبل غزوها لأوكرانيا ، تعترف بها كدولة عضو بالأمم المتحدة ، وتقيم معها علاقات دبلوماسية شأن العلاقات التي تقيمها موسكو مع بقية البلدان العضو بالأمم المتحدة ؟ . ماذا يعني الدخول بجيش جرار فاشل الى دولة تعترف بعضويتها بالأمم المتحدة ، وتقيم معها علاقات دبلوماسية ، علاقة دولة بدولة من نفس الوزن بتعبير القانون الدولي ؟ . اليس دخول جيش جرار فاشل لدولة مستقلة هو غزو بكل ما تحمله كلمة غزو من دلالة ، وهو ما يعيد تاريخ الصعاليك ، و Viking الإسكندنافيتين ، والتتار الذين احرقوا ام الحضارات بغداد التاريخ ، والمغول .
لكن المصيبة ان قبل الغزو القيصري الروسي لأجمل بلد L’Ukraine ، وعاصمتها الجميلة Kiev ، ظن العالم ان دخول جيش القيصر الجرار الذي كان يلعب على الصورة ، والنفخ ، والداعية ، لإخفاء حقيقة الجيش الضعيف الفاشل ، ستكون حقا نزهة ، والجيش الروسي ( المغوار ) سيبتلع أكرانيا ابتلاعا كاملا في اقل من أربعة وعشرين ساعة . لكن المصيبة ان القضية الأوكرانية ، عرت عن حقيقة جيش القيصر ، كجيش فاشل عندما خرّ امام أبواب Kiev ، وعجز في اقتحامها رغم استعماله كل أساليب البطش ، والتقتيل ، والقتل المروع للمدنيين العزل الذين استمروا متشبثين بأوكرانية الجميلة ، وعندما شكلوا حزاما صلبا حال دون اقتحام جيش القيصر للعاصمة الجميلة Kiev ، وبدل الدخول كغازي للعاصمة الأوكرانية ، رجع مولياً الادبار امام المقاومة الشعبية الوطنية للشعب الاوكراني ، مفسراً تراجعه المذل الذي فضح قوته الرخواء ، بتكتيك إعادة الانتشار ، وان القيادة الروسية تحت قيادة القيصر المهزوم ، الذي ارتكب جرائم حرب ترقى الى جرائم النازية في الحرب العالمية الثانية ، هي من ستقرر متى الدخول الى Kiev العصية عن غزو الصعاليك ، و Les Vikings ، والتتار الذين احرقوا عاصمة ام الحضارات بغداد .. و Kiev العصية عن الاقتحام ، لن يضع فوق ترابها جندي قيصري ، حذائه وجزماته الدموية ، ما دام ان شعب أوكرانيا يقاوم ، وما دام هذا الشعب في عُدّته ، والقويّ بوطنيته ، يدافع عن اجمل عاصمة Kiev ، وعن اجمل بلد L’Ukraine ..
لقد كان الغزو القيصري الروسي لأكرانيا ، عاملا مهما في تعرية حقيقة الجيش الروسي ، الذي انهزم امام أبواب Kiev ، وخرّ هارباً مندحراً بعيدا عن العاصمة التي ظلت بيد الوطنيين الاوكرانيين ، وبيد الشعب الاوكراني ، والمناصرين من دعاة الحرية ، ورفض الظلم ، وغزو أراضي الدول .. واصبح التواجد الروسي في الأرض الأوكرانية ، بمثابة سقوط في فخ نصبته لروسيا القيصرية الولايات المتحدة الامريكية ، وبريطانيا العظمى ، بتوريط جيش القيصر في مستنقع لن يخرج منه بسلام ، الاّ وهو مهزوم يجر اذيال الخيبة والهزيمة ، التي ستؤثر على روسيا كشعب ، واقتصاد وتجارة ، وقوة عسكرية كان يبدو انها استراتيجية ، لكنها اتضح وباستثناء الأسلحة النووية والهيدروجينية ، انها قوة مجرد نمر من ورق .. ولي ان اسأل . اين وصلت الدعاية المفرطة بقدرات الصواريخ S400 ، و S500 ، و السوخوي 57 ، و السوخوي 35 ، ومختلف أنواع طائرات Mig الحديثة ، امام الصواريخ الأوكرانية التي سقطت في الأراضي الروسية ، ودمرت التدمير الكامل المنشآت العسكرية الروسية .. ولو لم يفقد القيصر الروسي الامل في حرب / غزو أكرانيا ، وشعوره بخسارتها الحتمية ، لان المقاومة مقاومة شعب ، هل كان للقيادة القيصرية ان تلجأ لتوجيه صواريخها التدميرية لتدمير البنية التحتية الأوكرانية ، وقتل المدنيين بالمآت لتخويفهم وابعادهم عن مناصرة خط المقاومة الذي ركّع وصغّر عظمة القيصر امام أبواب Kiev العصية عن الاقتحام التتري ، المغولي المدمر للمدن وللحضارات التاريخية ..
فحين يهدد القيصر Vladimir Poutine باستعمال الأسلحة المحرمة دوليا ، من نووية وهيدروجينية ، ضد اكرانيا البلد الصغير الجميل المسالم ، لترْكيعه ، ولهضم اقاليمه ظلما باستفتاء مرفوض دوليا ، ولفرض الامر الواقع ، فتلكم اكبر انتصار للمقاومة الأوكرانية ، وتلكم اكبر هزيمة مُني بها الجيش الروسي الفاشل في السيطرة على أوكرانيا ، وفشله المدوي في السيطرة على العاصمة الجميلة لأجمل بلد في العالم L’Ukraine ..
ولو كان القيصر يخجل ، او يملك ذرة من الخجل ، هل كان ان يهضم عدوانا شبه جزيرة القرم ، امام صمت العالم الذي اكتفى بالتنديد ؟ . ولو لم يكن صمت العالم الذي كان يخشى من قوة الجيش الروسي الرخواء ، التي عرى عنها الغزو الاوكراني المدان والفاشل ، هل كان للقيصر ان يغامر بابتلاع أربعة أقاليم اوكرانية جديدة ، ويشرعن اغتصابها باستفتاء يذكرنا باستفتاءات الأنظمة الدكتاتورية والنازية ؟
لقد نصبت الولايات المتحدة الامريكية التي تقودها العبقرية اليهودية ، فخا للقيصر الروسي بغزو أوكرانيا ، التي تحولت بالنسبة له الى مستنقع غرق فيه ، ولن يخرج منه الاّ وهو مهزوم مندحر يجر اذيال الخيبة وراءه ، فعدم التروي واستعمال الرزانة والعقل في العلاقات الدولية ، واستعمال الغطرسة والقوة التي تعرت في ساعتها الأولى من غزو أوكرانيا .. قد افقد الجيش الروسي سمعته المنفوخ فيها ..
ان هذه التعرية لجيش القيصر الروسي ، اثرت على نفسيته ، وعلى علاقاته بمن كانوا يسمون حلفاءه . فباستثناء الدكتاتور شبيه القيصر الروسي حاكم بلاروسيا بالحديد والنار Alexander Loukachenko ، فالجميع قلل من شأن Vladimir Poutine ، ولم يعودوا يعيرونه نفس القيمة والاهمية ، لأنه بالنسبة لهم خسر مقدما غزو أوكرانيا ، وجيشه واسلحته لم تعد تخيف او تغرس الرعب في نفوس من كانوا يجهلون القوة الحقيقية لجيش القيصر المهزوم ، خاصة امام صعود ، وتنوع ، وتعدد العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب برئاسة الولايات المتحدة الامريكية على روسيا ، بسبب غزوها وتمديرها لأوكرانيا ، وقتل شعبها بطريقة همجية ، وهو ما يرقى الى اعتبار القيصر Vladimir Poutine وقيادته ، مجرمي حرب لا يختلفون عن النازيين والفاشيين عن الجرائم التي ارتكبوها اثناء الحرب العالمية الثانية ..
ان ما يؤسف له وبسبب العقل العربي المحدود ، والغارق في العاطفة وفي الانفعالية ، والتسطيح والتهور ، ان يتجاهل من يسمون نفسهم بالتقدميين والثوريين العرب ، حقيقة الغزو القيصري الروسي الظالم ، ويندمجوا يصفقون للغزو ، وكأنهم لا يزالون يعتقدون ان روسيا لا زال علمها ( المطرقة والمنجل ) ، في حين انها أصبحت الى جانب الصين ، من اكبر الدول الرأسمالية التي تنافس الغرب الرأسمالي برئاسة الولايات المتحدة الامريكية . فالمعركة لم تعد أيديولوجية ، بل أصبحت معركة أسواق وغزوها ، والسيطرة على مقدرات شعوبها .. هكذا اصطفوا يناصرون الغزو الروسي القيصري لأوكرانيا ، لان هذه أدانت واصطفت مع الحلفاء في مواجهة الغزو البعثي العراقي للكويت البلد العضو بالأمم المتحدة ، كعضوية أوكرانيا قبل الغزو الروسي .. وبما ان التقدميين العرب شبهوا الغزو البعثي للكويت ، وبالغزو الروسي لأوكرانيا التي نددت بالغزو البعثي العراقي للكويت ، فكان من واجب التقدميين العرب مناصرة الغزو الروسي القيصري لأوكرانيا ، انتقاما من موقف أوكرانيا المندد مثل المغرب بالعزو العراقي البعثي للكويت .. كما وجدوا فرصة غزو القيصر الروسي لأوكرانيا ، للانتقام من إقامة اوكرانيا علاقات دبلوماسية مع دولة اسرائيل ، وتناسى هؤلاء التقدميين العرب ، ان كل الأنظمة السياسية العربية باستثناء الجزائر ، لها علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية ، والشعوب العربية لو وجدت الفرصة مواتية ، لفرّت صوب إسرائيل الديمقراطية ، بدل صوب الدول العربية التي تستخدم المواطن العربي كعبد وقن مجبر على خدمة كفيله ، دون اعتراف وحماية كما تنص على ذلك القوانين الدولية ..
والطامة الكبرى لهؤلاء التقدميين العرب ، انهم نسوا او تناسوا ، او اغمضوا العين عن بيع جماعة Oslo بقيادة ياسر عرفات ، ومحمود عباس ، لشيء كان يسمى يوما ما بفلسطين ، ولم بعد كذلك بعد أوْفاق مؤتمر Madrid ، و أوْفاق مؤتمر Oslo الذي اعترف بالدولة العبرية كدولة يهودية ، تسعى لبناء ارض إسرائيل الكبرى ، التي ليست لها حدودا معروفة ، لا برية ، ولا جوية ، ولا بحرية .. فكانت جماعة Oslo بهذا الاعتراف ، هي منْ وطّئ لإقبار حلم الدولتين الذي تبخر بحكم الواقع وليس بحكم الأكاذيب .. فترسيم علاقات دبلوماسية بين جميع الأنظمة السياسية العربية ، إمّا بطريق مباشر ، او بطريق غير مباشر عبر التعاون في العديد من المجالات ، وإدانة العديد من الأنظمة العربية ، وبما فيها محمود عباس ، لعملية قتل اليهود ، وإعلان تضامنهم مع شعب الله المختار ، كان ضربة موجعة لدعاة الفكر القومي والفكر الاسلاموي ، الذين تضامنوا مع الغزو القيصري الروسي لأوكرانيا ، بدعوى انها وقفت ضد الغزو البعثي العراقي للكويت ، وبدعوى انها تقيم علاقات دبلوماسية مع دولة إسرائيل التي اصبح الجميع يخطب ودّها .. فالموقف من غزو الكويت يجب ان يقابله موقف مشابه من غزو اكرانية .. وذلكم كان ولا يزال العقل المتحجر الذي يحلم بتكرار بطولات كانت خيبة في تاريخ الصراع بين الدولة العبرية وبين منظمات فلسطينية تدعي التحرير ، وتخدم الدولة العبرية .. فعدد الذين سقطوا من الفلسطينيين بأسلحة فلسطينية فلسطينية ، وبأسلحة عربية ، يفوق بالألاف عدد الذين سقطوا من العرب المغفلين ، ومن الشعوب المقهورة والراكدة ، وراء سراب الشعارات التي تعرت برصاص العرب قبل الرصاص العبري ..
وكما كان غزو الكويت العضو بالأمم المتحدة جريمة مدانة ، فان غزو القيصر الروسي لأوكرانيا العضو بالأمم المتحدة تبقى كذلك مدانة ..
وكما تحررت الكويت ، ستتحرر أوكرانيا بسواعد شعبها الذي يجب ان يدخل حرب مقاومة ، وحرب تحرير شعبية طويلة الأمد ، الى حصول التحرير لكل أوكرانيا بكل ترابها ..
الغزو الروسي القيصري فشل وعرّى على حقيقة الجيش الروسي الرخواء .. ويبقى الحل التفكير في مصير القيصر الروسي المتهور ، الذي يهدد باستعمال الأسلحة النووية والهيدروجينية للتدمير الشامل . لان السؤال بالنسبة للوطنيين الروس ، هل شخص Vladimir Poutine الفاقد للأعصاب في الميزان ، ام الحفاظ على روسيا والمنطقة من التدمير ، هو الذي يجب ان يكون في الميزان .. الحفاظ على روسيا وعلى الشعب الروسي من الدمار الشمل واجب الروس الوطنيين ، وواجبهم كذلك الحفاظ على وحدة الدولة الأوكرانية والشعب الاوكراني ، والحفاظ على استقرار المنطقة وتجنيبها الحرب المدمرة التي لن تبقي ولا تذر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر